«الجامعة العربية» : مقترح ترامب بشأن غزة «وصفة» لانعدام الاستقرار    إسرائيل تقتحم منازل في الضفة وتشرّد 3200 عائلة فلسطينية    تحالف شركات مجرية يستعد للاستثمار بالتقنية والرقمنة في المملكة    «دوريات المجاهدين» بالمنطقة الشرقية تقبض على مقيم لترويجه الحشيش    جازان تحصد الذهبي والفضي في جسور التواصل    جلطات الزنجبيل تستنفر الصحة وتحيل مدعي الطب البديل للجهات المختصة    التنافس يشتعل على «هداف الدوري»    واشنطن: العجز التجاري يرتفع.. والواردات لمستوى قياسي    "تكامل" تواصل ريادتها في قطاع التكنولوجيا بمشاركة في مؤتمر ليب التقني 2025    "مكتبة المؤسس" والهيئة الملكية لمحافظة العلا توقعان مذكرة تفاهم    أمير الرياض يتوج الفائزين في مهرجان خادم الحرمين للهجن في نسخته الثانية    سعود بن مشعل يدشّن 179 مشروعًا تعليميًا في جدة ومكة    دار وإعمار: «سرايا الفرسان 2» يحقق مبيعات بقيمة 450 مليون ريال خلال ثلاثة أشهر من إطلاقه    موسم الرياض يرعى حفل الزواج الجماعي ل 300 عريس    طلاب وطالبات جامعة الملك سعود يُتوجون ببطولة الجامعات التنشيطية للبادل    أمانة الشرقية والسجل العقاري يقيمان ورشة رحلة التسجيل العيني للعقار    أمير الشرقية يرعى توقيع اتفاقيات لتعزيز التنمية المستدامة ودعم القطاع غير الربحي    إنطلاق المؤتمر ال 32 لمستجدات الطب الباطني وأمراض الكلى بالخبر    هداية" تحتفي بإنجازاتها لعام 2024.. أكثر من 1500 مسلم جديد خلال العام    سماحة المفتي يستقبل الأمين العام لجمعية رفد لرعاية مرضى زراعة الأعضاء    الدوسري يعلن رغبته في البقاء مع «الأزرق»    "شتانا ريفي" يصل إلى المدينة المنورة ويعرض أجود منتجات الريف السعودي    أمين القصيم يلتقي مستشار معالي رئيس الهيئة السعودية للمياه    محافظ الأحساء يشهد ملتقى "المدن المبدعة" في اليونسكو العالمية    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير البوسنة والهرسك لدى المملكة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية بوروندي بذكرى يوم الوحدة لبلاده    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    خطط أمريكية لسحب القوات من سورية    القبض على مواطن لنقله 3 مخالفين لنظام أمن الحدود    البديوي يؤكد أهمية تفعيل التعاون الأمني بين الجانب الخليجي - الأوروبي    «صحة جازان»: خطط لتطوير القطاع غير الربحي    طالبتان من الطائف يحصلن على المستوى الذهبي وطالبتان تفوزان في مسابقة تحدي الإلقاء للأطفال    مدفوعة برؤية 2030.. 7 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى عالمياً    رابطة العالم الإسلامي تثمِّن عاليًا تأكيد المملكة موقفها الثابت والراسخ من قيام دولة فلسطين وعاصمتها "القدس الشرقية"    مقترح بتحويل «بني حرام» إلى وجهة سياحية وربطها ب «المساجد السبعة» بالمدينة المنورة    الكويت: صدور مرسوم أميري بتعديل وزاري يشمل "الداخلية" و"الدفاع"    الرياض تحتضن «بطولة المملكة المفتوحة» للكيك بوكسينغ.. غداً    السماح للشركات الأجنبية الخاصة ب«الطلب» بنقل الركاب    في ختام الجولة 20 من" يلو".. الباطن يواجه النجمة.. والجندل في ضيافة العربي    الهلال يحدث أرقامه الكبيرة في دوري النخبة الآسيوي    أسترالي يصطحب صندوق قمامة في نزهة    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تطوير التعاون    الاقتصاد السعودي.. أداء قوي واستدامة مالية    تحديث بيانات مقدمي الإفطار الرمضاني بالمسجد النبوي    بيئة حيوية    فريق جرعة عطاء ينظم فعالية للتوعية بمناسبة اليوم العالمي للسرطان    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثاني لطب حديثي الولادة في جازان    وزارة الصحة بالمدينة المنورة تنظم دورة تدريبية للمتطوعين الصحيين    شتان بين القناص ومن ترك (الفلوس)    نصائح عند علاج الكحة المستمرة    تطبيع البشر    بئر بروطة    80 يوما على سقوط المطالبات التجارية    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن : الوجه الآخر لوثيقة الوفاق نظام لا وجود له في العالم
