الفرصة المؤكدة و مغامرة الريادة في كفتي ميزان    أغرب القوانين اليابانية    أخضر الشاطئية يتغلّب على الصين في ختام بطولة كأس نيوم الدولية    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    مهرجان الزهور أيقونة الجمال والبيئة في قلب القصيم    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    «مَلَكية العلا»: منع المناورات والقيادة غير المنتظمة في الغطاء النباتي    سعرها 48 مليون دولار.. امرأة تزين صدرها ب500 ماسة    «مزحة برزحة».. هل تورط ترمب ب«إيلون ماسك» ؟    أكثر من 92 ألف طالب وطالبة في مدارس تعليم محايل    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهة أندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    منتخبنا فوق الجميع    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    عروض ترفيهية    المملكة تستعرض إنجازاتها لاستدامة وكفاءة الطاقة    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    ضبط أكثر من 20 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    إشادة سعودية – فرنسية بتقدم مشروع «فيلا الحجر»    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    عمق إنساني    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    ألوان الأرصفة ودلالاتها    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    ابنتي التي غيّبها الموت..    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تحاور المؤتمر والاشتراكي والاصلاح . ماذا دار في صلالة بين علي صالح والبيض ؟
نشر في الحياة يوم 18 - 04 - 1994

بدأت تتكشّف الخلفيات والدوافع والأهداف الحقيقية للقاء صلالة بين الرئيس اليمني الفريق علي عبدالله صالح ونائب الرئيس السيد علي سالم البيض، وتكشف عن لقاء ثالث أصبح شبه مفروغ من اقراره المبدئي، بدليل ان المشاورات الجارية تنحصر بموضع اللقاء وموضوعه وان كان هذا الاقرار ما يزال محصوراً بجانب واحد تقريباً.
هذه النقطة بالذات تمثل واحداً من أبرز العناصر التي ميزت مسار الأزمة باتجاه مختلف نسبياً عن سابقه، من خلال تطورات الأسبوعين الاخيرين خصوصاً، وانعكست بظلالها وأبعادها وإشاراتها على هذه التطورات المتلاحقة والسريعة في تفاعل متبادل كشف أو أكد أو بلور بعضاً من الملامح العامة لما طرأ من تغيير على مسار الأزمة وبخاصة في جانبين:
الأول - ان الخلاف بين طرفيه الرئيسيين على تنفيذ "وثيقة العهد والاتفاق" بدأ في الفترة الاخيرة، يتحرك عبر خطوات تنتقل بالخلاف من القضايا الكبيرة الى ما دونها، في الاتجاه الايجابي نحو الوفاق أو الاتفاق الجزئي.
ومن التفاتة سريعة الى الوراء يلاحظ مثلاً تدرج الخلاف عبر الخطوات الآتية:
1 - منذ اعلان "وثيقة العهد والاتفاق" 18 كانون الثاني/ يناير الماضي وما بعد توقيعها في عمان 20 شباط/ فبراير وحتى العشرين من آذار مارس الماضي، ظل كلا الطرفين يؤكد موافقته على الوثيقة والتزامه بتنفيذها. وظل الخلاف قائماً على الخطوات الأولى للتنفيذ. فقيادة الحزب الاشتراكي في عدن تطلب من المؤتمر الشعبي العام في صنعاء ان يبدأ بتنفيذ القسم الأول من الوثيقة، وهو ما يتعلق بالجانب الأمني، ليؤكد المؤتمر صدقيته في التنفيذ، على حد تعبير الاشتراكي. وخلال الفترة الماضية، اقترح السيد علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي ان يعمل كل طرف من جانبه على تنفيذ الوثيقة في حدود ما يستطيع، وان الاشتراكي سيعمل على تنفيذها في حدود ما تطاله يده.
2 - ظل المؤتمر الشعبي العام بقيادة الفريق علي عبدالله صالح متمسكاً بموقفه الذي يتلخص في ان تنفيذ الوثيقة هو مسؤولية المؤسسات الدستورية في الدولة، بدءاً من الحكومة كما تنص عليه الوثيقة. وبالتالي فان الخطوة الأولى هي التئام هذه المؤسسات بعودة جناح الاشتراكي الى مواقعه فيها.
