طلبة منطقة "تعليم الرياض" يعودون غداً لمدارسهم لاستكمال الفصل الدراسي الثاني    بندر بن سعود ل"الرياض": الفائزون بجائزة الملك فيصل سفراء المملكة عالميًا    أكثر من 300 جلسة رئيسية في النسخة الثالثة من قمة المليار متابع    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    استمرار هطول الأمطار على بعض مناطق المملكة    «طائرة كوريا».. «الأسودان» توقفا قبل 4 دقائق من التحطم !    «الضباب» يحوّل رحلة ليفربول إلى كابوس    خالد عبدالرحمن ل«عكاظ»: جمعنا أكثر من 10 قصائد وننوي طرح ألبومين سامريات    البرلمان الألماني يبحث الأربعاء تفشي الحمى القلاعية في البلاد    القائد الذي ألهمنا وأعاد لنا الثقة بأنفسنا    الإعاقة.. في عيون الوطن    أمريكا وبريطانيا توسعان عقوبات كاسحة على صناعة النفط الروسية    البيت الأبيض: بايدن سيوجّه خطابا وداعيا إلى الأمة الأربعاء    "النقد الدولي" يتوقع استقرار النمو العالمي في 2025    ابعد عن الشر وغني له    فريق جامعة الملك عبدالعزيز يتوّج بلقب بطولة كرة السلة للجامعات    أمين الطائف هدفنا بالأمانة الانتقال بالمشاركة المجتمعية للاحترافية    رئيس مصر: بلادنا تعاني من حالة فقر مائي    "لوريل ريفر"، "سييرا ليون"، و"رومانتيك واريور" مرشحون لشرف الفوز بلقب السباق الأغلى في العالم    العروبة يتعاقد مع العراقي عدنان حمد لقيادة الفريق فنيّاً    هاو لم يفقد الأمل في بقاء دوبرافكا مع نيوكاسل    مهاجم الأهلي: قدمنا مباراة كبيرة واستحقينا الفوز على الشباب    ما بين الجمال والأذية.. العدار تزهر بألوانها الوردية    ضبط يمني في مكة لترويجه (11,968) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    «الغذاء والدواء» تحذّر من منتج لحم بقري لتلوثه ببكتيريا اللستيريا    بالشرقية .. جمعية الذوق العام تنظم مسيرة "اسلم وسلّم"    ملتقى الشعر السادس بجازان يختتم فعالياته ب 3 أمسيات شعرية    «حرس الحدود» بعسير ينقذ طفلاً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    الشيخ طلال خواجي يحتفل بزواج ابن أخيه النقيب عز    عبرت عن صدمتها.. حرائق كاليفورنيا تحطم قلب باريس هيلتون    أنشيلوتي يبدي إعجابه بالجماهير.. ومدرب مايوركا يعترف: واجهنا فريقًا كبيرًا    مزايا جديدة للمستوردين والمصدرين في "المشغل الاقتصادي السعودي المعتمد"    جوزيف عون يرسم خارطة سياسية جديدة للبنان    خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    إحباط محاولتي تهريب 6 كلجم «شبو» مخبأة في بطاريات وصناديق    فن الكسل محاربة التقاليع وتذوق سائر الفنون    «عباقرة التوحد»..    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الحمار في السياسة والرياضة؟!    وزارة الثقافة تُطلق مسابقة «عدسة وحرفة»    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    ماذا بعد دورة الخليج؟    أسرار الجهاز الهضمي    الرياض تستضيف الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    المقدس البشري    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    أفضل الوجبات الصحية في 2025    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية ال8 لمساعدة الشعب السوري    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزنداني : نحن والمؤتمر شيء واحد في العقيدة والثوابت الوطنية . استكمال بناء الدولة الاسلامية بالعلم والشورى والتربية الايمانية
نشر في الحياة يوم 01 - 08 - 1994

ما من زعيم يمني أثار الجدل بالقدر الذي أثاره الشيخ عبدالمجيد الزنداني. فهو بزيه اليمني التقليدي وعمامته ولحيته المصبوغة بالحناء يبدو نموذجاً "أصولياً" في عالم تخيفه الأصولية. لكن الشيخ في حديثه أكثر اعتدالاً من كثير من الزعماء الثوريين. وخلال الحرب اليمنية الأخيرة حرص سفراء الدول الغربية على لقائه. وكانوا يسألون عن حكم الاسلام في الحرب ومشروع حزبه، التجمع اليمني للاصلاح، للدولة الاسلامية ومستقبل الحزب الاشتراكي، وحتى رأيه في عملية السلام في الشرق الأوسط.
