قبل سنوات بدأت اكتب قائمة بالأسباب التي تبعث القلق في نفسي7 وأخيراً وصلت الى الحرف باء7 اليوم هناك حرب أهلية في اليمن، غير ان الحرف ياء لا يزال بعيداً، وقبل ان اصل اليه علي أن أمر بالجيران جزائر والسين سودان والعين عراق والفاء فلسطين وللام لبنان، وربما كل حرف وبلد، فالشعب العربي الذي ليست لديه مشكلة اليوم، ستكون عنده مشاكل عندما اصل إلى الحرف الخاص به7 باختصار أسباب القلق كثيرة، وهي ليست قصراً على السياسة العربية، فثمة أسباب شخصية للقلق، حتى عندما ينسى الواحد منا انه إذا كان الحل السلمي مخيفاً، فان الحل الآخر مرعب7 بين أسباب قلقي: - أن أتنفس هواء فاسداً7 وأسوأ من هذا ألا أتنفس7 - كل مرض أقرأ عنه في الصحف والمجلات، أو يعرض على التلفزيون، أتصور انني مصاب به7 - أن يكتشف الطبيب ما عندي، ويأخذه كله7 - أن تضيع البطاقة البلاستيكية كريدت كارد، وأن يستعملها أحد في الشراء على حسابي من متجر هارودز7 - أن أتلقى بطاقة معايدة من شخص نسيت أن أرسل اليه بطاقة معايدة7 - اذا سألت انساناً: كيف حالك؟ أن يخبرني عن حاله بالتفصيل7 - أن تعود الشيوعية7 - الإصابة بعاهة7 - الفقر7 ووجدت في النهاية أنني اذا خرجت من البيت سأصاب بمكروه، واذا بقيت في بيتي سأطرد من العمل، وإذا قرأت جرائد فسأعرف عن المآسي العربية، واذا لم أقرأها فان خيالي سيضاعف هذه المآسي، ويتصورها حيث لم تحدث 777 بعد، ورأيت أن احاول نسيان مشاكلي بسؤال الناس الذين اعرفهم عن الأشياء التي تبعث القلق في نفوسهم وسمعت: - الميزان في الحمام، فكلما وقفت عليه وجدت أن وزني نقص7 وكلما وقفت عليه زوجتي صرخت لأن وزنها زاد7 - ان يبكي البيبي في الليل، - أن لا يبكي البيبي7 - زوجتي حامل وأخاف أن يأتي البيبي وهو يشبهني7 - زوجتي حامل وأخاف أن يأتي البيبي وهو يشبه غيري سمعت عن رجل اعتقد ان البيبي يشبهه، حتى قلبوه على وجهه - أن أفتح خزانة الملابس في غرفة النوم فأجد فيها كرسياً ومنفضة سجاير مليئة بالاعقاب7 - أن أذهب الى الحلاق فيسألني: هل سكبت عصير بندورة طماطم على ياقة قميصك7 وأقول له: لا، فيستدعي الاسعاف7 - ان اكون في باخرة، وراكب مصاب بدوار وغثيان وأنا قربه في اتجاه الهواء7 - أن أسجن وأدخل زنزانة فيقول لي نزيلها الآخر انه يود ان يراقصني7 - أن أنتمي الى حزب فاسد اذا عرض عليك حزب ان تنضم اليه مقابل مئة جنيه، وعرض حزب ثان أن تنضم اليه مقابل 50 جنيهاً، انضم الى الحزب الثاني لأنه أقل فساداً7 - أن أطلب زيادة مرتب7 فيطردني المدير من العمل7 باختصار، أسباب القلق الشخصية والعامة لا تحصى أو تحصر، وعندما قرأت قبل سنوات طويل كتاب دع القلق وابدأ الحياة أدركت انه لو لم تكن هناك أسباب حقيقية للقلق لما صدر الكتاب7 واذا كانت هناك من أسباب القلق عند خواجا ما يكفي لتجعله يعكف على تأليف كتاب، فماذا يفعل العربي؟ يؤلف موسوعة عن القلق، وصلت فيها شخصياً الى الحرف باء7 اليوم أقلق اذا لم تحاول الحكومة مساعدتي، وأقلق أكثر اذا حاولت، وأتذكر كيف أدت محاولات تحرير فلسطين الى اضافة ما بقي منها7 وأقلق اذا لم يذهب الأولاد الى الجامعة، أو ذهبوا ثم تخرجوا ولم يجدوا عملاً7 وأقلق اذا وجدوا عملاً وكان في الصومال7 وفي النهاية، فالحياة تعب أو قلق، وهي خطرة لم يخرج منها احد حياً7 والواحد مثلي يقضي العمر جالساً على طرف الكرسي، يقضم اطراف اصابعه7