مشروع أنابيب الغاز المغاربي - الاوروبي الذي ينطلق من حقل حاسي الرمل في الجزائر عبر المغرب ومياه جبل طارق الى مدينة قرطبة الاسبانية، سينفذ وفق البرنامج الزمني المحدد له. بعد وصل الخط على الحدود المشتركة مع المغرب في منطقة العرايش، فيما بات من المؤكد ان المشروع سيصبح جاهزاً للتشغيل في النصف الاول من العام 1996 لضخ كمية 10 مليارات متر مكعب في المرحلة الاولى، سترتفع لاحقاً الى 18.5 مليار متر، مع توسع الشبكة باتجاه فرنسا وألمانيا عبر جبال البيرينيه. وكان مصير خط الانابيب طرح مجدداً مع توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب في الفترة الاخيرة، وذهب بعض التوقعات الى حد القول ان انفجار الخلاف بين الدولتين سيساهم في تأخير المشروع، ان لم يكن في وقفه نهائياً. لكن ثلاثاً من الدول المعنية بالخط سارعت الى نفي هذه المعلومات، وصدرت تصريحات رسمية فصلت بين المشروع والخلافات السياسية، فقد أوضح وزير النفط الجزائري عمار مخلوفي، ان الاعمال التنفيذية مستمرة لإنهاء الخط في المهلة المحددة له أوائل العام 1996، فيما اعتبر وزير الطاقة الاسباني خوان مانويل ايغيغاري ان الاعتبارات السياسية والامنية في منطقة شمال افريقيا لا يمكنها ان تؤثر سلباً على المشروع. اما المغرب، فذهب الى ابعد من التصريح بضرورة الفصل بين المشروع والخلاف السياسي مع الجزائر، عندما شارك وزير الطاقة المغربي محمد الكراوي في حفل تدشين وصل القسم الجزائري بالخط، في أول زيارة من نوعها لمسؤول مغربي للجزائر منذ اقفال الحدود بين البلدين، اثر حادثة فندق اسني في مراكش. وكان البنك الاوروبي للاستثمار منح مشروع أنابيب الغاز قرضاً ميسراً وصلت قيمته الى 163 مليون وحدة حسابية اوروبية، كما وعدت دول الاتحاد الاوروبي بتقديم قروض اخرى تصل قيمتها الى 530 مليون دولار، وأبدى البنك الدولي استعداده للمساهمة في التمويل. ومن المعروف ان أكلاف المرحلة الاولى تصل الى 1.3 مليار دولار، إلا انها مرشحة للارتفاع الى 3 مليارات دولار مع اكتمال تنفيذ المرحلة الثانية من الخط. ويصل طول الخط، وفق التصاميم المعتمدة حالياً الى 1100 كلم، من بينها 530 كلم داخل الاراضي الجزائرية انطلاقاً من حقل حاسي الرمل، اضافة الى 525 كلم داخل الاراضي المغربية، و45 كلم عبر جبل طارق وصولاً الى مدينة قرطبة الاسبانية، حيث يصب في شبكة التوزيع الاوروبية، ومنها الى البرتغال، على ان تكون فرنسا وألمانيا في المرحلة الاخيرة. ويشار هنا الى ان الدول الست المعنية بالمشروع شاركت في اعداد الدراسات الفنية ودراسات الجدوى الاقتصادية من خلال شركة "اوميغاز". ويضاف مشروع الانابيب المغاربي - الاوروبي، الى مشروع آخر هو مشروع "الغاز المتوسطي" الذي أنشئ في العام 1983، لنقل الغاز الجزائري الى ايطاليا عبر الاراضي التونسية بطاقة 14 مليار متر مكعب سنوياً. ومن المقرر ان يصبح الخط جاهزاً لنقل 23 مليار متر مكعب في السنة قبل نهاية الشهر الجاري، بعدما أنجزت مجموعة "ايني" الايطالية اعمال التوسع طوال الفترة الماضية بأكلاف قدرت ب115 مليون دولار، ما يعني ان الجزائر تصبح مصدراً رئيسياً للغاز الى اوروبا الغربية، وربما المصدر الأهم لدول القارة القديمة. وفي الواقع طلبت الحكومة الجزائرية المشاركة في وضع "المعاهدة الاوروبية للطاقة" التي يتم وضع نصوصها القانونية حالياً، وبررت طلبها بأنها احد المصدرين الرئيسيين. ويقول وزير النفط الجزائري ان بلاده مرشحة لأن تكون الحلقة الرئيسية في شبكة الطاقة الاقليمية، خصوصاً في ظل تنامي الطلب على الغاز في اوروبا، واتجاه دول القارة الى زيادة اعتمادها على الغاز المستورد من الخارج بسبب محدودية الاحتياطات المتوافرة التي من المقدر الا تزيد نسبتها على 35 في المئة في العقدين المقبلين، باستثناء الاحتياط الذي تملكه النروج في بحر الشمال. وتحتل الجزائر حالياً واحدة من المراتب الخمس الاول بين الدول صاحبة أكبر احتياطات من الغاز في العالم. وارتفع احتياط هذه المادة في نهاية العام الماضي بمقدار 102 مليار متر مكعب، من 2780 الى 2882 مليار متر مكعب في خلال سنة واحدة، كما زاد الانتاج الفعلي من 348 مليون متر مكعب يومياً في العام 1992 الى 366.4 مليون في العام الماضي، وبما نسبته 5.27 في المئة. وتحتل ايطاليا المرتبة الاولى بين الزبائن الذين يستوردون الغاز من الجزائر، بما يصل الى 14.1 مليار متر مكعب، وما نسبته 40.2 في المئة لاجمالي الصادرات للعام الماضي، والتي بلغت 35 ملياراً. ويقول مسؤولون نفطيون جزائريون ان بلادهم تخطط لزيادة صادراتها الى 60 مليار متر مكعب في نهاية العقد الجاري، والى اكثر من 85 ملياراً في حدود العام 2010، مع الأخذ في الاعتبار مشاريع التصدير الى دول اوروبية اخرى مثل تركيا وأوروبا الشرقية، اضافة الى التوسع في الاعتماد على الغاز في الدول المجاورة، مثل تونس والمغرب. المسؤولون الجزائريون متفائلون بإمكان الحصول على عقود طويلة الأجل لصادراتهم من الغاز، إلا أن مصادر عاملة في القطاع تربط بين تطوير الطاقة الانتاجية وتوافر الاسعار الكافية نظراً الى التكاليف المرتفعة التي تحتاجها خطط تطوير مكامن الغاز، وتقدر ب15 مليار دولار.