برز الزنداني في الحرب الأخيرة كأقسى أعداء الاشتراكي بعدما كان برز العام الماضي فجأة عندما اختير عضواً في مجلس الرئاسة. وكان برز قبل ذلك بأربعة أعوام عندما قاد "معركة الدستور" حتى بدا كأنه ضد الوحدة، لكنه نجح في كسب موطئ قدم للاسلاميين في البناء الذي كان الاشتراكي ينوي تشييده مع الرئيس علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي في دولة الوحدة، عندما حصل من الشريكين على وثيقة ألحقت بالدستور يعترفان فيها بأولوية الشريعة الاسلامية، وبالتالي بدور للاسلاميين اليمنيين في الحياة السياسية الجديدة.
لكن الشيخ ليس جديداً على السياسة اليمنية وان غاب عنها تسعة أعوام في مكة المكرمة معلماً ومنشغلاً بالبحث في الاعجاز العلمي في القرآن. فلقد نشط في سنوات الثورة والحرب الأهلية الأولى مع القاضي محمد محمود الزبيري الشهير بأبي الأحرار وأبرز القيادات الوطنية في اليمن الجمهوري، والذي قاد حركة مستقلة عن الملكيين والجمهوريين الناصريين في آن. وتوطدت خلال تلك المرحلة العلاقة بين الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ حاشد رئيس مجلس النواب رئيس التجمع اليمني للاصلاح والزنداني. وكان كلاهما شاباً وقتذاك. واستمر النشاط السياسي للزنداني حتى أواخر السبعينات عندما اختلف مع جماعته "الاخوان" والحكومة معاً. لكنه كان موجوداً باستمرار في السياسة اليمنية، وتحول في الحرب الأخيرة هدفاً للاعلام. "الوسط" أجرت معه الحوار الآتي:
هنالك روايات عدة عن دور الاصلاح في هذه الحرب، فما هو دوره وكيف كان له أنصار يقاتلون لوحدهم في الجبهات وبقيادة من؟
- هذه الحرب بين طرفين، الشعب اليمني من جهة والانفصاليين في جهة أخرى، والاصلاح كان مع الشعب والجيش مقاتلاً ومعاوناً تحت قيادة القوات المسلحة.
هل صحيح ان الاصلاح يتولى مسؤوليات الأمن والشرطة في المناطق الجنوبية بعد دخول الجيش اليها، خصوصاً في عدن؟
- كما قلت، لقد اشترك الاصلاح مع غيره من أبناء الشعب مع الجيش، وعند الدخول الى عدن وقبل وجود الأمن كان لا بد من معاونة الجيش لاستتباب الأمن، وساهم في ذلك الذين قدموا مع الجيش أو اولئك الذين حررهم الجيش من سلطان الحزب الاشتراكي حتى يتمكن المحافظ وتتمكن قوات الأمن من الحفاظ على الأمن.
هناك أكثر من جهة اسلامية شاركت في الحرب: الاصلاح، الجهاد، السلفيون، فهل هذه الجهات متفقة، وهل تنسق في ما بينها ام ان لها اجتهادات متعددة؟
- هناك الشعب اليمني، وهذه الفئات التي تذكرها من الشعب اليمني. الشعب اليمني كله قاتل ووقف ضد هؤلاء جيشاً وشعباً. وهناك الجيش النظامي والذين تطوعوا في صفوفه من أبناء الشعب من هؤلاء وغيرهم.
بعيداً عن الحرب، هناك روايات تنقل عن بعض المسؤولين العرب انهم يتمنون على الاصلاح ان يبعد عناصر متطرفة في تكوينه كعناصر "الجهاد" وغيرها فما رأيكم؟
- هذه دعوة باطلة فجماعة الجهاد لم تنضم الى الاصلاح بهذا الاسم ولم يحدث تنسيق في ذلك، ولا لقاء رسمياً في هذا العمل. ان جماعة الجهاد مجموعة من الشباب كانوا يريدون الانتقام من الحزب الاشتراكي لما فعله ضد أهليهم وبلادهم، وكانوا يؤمنون بأسلوب القوة والاصلاح يؤمن بالأسلوب السلمي، وتعرضوا للاعتقالات والمطاردة والملاحقة.
