ملامح موضة صيف 1994 النسائية برزت اخيراً في اطار المعرض العالمي للألبسة الجاهزة الذي استقطب حشداً من كل بلد. فعلى مساحة واسعة من منطقة البورت دي فرساي، بطبقاتها الأربع، امتدت اجنحة المصممين والمصممات بكل ما تحمل من ابتكار ينافس بعضه البعض وان التقت الافكار على الانطلاق من خطوط محددة لاناقة المرأة الربيعية والصيفية المقبلة. كثير من التنظيم والنظام واللمسات الرقيقة على آلاف الازياء المعروضة، وزائرات بعدد كبير من المعنيات بالمهنة الى جانب عدد أقل من الزوار. فالموضة النسائية الجاهزة صارت لها بطلاتها من صاحبات المخازن وكثيرات منهن من البلاد العربية. ويعتبر المعرض الذي يفتح أبوابه مرتين في السنة ليقرر الموضة الشتائية أو الصيفية قبل موعدها بأشهر، مكاناً للقاء سيدات من بلدان عدة يتجولن بين الاجنحة أو يتجمعن فيها لحضور العروض التي أبرزت منذ اليوم الأول خطوط الموضة المقبلة، ويمكن القول ان التغيير كبير. في الدرجة الأولى حدث التغيير في الشكل اذ انتقلت الموضة من الثوب الى التايور والبذلة. وطالت التنورة حتى كادت تلمس الكاحل وطالت السترة حتى وصلت الى ما تحت الركبة سواء اكانت بشكل قميص أو "بلازر". لكن الثوب يبقى سيد الاناقة النسائية في خطوطه الرجراجة الواسعة الذي يشبه ثوب الأميرات. والطويل منه هو السائد طبعاً مع تحرر من الكم الى حد ما. الطول مسألة مزاج جان بول غولتييه، تييري موغلر، كلود مونتانا، كريستيان لاكروا، كمنزو وكارل لاغرفلد رأوا ان الطول مسألة مزاج وحرية، وكل امرأة تعرف ما يلائمها، علماً ان السروال حقق لها حرية في الحركة لا يمكن نكرانها. المهم ان الطويل مثابر على اجتهاده منذ ان بدت تباشيره في العروض الربيعية والصيفية الماضية وتهادى فيه بعض الانيقات. قال كثيرون ان الموضة الطويلة المقبلة لا علاقة لها بأزمة اقتصادية أو ازدهار اقتصادي، أو بحرب أو سلم. فهي كانت سائدة في الستينات وخلال الحرب العالمية الثانية بينما كان القصير سيد الساحة في أوقات السلم. وقد لا تكون موضة الطويل أكثر من رغبة في التغيير، خصوصاً ان جميع المصممين متفقون على ذلك مع اطلالة الطقس الحار. المصممة شانتال توماس التي ساهمت في تصميم البياضات النسائية العصرية، اعتمدت الطويل في كل تصاميمها. "صحيح ان التنانير ستكون طويلة في الصيف لكنها ستشق على قامات هيفاء، والسروال سيرتفع قليلاً عن الكامل. الطويل لا يعني بالضرورة ثقل الحركة والقامة، وقد اثبتت المواسم الماضية هذا الواقع مع بدء موضة الطويل. فالثنيات والشقوق على الجوانب والقماش الخفيف الرجراج، يمنح التنورة الطويلة نفحة انثوية وخفيفة". مصممة اخرى هي بوبي موريني، ترى ان النقاش حول الطويل خطأ: "الموضة اليوم للطويل الذي ساد في الماضي غير البعيد. الطويل يلائم المرأة مهما كان عمرها وشكلها، وأنا مخلصة له لأنه يسمح لي باخفاء ساقيَّ اللتين لا أحبهما: بين مجموعتي ازياء قصيرة، وهذا حق مكتسب للمرأة. ما يصل الى منتصف الساق يليق لقامة أقل قساوة في شكلها العام. شخصياً، لا لأحب ان