3 - في هذه الاثناء كان الاشتراكي يشير الى موافقته الضمنية على الالتئام خصوصاً في مشروع برنامجه الذي حدد أن يبدأ مجلس الوزراء اجتماعاته، ولكن في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، في البداية.
4 - لجنة الحوار أقرت في اجتماعها في 22 آذار الماضي بأن تنعقد اجتماعات مجلس الوزراء في عدن ثم في تعز فصنعاء، وان يجتمع مجلس الرئاسة في صنعاء ويحضره السيد سالم صالح محمد، عضو مجلس الرئاسة الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي. وهنا اتفق على الخطوات الأولى وعلى التئام المؤسسات الدستورية، بما فيها مجلس الرئاسة، وان تأخر حضور سالم صالح عن اجتماعه في صنعاء في 5 آذار الجاري. الا انه اكد من ناحية، وقيادة الاشتراكي من ناحية اخرى، ما يعني ان تأخر حضوره يعود الى اسباب فنية وليس الى رأي أو موقف سياسي.
الثاني - اعتبر الطرفان ان التزام تنفيذ قرارات لجنة الحوار لتحقيق الالتئام، وقرارات مجلس الوزراء لتنفيذ الوثيقة أمر مفروغ منه، بما في ذلك وقف التداعيات الاعلامية وانسحاب الوحدات العسكرية مما كان يسمى الاطراف الى ما كانت قبل الازمة.
بدأت في 19 آب/ أغسطس 1993. وانتقل الخلاف عبر خط جانبي خارج لجنة الحوار ومجلس الوزراء وقراراتهما الى اقتراحين استثنائيين، طرحهما الاشتراكي: الأول نقل العاصمة من صنعاء الى تعز. ثم تبلور هذا الاقتراح - في طرح الحزب - الى اتخاذ تعز عاصمة موقتة لتنفيذ الوثيقة. والثاني سحب القوات سواء في ما كان يسمى الاطراف او غيرها الى مواقعها قبل الوحدة.
وهاتان النقطتان، أصبحتا في حكم المفروغ منهما، سواء لأن المؤتمر الشعبي العام لم يوافق على أي منهما محتجاً على الأولى بالدستور، وعلى الثانية بقرارات كل من لجنة الحوار ومجلس الوزراء واللجنة العسكرية. وبوثيقة التفويض التي وقّعها الرئيس والنائب الى اللجنة العسكرية، في 27 شباط الماضي، وتنص على سحب القوات العسكرية الى مواقعها قبل 19 آب 1993، وكذلك لأن الاشتراكي ترك الأولى شبه معلقة او مفروغاً منها. ونفى بعض قادته نسبة الثانية اليه.
نتائج أولى
هذه العودة السريعة الى الوراء تكشف شيئين: أولهما ان تحسناً نسبياً مثيراً للشكوك، بحسب تعبير قيادي في المعارضة طرأ فجأة، على العلاقة بين قيادتي الحزبين الكبيرين المؤتمر والاشتراكي، منذ اواخر آذار الماضي تقريباً، تمثل عموماً في انتقال الخلاف بينهما من القضايا الأساسية الى النقاط أو المقترحات الفرعية او الجانبية. وفي انخفاض حدة الخلاف على النقاط التي لا تزال قائمة. وثانيهما ان لقاء صلالة جاء في هذه الاجواء الهادئة والغامضة. واستطاع في الدرجة الأولى ان يحقق اعادة فتح قنوات الاتصال المباشر بين الرئيس والنائب في صورة هي الأولى بهذه الصفة، منذ بداية الازمة. ويتأكد هذا، من مجمل التطورات والتصريحات التي تلت لقاء صلالة، في 3 الجاري. ومنها:
- ما تضمنته التصريحات من اشارات غير مباشرة، مثل الذي قاله الرئيس علي عبدالله صالح في حوار مفتوح أجرته معه اذاعة لندن مساء 7 الجاري، عن الانفجار العسكري من جانب معسكر باصهيب في ذمار، بأنه اصدر أوامره بعدم الرد على القصف، واتصل باللجنة العسكرية، وأجرى اتصالات "أنا والأخ علي سالم البيض"، لمنع التداعيات. وهذا يشير بوضوح الى أن موقفهما من الحادث كان موحداً ولم يكونا فيه طرفين. وفي الحوار نفسه، اكد الرئيس علي عبدالله صالح ان لقاء صلالة "كان ايجابياً على المستوى الشخصي ولم يكن كذلك على صعيد الأزمة". ومن هنا فان ايجابية اللقاء على المستوى الشخصي، تعتبر تقدماً واضحاً في تحسّن العلاقة بينهما مقارنة بما كان عليه الحال منذ بداية الازمة. اذ فشلت كل المحاولات للجمع بينهما، وحتى في لقاء العاصمة الأردنية عمان، وما خيم على اللقاء ونتج منه. وهذا التحسن، جاء في تصريح وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية السيد يوسف بن علوي، اضافة الى تصريح أدلى به الدكتور ياسين سعيد نعمان، عضو المكتب السياسي للاشتراكي ومرافق البيض الى لقاء صلالة، والذي نفى ما أشيع عن فشل اللقاء مؤكداً انه حقق تقريب وجهات النظر وتطبيع العلاقات على طريق تنفيذ "وثيقة العهد والاتفاق".