ولقد صرحوا بذلك على صفحات بعض الصحف "اننا ننتقم لما وقع ضدنا وضد آبائنا وأمهاتنا واخواننا وديننا وبلادنا من جور وظلم مارسه الاشتراكي". وباب الاصلاح مفتوح لمن يريد الدخول فيه، ولكن بشرط أن يلتزم منهجه. ونرى ان البواعث السابقة قد انتفت الآن، فالحزب الاشتراكي الذي كان يفرض الباطل بالقوة ويعتدي على الناس قد انتهت قوته العسكرية بفضل الله، وانتهت البواعث التي تحمل على تبني مثل هذا المنهج.
شروط أمام الاشتراكي
هنالك عناصر من الحزب الاشتراكي لم تتورط في الحرب وبعضها مسؤول في الحكومة، ولكن لا يزال بينها وبين بعض أبناء الجنوب ثارات، كيف يمكن وضع حد نهائي لهذه المشكلة؟
- لقد تبنينا قبل الأزمة وخلالها مشروعاً للمصالحة العامة التي تزيل الثارات السياسية والقبلية وتدخل البلاد مرحلة سلام وأمن، وكان هذا الأمر معروضاً على الحزب الاشتراكي لكنه رفض ان يستجيب لهذا. ومثل هذه الفكرة لا بد من احيائه ان شاء الله ومعالجته ولكن بشرط أن يلتزم الحزب الاشتراكي ما نص عليه قانون الأحزاب في بلادنا، ان يلتزم الاسلام عقيدة وشريعة، وان يترك أسلوب العنف والمؤامرة الدموية وان تطمئن الى ذلك.
يتردد أن الاصلاح بات يرفض مبدأ اقتسام السلطة على ثلاثة، بل على اثنين هما الطرفان المنتصران في هذه الحرب فما قولكم في هذا؟
- القواعد الديموقراطية في العالم كله تقول ان من يحوز الغالبية ويشكل الحكومة هو الذي يوزع الحقائب، ولا أدري لماذا ليس مأذوناً بهذا لنا في اليمن! قيادة الاشتراكي اليوم مطلوبة أمام القضاء، فهي التي قادت الى التمرد والانفصال وجرت البلاد الى الحرب. والحزب مطلوب منه ان يصحح أوضاعه وان يحدد علاقته بهذه القيادة التي تنكرت للاسلام عقيدة وشريعة، وللوحدة اليمنية، ورفضت ما كانت تتغنى به من ديموقراطية وتعلن رسمياً على لسان لجنتها المركزية أنهم لا يقبلون الاستقواء بالكثرة العددية، وما الكثرة؟ أليست هي الغالبية؟ بعد أن يصحح هذا الحزب أوضاعه يمكن النظر هل مناسب أو من المصلحة مشاركته، فالشعب هو صاحب الكلمة ممثلاً في مجلس النواب.
هناك حديث عن اعادة تشكيل الحزب الاشتراكي كتغيير الاسم وتغيير القيادة وعقد مؤتمر جديد... ما الذي تتمنونه لمستقبل هذا الحزب؟
- نتمنى لهذا الحزب ان يتبرأ مما عرف عنه من ماركسية لينينية، ويتبرأ مما مارسه من ظلم وجور وفساد ويعتذر للشعب عما جرى منه سابقاً، وان يتبنى مبادئ خيرة وأن يتبرأ من جريمة الدعوة الى الانفصال وتمزيق اليمن وان يشارك في بناء بلاده في ضوء هذه المبادئ الصالحة.
تلاحظ دعوات كثيرة تقول ان الحزب الاشتراكي يجب ان يبقى لكي يقيم توازناً بين المؤتمر والاصلاح، وان هناك قطباً محافظاً واحداً يمثله الاصلاح والمؤتمر الشعبي وان القوى الحديثة والعلمانية لم تعد ممثلة بقوة بعد هزيمة الاشتراكي فما تعليقكم على ذلك؟
- كأن هؤلاء يحزنهم اجتماع كلمة الشعب، واجتماع كلمة ابناء اليمن مع أن جمع الكلمة قيمة عظيمة يجب أن يسعى الناس من أجلها، ويتمنون وجود صراع دائم ليعطل الناس بعضهم جهود بعض، وليكون الخاسر في النهاية هو الشعب الذي تتصارع قياداته ويبطل بعضها أعمال بعض بدافع التنافس والعداء. كما أني ألمس ان هناك من يحرص على وجود تيار علماني يعادي الاسلام بينما شعبنا مسلم ونحن مسلمون نتمنى اجتماع الكلمة على الاسلام لا على معارضته.