ألفت نظر أحد في اثناء سيري. أحب المشي بحرية، ونسبة الطول تكمن في هذا التمويه لبعض السنتيمترات التي توفر حرية الحركة والجمال واللمسة العصرية". الطويل لن يستمر ومع ان كل ما يهم المصمم المهندس باكو رابان اليوم كتابه "نهاية أزمنة" يقول انه كان يتوقع عودة الازياء الطويلة منذ 1991 "لكنها لن تستمر طويلاً. الأزمة الاقتصادية التي بدأت في أول التسعينات اعطت انطباعاً بأن الموضة الطويلة لن تسيطر على السنوات المتبقية من هذا القرن. ستستمر في ربيع وصيف 1994 لكن تحريك عجلة العمل في الولاياتالمتحدة الاميركية سيرفع التنورة الى الأعلى وسيصير الثوب ملتصقاً بالجسم". بانتظار السنوات المقبلة التي توقع باكو رابان التغيير فيها، ليس في اجنحة المعرض ما يناقض سيادة الطويل وامتداد الكتفين الى الاسفل. تراوحت الالوان بين الابيض ومشتقاته وألوان الأرض الشائعة أيضاً في الموضة الرجالية للموسم المقبل، اضافة الى ألوان البحار والبهارات والأزهار. وكما في موضة الرجل، برزت الصدرية النسائية بأشكالها المختلفة وان كانت تشبه القميص المتحرر أكثر منها الصدرية الكلاسيكية. مارسيليا المنافسة وتميز المعرض لهذا الموسم بخطوط جديدة في حقل الالبسة النسائية الجاهزة. مدينة مارسيليا المتوسطية دخلت على الخط وبدأت منافسة خجولة لعاصمة الاناقة العالمية باريس. تعود البداية الى اوائل 1989 عندما اشترك نحو عشرين مصمماً ومصممة في معرض الألبسة الجاهزة النسائية تحت اسم "موضة في مرسيليا" بتشجيع من المعهد العالمي للموضة هناك الذي يهدف الى ابراز "الماركات" الشابة ونشرها في العالم. وما ان يصير "للفراخ" أجنحة نامية تمكنها من التحليق حتى يسمح المعهد لها بالحصول على جناح في المعرض. هكذا برزت اسماء مارسيلية في عالم الموضة انفردت بجرأتها ونظرتها الفتية المستقبلية "المتوسطية". ومن هذه الاسماء، وكلها مؤنثة، جنفييف دلريو، جوسي بوهر، ميراي روش، صوفي غروس، ماري ريبيرات، كارول بينيتا وكاثرين فاسور. أمر لافت آخر في المعرض هو "تجمع الاجنحة الهونكنغية" الذي استقبل تسعة عارضين احتلوا الطبقة الثالثة هؤلاء أصحاب ومصانع ألبسة نسائية نجحوا في تقليد الموضة الفرنسية الرفيعة المستوى وتوفير شعبية كبيرة لها. ففي سنة 1991، احتلت هونغ كونغ المرتبة الثانية بعد ايطاليا على لائحة المصدرين للألبسة. ويوجد في هونغ كونغ اليوم عدد كبير من المصممين البارزين استقر البعض منهم في أوروبا. وبين هؤلاء بيني يونغ الذي افتتح مخزناً خاصاً به في كينسنغتون، لندن. واستطاع المصممون من هونغ كونغ فرض أنفسهم في عالم الموضة الأوروبية بفضل المستوى الراقي لعملهم وقدرتهم على التأقلم والمزاوجة بين الابتكار والعملية. كذلك تميز المعرض بحضور اسباني تجمعت اجنحته تحت عنوان "مورا أسكا". وقد سيطرت الروح المتوسطية فجمعت الطويل والعملي. وعلى رغم احتدام المنافسة الايطالية، تبقى فرنسا سيدة الأناقة العالمية عبر أجنحة مصانعها، وهي أكثر من ان تعد في هذا الحقل، وتشكل دعامة للاقتصاد الفرنسي حتى في الأزمنة الصعبة.