إيمانويل سينييه حفيدة الراحل لوي سينييه بطل أشهر المسرحيات الكلاسيكية في فرقة "لا كوميدي فرانسيز" العريقة وزوجة السينمائي البولندي المقيم في فرنسا رومان بولانسكي، تتبع مشواراً فنياً مستقلاً حوالى 18 سنة، وتنجح في إثارة اهتمام الجمهور بسبب جاذبيتها وغموضها معاً. أحدث أفلام سينييه النازل إلى الصالات عنوانه"بدلة الغطاس والفراشة"من إخراج الأميركي جوليان شنابل، وقد استحق جائزة أفضل إخراج في مهرجان كان 2007 حيث مثل فرنسا في المسابقة الرسمية على رغم جنسية مخرجه الأميركية، والسبب في ذلك تولي شركة إنتاج فرنسية تمويل الفيلم ومنح أدواره الرئيسة لممثلين فرنسيين. ويروي السيناريو المأخوذ عن كتاب ألفه جان دومينيك بوبي، رئيس تحرير مجلة"إيل"النسائية الشهيرة، سابقاً، والذي أصيب بجلطة في المخ حولته في ثوان إلى رجل مشلول كلياً ما عدا عينه اليسرى. وكتب بوبي حكايته وهو مشلول معبراً عن أفكاره بواسطة عينه اليسرى، وفارق الحياة قبل أكثر من عشر سنوات. يسرد الفيلم قصته مستنداً إلى الكتاب في أدق تفاصيله. وللعودة إلى سينييه، فالسينما ليست السبب الوحيد لاهتمام الإعلام بها حالياً، ذلك أنها صارت تغني أيضاً وتسجل الأسطوانات، وقد استخدم المخرج جوليان شنابل صوتها من أجل ترديد الأغنية المميزة لفيلم"القناع البحري والفراشة"إضافة إلى توليها أداء الدور النسائي الأول فيه. وإضافة الى المسرح أدت إيمانويل شخصية هيدا غابلر المآسوية في العمل الحامل للعنوان نفسه للمؤلف الكبير الراحل إيبسن، ورومان بولانسكي هو الذي اختار زوجته لبطولة هذه المسرحية الكلاسيكية المعروفة وقام شخصياً بإخراجها كهدية لشريكة حياته. إذا أردنا تلخيص حياة سينييه السينمائية لقلنا إنها بدأت العمل بإدارة زوجها رومان بولانسكي في فيلم"فرانتيك"إلى جوار هاريسون فورد، ثم شاركت هيو غرانت بطولة"القمر المر"أيضاً من إخراج بولانسكي، وظهرت في أفلام إيطالية عدة أهمها"نيرفانا"الذي ينتمي إلى اللون الخيالي المبني على المؤثرات المرئية والصوتية الفعالة. وفي المسرح أدت إيمانويل الشخصيات الدرامية المعروفة في الإطار الكلاسيكي واستعدت للسير على خطى جدها لوي سينييه، وشاء القدر أن يلتقيها بولانسكي ويحولها من فنانة مسرحية إلى نجمة سينمائية جريئة تثير القيل والقال حول تصرفاتها وتسيء، حسب ما تكتبه الصحافة الشعبية، الى سمعة جدها. وفي السنوات الاخيرة بدأت ماتيلد سينييه شقيقة إيمانويل، تلفت الأنظار وتحصل على أدوار سينمائية جميلة وقوية هي أقرب إلى روح أعمال الجد الراحل مما يمكن كتابته عن إيمانويل. في"كان"التقت"الحياة"ايمانويل سينييه إثر عرض فيلمها"القناع البحري والفراشة"وحادثتها. بدأت عملك السينمائي تحت إدارة بولانسكي، فهل كان الأمر ضرورياً لفرض شخصيتك على أهل المهنة والجمهور؟ - لا، وأعترف بكون المسألة ضايقتني أكثر مما ساعدتني، لكن الذي حدث هو أنني تلقيت عرض القيام بدور البطولة في فيلم"فرانتيك"الذي كان زوجي يستعد لإخراجه، ووافقت من دون أن أتخيل إن العمل سينجح عالمياً ويطلقني إلى سماء الفن السابع. فأنا حلمت بالسينما طويلاً وتمنيت أن أدخل إليها عبر باب المسرح والأدوار الجادة وبعدما أكون قد بنيت سمعتي فوق الخشبة. ألا تعتقدين حقاً بأنك حصلت على الدور لمجرد أنك زوجة مخرج الفيلم؟ - لا أظن أن أي مخرج يستحق هذه التسمية، يسمح لنفسه بالمجاذفة إلى درجة منح أحد الأدوار الكبيرة في فيلمه لممثلة رديئة فقط لأنها شريكة حياته. خليفة جدي لم أقل ذلك، ما أقصده هو إنك تمتعت بالأولوية بالنسبة الى غيرك من الموهوبات مثلك؟ - تزوجت من رجل أحببته وشاء الحظ أن يكون اسمه بولانسكي وأن يخرج أفلاماً جيدة وناجحة. ان نشأتي وسط الجو الفني بفضل جدي لوي سينييه، جعلتني أقع في غرام مهنة التمثيل وأرغب في ممارستها، وبالتالي تعلمتها في مدرسة للدراما مثل أي ممثلة ثانية، بصرف النظر عن قدرة اسمي على فتح الأبواب أمامي. لقد فقدت جدي عندما كنت ما أزال صبية لكنني أتذكره وأحمل صوته وكلماته في عقلي، فهو كان يعير المسرح أهمية استثنائية ويرغب في أن أتولى خلافته فوق الخشبة في يوم ما. وماذا عن شقيقتك ماتيلد سينييه؟ - إنها أصغر مني وبالتالي لم تعرف جدنا مثلما عرفته أنا، ولكنها ورثت عنه الموهبة والحس الفني المرهف. هل تسألين بولانسكي عن أشياء معينة خلال عملك تحت إدارته غير ما قد تفعلينه مع مخرج غريب؟ - شعرت مرات كثيرة بأن زوجي يراقب تصرفاتي أكثر مما يفعله مع الممثلات الأخريات، وذلك في كل الأفلام التي جمعتنا. وحدث إنه همس في أذني نصيحة صغيرة في شأن موقف محدد، وأعترف بأن وجوده يساعدني في مواجهة بعض مشقات الدور ولو بطريقة لا شعورية. زوجي عبقري! وكيف انطلقت أمام كاميرات السينما في أفلام يخرجها الغير؟ - قد يبدو كلامي غريباً لكنني شعرت بالقلق والخوف في اليوم الأول من عملي في فيلم لم يخرجه زوجي، وذلك بعدما تمنيت هذه اللحظة طوال سنوات وسنوات. وزال الخوف بالسرعة نفسها لظهوره فور اكتشافي مدى احترام الفريق لي، خصوصاً مخرج الفيلم، فلم أكن إذاً زوجة بولانسكي ولكن إيمانويل سينييه الممثلة المتكاملة والمستقلة، وهذا أمر رائع في حد ذاته. وهل تحلمين بنجومية على مستوى نجومية زوجك أو جدك؟ - لا، فالمهم هو أن أعمل، أما الشهرة فتفيد في الحصول على أدوار جيدة وحسب، لذلك لا أرفضها وفي الوقت ذاته لا أسعى وراءها في شكل جنوني. وعلى العموم أعرف ان النجومية على طريقة جدي ولت أيامها، والممثل في الزمن الحالي يشبه رجل الشارع العادي. وربما تنعكس الأمور في المستقبل من جديد وتعود السينما إلى مهمتها الأصلية التي هي إثارة خيال الجماهير. أما زوجي فهو مخرج وممثل وأديب وشاعر ويتمتع بعبقرية فذة تساهم في شهرته ولا تقبل المنافسة. ألا تنوين خوض تجربة الكوميديا يوماً ما؟ - أتمنى خوضها لكن نظرة الجمهور هي التي تحبسني في إطار الإغراء والعواطف الملتهبة الدرامية، وأحلم بالعثور على المخرج الذي سيجرؤ على منحي شخصية فكاهية، فأنا متأكدة من قدرتي على إدهاشه هو والجمهور. والواقع إنني شاركت في عمل سينمائي فكاهي قبل ثماني سنوات، كان عنوانه"الابتسامة"كانت كل الأدوار فيه كوميدية ما عدا دوري أنا المبني على حكاية حب، والمجرد بالتالي من أي عنصر ضاحك. أديتِ شخصية هيدا غابلر الدرامية على المسرح، وقال النقاد يومها ان رومان بولانسكي لو أسند الدور إلى ممثلة مسرحية غيرك وذات خبرة أكبر، لكان العمل تمتع بمستوى أفضل، فهل جرحك مثل هذا الكلام في حينه؟ - لا أبالي بما يكتبه النقاد عني طالما إنني مقتنعة بنفسي وبالعمل الذي أؤديه، والحقيقة هي انني أحاول تجاهل هذه المقالات السخيفة المبنية على إحباط سمعة الغير والتي لا تأتي بأي معلومة مفيدة وتحليلية فعلية في شأن العمل المقدم. أنا لم أقع على سطر واحد في المقالات المذكورة فسر وجهة نظر الصحافي ودخل في تفاصيل عملي كممثلة ولماذا لم أعجبه. وهذه النقطة هي خير دليل على كون موهبتي في النهاية، لا تهم الذين يكتبون عني، ولكنهم يرغبون في إبراز أنفسهم وكسب شهرتهم على ظهري من طريق تحطيمي، خصوصاً أن المهمة سهلة عليهم بما أنني زوجة أحد ألمع المخرجين في العالم. ولأعود إلى سؤالك، فأنا مهما قلت أتأثر بلا شك بما يكتب عني، ولكن من حظي إنني محاطة بأشخاص، بينهم رومان بولانسكي يحرسونني ويقدمون لي النصائح ويعيدون إليّ اتزاني كلما أوشكت أن أفقده. وأستطيع القول إن الدفء الإنساني هو سلاحي ضد الهجمات الصحافية الخائنة. ماذا عن نشاطك الجديد كمغنية؟ - مثلتُ في فيلم سينمائي قبل عامين، عنوانه"كواليس"، يروي حكاية مغنية ومشاكلها مع فتاة مراهقة معجبة بها إلى حد الجنون، وأديت شخصية المغنية، الأمر الذي جعلني أضطر إلى تعلم أغنيات عدة وترديدها أمام الكاميرا. وفي هذه المناسبة اكتشفت في نفسي حب الغناء ومدى قدراتي الصوتية إضافة إلى كون مخرجة الفيلم وأصحاب الشركة المنتجة له أكدوا لي أن حنجرتي قوية وأن صوتي يتمتع بدفء مميز، فتدربت فترة طويلة على الغناء بصحبة أشخاص محترفين في المجال الموسيقي، إلى أن أسست فرقتي تحت اسم"أولترا أورانج"وسجلت مع أعضائها أسطوانة كاملة، أهم أغنية فيها إسمها"سينغ سينغ"وهي تلاقي الرواج الدولي حالياً. وإثر هذا النجاح طلب مني جوليان شنابل مخرج فيلم"القناع البحري والفراشة"أن أشارك في فيلمه من طريق ترديد اللحن المميز له إضافة، بطبيعة الحال، إلى قيامي بأداء الدور النسائي الأول فيه. وأنا سعيدة جداً لأن الفيلم معروض في مهرجان"كان"ويمثل فرنسا، الأمر الذي يعني أن جمهور المهرجان سيشاهدني فوق الشاشة ويستمع إلى صوتي وأنا أردد أغنية الفيلم أثناء المشهد الختامي. وأنا الآن أعتبر نفسي فنانة استعراضية على الطريقة الأميركية، وأنوي الاستمرار في ممارسة النشاطين في شكل مستقل، بمعنى أنني لست ممثلة تغني أو مغنية تمثل، ولكنني ممثلة ومغنية معاً.