بعد أقل من شهر على قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسيل، التي اطلقت باتجاه أوروبا الشرقية والوسطى والاتحاد السوفياتي سابقاً، مبادرة "الشراكة من أجل السلام"، تكثفت الزيارات الى مقر الحلف، على مستوى الخبراء لمزيد من المعلومات، خصوصاً على مستوى رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية للتقدم بطلبات رسمية، وبسرعة أدهشت المراقبين الأطلسيين أنفسهم. وهناك نحو 15 بلداً، حسب مصادر الحلف الأطلسي، أعربت عن استعدادها للانخراط في هذه البنية الجديدة من التنسيق والتعاون، تمهيداً، من حيث المبدأ، لانخراط كل بلد على حدة، وضمن لائحة شروط مختلفة، في الدفاع الغربي الموحد. البلدان البلطيقية، كانت السباقة في ممارسة هذا الاختبار الجديد من نوعه في العلاقات الدولية لما بعد الحرب الباردة، ثم رومانيا وبولونيا، كما من المفترض ان تزور بروكسيل وفود رفيعة المستوى من الجمهورية التشيكية وسلوفاكيا وهنغاريا، للغرض نفسه. كأنما عامل الزمن المتسارع في روسيا والتخوف من تطور الأوضاع الامنية - السياسية هناك، ازالا التحفظات المبدئية التي أعربت عنها "مجموعة فيزيغراد" قبل وأثناء اتخاذ المبادرة الأطلسية. وترجح مصادر أوروبية خطوة من جانب اوكرانيا وربما من كازاخستان، وتشير كذلك الى ان روسيا تدرس حالياً هذه المسألة من مختلف الجوانب، استعداداً لاتخاذ قرار خلال الاسابيع المقبلة. حتى التأرجح الأطلسي في مواجهة الوضع المتفاقم في البوسنة لم يؤثر على الارادة السياسية للدول المعنية في مجمل أوروبا الشرقية والوسطى، في اختراق حاجز التردد، وثمة من يعتبر ايضاً ان فشل "مؤتمر التعاون والامن الأوروبي" في معالجة مشكلات القارة، لعب دوراً إضافياً في قبول العرض الأطلسي، خصوصاً ان لا بديل آخر يلوح في الأفق، باستثناء "معاهدة الاستقرار" التي يجري أول إعداد لها، الربيع المقبل في باريس. إنها شراكة، الهدف الأول منها سد ثغرة في حائط الفراغ الأمني في وسط وشرق أوروبا، لكن مسألة انضمان هذا البلد أو ذاك الى الحلف الأطلسي، تطرح مشكلات من نوع آخر.