سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تتوقع انضمام السعودية إلى "قمة المرأة العربية" قريباً و"الريس ... ليته سمع الكلام"! . سوزان مبارك ل "الحياة": هدفنا تثقيف المجتمع وإشراك المرأة في الحياة السياسية
24 ساعة من التحضيرات والإجراءات والاتصالات والقلق تعيشها بعد أن تبلّغك السفارة المصرية في بيروت الموافقة على موعد لمقابلة "الهانم الكبيرة". أسئلة كثيرة تتزاحم في رأسك وتشعر بأن الطائرة التي تقلّك من العاصمة اللبنانية إلى القاهرة تطير بسرعة عصفور صغير وعقارب الساعة لا تتحرك. أخيراً أنتَ في صالون المنزل الشخصي للسيدة سوزان مبارك، تحيط بك الصور العائلية التي انتشرت هنا وهناك على الطاولات بين قطع الكريستال المميّزة. على الحائط الرئيسي رسم كبير لسيد المنزل، رئيس جمهورية مصر حسني مبارك. يعود الصوت الوقور الذي كان في استقبالك، ليقطع الصمت المخيّم على المكان: "اتفضلي إلى الصالون التاني، الهانم وصلت". ندخل الصالون رقم 2 "الستّ تجلس في العادة على الكنبة دي، وممكن حضرتِك تجلسي جنبها هنا". يتوارى الصوت وتدخل "الهانم" بابتسامتها الدافئة وأوراقها التي لا تفارقها، كذلك النظارات الطبية التي تستعين بها للقراءة. تستقبلك بحرارة معهودة في المصريين. كلّ ما تخيّلته عن رهبة لقائها في كفّة، وحرارة الجلسة معها في كفّة أخرى: نعم سوزان مبارك عفوية جداً، ولطيفة جداً جداً، و"دمّها خفيف"... وقد لا يعرف ذلك عنها الكثيرون. وكما حرصت السيدة الأولى على استقبالكَ بحرارة، تحرص أيضاً على وداعكَ بحرارة أكبر ومرافقتكَ حتى الباب. في ما يلي وقائع ما جرى خلال أربعين دقيقة في ضيافة "ماما سوزان": "المرأة العربية والنزاعات المسلحة" هو موضوع المنتدى الذي تشاركين فيه في بيروت، هل تحملين ورقة مصرية إلى هذا المنتدى وماذا تتضمن؟ - نعم. هناك ورقتان مصريتان: الأولى تناقش موضوع المنتدى وأبعاده من الناحيتين العلمية والعملية. والثانية تتناول الموضوع الذي كلّفت به مصر، وهو الصحة الجسدية والنفسية للمرأة في مناطق النزاعات المسلّحة، وهو يندرج في المحور الثاني للمنتدى. مؤتمر "قمّة المرأة العربية"، هل يختلف في نتائجه عن مؤتمرات الملوك والرؤساء العرب؟ وهل تنعكس الخلافات السياسية في الجامعة العربية على نتائج قمّة المرأة العربية؟ - طبعاً تختلف أعماله ونتائجه عن بقية المؤتمرات. لقد تعاهدنا ألا تحول الشؤون السياسية دون وصولنا إلى خطة عمل نلتزم بها جميعاً للنهوض بالمرأة العربية. يجب أن نعترف ان عالمنا اليوم لا يؤمن إلا بتجميع القوى" وتجمّع قوانا النسائية العربية على أهداف مشتركة يعتبر في حدّ ذاته إضافة الى التضامن العربي... إن تأسيس "منظمة قمّة المرأة العربية" هو، في رأيي، من أهمّ الإنجازات التي حققتها قمّة المرأة. وستجمع هذه المنظمة القوى النسائية العربية في كيان منظّم للعمل من أجل النهوض في العالم العربي. لن نقارن أنفسنا بقمّة الملوك والرؤساء العرب، فنحن نعالج مواضيع إجتماعية... لا سياسية، علماً ان السياسة تدخل في كلّ شيء في أيامنا