نشر في الحياة يوم 31 - 01 - 1994

من استقراء سريع لمضامين "وثيقة العهد والاتفاق" الصادرة عن لجنة حوار القوى السياسية في اليمن تبرز مؤشرات تعكس ظروف وضع الوثيقة وتستوعب الكثير من التوجسات والبعيد من الاحتمالات، وتتبلور هذه المؤشرات في اطر عامة ثلاثة:
أولاً: الجهة التي وضعت الوثيقة ووقعت عليها، وهي لجنة حوار القوى السياسية التي تشكلت من حوالي ثلاثين عضواً، يمثلون أحزاب الائتلاف الثلاثة المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي والتجمع اليمني للاصلاح ومن أبرز أحزاب المعارضة وشخصياتها المستقلة. ومع هذا فان قوة التمثيل في هذه اللجنة لا تنحصر فقط في أعضائها والشخصيات والأحزاب المتمثلة فيها، بل في كل القوى السياسية اليمنية التي أصبحت ممثلة في لجنة الحوار بحكم الوفاق الوطني على اللجنة ومواضيع الحوار فيها. وهذا يؤكد تلقائياً اجماع القوى السياسية على جملة اشياء:
- اتساع أزمة الخلاف بين أحزاب الائتلاف الى الحد الذي استنفدت فيه قدرتها على تحقيق القدر الكافي من الوفاق على الحوار.
- انعكاس الخلاف بين احزاب الائتلاف، على هيئات وسلطات الدولة وشل قدرتها، ليس فقط، على مواجهة الأزمة بل وحتى قدرتها على أداء مهامها عبر مؤسساتها الرسمية التي ينظمها الدستور والقوانين النافذة التي لم تعد نافذة.
- تحول الدولة الى موضوع الخلاف السياسي وتمحوره في عنصرين، هما: عدم كفاءة الانظمة وتجاوزها في الممارسات.
- الأزمة السياسية لم تكن سياسية بين احزاب الائتلاف بقدر ما كانت فنية وادارية واقتصادية داخل هيئات ومؤسسات الدولة. وهذا ما اكدته في مجملها، "وثيقة العهد والاتفاق" بتركيزها على بناء الدولة واعادة تشكيلها، من دون أن تعطي اهتماماً مباشراً لمسألة الخلاف السياسي المجرد بين الاحزاب.
دستور وعقد تأسيس
ثانياً: ومن شمولية الوثيقة لمعظم أسس وهياكل الدولة وتشريعاتها واختصاصات هيئاتها يتبين انها استوعبت الأسس الرئيسية لبناء الدولة فجاءت في شكل صيغة شاملة لدستور جديد، وتضمنت نصوصاً لا توجد عادة، الا في مشاريع الدساتير وصيغها. ومن هذا، على سبيل المثال، انها نصت على الأسس والمبادئ العامة للدولة اليمنية، ومنها: "1- الاسلام، عقيدة وشريعة. 2- الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر...". "3- الجمهورية اليمنية، دولة عربية اسلامية. واللغة العربية، لغتها الرسمية...". وأنها تضمنت فقرة خاصة بطريقة تعديل الدستور والهيئة التي تضع مشروعات التعديلات. وأقرت العمل بنصوص الدستور حتى يتم تعديله.
تحديد الصلاحيات
وظهرت الوثيقة في شكل وثيقتين: الجزء الأول منها خاص بالاجراءات المتعلقة بمعالجة الأزمة في الجانبين الأمني والعسكري. والجزء الثاني وهو الأكبر يمثل حوالي 80 في المئة صيغة لاعادة تشكيل الدولة من جديد. وهذا الجزء يبدو وكأنه الصيغة التي كان يفترض أن تسبق دولة الوحدة لتقوم على أساسها، لكنه من ناحية أخرى يستبعد أن يتم وضعه سلفاً بهذه الصورة، كونه تأثر كثيراً بأحداث ما بعد الوحدة، وحتى اعلان الوثيقة. ويظهر هذا في استيعاب الوثيقة العميق لتجربة الماضي وتركيزها الشديد على وضع الضوابط والأسس للمستقبل، في ضوء المحاذير والاحتمالات لتكرر أحداث الماضي التي يلاحظ الاحتياط لها في كل مقرات وبنود الوثيقة.
