يعتبر المخرج العالمي البولوني الأصل رومان بولانسكي 60 عاماً احد ابرز المخرجين في السينما الغربية حالياً، وقد حقق نجاحات عدة ابرزها في "روز ماريزبيني" و"شاينا تاون" و"الساكن" و"تيس" واخيراً في "أقمار مسمومة". وقد زار اخيراً برفقة زوجته النجمة الفرنسية ايمانويل سينييه ميلانو لحضور عرض أزياء لجياني فيرساتشي، وكانت مناسبة لپ"الوسط" للالتقاء به في نادي "سان بيلليغرينو" ودار الحوار الآتي: يبدو أنك تهتم بالموضة الايطالية النسائية؟ - يبتسم أنا أعشق كل ما هو جميل وأحب تصوير المرأة في أفلامي. أعترف بأن الموضة الايطالية هائلة الجمال والحقيقة انني جئت لحضور ما قدمته فيرساتشي بصحبة زوجتي ايمانويل سينييه التي تنتقي ثيابها من عند هذا المصمم اساساً. ووجدت العرض أكثر من ممتع في نهاية الأمر. هل تحلم بالاستعانة في أحد أفلامك بكلوديا شيفر احدى اجمل العار ضات مثلاً؟ - لو كنت أحلم بمثل هذا الشيء لكانت كلوديا شيفر الآن نجمة سينمائية كبيرة. إنها عارضة أزياء ممتازة وتستحق بلا شك لقب ملكة العارضات وهي جميلة جداً لكنها في الوقت الحالي لا تفتح شهيتي لطرح أي بطولة سينمائية عليها... أنا لا أحب الخلط بين النشاطات المختلفة، وأعرف ان عرض الأزياء مهنة تتطلب مهارات محددة ليست هي مهارات التمثيل نفسها أو العكس. أنا وزوجتي اعترفت زوجتك بالدور الذي تلعبه أنت في تدريبها مهنياً وفي تقدمها الفني. هل توافقها الرأي من ناحيتك؟ - إنها زوجتي فكيف لا أهتم بمستقبلها الفني؟ أنا اكتشفت فيها طاقة تمثيلية هائلة لم يعرف غيري كيف يستغلها من قبل. والحقيقة اني لم أبتكر أي شيء بل اكتفيت بإبراز ما هو موجود اساساً. انا فعلاً دربت ايمانويل على البحث في أعماق شخصيتها عن الوسيلة المناسبة كي تعبر عن مشاعرها أمام الكاميرا وكي تكون هي على دراية بامكاناتها الفنية وهذا أهم شيء فعلته. إن النقص عند الفنان شيء لكن الجهل بالقدرات الذاتية شيء آخر أكثر خطورة في رأيي وهذا ما كانت تعاني منه ايمانويل وما لم أقدر على قبوله ابداً. حدثنا عن مشوارك الفني الذي بدأ في بولونيا ليمر بهوليوود ثم يستقر في فرنسا، فكيف تنظر اليه؟ - أنا أنظر اليه بحنان وشوق ولا اعتقد اني أشعر بأي ندم تجاه ما فعلته وما عشته مما لا يعني اني لا اعترف بأخطاء وقعت فيها بين حين وآخر، لكنها جزء من الحياة عند كل انسان. إن الطريقة الوحيدة لعدم ارتكاب الخطأ هي تفادي العمل، وأنا اخطأت وسوف استمر في الخطأ ما يدل على اني أعمل وأجتهد. أليس كذلك؟ لماذا الانتقال من بلد الى آخر كما فعلت؟ - أنا تعلمت السينما في بولونيا وبدأت أخرج الافلام هناك ثم عثرت على فرصة العمل في هوليوود بعدما أبدى أصحاب الشأن هناك إعجابهم بأفلامي البولونية. هل كان من السهل عليّ رفض عرو ض عاصمة السينما العالمية؟ لا بطبيعة الحال وخاصة ان السينما الاميركية وضعت تحت تصرفي كافة الامكانات اللازمة لمساعدتي في تنفيذ أفكاري على أحسن وجه. أنا أنجزت هناك الافلام التي صنعت شهرتي والتي سمحت بأن تعرض أفلامي البولونية التي نفذتها في بدايتي المهنية، على المستوى العالمي. أنا أعشق فرنسا وبعد ان زرتها في مناسبات عدة قررت الإقامة فيها ومحاولة اخراج أفلامي في باريس. وعلى رغم كل ما جلبته اليّ هوليوود، أنا عشت هناك فترة أليمة جداً من حياتي الشخصية جعلتني أطلب السفر بعيداً لابدأ حياتي مرة ثانية من نقطة الصفر. ولتحقيق هدفي اخترت فرنسا وأعترف بأن سمعتي الفنية ساعدتني في إنجاز أول مشروع فرنسي لي في السينما دون صعوبة كبيرة. هذا سبب تنقلي من بولونيا الى أميركا ثم الى فرنسا والمهم في الحكاية أن أستمر في ممارسة مهنتي كمخرج سينمائي مهما كان المكان الذي أعمل فيه أو أقيم فيه. هل عثرت في الممثلين الفرنسيين على المستوى نفسه الذي يتوافر في هوليوود؟ - يضحك وما الذي يمنع أي ممثل في العالم من ان يكون على مستوى أبطال السينما الهوليوودية نفسه، إنها مسألة شائعات لا أكثر ولا أقل، والشيء الذي يجعل الممثل الاميركي أكثر فعالية في نظر المتفرج ليس غير الامكانات المادية المتوافرة من أجل تنفيذ الفيلم. إن الامكانات تسمح بإحاطة الممثل برعاية فائقة وإعطائه كل الوقت الضروري من أجل ان يتدرب على دوره ثم أيضاً من أجل اعادة تصوير اللقطات مرات ومرات حتى الوصول الى النتيجة المتوقعة مئة في المئة. ان الممثلين الذين أتعامل معهم في فرنسا لا يقلّون موهبة عن أكبر نجوم هوليوود. أنا عملت مع ايزابيل أدجاني مثلاً وهي حقيقة فنانة كبيرة جداً. لكنك لا تتردد عن استخدام نجوم هوليوود في أفلامك الفرنسية مثل هاريسون فورد في "فرانتيك" ووالتر ماثيو في "قراصنة" وبيتر كويوتي في "أقمار مسمومة"، ما السبب في هذا الخيار إذاً؟ - السبب واضح وهو بطبيعة الحال تجاري على المستوى العالمي. إن السينما الفرنسية محلية في معظمها ومن الصعب ترويجها دولياً مثل الاميركية ولو كان الفيلم الفرنسي يعاني من هذا النقص فالامر يعود الى قلة الامكانات المادية المخصصة للانتاج والتوزيع، والى قلة معرفة الجمهور العريض للنجوم الفرنسيين. أنا الجأ الى ممثلين هوليووديين معروفين عالمياً وأحصل على وسائل مادية تسمح لي بدفع أجورهم المرتفعة وذلك بفضل شهرتي، ثم أمنح سائر أدوار كل فيلم الى فرنسيين وبالتالي أساعدهم في الانتشار عالمياً مع الفيلم الذي يظهرون فيه. هكذا أروّج أفلامي في العالم كله. والمرة الوحيدة التي أخرجت فيها فيلماً فرنسياً من دون الحاجة الى نجم أميركي لتوزيعه عالمياً هي تلك التي استعنت فيها بإيزابيل أدجاني. إنها نجمة كبيرة في العالم كله وفيلم "الساكن" حقق ايرادات عالية في كل مكان من دون وجود أي نجم اميركي الى جوار أدجاني. شيء طفولي أنت تمثل ايضاً في بعض افلامك ومنها "الساكن" و"قاهر مصاص الدماء"، فهل حلمت في يوم بأن تكون من نجوم التمثيل؟ - من لا يحلم بأن يشاهد نفسه فوق شاشة عريضة ولو مرة في حياته. وأنا على رغم احترافي الاخراج السينمائي أحلم مثل سائر الناس بهذه الاشياء الطفولية وأغيّر من الممثلين الذين يؤدون بطولة أفلامي. وبين حين وآخر أحوّل الحلم الى واقع وأمنح نفسي دوراً في أحد أفلامي. على الأقل هذا ما كنت أفعله في الماضي والآن ربما أكون كبرت وعقلت لأني لم أقدم على هذا الفعل منذ سنوات عدة يضحك. ما رأيك في كون جاك نيكيلسون اخرج بنفسه تكملة فيلمك "شاينا تاون" حيث كان هو البطل اساساً؟ - أنت تقصد فيلم "توجيكس" طبعاً الذي راح نيكيلسون يخرجه ويمثل فيه بعد عشرين سنة من قيامي أنا باخراج "شاينا تاون". أنا أعرف ان هذا الفيلم ترك بصماته في نفس نيكيلسون وانه خلال سنوات طويلة أراد ان يؤدي دوره فيه مرة ثانية. والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك كانت في تنفيذ تكملة للفيلم ولو كان نيكيلسون اخرجها بنفسه فالمسألة تعود الى عدم عثوره على مخرج يهتم بالموضوع. انه سألني في مناسبات عدة عن مدى اهتمامي بتصوير جزء ثان للفيلم وقلت له إني بصراحة لا أجد أي مبرر للأمر. وفي النهاية راح جاك نيكيلسون يحقق نزوته. انا أفهم ما حدث وادرك مدى تأثر اي فنان بعمل أدّاه، لكني لا أزال احتفظ برأيي حول عدم وجود أي فائدة من وراء تنفيذ هذا الجزء الثاني. وكما ذكرت فهي عبارة عن نزوة والمشكلة الكبيرة تكمن في فشل الفيلم تجارياًَ وهذا شيء تأثر به نيكيلسون سلبياً وتألم بسببه.