تعيين رئيس وزراء اللوكسمبورغ، جاك سانتر، رئيساً جديدا للمفوضية الأوروبية خلفاً لجاك ديلور، لا يزال يطرح علامات استفهام عدة، مع انه أتى نتيجة اجماع، على اثر ضغوطات سياسية مارسها المستشار الألماني هلموت كول، وفي غياب أي بديل آخر. ولم تستطع قمة بروكسيل الطارئة ان تمحو الأثر السلبي الذي تركه فشل القمة العادية في كورفو، حيث قطع فيتو رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور الطريق على رئيس الوزراء البلجيكي جان لوك دوهان. وفي هذا الاطار ليست شخصية الرئيس المعين التي تطرح مشكلة، بل نسق عمل المؤسسات الأوروبية، حيث يستطيع بلد واحد ان يشل فعالية اجماع الدول الاخرى. مع ذلك احترم تعيين سانتر، بدقة متناهية، قواعد اللعبة، وبعد الاشتراكي الفرنسي جاك ديلور، كان من المفضّل ان يكون الرئيس الجديد لمفوضية بروكسيل من بلد "صغير" وينتمي الى التيار الديموقراطي - المسيحي. ثم ان سانتر، الذي يرأس حكومة اللوكسمبورغ منذ عشر سنوات وشغل سابقاً منصب نائب رئيس البرلمان الأوروبي، شكل قاسم الحد الادنى المشترك، ولو انه بشكل عام، كنظيره البلجيكي دوهان، من مؤيدي الاتجاه الفيديرالي والعملة الموحدة والسياسة الخارجية والامن المشترك. ان مشكلة سانتر الآن هي ان رئاسته للسنوات الخمس المقبلة، تقاس بالنسبة الى السنوات العشر لجاك ديلور، التي طبعت بشكل حاسم مشروع البناء الأوروبي. يضاف الى ذلك ان الارتفاع المتوقع لعدد المفوضين من 17 الى 21 لا يسهّل بالضرورة مهمة الرئيس الجديد. ورأى كثيرون في تعيين سانتر ارادة سياسية غير معلنة لرؤساء الدول والحكومات لتقليص الصلاحيات السياسية للمفوضية والعودة بها تدريجياً الى الوضع الذي كانت عليه قبل بداية رئاسة ديلور، مطلع عام 1985. مع ذلك تبقى كافة الاحتمالات مفتوحة في هذا المجال، وسانتر نفسه طلب الحكم على رئاسته انطلاقاً من الوقائع، وليس انطلاقاً من أحكام مسبقة. وفي هذا المجال ايضاً الموعد الأهم الآن هو عام 1996، البداية الشاملة لمراجعة معاهدة ماستريخت.