بعد خسارة الحزب الاشتراكي هل تتمنى اختفاء الحزب؟
- الأفضل للحزب ان يعلن توبته الصادقة عما صدر عنه ضد الشعب، ثم هو حر بعد ذلك في ان يظهر باسم جديد أو بقيادات أخرى تقنع الناس بأن هناك تغييراً قد حصل.
الدولة الاسلامية
يعمل الاصلاح من أجل مشروع لدولة اسلامية في اليمن، ولكم شخصياً رؤيتكم في هذا الشأن. ما هي رؤيتكم للدولة الاسلامية وما هي الخطوات الأخرى لاكمال هذا المشروع؟
- أفي دين الله شك؟ أفي دين الله نقص؟ ان الدين الاسلامي يدعو الى كلمة قيمة عظيمة، يدعو الى صفاء المعتقد، يدعو الى اقامة الحق ونصره ضد أي شخص. ولقد طبق الاسلام، وسعد الناس في ظله، وكما سعدت البشرية في ظل الاسلام من قديم فيمكنها أن تسعد من جديد في أي زمان وفي أي مكان، لأن الاسلام جاء موضوعه الانسان الذي لم تتغير فطرته ولم يتبدل خلقه البدني أو النفسي، وقواعد الاسلام تعالج تلك الفطرة التي لم تتبدل. وعندما تطبق تلك المبادئ التي تصلح وضع الانسان وتتمشى مع فطرته، سيكون المجتمع راشداً وكريما وسيرى الصلاح مرة ثانية. قال تعالى "فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
إن مصيبتنا هي ثقافة عهود الانحطاط التي شوهت وجه الاسلام وقدمته ديناً يدعو إلى الاستبداد والجهل والخرافة والعصبيات ومحاربة العلم. ومهدت ثقافة الانحطاط لثقافة عهد الاستعمار الذي أراد ان يشكك المسلمون في دينهم وهو سر وحدتهم وقوتهم، فنحن ندعو الى التمسك بهذا الهدي العظيم والاستفادة منه لاقامة حياة راشدة في ظله.
ما الذي ينقص الشعب اليمني لكي يكمل بناء الدولة الاسلامية؟
- يحتاج الى مزيد من العلم، ويحتاج الى مزيد من تنظيم أمر الشورى وروابطها، ويحتاج الى مزيد من التربية الايمانية التي تجعل الانسان يستجيب أوامر ربه بدافع ذاتي، يحتاج الى اصلاح كل آثار عهود الانحطاط وثقافة الاستعمار.
تردد ان أحد أسباب هذه الحرب أقلق بعض القوى العالمية من تنامي النفوذ الاسلامي في اليمن، هل هذه الرؤية صحيحة؟
- اليمن دولة صغيرة بالمقارنة مع دول العالم اليوم، في تعدادها وامكاناتها فماذا يخيف منها؟ اننا نحتاج الى وقت وجهد حتى نضع أقدامنا على موكب الحياة المعاصرة والمتطورة، وحتى نبني المدارس والجامعات والمصانع والمزارع. وبعد ذلك فاننا لن نحمل لاخواننا الا الحب والرحمة، ولا نتمنى الا المزيد من وحدة العرب والمسلمين.
لكن اليمن الاسلامية تستطيع أن توفر الملجأ للمعارضة الاسلامية في الدول الأخرى والبترول للسودان وجواز السفر للمعارضة ومثل هذه الأمور تدعو الى القلق؟
- أنت تقول ان هذا سبب للقلق. نحن قانوننا ونظامنا، كما هو نظام كل الدول يحظر تسليم اللاجئين. لكننا لا نسمح للاجئ ان يفسد سياستنا وعلاقتنا باخواننا وجيراننا والتأثير في مصالحنا العليا. واما التعاون بين المسلمين فهذا واجب. ولا أدري كيف يكون عيباً ان يتعاون العرب ويتعاون المسلمون. بل ربما كان التعاون بين الناس والتراحم، اذا وجدا، سبباً لازالة المشاكل قبل أن تقع.
