قال الرئيس الاريتري اساياس افورقي في حديث خص به "الوسط" اثناء زيارته الاخيرة لفرنسا، ان دستوراً لبلاده سيرى النور قريباً، وكشف عن الخطوط الاساسية للسياسة الاقتصادية لحكومته متوقفاً امام صعوبات استقبال اريتريا مليون لاجئ اريتري يعيشون خارج البلاد. وفتح افورقي ملف السياسة الخارجية، خصوصاً مع السودان الذي طالبه بالكف عن تعكير العلاقات مع بلاده. حتى الآن لا دستور للدولة الاريترية الجديدة. متى سيوضع هذا الدستور، وهل سينص على اعتماد التعددية الحزبية؟ - أسندت الحكومة الاريترية مهمة اعداد مسودة دستور وطني الى لجنة من خمسين عضواً ليسوا بالضرورة اعضاء في "الجبهة الشعبية للديموقراطية والعدالة" الحاكمة. ولا توجد علاقة عضوية بين صياغة الدستور واعتماد مبدأ التعددية الحزبية. وليس معنى ذلك اننا ضد مبدأ التعددية السياسية، بل على العكس نعمل على تسهيل نشوء احزاب وطنية ونسعى للحؤول دون انفراد حزب واحد بالحياة السياسية في البلاد، لأن التجارب الماثلة امامنا لا تبعث على التفاؤل، ولا يعني ذلك ان مسألة التعددية السياسية تشكل في حد ذاتها حلاً سحرياً او وحيداً، لذلك لا يوجد خيار آخر سوى رسم الحدود ووضع الضوابط، كأن تقوم الاحزاب على قاعدة وطنية بعيداً عن الحسابات الاثنية، والاقليمية والدينية، وذلك من باب الحفاظ على وحدة الشعب الاريتري التي ترسخت عراها ابان مرحلة حرب التحرير. هل الاقرار بالتعددية السياسية مرهون بحرية الصحافة؟ - في تقديري ان سن قانون حرية الصحافة يسبق كل القضايا الاخرى، بما فيها مبدأ التعددية الحزبية. وماذا عن خطتكم الاقتصادية التي بدونها لا تقوم قائمة على اساس متين؟ - في المجال الاقتصادي وفي غيره ايضاً من المجالات الحيوية لا تكفي النيات الطيبة، بقدر ما هي العمل الجاد والمثمر. واذا كان ثمة درس استفدناه من تجارب دول العالم الثالث فهو عدم اقحام انفسنا في مشاريع اقتصادية طوباوية تعود علينا بالاضرار الفادحة. ولا يعني هذا عدم طرحنا سياسة اقتصادية طموحة، لا سيما ان الحرب المدمرة التي دامت ثلاثة عقود كاملة أتت على الأخضر واليابس. اين وصل مشروع عودة مليون لاجئ اريتري؟ - عشرات الآلاف من اللاجئين عادوا بمبادرة ذاتية، منهم منذ اليوم الأول لتحرير الوطن اي قبل ثلاث سنوات، ونستعد الآن لاستقبال نحو 85 ألف اريتري من المقيمين في معسكرات اللاجئين في السودان. كيف تقومون علاقاتكم مع السودان؟ - أحب أولاً الاشارة الى نقطة اساسية وهي ان العلاقة السودانية - الاريترية قديمة قدم تاريخ شعوب هذه المنطقة، وعليه فلا غرابة اذا كانت محكومة بمبدأ الثابت والمتحول. الثابت هو العلاقات الاخوية الازلية بين البلدين والشعبين، والمتحول هو مواقف الانظمة السياسية المتعاقبة في الخرطوم، سواء كان ذلك ابان حرب التحرير، أو بعد الاستقلال. من دون العودة الى الحقبة السابقة، كيف تقومون علاقتكم الحالية بنظام الفريق عمر حسن البشير؟ - بصرف النظر عن خيار السودان الايديولوجي، كنا نحلم بوضع لبنة سياسية - اقتصادية قوية تكون قاعدتها الخرطوم واديس ابابا واسمرا، على ان تمتد لاحقاً الى سائر دول المنطقة، وللأسف خاب املنا. لماذا؟ - لأن السودان أوى وسلح بعض العناصر التي تطلق على نفسها اسم "حركة الجهاد الاريتري" وفتح حدوده لها، فتسللت الى داخل ترابنا، وحاولت القيام بعمليات عسكرية تخريبية، لكن قواتنا المسلحة تصدت لها، وردتها على اعقابها، هذا ما لم تقم بتصفيتها نهائياً. هل يفهم من هذا الكلام ان الامور مرشحة لمزيد من التوتر والتصعيد في المناطق الحدودية المشتركة؟ - نحن ضد اي تصعيد ولا نريد اي شائبة تشوب علاقتنا مع السودان، ونأمل ان يبادلنا الاخوة هناك الشعور نفسه ويكفوا عما يعكر الاخاء بين البلدين. هل انتم في طور الأمل، ام هناك عمل لاذابة الجليد في علاقاتكم الثنائية؟ - لقد بادرنا في الشهر الفائت الى ارسال وفد الى الخرطوم، وسنواصل الحوار قريباً في اسمرا، وعليه فان ابواب اذابة الجليد مفتوحة، ولا يخامرنا ادنى ريب في عودة دفء العلاقات السودانية - الاريترية، ان عاجلاً أو آجلاً. على بعد حوالي 14 كيلومتراً من شواطئكم تدور معارك طاحنة في اليمن فما هو موقفكم، وهل ترجحون كفة طرف على آخر؟ - نحن اصدقاء للاخوة في اليمن، سواء كانوا في صنعاء أو في عدن، والقتال الدائر هناك لا يميز بين شمالي وجنوبي، لأن الضحية هو اليمني أولاً واخيراً.