- يضاف الى هذا، ما نقل عن مصادر في المؤتمر والاشتراكي ان نائب رئيس مجلس الرئاسة قرر بعد لقاء صلالة العودة الى عدن، ملغياً زيارة كان سيقوم بها للقاهرة ضمن الجولة نفسها. وأنه بعد عودته الى عدن، اتصل بالرئيس صالح ليطلعه ويحظى بموافقته على سفر السيد سالم صالح في جولته التي زار فيها كلاً من جدة والقاهرة ودمشق وعمّان 6 الجاري. وتؤكد مصادر صحافية ذلك ملاحظة ان أياً من قيادات المؤتمر الشعبي وصحفه لم تنتقد هذه الجولة، كما كان سيحدث لو لم يكن هناك وفاق عليها.
ويندرج ضمن هذا الاطار ما أعلنه أعضاء في لجنة الحوار من انتقادهم ما يجري بين اطراف الائتلاف من اتفاقات خارج اللجنة ومن دون علمها أو اشراكها فيه. وجاء في بيان اصدره "التكتل الوطني للمعارضة" احزابه الخمسة ممثلة في لجنة الحوار ان مجلس الوزراء أراد "ان ينتهك بنود الوثيقة خصوصاً تشكيل اللجنة الوطنية للتعديلات الدستورية. وشعرنا صباح الاثنين 4 نيسان أبريل 1994 بأن حزب الاصلاح، اعاد الامور كلها الى مجلس الوزراء لينزع بذلك قرار تشكيل اللجنة الوطنية للتعديلات". وأضاف البيان: "وظهر لنا يوم الاثنين، انهم يديرون اتفاقات خارج لجنة الحوار، داخل الوطن وخارجه. ويهددون البلاد بأسوأ العواقب في حال فشل جولتهم الجديدة".
التيار المضاد... والقنوات
هذه العناصر ونظائرها، بما تتضمنه من مؤشرات تكشف بكثير من الوضوح، ما نتج عن لقاء صلالة، من اعادة لفتح قنوات الاتصال المباشر بين قيادتي الحزبين، أو بين الرئيس والنائب بالذات. كما يلاحظ في هذا الصدد ان قادة وصحفاً من الحزبين، بدأت تحوّل التهم المتبادلة في ما بينها، الى طرف ثالث، يعمل لمنع حصول تقارب بين القيادتين، ولتأجيج الخلاف وتصعيد الازمة، كلما هدأت او أوشكت أن تهدأ. ولم يحدد أي من الجانبين شيئاً عن عناصر أو مواقع هذا الطرف الثالث. الا أنه يفهم من مجمل الخطاب انه يتكون من عناصر داخل احزاب الائتلاف وخارجها تحتل مواقع وامكانات تؤهلها لأداء دورها في الاتجاه المضاد. كما تصف هذا الطرف الثالث بأنه عناصر ممن يرون في الوحدة والوفاق وقيام دولة قوية خطراً على مراكزهم ومصالحهم. وكانت الحملات الاعلامية المتبادلة بين المؤتمر والحزب، عبر ماضي الازمة، تبادلت كشف اسماء ومواقع مجاميع قيادية أو مقربة في كلا الحزبين من عناصر هذا التيار المضاد، حسب تعبير كليهما.