كذلك جاءت الوثيقة أشبه ب "عقد تأسيس" لبناء الدولة اليمنية، من حيث الوفاق السياسي على اللجنة التي تولت وضعها وأن الاطراف المعنية وقعت عليها بشكل جماعي وتكافؤ متساوٍ بين كل الاطراف من دون أن يظهر فيها الحوار قائماً بين جانبين على رغم أن المعادلة في لجنة الحوار، تمثلت في أحزاب الائتلاف من جهة وأحزاب وشخصيات القوى السياسية من الجهة الأخرى. وبأن الجميع التزموا ما جاء في الوثيقة والعمل على تنفيذه، الا انها شرعية سياسية مصدرها الوفاق الوطني بين كل الاطراف، وهي انتقالية تتحول الى شرعية دستورية عبر عملية تنفيذها عندما تصبح نصوصاً في الدستور والقوانين.
ثالثاً: يلاحظ أن الوثيقة جاءت متأثرة بتجربة الحكم خلال الفترة الماضية من دولة الوحدة خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار أن أبعاد التأثر، تخترق تجارب وسنوات الحكم في دولتي ما قبل الوحدة، الا أن تجربة ما بعد الوحدة كانت أكثر تأثيراً في الوثيقة، نظراً الى أن أحداثها لا تزال ماثلة للعيان وممعنة في الواقع بأزمتها التي حققت مدى قياسياً لسلبيات الحكم وتداعيات الاوضاع في ظله في مختلف المجالات بلا استثناء. وبصفة عامة فان أثر الماضي في صيغة الوثيقة يظهر من خلال تركيزها على ثلاثة أهداف عامة.
الهدف الأول: تحجيم صلاحيات الهيئات المركزية في الدولة وقادتها، والحد من سلطاتها لمصلحة هيئات وقيادات أخرى، مرادفة أو مساعدة أو مراقبة. أفصحت الوثيقة عن هذا الهدف في الفقرة التالية: "تقنين العلاقة وتحديد الصلاحيات. تجسيد الدستور والقوانين واللوائح في الممارسة. وتحديد مهام وصلاحيات مجلس الرئاسة ورئيس المجلس ونائبه في ممارسة المهام الدستورية. ويعاد النظر في مهام واختصاصات مكتب مجلس الرئاسة، وفقاً لذلك". ويمكن تركيز أهم الجوانب التي تم فيها تجديد وتحجيم الصلاحيات في أربع هيئات هي:
1- مجلس النواب حيث نصت الوثيقة على انشاء مجلس الشورى، وأن تتمثل الهيئة التشريعية في كلا المجلسين. وحدّت من صلاحيات مجلس النواب بصفة خاصة في الصلاحيات التي خولتها لمجلس الشورى. بصرف النظر عن تولي مجلس الشورى معظم شؤون الحكم المحلي. وهي: ابداء الرأي، في القوانين الأساسية، خصوصاً ما يتعلق منها بشؤون الحكم المحلي، بعد أن يناقشها مجلس النواب، وقبل أن يصدرها مجلس الرئاسة. وابداء الرأي، في الموازنات العامة للدولة وفي الخطط التنموية والاقتصادية والمعاهدات الدولية وقضايا الحدود، قبل اقرارها من مجلس النواب واشتراك مجلس النواب مع مجلس الشورى في انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة.
2- مجلس الرئاسة الذي حدت الوثيقة من صلاحياته في جوانب أهمها:
- لا تزيد مدة العضوية لأعضاء مجلس الرئاسة بمن فيهم الرئيس ونائبه على فترتين انتخابيتين. كانت غير محددة في الدستور.
- لا يجوز لأعضاء مجلس الرئاسة بمن فيهم الرئيس ونائبه أثناء العضوية ممارسة أي عمل حزبي، ولا ينطبق هذا الحكم على أعضاء مجلس الرئاسة الحالي للدورة الحالية.
- ضمن مهام مجلس الرئاسة في الدستور: "توقيع قرارات التعيين والترقية والعزل، لكبار وقادة القوات المسلحة والأمن" مادة 94 بند 9 من الدستور. وهذا النص قيدته الوثيقة في آخره باضافة "... من رتبة عقيد فما فوق، وبعد موافقة مجلس الوزراء".
- "انشاء الرتب العسكرية، أو منح النياشين والأوسمة". مادة 940 بند 11 من الدستور وأضافت الوثيقة الى بداية هذا النص عبارة: "التصديق على قرارات مجلس الوزراء بانشاء..." الخ.
