تجمع أوساط أمنية وأكاديمية مصرية على ان المعلومات التي نشرت اخيراً في اسرائيل عن الجاسوس المصري رأفت الهجان، واتهمته بالعمل كپ"جاسوس مزدوج"، ليست الا محاولة من قبل جهاز الاستخبارات الاسرائيلي موساد لتشويه حقيقة الدور الذي لعبه الهجان طوال فترة اقامته في اسرائيل التي امتدت حوالي عشرين عاماً، مارس خلالها نشاطات تجسسية بالغة الاهمية لمصلحة الاستخبارات المصرية. وتزعم المعلومات الاسرائيلية ان الاستخبارات الاسرائيلية نجحت في كشف حقيقة الهجان بعد مرور فترة قصيرة على وصوله الى اسرائيل، وتمكنت من تجنيده للعمل لمصلحتها وكلفته بتحويل معلومات غير صحيحة الى مصر. الا ان الكاتب المصري صالح مرسي الذي كتب قصة الهجان فنّد صحة هذه المعلومات بقوله ان "الجاسوس المزدوج" يعمل عادة لمصلحة الجهة التي كشفته، وهي هنا اسرائيل، الامر الذي من المستحيل ان يكون حصل، نظراً الى ان الهجان لم يعش في مصر منذ نجاح الاستخبارات المصرية في ارساله الى اسرائيل منتحلاً هوية مهاجر يهودي. واكد صالح مرسي لپ"الوسط" ان الهجان ارسل الى مصر اهم خبر صحيح وهو نية اسرائيل شن عدوان على مصر صباح يوم الاثنين في الخامس من حزيران يونيو 1967. ويتذكر مرسي انه عندما نشرت روايته للمرة الاولى قبل ثماني سنوات، علق عليها رئيس جهاز "الموساد" السابق ايسر هاريئيل بقوله: "نعم كان هذا الجاسوس موجوداً في اسرائيل، وقد بحثنا عنه، الا اننا لم نتمكن من العثور عليه". واضاف "لقد عرفنا من ردود الفعل المصرية على قرارات اسرائيلية سرية، ان مثل هذا الجاسوس موجود في اسرائيل". كما نفى هاريئيل ان يكون الهجان جاسوساً مزدوجاً. ويشير مرسي الى ان الهجان حوّل خلال حرب اكتوبر 1973 معلومات مهمة جداً الى الاجهزة الامنية المصرية، التي افتتحت له قناة اتصال خاصة طوال ايام الحرب لتمكينه من ارسال معلومات في اي وقت يشاء. واستطاع ارسال معلومات ساعدت القوات المصرية على احراز النصر. ويورد مرسي قضية دامغة اخرى في ذاكرته، هي ان الهجان بعث الى مصر خرائط تفصيلية لخط بارليف، استفاد منها الجيش المصري خلال حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر. ويؤكد مرسي ان هذه ليست المرة الاولى التي تسرب فيها الاستخبارات الاسرائيلية معلومات ملفقة حول الهجان، بهدف "تشويه انجاز بطولي مصري"، ويضيف "لقد انكروا وجود الهجان على مدى سنوات عدة. حتى ان صحيفة كندية نشرت مقالة طالبت فيها بمنحي جائزة نوبل في الخيال تقديراً للقصة الخيالية التي كتبتها". ورداً على سؤال عن سبب امتناع مصر عن منح ابن الهجان، ويدعى دانيال، الجنسية المصرية، اجاب مرسي ان مصر ارادت الحفاظ على اموال دانيال الهجان، نظراً الى ان منحه الجنسية المصرية سيضطره الى انتحال الاسم الحقيقي لابيه ما سيؤدي الى خسارته الارث. لكن بعد حصوله على هذا الارث عرضت عليه الجنسية المصرية، كما منح تأشيرة دخول دائمة الى مصر. ورفض المسؤول الكبير السابق في جهاز الاستخبارات المصرية محمد نسيم قبول المعلومات الاسرائيليةپفي شأن الهجان، خصوصاً انه كان مسؤولاً عن الاتصال بالهجان والاجتماع معه سراً في الخارج. واكد ان الهجان زود مصر بمعلومات مهمة جداً، خصوصاً ما يتعلق منها بالعدوان الاسرائيلي عام 1967، الا ان القيادة العسكرية المصرية لم تتعامل معها بالمستوى المطلوب والمناسب. وقال نسيم: "ان الهجان خدم اسرائيل كلها، وزود مصر بمعلومات ظل رئيس "الموساد" يجهل قنوات تسريبها وتحويلها الى مصر، حتى نشر قصة الهجان كاملة. ولم تتضمن هذه المعلومات اي خطأ، بل كانت صحيحة. كما ان اقامة الهجان في اسرائيل لم تسمح للاستخبارات الاسرائيلية باستغلاله لمصلحتها. لقد كان الهجان بطلاً مصرياً متفوقاً عمل لمصلحة جهاز استخبارات مصري متفوق الى اقصى الحدود". واضاف نسيم، الذي اطلقت عليه اسرائيل لقب "الذئب الاسمر"، انه كان يفضل ان تظل شخصية الهجان الحقيقية سراً.