في أية حال، ان هذا التيار وعناصره، ليس الحدث أو الحديث الملح الذي تركز عليه حالياً الأوساط السياسية في اليمن. لكنه لقاء صلالة وما أبرزه من بوادر وظواهر مفاجئة، وما أثاره من توقعات وطرحه من تساؤلات تضجّ بها ساحة الغموض الذي لا يزال يكتنف هذا اللقاء، خصوصاً في أهم جوانبه العامة، وهي: دوافعه وموضوعه وغاياته. اذ ان القول انه فشل في تحقيق الوفاق، او فشل في جانب ونجح في آخر، أو كان ايجابياً على المستوى الشخصي وسلبياً في الجانب السياسي، لم يساعد في تفسير اللقاء او التعتيم عليه، بقدر ما ساعد على اثارته بحيوية تزداد تبعاً لازدياد التوقعات التي تطرحها الظروف والتطورات المحيطة باللقاء، وتبعاً لانتشار كثير من المعلومات والحكايات المتبادلة بين الأوساط اليمنية السياسية وغيرها، مما تختلط فيها الحقائق بالاشاعات والوقائع بالتوقعات، الا انها في مجملها، تفرز مؤشرات عامة، منها:
- ان لقاء صلالة نجح في جوانب محددة منها اعادة فتح قنوات الاتصال المباشر بين الجانبين.
- ان مرحلة جديدة بدأت بالفعل في العلاقة بين الحزبين الكبيرين.
- بالتالي، ان هذا يعني ظهور تغيير على مسار الازمة ومنهج الحوار.
"الوسط" اجرت اتصالات وحوارات، مع شخصيات من الاطراف السياسية المختلفة تناولت خصوصاً لقاء صلالة من جوانبه الرئيسية الثلاثة: الدوافع والموضوع والأهداف، في اطار الأزمة وأطرافها وعناصر الحوار والجهود العربية في اتجاه الوساطة لحل الخلاف ومعالجة الازمة وتنفيذ وثيقة الوفاق. وأمكنها أن تخرج بحصيلة من التصريحات والحوارات كشفت كثيراً من جوانب الموضوع، وتضمنت معلومات وآراء تنشر كما أكدت مصادرها للمرة الأولى.
وحرصت "الوسط" على ان تضع هذه التصريحات والاحاديث كما جاءت من مصادرها، من دون التصرف في شيء منها، خارج نطاق الترتيب الموضوعي للحديث، ضمن المحاور السياسية الرئيسية الثلاثة للأزمة، وهي لجنة الحوار بما فيها احزاب المعارضة، وطرفا الخلاف في أحزاب الائتلاف الحاكم. وهنا يبدأ الحوار من لجنة الحوار.
محمد المتوكل
ليس هناك حتى الآن رأي أو رؤية محددة موحدة لأعضاء لجنة الحوار تجاه لقاء صلالة وخلفياته وغاياته في شكل مفصّل، الا ان معظم اعضائها يكادون يلتقون في رؤيتهم العامة للقاء، على عناصر ثلاثة، هي: ان اللقاء نجح في وضع اسس رئيسية للوفاق الموقت، وان نتائجه اتاحت فرصاً للاتصال المباشر بين طرفيه يُتوقع ان ينعكس بشيء من التهميش على دور اللجنة، اضافة الى ما يترتب على اللقاء من تعديل في أولويات "وثيقة العهد والاتفاق".
وبالتالي، "يبدو ان المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي سينظران الى لجنة الحوار بفتور. الا اذا قامت اللجنة بأداء دور المُخرِج لما تم في صلالة"، كما يقول الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، عضو لجنة الحوار مستقل. وأضاف في حديثه الى "الوسط"، "ما تم في صلالة لا يريدون المؤتمر والاشتراكي اعلانه الآن. لأنهم يريدون أولاً ان يعيدوا ترتيب أوراقهم قبل ان يعلنوا المفاجأة وهم غير مهيئين لاعلانها على مستوى الخارج والداخل".