المساواة في الاستماع
في حديث سابق قلتم ان الاشتراكي ضلل الآخرين بمعلومات خاطئة اضطرتهم الى مواقف خاطئة، حبذا لو فصلتم أكثر في هذا الموضوع؟
- لقد كان شريكاً في الحكم في فترة أزمة الخليج، وكانت للحكومة اليمنية والشعب اليمني وجهة نظر في دخول القوات الأجنبية، لكننا سمعنا ان الحزب الاشتراكي وضع أبعاداً أكبر حول هذا الموضوع. الأمر الثاني أن الحزب الاشتراكي كان يقول لمصر وربما للدول العربية كلها انه توجد سبع معسكرات في اليمن للمتطرفين أو الارهابيين بزعمهم أن أكبرها في "مأرب"، وان في المحافظات الشمالية يومذاك معسكرين وخمسة في المحافظات الجنوبية والشرقية. وكنا نقول للناس تعالوا زورونا، طوفوا في البلاد وانظروا هل فيه معسكرات. وإذا كانت هناك خمسة معسكرات في المناطق التي يسيطر عليها بكل آليته العسكرية التي كشفتها الحرب فلماذا لا يعتقلهم ويقدمهم ويأتي بالصحافيين ويصورونهم. فلما احرج اعتقل بعض المدرسين المصريين الذين يدرسون في المعاهد العلمية. ثم بعدما فضحنا دوره وكشفنا مؤامرته، اضطر الى أن يعترف ويعيدهم الى أماكنهم. كثير من الأشياء كان يقولها وكانت تجد آذاناً صاغية ويا للأسف الشديد بينما نطلب على الأقل المساواة في الاستماع.
تردد اسمكم في قضية مجموعة "الأفغان" الأردنيين المتهمين بالتخطيط لأعمال ارهابية وتفجيرات في الأردن، فما هو تعليقكم على هذا وهل اتخذتم كحكومة يمنية أي اجراء أو اتصال مع الحكومة الأردنية في هذا الشأن؟
- الصحف تكيل التهم كيلاً ضد من تريد ولا تعبأ بحق أم باطل. الأردن بلد شقيق وقف، في أزمتنا مع الحزب الاشتراكي، موقفاً مشرفاً. توجهنا هو الكلمة ثم الاحتكام الى البطاقة الانتخابية في داخل بلادنا، فكيف بخارج بلادنا. أنا لا أعلم عن هذا الا ما يبلغني من أخبار الصحف.
لكن اسمكم جاء في لائحة الادعاء العام الأردني؟
- هذا لم أعرفه الا منك الآن.
ما رأيكم في مشروع حكومة الوحدة الوطنية المطروحة حالياً بين الأوساط السياسية هنا؟
- الحكومة الوطنية هي التي يضع مجلس النواب ثقته فيها.
ما رأيك في عودة الرئيس السابق علي ناصر محمد على رأس الحكومة؟
- هذه مسألة لم تبحث.
هنالك من يقول ان الاصلاح والمؤتمر يختلفان عاجلاً أم آجلاً إذ أصبحا الطرفين الرئيسيين في السياسة اليمنية، بينما يقول آخرون انهما واحد فما هو رأيكم في هذا؟
- نحن والمؤتمر شيء واحد في الأمر العقائدي والإيماني وكذلك في الثوابت الوطنية، وقد نختلف في البرامج والتفاصيل التي تتغير من وقت الى وقت. واما الخلاف والصراع فقد قبلنا بالاحتكام الى الكلمة، ثم صندوق الانتخاب إن شاء الله.
ما رأيكم في قرار ابعاد الجيش عن العمل السياسي، وكيف يمكن تطبيق هذا؟
- على كل حال ابعاد الجيش أصبح التجربة المشاهدة اليوم، فالحزب الاشتراكي أقحم الجيش في المعترك السياسي، والمطلوب البحث عن صيغة تصون الجيش من الخلافات السياسية وتجنبه أن يشترك فيها بالمدفع والدبابة.
حزب شعبي
يتشكل التجمع اليمني للاصلاح من ثلاث مجموعات: الفقهاء وحركة الاخوان المسلمين، والقبائل. أولا هل هذا الانطباع صحيح؟ ثانياً هذه المجموعات الثلاث كيف يمكن الحفاظ على وحدتها وهل يمكن أن يحصل بينها ما يؤدي الى فك هذه الوحدة؟
- لو أردت أن تتكلم عن الشعب اليمني ستقول انه يتكون من مجموعات من كذا أو كذا والاصلاح حزب شعبي ويتكون من أبناء الشعب وتجمعه مبادئ معينة يعلنها في أهدافه وبرامجه. ومحاولة الايحاء بأن هناك أجنحة واختلافات فهذه عهدناها من الحزب الاشتراكي ومن كان معه. نحن يمنيون من أبناء هذا الشعب ارتضينا عدداً من المبادئ فالتقينا حولها ونرجو أن يكون ذلك سبباً لاجتماع الكلمة.
