وسط ترحيب الاوساط الأوروبية، استهلت بلجيكا رئاستها الدورية لمجموعة الپ12 حتى 31 كانون الأول ديسمبر المقبل بعد سلسلة ازمات رافقت الرئاستين السابقتين للمملكة المتحدة والدانمارك. تاريخياً، فترات الرئاسة البلجيكية كانت مثمرة على الصعيد الاوروبي، لكن هذه المرة ضغط الازمة الاقتصادية وتراجع وتيرة النمو، من المفترض ان يؤثرا على مساحة المناورة التي يتمتع بها رئيس الوزراء البلجيكي جان لوك دوهان ووزير خارجيته ويلي كلاس، ثم هناك مواعيد حاسمة على جدول الاعمال الأوروبي على امتداد الشهور الستة المقبلة. ومن المفترض كذلك ان يتم تنسيق رفيع المستوى بين الرئاسة البلجيكية ومفوضية بروكسيل، على عكس الاتجاه الذي سيطر خلال ترؤس بريطانيا والدانمرك المجموعة. غير ان مستقبل مشروع البناء الأوروبي، كما اقرته معاهدة ماستريخت، يتوقف الى حد كبير، على مدى حلحلة التناقضات المتراكمة وتحديد خط واضح للسياسة الخارجية والامن المشترك. هناك اولويات عدة مطروحة الآن، ولكن حسب نسب متفاوتة من النجاح، انطلاقاً من اعتبارات بعضها اقليمي ودولي، وبعضها الآخر على صلة مباشرة بالوضع الاقتصادي المتأزم في اوروبا. فمن جهة أخرى، من المفترض ان تدخل معاهدة ماستريخت حيز التطبيق في الخريف المقبل، بعد شهر واحد من تصديق بريطانيا عليها. وقد تقرر مبدئياً "الاحتفال" بهذه المناسبة من خلال عقد قمة استثنائية في مبنى شارلمان، مقر المجلس الوزاري الاوروبي في بروكسيل. من جهة ثانية، ستناقش القمة العادية في كانون الأول ديسمبر المقبل "الكتاب الابيض" الذي باشرت المفوضية اعداده حول البطالة والنمو والتنافس الخارجي. وثالثاً، سيتم اعداد مكثف للمرحلة الثانية من الاتحاد الاقتصادي والنقدي ابتداء من اول العام المقبل، ويفترض ذلك تأسيس "المعهد النقدي الأوروبي" الممهد للبنك المركزي المشترك والعملة الموحدة، والمرجح ان يستقر في فرانكفورت... على مقربة من البوندسبنك. رابعاً، تتزامن بداية الرئاسة البلجيكية مع تعيين مدير عام جديد لمنظمة "الغات"، هو المفوض الاوروبي السابق بيتر شيترلند، ويراهن المسؤولون في المفوضية على ختام "دورة الاورغواي" خلال الشهر الاخير من عام 1993، على اساس اتفاق سياسي عام "شامل ومتوازن" لا يزال غارقاً حتى الآن في "وحول الخلافات" الاوروبية - الاميركية، لا سيما حول الملف الزراعي. خارجياً، تشكل المسألة اليوغوسلافية، اولوية مطلقة، ولا يستبعد ان يتم على اساسها اول اختبار "للسياسة الخارجية والامن المشترك". لكن، بخلاف رئاستي لندن وكوبنهاغن، حيث الاولوية هي لتوسيع المجال الجغرافي للمجموعة الاوروبية باتجاه النمسا واسكندينافيا، ثم الانفتاح على الشرق على حساب الجنوب، يبدو ان بروكسيل ستمنح اهتماماً بارزاً للمشكلات الاقليمية خارج المدى الأوروبي، ولقضايا العالم الثالث، وفي مقدمتها ازمة الشرق الاوسط ومستقبل العلاقات مع المغرب العربي ومشكلات افريقيا. ان المنطق البلجيكي في التعامل مع المشروع الأوروبي، كان دائماً على اساس فيديرالي، فهل ينجح جان - لوك دوهان حيث فشل جزئياً بول راسموسن، وقبله جون مايجور؟