وكيف تتصورون التهيئة؟
- قد بدأت بالفعل. فبالنسبة الى الخارج سافر الأخ سالم صالح محمد، في جولته الى جدة والقاهرة ودمشق لهذا الغرض، بعدما استأذن له النائب علي سالم البيض من الرئيس. وفي الداخل يعيد الحزبان ترتيب الأوراق في ما بينهما من ناحية، وبينهما وبين شريكهما في الائتلاف الاصلاح، من ناحية اخرى. لأن الاصلاح ربما أحسّ بأنه خارج الاتفاق وانه مطالب بتنازلات يصعب الآن تحديد شيء منها. وما حدث في ذمار القصف من معسكر باصهيب ربما كانت له علاقة بلقاء صلالة.
كيف؟
- قلت للمهندس حيدر العطاس رئيس الوزراء: هل ما حدث في ذمار جزء من اتفاق صلالة؟ فرد الأخ جارالله عمر: بل هو رد فعل له.
وماذا ترون تم في اللقاء؟
- لا نستطيع الآن ان نقول شيئاً محدداً. الا انه بدأ بفتح قنوات الاتصال بين الاثنين الرئيس ونائبه. وهذا لا يمكن ان يتم الا في اطار اتفاق لترتيب العلاقات بينهما ترتيباً أفضل، لأن لقاء استمر ثلاث ساعات لا يمكن ان ينحصر بالحديث عن العواطف والعلاقات الشخصية.
ترى أوساط من المعارضة انه اتفاق يعني الالتفاف على "وثيقة العهد والاتفاق"؟
- انه اتفاق، نعم، لكنه لا يعني التفافاً على الوثيقة. وإنما قد يعني تحديد بعض الأولويات فيها، مثل اعادة النظر في اختصاصات الرئاسة. ومثل ما يتعلق بالقوات المسلحة، وهي النقطة ذات الطابع الحساس. فالمؤتمر يشعر بالحرج عند اخلاء المدن من القوات المسلحة، والاشتراكي يشعر بالحرج عند دمج القوات المسلحة واعادة تموضعها، وإغفال الحكم المحلي.
ما رأيكم في ما يقال من ان دافع الاشتراكي الى اللقاء كان امتصاص خلاف حاد في داخله؟
- كانت هناك وجهة نظر داخل الاشتراكي لام أصحابها الامين العام علي سالم البيض على موقفه في لقاء عمّان. وقالوا انه تصرف بطريقة شخصية بينما كان يمثل الحزب، وان هذه الطريقة انعكست على الموقف السياسي وفرضت عليه نوعاً من الركود. وهذا الركود في الموقف السياسي أدى الى النشاط العسكري والاعلامي. وكما علمتُ فان هذا التحرك الأخير الى لقاء صلالة، جاء بقرار من الحزب الاشتراكي لتحريك الموقف السياسي. وعندما قابلنا الرئيس في صنعاء قُبَيْل لقاء صلالة، كان يمهد للموضوع.
كيف تنظرون الى الآثار التي تنعكس على لجنة الحوار، لو تم هذا الاتفاق المحتمل خارجها؟
- ليست هناك مشكلة ان يتم خارج اللجنة. لكن المشكلة، لو تم خارج الوثيقة. وهذا احتمال مستبعد حتى الآن. والاحتمال الوارد، ان يتم على حساب جزء من الوثيقة. لأنهم الحزبين لن يتعايشوا من دون اعادة ترتيب العلاقة بينهما. وأنا قلت للاخوة في الاصلاح: هل بدأتم تستعدون لأن تكونوا جزءاً من القوى خارج الائتلاف، كما كان الاشتراكي، لتكونوا ضمن المعادل السياسي؟ هم الاصلاح كما يبدو، يدرسون هذه الفكرة. ونحن في لجنة الحوار نطرحها بقوة حرصاً على وجود المعادل الذي يمكن ان يشكل ضغطاً سياسياً لتنفيذ الوثيقة الى جانب ما يجب ان يشكله الرأي العام من ضغط في هذا الاتجاه.
