يرى الخبراء الروس ان حوادث سرقة المواد المشعة من الأهداف النووية المدنية ممكنة وقد تكون أجهزة طبية أو غيرها من الأجهزة العلمية المحتوية على مختلف النظائر التي يصعب مراقبتها هي مصدر التصدير. ومع ذلك يستحيل الجواب حتى الآن جواباً واحداً عما اذا كانت روسيا هي مصدر الشحنة المهربة من البلوتونيوم الحربي الذي صودر في 10 آب اغسطس الجاري في مطار ميونيخ. الناطق باسم وزارة الطاقة والصناعة الذرية الروسية قال ل"الوسط": "ان البحوث لا تزال جارية وهي عملية طويلة وتكلف غالياً"، مضيفا انه "من حيث المبدأ يمكن تحديد "مكان اقامة" المواد المنشطرة، ولكن فقط اذا كانت عندكم "بصمات أصابعها". وبحث الخبراء الروس والألمان اثناء زيارة وزير الدولة الألماني في ديوان المستشار لتنسيق نشاط اجهزة المخابرات بيرندت شميد باور كيف جاءت بضع مئات الغرامات من المواد المشعة من روسيا الى ألمانيا. وقدم الجانب الألماني نتائج تحليله للبلوتونيوم، ولكن لم يتم تسليم عينات المادة نفسها الى روسيا. ويميل الخبراء الروس والألمان، بعد تحليل نتائج الدراسات التي قدمها الجانب الألماني، الى اعتبار ان ما صودر في ميونيخ هو ما يسمى بوقود "موخ". وفي رأي احد كبار موظفي وزارة الطاقة الذرية الروسية انه ليس من الصعب جداً على الخبراء الروس ان يعرفوا هوية المادة المشعة. مضيفاً "ان بوسعنا اجراء تحاليل أصعب من هذه". في حديث مع "الوسط" أشاد الناطق باسم دوائر الاستخبارات الروسية، التي تشتغل بقضية التهريب النووي، اشادة كبيرة بنتائج اللقاء الروسي - الألماني، وقال: "ان الخبراء استطاعوا لأول مرة ان يجتمعوا من دون "وساطة" الصحافة وان يبحثوا هذه المشكلة". وكان الجانب الروسي حتى ذلك الحين لا يملك أية مواد وثائقية تتعلق بحادثة ميونيخ وكانت وسائل الاعلام هي التي تضفي طابعها عليها. وحسب نتائج المباحثات وقع الجانبان الروسي والألماني مذكرة لن ينشر محتواها الا بعد ان يطلع الرئيس بوريس يلتسن والمستشار هيلموت كول على نتائج الاجتماعات التي عقدت في موسكو. وفي الوقت نفسه لا يزال ممثلو الصناعة الذرية الروسية يؤكدون انه لم تسجل في أراضي البلاد حوادث فقدان البلوتونيوم أو الأورانيوم الحربي. ويعيد الخبراء الى الأذهان انه، مثلاً، عندما عثر لدى احد رجال الأعمال الألمان في أيار مايو الماضي على 6 غرامات من البلوتونيوم - 239 قاد الأثر في النتيجة الى بلغاريا وليس الى روسيا. وفي رأي الخبراء، ان فقدان المواد النووية المأخوذة من رؤوس نووية مفككة من مصانع الدفاع غير ممكن اذ لا تزال هذه المصانع خاضعة لأشد الاجراءات الأمنية. وترى المصادر الاعلامية ان نظام الحماية في الأهداف النووية الروسية، الذي استحدث في أواسط السبعينات لا يسمح بتسلل أية كمية مهمة من المواد المنشطرة الى خارج المصنع. وقال باحث في المركز النووي في كراسنويارسك - 26 مثلاً، ان أربع محاولات لسرقة المواد المشعة والأجهزة جرت في هذا المصنع منذ بداية الثمانينات، وان "ثلاثاً منها اكتشفت فوراً عند تنفيذ اجراءات الرقابة، فيما اكتشفت المحاولة الرابعة بعد فترة قصيرة جداً، ولم يخرج شيء من المسروق "خارج المنطقة الصناعية". وعلى صعيد آخر، لم يستبعد الخبراء القريبون من دوائر المخابرات الروسية ان يكون للضجة الحالية المثارة في الغرب بصدد "التسرب النووي من روسيا" هدفان على الأقل: تقويض حظوظ المنافسة في السوق العالمية من الناحية الاقتصادية، ومن الناحية السياسية تصوير روسيا بأنها عاجزة عن التحكم لوحدها بصناعة الطاقة النووية والمطالبة بالتالي بوضعها تحت رقابة الغرب. ولفت الخبراء أيضاً الى ان كل "المزاعم" عن وجود "تسرب نووي" من روسيا يصدر عن ألمانيا، التي توجد فيها "سوق سوداء" للمواد المشعة. وفي رأيهم، ان هذا ليس من باب المصادفات.