- "الحكومة مسؤولة مسؤولية كاملة وجماعية، أمام مجلس النواب". مادة 105 من الدستور. حذفت الوثيقة من هذا النص، "ومجلس الرئاسة". لتكون الحكومة مسؤولة أمام مجلس النواب فقط.
- تشكيل المحكمة العليا بالانتخاب من قبل مجلس الشورى.
لامركزية الادارة
3- الحكومة، حدّت الوثيقة من صلاحياتها عن طريق انشاء نظام الحكم المحلي في المخاليف القطاعات ولامركزيتها مالياً وادارياً. وقصرت صلاحيات الحكومة على ما يظل مركزياً بشكل عام. اما بشكل خاص فبرز تحديد صلاحيات الحكومة في المسائل الآتية:
- تحويل وزارتي الاعلام والخدمة المدنية شؤون موظفي الدولة، الى مجلسين يتم انتخاب أعضاء كل منهما من قبل مجلس الشورى.
- إلحاق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالهيئة التشريعية الممثلة في كلا من مجلس النواب ومجلس الشورى، بدلاً من تبعيته للحكومة.
4- المؤسسة العسكرية، نصت الوثيقة على انشاء مجلس الأمن القومي الذي "يتكون من مختصين في الشؤون السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية". وأكدت الوثيقة بصفة خاصة:
- كل التشكيلات العسكرية الموجودة خارج المؤسسة العسكرية من القوات المسلحة تُضم الى وزارة الدفاع، ومن الأمن تضم الى وزارة الداخلية.
- تطبيق تحريم الحزبية في أوساط القوات المسلحة والأمن. هاتان النقطتان نص عليهما قانون الدفاع الوطني.
- تحديد مدة بقاء القادة العسكريين في مناصبهم بخمس سنوات.
والهدف الثاني من الأهداف الثلاثة العامة، للوثيقة التي يبدو تركيزها الخاص على كل منها، هو توسيع المشاركة الشعبية في سلطات الدولة. وجاء هذا الهدف ممثلا في هيئات وسلطات الحكم المحلي التي شملت كل هيئات ومؤسسات الدولة تقريباً، باستثناء القليل منها، مثل الدفاع والخارجية.
والهدف الثالث، التخطيط والتنظيم. وظهر تركيز الوثيقة على هذا الهدف بطرق وأساليب عدة منها:
- ان تخضع عملية الاصلاح الاداري لدراسات تبدأ من قواعد النظام ومروراً بالاجراءات العملية وصولاً الى قياس الأداء.
- "الوضوح والبساطة في الأنظمة، لتسهيل فهمها وتطبيقها".
- "انشاء محاكم ادارية متخصصة تبت في المخالفات الادارية".
ردود الفعل
عقب اعلان "وثيقة العهد والاتفاق"، أصدرت قيادات احزاب الائتلاف والاحزاب والمنظمات الاخرى بيانات تؤكد فيها تأييدها للوثيقة والاستعداد للتعاون على تنفيذها والتزامها. ودعا الفريق علي عبدالله صالح رئيس مجلس الرئاسة، كل القوى الى الدفع بالوثيقة نحو التنفيذ. وكانت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي أصدرت بياناً أكدت فيه التزام المؤتمر الوثيقة. وقال السيد علي سالم البيض، نائب رئيس مجلس الرئاسة، أمام الدورة ال 32 للجنة المركزية للحزب الاشتراكي: "ان الثورة البيضاء بدأت في اليمن، وعلينا خوض غمارها، مع كافة الوطنيين اليمنيين". وأكد الاشتراكي التزامه الوثيقة في بيان صدر عن مكتبه السياسي. وجاء في بيان صادر عن اجتماع الهيئة العليا للاصلاح، برئاسة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، انها "ترى ضرورة الاسراع في التوقيع على الوثيقة والتزام المؤسسات الدستورية، لتنفيذ ما تضمنه برنامج الحكومة الائتلافية ووثيقة العهد والاتفاق...".
كما أحدث اعلان الوثيقة، كثيراً من المناقشات والحوارات، وكثيراً من التساؤلات. خصوصاً في ما يتعلق بمسائل منها: التزام أحزاب الائتلاف وقدرتها عملياً على التنفيذ. وما قد تطرحه أحزاب الائتلاف وبعضها من تحفظات ومدى موضوعية وكفاية الفترات الزمنية التي حددتها الوثيقة لتنفيذ محتوياتها، وهل سيعود البيض من عدن الى صنعاء، بعد التوقيع النهائي على الوثيقة؟ وغيرها من التساؤلات. وفي هذا الاطار أجرت "الوسط" حوارات سريعة مع قادة من أحزاب الائتلاف.