عبدالرحمن الجفري
في الجانب المقابل لأحزاب الائتلاف في لجنة الحوار، احزاب "التكتل الوطني للمعارضة" ومن بينها حزب "رابطة ابناء اليمن" الذي طرح تفسيراً مميزاً للقاء صلالة، يتمثل في "ان الاتفاق الذي تم بين الرئيس ونائبه يتمحور حول قيام كونفيديرالية من طراز جديد، لا يعلن عنها مباشرة بل يتم تنفيذها على مراحل متعددة. خصوصاً ان الوضع القائم حالياً، بوجود القيادات الاشتراكية في المناطق الجنوبية، يساعد على ذلك، حتى يتم بعده سحب القوات بهدوء وبالتدرج. ثم يتم تشكيل هيئات قيادية ومؤسساتية على أساس كونفيديرالي وبالتدريج".
هكذا قال حزب الرابطة، على لسان رئيسه السيد عبدالرحمن الجفري الذي أضاف في تصريحه الى "الوسط": "هذا واضح من تدرج المقترحات والوثائق التي طرحها الائتلاف ولا يزال يطرحها". وعلل رأيه وهو عضو في لجنة الحوار بالقول: "عندك مثلاً آلية تنفيذ الوثيقة، وهي حكومة الائتلاف، هل تستطيع تنفيذها؟ طبعاً لا، ليس لأنها عاجزة فقط بل لأنها لو نفذتها تقضي على نفسها".
وكما يبدو، فان صحيفة "رأي" الناطقة باسم حزب الرابطة انطلقت من الانقسام القائم في حكومة الائتلاف، ومما تردد نظرياً عن الفيديرالية والكونفيديرالية، أكثر من انطلاقها من لقاء صلالة. اذ ان كلاً من المؤتمر والاشتراكي ينفيان ان يكون شيء من هذا حدث في صلالة، بل يرفضه كلاهما رفضاً مطلقاً.
ويقول الدكتور عبدالوهاب راوح أحد ممثلي المؤتمر الشعبي في لجنة الحوار: "الى الآن ليس لدينا أكثر مما أعلن، لكن ما يمكن تأكيده هو ان الرئيس لا يقبل مجرد الحوار حول نظام الكونفيديرالية فكيف يمكن طرحها في شكل اتفاق؟". وأضاف في تصريحه الى "الوسط" ان "التوجه في اللقاء كان محاولة لاقناع الرئيس بقضية المبرر الأمني المتمثل في تنفيذ الوثيقة، متوقف على عودة القوات المسلحة الى مواقعها قبل 22 ايار مايو 1990. وهي محاولة لم تؤد الى شيء. لأنها قوبلت برفض مطلق من قبل الرئيس".
الآنسي
والتقت "الوسط" السيد عبدالوهاب الآنسي نائب رئيس الوزراء الأمين العام للتجمع اليمني للاصلاح، عضو لجنة الحوار، وعضو الوفد الذي رافق الرئيس علي عبدالله صالح في زيارته لكل من سلطنة عمان ودولة قطر في 3 الجاري، وأحد المشاركين في لقاء صلالة، وكان الحوار الآتي:
من أين البداية، كيف تم هذا اللقاء؟
- جاء بناء على طلب من قيادة الاشتراكي عندما تحددت زيارة الرئيس لعُمان وقطر. اذ طلبوا من الاشقاء في سلطنة عمان ترتيب اللقاء بين الرئيس ونائبه. ووافق الرئيس على ان تكون هناك أشياء محددة يمكن اللقاء ان يخرج منها بأشياء مفيدة. لكنه لم يخرج بشيء. وكنا رأينا الدكتور ياسين سعيد نعمان والدكتور عبدالعزيز الدالي المرافقين لنائب الرئىس والدكتور عبدالكريم الأرياني وأنا اللجنة الرباعية المكلفة وضع البيان الذي لم يُكتب له ان يصدر عن اللقاء، كنا نريد التوضيح لماذا اختير هذا الأسلوب للقاء، ولكن لم يتم شيء من هذا.