لو قال أحدهم ان وصول العالم الفقيه الى المشاركة في رأس الدولة هو نوع من عودة الامامة، فهل هذا الكلام يغضبكم أم ان السؤال مبرر؟
- لقد بسطت الثقافة الأجنبية سلطانها في نفوسنا فأحدثت هذه الصور المشوهة، ومرة ثانية أعيدك الى الثقافتين، ثقافة عهود الانحطاط التي شوهت الاسلام وثقافة عهد الاستعمار التي شككت في الاسلام وصورت العالم أنه ذلك الجامد الجاهل الذي لا يعرف من أمور الناس ولا يشتغل بشؤون العامة ولا يعرف أحوالها، وانما مقصور دوره على الفتوى في الطلاق والزواج والحيض والنفاس وأحكام الصلاة والميراث، ولا دخل له في الأمر العام ولا في سياسة البلاد، ولا في أوضاعها ولا اقتصادها، وان الأمر يجب أن يسير بطريقة استبدادية ينتزع فيه الحق من الشعب ومن ممثليه ومن قياداته ويُصادر ويملكه فرد من الأفراد. وهذه صفاقة يسرت دور التشكيك الاستعماري فنشرت ثقافة أوهمت ان الصيغة الاسلامية للحكم هي صيغة استبدادية لا شورى فيها. لكننا إذا رجعنا تاريخنا وجدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "ان رأيتموني على حق فأعينوني وان رأيتموني على باطل فقوموني، فيقال له والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا..." وغيره وغيره. وأوامر الله جل وعلا "وأمرهم شورى بينهم" و"شاورهم في الأمر". كل هذه المبادئ والقيم المثلى شوهتها ثقافة عهود الانحطاط وشككت فيها ثقافة أهل الاستعمار ان الحكم في الاسلام معناه الشورى، معناه العدل، معناه المساواة، معناه حق الشعب في اختيار حكامه، معناه وجوب مشاركة الشعب في أمره ومصيره، معناه أخذ رأي أهل الاختصاص في شؤونهم في ما يجيدونه ويعرفونه ... وعلماؤنا في اليمن هم من أوائل العالم الاسلامي الذين دعوا الى الدستور الذي يربط هذه القواعد والمبادئ.
أسأل عن الوحدة اليمنية، لقد انقسم العرب بمثقفيهم في هذه المسألة، اسألك كمفكر وليس كسياسي، ما رأيك في هذا الانقسام هل هو مبرر؟
- انقسم الاعلام العربي - ان أردت الصحيح - اما العرب فهم يؤيدون الوحدة. ان الذين فشلوا هم الساسة، اما الشعوب فبقيت على ولائها للوحدة العربية، وترى ان وحدة القطر شرط أساسي في تحقيق وحدتنا. وعلى الساسة ان يراجعوا أنفسهم حتى يكونوا معبرين عن آمال شعوبهم وآرائهم.
في الستينات عندما عارض الاسلاميون فكرة القومية اتهموا وقتها بأنهم ضد الوحدة العربية واليوم هل أصبح الاسلاميون هم دعاة الوحدة العربية؟
- الاسلاميون من قديم هم دعاة الوحدة الاسلامية ويرون أن وحدة الكبير لا تتم إلا بوحدة الجزء الصغير، فلا يمكن أن تكون هناك وحدة عربية والأقطار ممزقة، قطر كاليمن مكون من قسمين، كيف تكون وحدة عربية ونحن لم نحقق وحدة في قطر، ووحدة العرب ممزقة، كيف نحقق وحدة اسلامية والعرب متفرقون؟ انه سير منطقي في خطوات نحو تحقيق الوحدة، لكن الذين أرادوا الوحدة العربية في الستينات كانوا يلصقونها بالمنهج العلماني ويجعلون العلمانية فيها شرطاً أساسياً لتحقيقها، فكان المطلوب المنهج العلماني لا الوحدة العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.