تراجع الدولار
هل للمؤتمر الشعبي العام ملاحظات على وثيقة العهد والاتفاق؟
طرحت "الوسط" هذا السؤال، على السيد عبدالعزيز عبدالغني، عضو مجلس الرئاسة، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام فقال:
- نحن في المؤتمر الشعبي العام وافقنا على الوثيقة كما هي. وذلك في أول بيان صدر عن اللجنة العامة عقب اعلان الوثيقة مباشرة. وكانت لنا آراء وملاحظات عليها، طرحناها على اللجنة أثناء الحوار، وقبل التوقيع عليها من الأطراف المشاركة في الحوار. ولكن بعد صدورها، أصبحت ملزمة للجميع.
وكيف تتصورون أولويات التنفيذ؟
- هناك نصوص، منها ما يحتاج الى تعديلات دستورية، ومنها ما يحتاج الى اصدار قوانين او تعديلات أخرى. وبعد اجرائها، يبدأ التطبيق العملي. أما ما لا يحتاج الى تعديلات، فان التنفيذ يفترض أن يبدأ مباشرة، كما جاء في الوثيقة.
ظهر أثر الوثيقة الايجابي، مباشراً على وضع العملة المحلية المتدهور بسبب الأزمة، فالى أي مدى ترون أن هذا الاثر سيستمر ويستقر؟
- أكدت الوثيقة تبني النظام الاقتصادي الحر. ومعروف أن ازدهار واستقرار الاقتصاد عموماً يشترط توفر الأمن والاستقرار، وهذا ما لم يكن موجوداً خلال الأزمة. فكان لا بد من انتهائها لتتهيأ الظروف الملائمة، وحتى يطمئن المواطنون وغيرهم الى حاضر ومستقبل العمل والانتاج والاستثمار. من هنا كانت الوثيقة عامل أمن واطمئنان. وكان أول رد فعل لاعلانها واضحاً في هذا الجانب. فبمجرد اعلانها ارتفع سعر العملة المحلية في مقابل أسعار العملات الصعبة، ما يعني أن ارتفاع سعر الدولار سببه الأزمة. وأنا واثق، انه سيتراجع أكثر بعد التوقيع النهائي على الوثيقة. وبعد أن تتفاعل المؤسسات والأجهزة الحكومية وتعود الى حالتها الطبيعية.
تحفظات الاصلاح
وسألت "الوسط" الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب، رئيس التجمع اليمني للاصلاح، عن مدى وجود تحفظات لحزبه على الوثيقة، فقال: "نحن موافقون على الوثيقة، ووافق ووقع عليها ممثلو التجمع اليمني للاصلاح في لجنة الحوار، ومنهم الأمين العام السيد عبدالوهاب الآنسي. وأضاف "وليس لدي ما أضيفه الى ما جاء في بيان الهيئة العليا، وفيه المطالبة بالاسراع في التوقيع النهائي على الوثيقة لتعود مؤسسات الدولة الى مهامها".
ومن جانبه ألمح السيد عبدالوهاب أحمد الآنسي، نائب رئيس الوزراء، الى وجود تحفظات لحزبه على الوثيقة، بقوله: "نحن شاركنا في الحوار ووافقنا على الوثيقة ووقعنا عليها. ولا يوجد شيء محدد حتى الآن. والالتزام بالوثيقة قائم ما فيه كلام. وهناك اشياء طرحها الاصلاح هي عبارة عن آراء لتؤخذ في الاعتبار مستقبلاً، ولا علاقة لها بالأزمة ولا تمس النصوص العامة للوثيقة. والمفروض أن يلتئم مجلس الرئاسة ومجلس النواب. وهناك حكومة ومعارضة. وهناك قضايا يمكن البدء بها. وعلى الذي يرى انه غير قادر على التنفيذ أن يعلن ذلك بوضوح. ونحن لدينا القدرة على أن نشير الى الخطأ لكن ليس لغرض التشهير بأحد وانما للتعاون على اصلاح الأخطاء والسلبيات".
البيض عائد
وقال السيد جارالله عمر، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي، وزير الثقافة، عضو لجنة الحوار:
- أنا متفائل بالتنفيذ الآن. لأن الكل أصبح يدرك، أن الوثيقة فرصة لاصلاح وبناء دولة الوحدة.