وماذا عن دوافع اللقاء وغاياته؟
- لم يكن لدينا شيء محدد، لأن المبادرة بطلب اللقاء جاءت من الاشتراكي. الا اننا وضعنا تحليلات محتملة، منها مثلاً ما يتعلق بالوثيقة من حيث تهيئة الأجواء لتنفيذها. هذه الأولى، والثانية ما سبق ان طرحه الاشتراكي عن انسحاب القوات المسلحة، والثالثة، انه ربما كان هناك ضغط من الذين لا يريدون الوحدة من اجل ان يقولوا للناس انهم المؤتمر والاشتراكي التقوا في عمّان عابسين وفي صلالة باسمين ولم يحققوا شيئاً. وهذا معناه ان لا حلّ الا الانفصال. والرابعة، كان واضحاً ان الأوضاع بدأت تسير الى الأفضل وبدأت مؤسسات الدولة تلتئم، فربما كان الغرض هو افساد الزيارة وعرقلة مبادرة لجنة الحوار في جانب التئام مجلس الرئاسة.
لا تراجع عن الوثيقة
وماذا دار في اللقاء؟
- كان هناك موضوع انسحاب القوات المسلحة وسبق ان طرحوا من جانبهم الاشتراكي ان تنفذ التوصية - كما يسمونها - المتعلقة بهذا الموضوع، والتي نقلها عنهم المبعوث المصري بدر همام، وهي: سحب القوات مما كان يسمى الأطراف الى ما كانت قبل 22 ايار 90. وكذا الفصل بين القوات التي لا تزال مختلطة. وطبعاً قوبل هذا بالرفض من حيث المبدأ، لأنه تراجع عن الوثيقة واجراء انفصالي. وكانت قناعة الأشقاء العمانيين ان أي عمل انفصالي انما يعني الحرب من دون شك. وأكدنا ان لا تراجع عن الوثيقة. وقلنا ان الوثيقة ليست فلسفة وانما هي برنامج بسيط وواضح. وقال الأستاذ البيض والدكتور ياسين ان الوثيقة اتفق عليها، ولم يكن الوضع أصبح معقداً.
كانت توقعاتنا وتحليلاتنا السابقة للقاء قد تغيرت، بعدما عرفنا ما دار في المؤتمر الصحافي الذي عقدته قيادة الاشتراكي في أبو ظبي وما طرح فيه ان تكون العاصمة مدينة تعز، وعن الجانبين الأمني والعسكري، وحينها أصبحت لدينا قناعة ان لا شيء سيحققه اللقاء. واتضح للأشقاء العمانيين ان في ما طرح نوعاً من المغالطة.
عن الجانب العسكري، وما واجهه اقتراح الاشتراكي من رفض سأل البيض: وكيف نضمن ان نمنع الحرب؟ قال الرئيس: بتنفيذ ما نصت عليه الوثيقة. وأضاف الرئيس في حضور السلطان قابوس: أنا مستعد لأوقع معكم على هذا وأذهب أنا والأخ علي سالم في طائرة واحدة الى قطر لزيارتها ثم نعود معاً الى عدن. وهنا، أيّد السلطان قابوس كلام الرئيس وصوبه. لكن البيض قال: ان الأمور مش مهيأة.
حضرتم في 9 نيسان الجاري في صنعاء اجتماع الرئيس مع المبعوثين المصري السيد صفوت الشريف وزير الاعلام، والاماراتي السيد راشد عبدالله النعيمي وزير الخارجية، وتسلّمه منهما رسالتي الرئيس حسني مبارك والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فماذا دار في الاجتماع عن الجهود العربية لحل الأزمة؟
- في الحقيقة، كان هناك تشويش حول وساطة مصر. ولكن ما قاله ونقله المبعوثان الى الرئيس أزال كل التساؤلات. قال المبعوثان: "هناك ثلاث نقاط، حول الوساطة، جئنا لنبلغكم إياها: الأولى، الوحدة اليمنية، وهذه لا خلاف عليها ولا وساطة حولها. والثانية، وثيقة العهد والاتفاق التي حظيت بإجماع وتأييد سياسي وشعبي وعربي. وهذه أيضاً لا كلام على ضرورة التزامها والعمل على تنفيذها، والثالثة، الأشياء الهامشية، وهذه يمكن الحديث والحوار حولها".
بل ان صفوت الشريف قال: "نحن مكلفون من الرئيس مبارك والشيخ زايد ان نبلغكم ان الوحدة موضوع لا يمكن التفريط به، وان هذا ليس رأينا فقط، وانما هو رأي الحكومات العربية". ورد الرئيس "ونحن نؤكد على هذا، ومستعدون للبحث في أي شيء خارج هذه الثوابت".