هذه. وعندما نتحدث عن تمكين المرأة اقتصادياً، ومشاركتها في الحياة السياسية، لا نتدخّل في سياسة الدول نفسها، بل نكتفي في العمل على تفعيل دور المرأة في مجتمعاتنا، وتحديد الاحتياجات الخاصة بكلّ مجتمع. وهذا نابع من إيماننا بقدرة المرأة على تقديم الكثير لهذه المجتمعات. إن المنظمة هي ضرورة ملحّة لنا كنساء، فأنا لا أعتقد ان الرجل سيدافع عن حقوق المرأة أفضل ممّا تفعله المرأة نفسها. هموم المرأة العربيّة... واحدة هل للتيارات المختلفة في جامعة الدول العربية انعكاسات على "منظمة قمّة المرأة العربية" وعملها؟ - أبداً، نحن نبحث في المنتديات المنبثقة عن القمّة، عن هموم المرأة العربية، وهي واحدة في كلّ العالم العربي. وهدفنا الأساسي هو توحيد الرؤى والمطالب. لنأخذ، على سبيل المثال، منتدى المرأة والقانون، فقد تناول تحديث القوانين لتواكب الظروف المتغيّرة في مجتمعاتنا. لكن تعديل القوانين هو في يد السلطة، التي يمسك الرجل بزمامها... - نحن، كنساء، علينا أن نجتمع ونرفع أصواتنا كي نحثّ الحكومات على إصدار القوانين المنصفة في حقّ المرأة، لنحصل على التغيير المطلوب. وإذا لم نفعل نحن ذلك، من الذي سيقوم به بدلاً منّا، أهو الرجل؟ طبعاً لا. على المرأة أن ترفع صوتها وتطالب بحقوقها. وعلى "منظمة قمّة المرأة العربية" أن تتابع تنفيذ المطالب والتوصيات مع دول القمّة. ماذا عن وضع المرأة في دول تقاطع، أصلاً، القمّة؟ - الدول المقاطعة قليلة ولا يتعدّى عددها أصابع اليد الواحدة. لكنها تضمّ دولاً عربية كبرى مثل السعودية... - الاتصالات جارية على قدم وساق مع المملكة العربية السعودية، ونتوقّع أن تنضمّ السعودية إلى القمّة قريباً، خصوصاً بعد المشاركة النسائية التي كانت للمرأة السعودية أخيراً في المنتدى الاقتصادي، وقد أكّدت على دور المرأة السعودية في قطاع الأعمال. نحن نأمل أن تنضمّ كلّ الدول العربية إلى المنظمة. لكن لنكن واقعيين: هناك دول عربية غير مقتنعة بعد بدور المنظمة. وهذا تحدٍ لنا، إذ علينا أن نثبت ان المنظمة فاعلة والانضمام إليها سيكون مفيداً لمجتمعات هذه الدول. في الجدل القائم حالياً عن الحجاب، ماذا تقولون للمرأة العربية؟ - الحجاب مسألة شخصية تخص الانسان المعني نفسه. المرأة... والمعترك السياسي على رغم النضال الطويل في مجال مشاركة المرأة في الحياة السياسية، فإن نسبة البرلمانيات المصريات خصوصاً، والعربيات عموماً، لا تزال متدنيّة. ولا يزال قرار المرأة السياسي والانتخابي في مجتمعاتنا في يد الأب أو الأخ أو الزوج... - ما نحاول أن نقوم به هو تثقيف المجتمع وتعريفه إلى أهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية، لأن هذه المشاركة مرهونة بمدى وعي المجتمعات لأهمية دخول المرأة المعترك السياسي. وتحقيق ذلك يحتاج إلى الوقت. ونعترف اننا في مصر تأخرنا في هذا المجال، إذ كنا منهمكين في حلّ مشكلات لها أولوية. في الوقت نفسه، أعتبر "المجلس القومي للمرأة" برلماناً نسائياً مصرياً يوصل صوت المرأة إلى الجهات التنفيذية. وقد نجحنا في إدخال برامج تطوير المرأة في الخطط الإنمائية الخمسية التي ترسمها الوزارات المختلفة، كما نجحنا في تعديل قوانين عدّة ظالمة في حقّ المرأة المصرية، وهذه إنجازات مهمّة حققناها على رغم ان عدد البرلمانيات اللواتي يمثلننا في مجلس الشعب ضئيل جداً. ما الذي يحول دون وصول عدد أكبر من النساء إلى البرلمان؟ - للمرأة المصرية الحقّ الدستوري في الانتخاب، كما في ترشيح نفسها. لكن النظام الحزبي في مصر يمتنع عن ترشيح نساء عن دائرة معيّنة، إذا لم يكن واثقاً من فوزهنّ، كي لا يغامر في خسارة مقعد نيابي. وأعتقد ان الوضع سيتغيّر عندما تصبح المرأة متمكنة أكثر ومتجذّرة شعبياً. وهذا لا يحصل إلا من خلال نشر الوعي والثقافة في مجتمعاتنا. هل يمكن للمرأة أن تدلي بصوتها في الانتخابات بعيداً من تأثير الأب والأخ والزوج؟ - للمرأة كلّ الحرية في انتخاب من تريد، وعليها أن تعي حريتها وتجيد استعمالها، وأن تدلي بصوتها بحسب قناعاتها بعيداً من الضغوط المالية والأسرية. وهذا لا يتحقق إلا من خلال تعليم المرأة وتثقيفها. تولّت المرأة العربية حقائب وزارية، لكنها لم تطرح يوماً رئيسةً للحكومة ولو على سبيل الترشيح فقط... هل تعتقدين ان المرأة مؤهلة لتسلّم هكذا منصب أم أن أمامها طريقاً طويلاً يجب أن تقطعه قبل ذلك؟ - في رأيي هناك نساء عربيات كثيرات مؤهلات لهكذا منصب، ولم تتح لهنّ الفرصة لإبراز قدراتهنّ. وقد برعت نساء عدّة تولين هذا المنصب في عدد من دول العالم الإسلامي، مثل أندونيسيا وباكستان وبنغلادش وغيرها. الأمية أصل البلاء ماذا تطلبين من المرأة المصرية والعربية؟ - أطلب منها ببساطة، أن تقوم بواجباتها تجاه أسرتها الصغيرة، أي عائلتها، وأسرتها الكبيرة، أيّ مجتمعها... ليكون لها الدور الفاعل في بناء الوطن. لو كانت لديكِ عصا سحرية، أيّ واقع تغيّرين؟ - الأميّة، لأنها السبب في تأخّرنا. إنّها أصل البلاء. معلوم أنكِ لا تحبذين استخدام لقب "السيدة الأولى" وتفضلين الاكتفاء ب"السيدة سوزان مبارك"، ما السبب وراء ذلك؟ ألا ترين في ذلك تبعية أنثوية لمنصب الرئاسة؟ - تضحك قبل أن تجيب عندي حساسية على لقب "السيدة الأولى"، فهو لقب مستورد وغريب عن مجتمعاتنا العربية. وأفضّل استخدام اسمي أو "عقيلة الرئيس" و"خلاص". اللقب لا يشعرني بالراحة... "إيه يعني السيدة الأولى"؟ لا شيء على الإطلاق. ما هي إيجابيات أن تكون المرأة عقيلة رئيس الجمهورية؟ وماذا عن الصعوبات؟ - الإيجابيات هي في فرص التغيير، والصعوبات تكمن في المسؤوليات الكبيرة التي تلقى على عاتق المرأة في هذا الموقع، إضافة إلى غياب الخصوصية: ليس لديّ حرية تحرّك ولا حرية، وحياتي لم تعد ملكي، إنها ملك للآخرين، ساعاتها ودقائقها مبرمجة من الصباح وحتى المساء على الأوراق. هذه الأوراق التي أعيش معها ليلاً ونهاراً، أمشي وترافقني في كلّ اجتماعاتي وجلساتي وحتى في أوقات الراحة القليلة التي أفوز بها. لا وقت للاستمتاع بنزهة أو جلسة هادئة. وصار العمل نفسه متعتي الأساسية، خصوصاً انه بات يثمر إنجازات تزيدني حماسة يوماً بعد يوم. يبدو أنكِ تمضين جلّ وقتك مع الأوراق؟ - أمضي معظم أوقاتي مع الورق، هذا صحيح! وبتّ أستخدم النظارات الطبّية للقراءة، لكثرة ما قرأت. ومن عاداتي أن أسطّر الأفكار التي تعجبني على الأوراق، وأضع نجمة إلى يمين الفقرات المهمّة، وأرسم دائرة حول الأفكار التي لا أشكّك فيها. وهكذا أحفظ ما في أوراقي عن ظهر قلب. أخبرينا أكثر عن أوقات الراحة القليلة التي تحظين بها، هل تخصّصينها للعائلة؟ - هناك أوقات أسترقها في فترة بعد الظهر لتناول طعام الغداء مع "الريّس" إذا سمح وقته بذلك، وينضمّ إلينا حفيدانا محمد وعمرو لنجتمع على غداء عائلي سريع بمن حَضر... فجمال وعلاء مشاغلهما كثيرة لا تسمح لهما بتناول الغداء معنا في انتظام... كبرت العائلة وكثُرت المشاغل. تفاصيل صغيرة عن "الهانم الكبيرة" هل لكِ أن تصفي لنا يوماً نموذجياً في حياة السيدة الأولى؟ كيف يبدأ نهاركِ وكيف ينتهي؟ - أستيقظ عند الساعة السابعة والنصف صباحاً، يكون "الريّس" قد استيقظ قبلي عند السادسة وانطلق إلى عمله. أتناول كوباً من الشاي وألقي نظرة سريعة على جدول أعمال اليوم، ثم أبدأ العمل منذ العاشرة والنصف صباحاً، النشاطات والاجتماعات والاستقبالات حتى الثالثة بعد الظهر. ثم أستأنف بعد الساعة السادسة اجتماعات مجالس الإدارة والاستقبالات حتى الساعة العاشرة والنصف ليلاً، وعند الحادية عشرة أخلد إلى النوم. ما هو آخر ما تقومين به مساء قبل الخلود إلى النوم؟ - مساء أجلس مع "الريّس" في غرفة الجلوس، نتحدث ونشاهد آخر النشرات الإخبارية. ما هو أصعب موقف تعرّضتِ له في مهماتك كسيدة أولى؟ - عندما تصلكِ رسالة من والد يقول فيها ان ابنه يحتاج عملية زرع كبد كلفتها 250 ألف جنيه مصري، ولا يستطيع أن يؤمن له المبلغ، أو تزورين الأطفال المعوّقين وتتعرفين عن كثب على مشكلاتهم واحتياجاتهم... هذه مواقف إنسانية تهزّ وجداني. باختصار حاجاتنا على المستوى الصحّي هي أكثر ما يهزّني. من هنّ صديقاتكِ من الملكات والسيدات الأول العربيات؟ - تربطني علاقات وطيدة وحميمة بالشيخة فاطمة عقيلة رئيس الامارات الشيخ زايد بن سلطان، والشيخة سبيكة عقيلة ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى، والملكة رانيا العبدالله، والسيدة أسماء الأسد عقيلة الرئيس السوري، والسيدة ليلى بن علي عقيلة الرئيس التونسي، والسيدة اندريه لحود عقيلة الرئيس اللبناني وغيرهن، ولا يخفى على أحد ان هذه الصداقات تسهم في دفع القضايا قدماً وتجاوز الشكليات في كثير من الأحيان... ماذا عن الجيل الجديد من الملكات والسيدات الأول: الملكة رانيا والسيدة أسماء الأسد؟ - جيل جديد مثقف، له إضافات وإسهامات عدة في مجال التنمية التي يهتمّ بدعمها، وستكون له بصمات مستقبلية واضحة في مجالات أخرى عدة. هل فكرتِ أو تفكرين في كتابة مذكراتكِ في القصر الجمهوري؟ - أفكّر يومياً في هذا الموضوع، لكنني لا أملك الوقت لذلك. المذكرات تحتاج مزاجاً معيّناً وتأمّلاً في الماضي والدفاتر القديمة، وأنا لا أملك الوقت لذلك. ما هي النصيحة التي أُسديت إليك بعدما صرت سيدة أولى؟ ومن الذي أسداها إليك؟ - ليست هناك نصيحة محدّدة. منذ تسلّم "الريّس" سدّة الرئاسة، وأنا أتبع منهجاً رسمته لنفسي في العمل الاجتماعي ينبع من إيماني بدوري وواجبي تجاه موقعي وتجاه مصر. ألم يسدِ لكِ أقرباء أو أصدقاء نصيحة شخصية أو عائلية، "خلّي بالِك من الريّس" مثلاً؟ - تضحك مطولاً قبل أن تجيب بلهجة مصرية محبّبة "أنا مخلّية بالي على طول منّو، من قبل ما يكون ريّس!"... لا تنسي أننا كنا في خضمّ العمل السياسي قبل أن يصبح حسني مبارك رئيساً للجمهورية، وكنا ندرك تماماً الطريق الذي سنسلكه والتحديات التي تنتظرنا. المهمّ في هذه الوظيفة - أنا أعتبر الرئاسة وظيفة شأنها شأن أيّ وظيفة أخرى - أن يعي المرء حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ويعمل على مساندة قضايا وطنية وإقليمية ملحّة... عندما تعرفين أن اسهامكِ سيحقق نتائج معيّنة في مجال معيّن، يصعب عليكِ أن تجلسي متفرّجة. عليكِ أن تقومي بشيء ما... تقول دانيال ميتران: "ليس بالأمر السهل أن يحمل المرء اسم "ميتران". الناس إما أن يرشقوك بالحجارة، وإما أن يحتفوا بك بحماسة... لكنهم في الحالين لن يصغوا إليك جيداً...". هل خدمكِ اسم "مبارك" في نضالكِ الإنساني والاجتماعي، وهل حصل العكس في بعض المرات؟ - في وظيفتي كسيدة أولى، فتح لي اسم "مبارك" أبواباً كثيرة ساعدتني في القيام بواجباتي وإطلاق مشاريع اجتماعية بزخم أكبر. وأعترف بأن من دون اسمي، لما كنتُ حققت ما حققته في مجالات إنمائية كثيرة. الواقع انني عرفتُ كيف أستغلّ اسم "مبارك" لمساعدة الآخرين ودعم قضايا وطنية وعربية. لو لم تكوني سيدة أولى، أيّ مسار كنتِ سترسمين لحياتكِ المهنية؟ - كنت سأعمل أيضاً في المجال الاجتماعي، فقد بدأت العمل التطوعي قبل أن أكون سيدة أولى، من خلال جمعية "الرعاية المتكاملة" التي أنشأتها. أنا مؤمنة بعمل الجمعيات غير الحكومية، لأنه نابع من حماسة داخلية وإيمان شخصي بقضية معيّنة. والمجالان العلميان اللذان تخصصت فيهما، أي العلوم السياسية وعلم الاجتماع، يصبّان في هذا الاتجاه. أم للمصريين جميعاً أيّ دور هو الأحبّ إلى قلب السيدة مبارك: دور السيدة الأولى، أم الزوجة، أم الأم، أم الجدّة؟ - دور الأم هو الأحبّ إلى قلبي، ولا ننسى ان الجدّة هي أمّ ثانية للأحفاد. وأكثر لقب أعتزّ به هو "ماما سوزان". قلبي يرقص فرحاً عندما ينادونني في الشارع "يا ماما سوزان، يا ماما سوزان". فأنا بحكم وظيفتي، أم للمصريين جميعاً. مَن مِن ولديكِ جمال وعلاء يشبهكِ، ومن يشبه الرئيس أكثر؟ - هما مزيج مني ومن والدهما. لعب جمال دوراً مهمّاً في إقرار مشروع الجنسية المصرية لأبناء الأم المتزوجة من غير المصري، هل جاء ذلك نتيجة تأثّره بنضالكِ في هذا المجال؟ - لا أستطيع القول إن لجمال الدور الأهمّ في قانون الجنسية المصرية لأبناء الأم المتزوجة من غير المصري. هذا المشروع موجود على أجندة العمل منذ 20 عاماً، إلى أن تبنّاه الحزب وعمل على الإسراع في إقراره. والحزب ليس جمال وحده، كما ان جمال ليس الحزب. ماذا عن تأثيركِ في جمال وعلاء لجهة دعمهما قضايا المرأة؟ - طبعاً هما متأثران بنضالي في هذا المجال. لكن الحقّ يقال إن إنشاء "المجلس القومي للمرأة" في مصر اعتراف من رئيس الجمهورية نفسه، وكل الهيئات التنفيذية، بأهمية قضايا المرأة وضرورة تسليط الضوء عليها لمعالجتها. هذا يعني ان الجميع بمن فيهم "الريّس" نفسه متأثر بما نقوم به. هل يمكن أن تلجئي إلى الرئيس مباشرة وبصفة شخصية، في حال تمّت عرقلة إقرار مشروع قانون أو التأخير في استحقاق معيّن؟ - طبعاً ألجأ إليه، وأنقل له رأي المجلس فأقول له: "هناك مشكلة معيّنة في إقرار هذا القانون، أرجو منك أن تتابعها من أجلنا". وهو في حال اقتنع بطلبي، يحاول أن يجري الاتصال اللازم، وإذا لم يقتنع يقول "خلاص انسيه". هل تتدخلين في تربية حفيديكما؟ - نعم، والحمدلله ان أسلوبنا أنا و"الريّس" في تربية حفيدينا هو نفسه أسلوب علاء وزوجته. الصحّ لنا هو صحّ لهما أيضاً، والعكس صحيح. ماذا يناديكِ حفيداكِ؟ - "نانا". هل تتصلين على جهاز "موبايل" الرئيس نهاراً للاطمئنان عليه؟ - كلا، فأنا لا أملك جهاز "موبايل" أصلاً ولا أحبّه ولا أحتاجه... "أعمل فيه إيه؟ ومين اللي حيكلمني عليه". "الموبايل" بالنسبة إلي جهاز مزعج. وماذا عن الرئيس؟ - "الريّس" يملك "موبايلاً" شخصياً غالباً ما يظلّ مقفلاً، يشغّله فقط عندما يكون علاء أو جمال مسافرين، للاطمئنان عليهما. ولكن لا أحد يهاتف "الريّس" على "الموبايل". هل تتبادلين الهدايا والرئيس في المناسبات؟ - طبعاً. ما هي آخر هدية تلقيتها منه؟ - ساعة حلوة لغرفة النوم أضعها إلى جانب السرير، وقلتُ له: "أنا ناقصة تفكرني بالوقت، ما تخلّي الوقت يعدّي على خير"... تضحك. الريّس ما سمعش الكلام! السيدة الأولى، هل تخاف، تقلق، تبكي شأنها شأن أيّ امرأة أخرى؟ - نحن أسرة عادية جداً نعيش حياة أسرية تشبه حياة أيّ أسرة مصرية أخرى، وهي حياة لا علاقة لها بالحياة العامة، الاستثنائيّة، التي نعيشها بحكم مسؤولياتنا الضخمة... فأنا زوجة تقلق على زوجها كأيّ زوجة أخرى، وتخاف على ولديها وحفيديها كأيّ أم وجدة أخرى... أتصل يومياً بزوجة ابني للاطمئنان على حفيديّ محمد وعمرو: هل أكلا جيداً؟ هل ناما جيداً؟ هل عادا من المدرسة؟ نحن أسرة مشاعرها فيّاضة، لأنها أسرة صغيرة ومتماسكة. ما الذي يقلقكِ أكثر؟ - أقلق على "الريّس" من الهموم الداخلية والعربية والشرق أوسطية التي يعيشها يومياً. فتحمّل هذه الأعباء ليس سهلاً على المرء. وأتمنى أن تحلّ هذه المشكلة أو تلك حتى يُنزل عن كاهله بعضاً من هذه الهموم التي تعيش معه وتقضّ مضجعه. إذا شاهدتِ على محطة إخبارية غربية تعليقاً سياسياً من الممكن أن يزعج الرئيس، هل تنقلينه إليه أم تخفين الأمر كي لا تتسبّبي في إزعاجه؟ - من واجبي أن أنقل له التعليق. لكنني سأكون منزعجة بلا شك. في النهاية، هذا هو الثمن الذي ندفعه في المنصب الرئاسي. هناك من يؤيد، وهناك من يعارض. ولكلا الطرفين الحرية في التعبير عن رأيهما. كيف تلقيت خبر الوعكة الأخيرة التي ألمّت بالرئيس؟ - كنت في السرير أعاني الإنفلونزا المصحوبة بحرارة مرتفعة، وكان "الريّس" يعاني أيضاً من الإنفلونزا وحالته الصحية لا تطمّن. وذهلتُ عندما رأيته يستعدّ للخروج في وضعه هذا، فسألته: "إنتَ رايح فين النهار ده؟ إنت تعبان حتنزل فين؟". أجابني: "أنا لازم أنزل، الناس جايين من المحافظات، مش عاوز أعطلهم، أقول كلمتي نصف ساعة وأمشي". لم أكن موافقة على خروجه في حالته الصحية تلك، كذلك جمال وعلاء وطبيبه الشخصي. وطلبنا إليه أن يؤجل نزوله إلى يوم آخر، حتى تتحسن حاله، لكنه رفض... كنت في السرير أتابع "الريّس" في التلفزيون عندما انقطع الإرسال، فاعتقدت انني غيّرت المحطة من طريق الخطأ. وقبل أن أقلق عن سبب انقطاع الإرسال، تلقيت اتصالاً من جمال يطمئنني فيه على صحّة "الريّس"، وما هي إلا دقائق حتى استعاد "الريّس" عافيته وتابع إلقاء كلمته. ولكن الحقّ يُقال انه كان يوماً صعباً و"الريّس ما سمعش الكلام!". هل تخافين على الرئيس من مخاطر السياسة؟ - نحن عائلة مؤمنة، ونسلّم أمرنا لله. وربّنا هو الحارس والحامي. أفضّل ألا أفكّر كثيراً في الموضوع. وهل تخافين على جمال وعلاء من زواريب السياسة؟ - القلق موجود، أقلق شأني شأن أيّ أمّ أخرى تقلق على أولادها. فالسياسة ليست مجالاً سهلاً. هل عارضتِ دخول جمال وعلاء المجال السياسي؟ - لنقل إنني لم أكن أحبّذ دخولهما هذا المجال يكفينا ما عانيناه من السياسة، وما ضحينا به من أجلها. هل تستمعين إلى الموسيقى؟ - أستمع إلى موسيقى جيلي: عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب، طبعاً عندما يتوافر لدي الوقت. فأنا أحبّ عندما أستمع إلى أغنية معيّنة أن أصغي إليها بكلّ جوارحي. ولا يمكنني أن أعمل وأستمع في الوقت نفسه إلى أغنية لعبد الحليم مثلاً، فأنا لا أملك القدرة على التركيز على أمرين في الوقت نفسه. أفضّل أن أعمل على أنغام موسيقى كلاسيكية ناعمة وخافتة. هل أنتِ مدمنة على قراءة الصحف يومياً؟ وكيف تطالعين الصحيفة في العادة؟ - أطّلع يومياً على عناوين الصحف في الصفحة الأولى، ثم أنتقل مباشرة إلى الصفحة الأخيرة، وبعد ذلك أنتقل إلى الصفحات الداخلية. هل لديكِ ميول فنية؟ - أحبّ الرسم والمسرح والأوبرا والباليه... لكنني لا أجيد أيّاً منها. لديّ عين وأذن ناقدتان، وأجيد تذوّق هذه الفنون الراقية. أحلام مؤجلة هل لديك أحلام شخصية مؤجلة؟ - أحلم بإجازة عائلية مع "الريّس" وجمال وعلاء وعائلته، نمضيها في منطقة جبلية بعيداً من الأوراق والالتزامات والمسؤوليات والتليفونات. هل هناك كلام ترغبين في توجيهه إلى الرئيس ولا تجدين الوقت لذلك؟ - أريد أن أقول له: "بالراحة يا "ريّس" على نفسك، خدها "إيزي" شوية... لأن العمر جري، والوقت جري، والمشاكل وخدانا..." فنحن لا نستطيع أن نتحدث معاً لمدة عشر دقائق من دون مداخلات عبر الهاتف أو من خلال المساعدين. لن تصدقي: لا يمكننا أن نجلس مع أنفسنا دقائق معدودة، وهذا يخلق توتراً نفسياً مع الوقت. هاتف المنزل لا يتوقف عن الرنين، ولدينا في البيت أربعة خطوط هاتفية. أجريَ الحوار بالاشتراك مع الشقيقة "لها"، وينشر في العدد الجديد من المجلّة الذي يصدر الأربعاء المقبل.