لكن هل ترون أن الفترات الزمنية المحددة هي فترات كافية للتنفيذ؟
- من حيث الزمن يبدو أن بعض المواعيد ضيق وغير كاف خصوصاً أن المهام والقضايا كثيرة وكبيرة ومترابطة. لكن المهم الآن هو التنفيذ والنيات الحسنة للتنفيذ. وليأخذ كل شيء مداه الزمني الكافي. وأعتقد أن الوثيقة صارت وثيقة كل الناس، وعليهم أن يتعاونوا لتنفيذها.
لوحظ أن عدد المخاليف التي يستهدفها التقسيم الاداري هو في نص الوثيقة من 4 - 7. لكن هذا الرقم اختفى من نص الوثيقة الذي نشر في بعض الصحف الرسمية. لماذا؟
- المخاليف، هي من 4 - 7، كما هو في نص الوثيقة الأصلي، ونحن جميعاً متفقون على هذا. وهو في كل النسخ الموجودة لدى أعضاء لجنة الحوار.
ومن هي الجهة التي تحدد عدد المخاليف؟
- اللجنة الفنية التي ستتشكل، وستحدد المخاليف في ضوء الأسس التي يقوم عليها التقسيم الاداري. من النواحي الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وهذه اللجنة سيتخذ بشأنها قرار لاحق لأنها من ضمن عمليات التنفيذ.
نصل الى السؤال الصعب وهو: هل سيعود نائب رئيس مجلس الرئاسة من عدن الى صنعاء، عقب التوقيع النهائي على الوثيقة مباشرة؟
- إن شاء الله أن الأمين العام سيعود بعد التوقيع على الوثيقة، ونحن نريد أن نعمل لتوفير الظروف المناسبة لاستئناف مسيرة الوحدة ودولة الوحدة نحو غاياتها من الاصلاح والبناء والتطوير.
خلط بين نظامين
لكن وجهة النظر القانونية مختلفة اختلافاً واسعاً عن السياسية في تقديم الوثيقة. وتصنفها في الجزء الأكبر منها، وهو الحكم المحلي، بأنها نوع جديد أو غير متطابق مع ما هو معروف من أنظمة الحكم المحلي واللامركزية الادارية في العالم.
الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين، استاذ القانون في كلية الشريعة والقانون عميد الكلية سابقاً الأمين العام المساعد لحزب الحق، يقول عن الوثيقة بأنها خلطت بين مصطلحي الحكم المحلي واللامركزية الادارية، بينما كلاهما يختلف عن الآخر. وأوضح ل "الوسط"، رؤيته القانونية للوثيقة، في العناصر الآتية:
أولاً: ان نظام الحكم المحلي يقوم على اللامركزية السياسية لا الادارية. وهذا النظام لا يكون عادة الا في النظم المُركّبة، كما هو في الدول الاتحادية، بينما تقوم اللامركزية الادارية في النظام البسيط للدولة الواحدة، وفيها يكون الاستقلال المالي والاداري موزعاً بين الأجهزة المحلية والحكومة المركزية التي تظل تدعم الوحدات الادارية وتشرف عليها وتراقبها.
ثانياً: في هذه الوثيقة سلبت الوحدات الادارية الحكومة المركزية معظم صلاحياتها في كل المجالات، ما عدا الدفاع والخارجية والموارد السياسية. وفي هذه الحال لن يبقى للحكومة دور مركزي يبرر عدد الوزارات الموجود فيها، ووجود مكاتب لها في الوحدات الادارية.
ثالثاً: في مجال المشاريع التنموية المختلفة، عندما يتم الأخذ باللامركزية الادارية تكون هذه المشاريع من حيث تمويلها وادارتها، مناصفة بين الحكومة المركزية وبين مجالس الوحدات الادارية، لكن الوثيقة تجعل مشاريع التنمية ضمن مسؤولية الوحدات وهنا لن تقوم الحكومة، بشيء من هذه المشاريع ولن يبقى لها عمل الا اقرار الخطط التي تردها من الوحدات والاشراف على تنفيذها. وهذا نظام لا نستطيع تصنيفه طبقاً لما هو قائم ومعمول به في دول العالم التي تأخذ بأحد النظامين. ونعتقد انه سيسبب كثيراً من المشاكل اثناء التطبيق. ولعل هذا ناتج عن عدم مشاركة المختصين في مختلف الجوانب الفنية في الحوار واعداد صيغة الوثيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.