جار الله عمر
وظل الحزب الاشتراكي شبه متحفظ عن الحديث المباشر عن لقاء صلالة. وجاء أول توضيح عن اللقاء على لسان أمينه العام السيد البيض حيث قال في حديث عام أمام أحد الوفود الشعبية في 9 الجاري: "ان الغرض من اللقاء كان شيئين: نزع فتيل الحرب وتنفيذ الوثيقة وتوحيد جهود الأشقاء في هذا الاتجاه. ولم يطرح أي شيء يلتف على الوثيقة".
ولتوضيح رأي الاشتراكي وموقفه من كل ما طرح، أجرت "الوسط" حواراً سريعاً مع السيد جارالله عمر، وزير الثقافة، عضو المكتب السياسي للاشتراكي، عضو لجنة الحوار:
كيف تقوّمون لقاء صلالة وانعكاساته على الأزمة ومدى صحة ما نسب الى الاشتراكي من طرح الكونفيديرالية؟
- لقاء صلالة لا تستطيع ان تطلق عليه النجاح والفشل. لكنه كان خطوة مهمة، وينبغي ان نعمل ليظل التواصل قائماً لأنه لحسابنا جميعاً ولحساب اليمن. ويجب ترك الهواجس الأخرى. وأكد الاشتراكي على لسان أمينه العام ضرورة تجنب الحرب وتنفيذ الوثيقة وحماية الوحدة. هذه هي الأشياء المطلوبة. وهذا الحزب الذي يحكي عن الكونفيديرالية هو حزب غير موجود. والحزب الذي يحكي عن الانفصال هو حزب غير موجود اطلاقاً.
وما رأيكم في ما نسب الى بعض قادة الاشتراكي من طلب سحب القوات المسلحة الى مواقع ما قبل الوحدة؟
- أنا ليس لدي علم بأن أحد قادة الاشتراكي طرح هذا، لكنني أقول ان الحزب الاشتراكي يريد تجنب الحرب وتنفيذ الوثيقة لا أقل منها ولا أكثر. وهذا الكلام يقال عن الاشتراكي هو من قبيل الحروب الدعائية التي برع فيها المؤتمر وأخفق فيها الاشتراكي.
وماذا لديكم عن لقاء ثالث، يقال انه سينعقد قريباً بين الرئيس ونائبه؟
- طبعاً، أي لقاء يجب ان يتم، وهذا أمر طبيعي وبديهي، ويجب ان يحضّر له. لكني حتى الآن لم أسمع عن أي لقاء سينعقد.
وما هو موقف الحزب الاشتراكي الآن من موضوع التئام المؤسسات الدستورية للدولة بما فيها مجلس الرئاسة؟
- عملياً، المؤسسات التأمت. وهذا الموضوع ينفذ وهو أمر بديهي، مجلس الوزراء انعقد، ومجلس النواب يؤدي دوره، ومجلس الرئاسة الآمل ان يلتئم قريباً. من حيث المبدأ الحزب لا يعارض، ولكن ينبغي ان تُهيأ الظروف المناسبة.
ترددت في الفترة الأخيرة انباء عن وجود خلافات داخل المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، أدت الى نتائج سلبية، منها استقالة وزير الاسكان محمد سعيد عبدالله من وزارته، واصابة محافظ عدن صالح منصر السييلي ونقله للعلاج في الخارج، كيف توضحون هذا؟
- ما حصل خلاف اداري عادي بين صلاحيات المحافظ ووزير الاسكان على بعض العاملين في هذا المجال، ومن له حق محاسبتهم هل الوزير أم المحافظ؟ وتقدم الوزير باستقالته لكنها لم تُقبل. سمعت وقرأت أخباراً عجيبة ان المحافظ جُرح، وأُسعف للعلاج في الخارج، وان صحيفة … نشرت الخبر، كأنه حادث بالفعل، ونسبته الى مصادر مقربة من الحزب الاشتراكي. والناس يستغربون مثل هذا الكلام، فأنا أؤكد لك ان المحافظ لم يحصل له أي شيء غير طبيعي. وهو موجود هنا في عدن، ويمكن ان يتعرض كغيره، لمتاعب صحية، ويمرض ويسافر للعلاج لكنه لم يتعرض لأي شيء غير طبيعي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.