لا يزال مشروع ضريبة ثاني اوكسيد الكربون ضريبة البيئة/الطاقة يسيطر على الملف المتشابك للعلاقات الخليجية - الأوروبية. لكن، تكثيف اللقاءات الثنائية بين المجموعة الأوروبية ومجلس التعاون الخليجي والمرشحة للاستمرار في الشهور المقبلة، حدد تحديداً أدق وجوه الخلاف، كما اكد من جهة اخرى الارادة السياسية للطرفين في التوصل الى حلول متوازنة. وفي هذا الاطار، شهدت بروكسيل، تعيين أول ممثلية دائمة سفارة في الخارج لمجلس التعاون الخليجي، تولاها السفير مشتاق عبدالله الصلاح، ويعتبر ذلك، في رأي المراقبين، خطوة نوعية جديدة هدفها، تأسيس الحوار الثنائي الدائم على اسس ثابتة، وفي سياق النتائج الايجابية، على رغم الخلافات، التي سجلها مجلس التعاون الوزاري المشترك الذي انعقد على مستوى وزراء الخارجية في 11 ايار مايو الماضي في بروكسيل. ويبدو ايضاً ان الرئاسة البلجيكية الحالية للمجموعة الأوروبية لعبت دوراً في تسهيل كل ما من شأنه متابعة التفاوض وتكثيفه. وفي هذا الاطار عقدت لقاءات خلال الشهر الجاري، وقدمت توصيات وبرنامج عمل حتى نهاية 1993. وعقد التجمع البرلماني للتعاون الأوروبي - العربي ندوة على مستوى البرلمانيين والخبراء في مقر البرلمان الأوروبي في بروكسيل، تناولت مستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية بين المجموعتين، ومن جملة المسائل التي ركز عليها الاهتمام، اقتراح تشكيل مؤسسة مالية عربية - أوروبية للمساهمة في نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة للبلدان العربية المتوسطية. وناقشت الندوة ثلاث قضايا هي: التصنيع في الخليج واحتمالات عقد اتفاق للتبادل الحر بين المجموعة الأوروبية ومجلس التعاون الخليجي، السوق الأوروبية الموحدة وعملة الايكو وحدة النقد الأوروبية والاستثمار الاجنبي في اوروبا والخليج، ثم الشرعة الأوروبية للطاقة واقتراح مفوضية بروكسيل فرض ضريبة تصاعدية على ثاني اوكسيد الكربون حتى العام 2000. من جهة اخرى، عقد اجتماع مشترك للجان التقنية المختصة في مجلس التعاون الخليجي والمجموعة الأوروبية، لمتابعة التفاوض في شأن اتفاق التبادل التجاري الحر، الا ان هذا اللقاء الذي رأسه السفير المتجول مأمون الكردي والمدير في العلاقات الخارجية في المفوضية الاوروبية خوان براث، سيطرت عليه مسألة ضريبة الطاقة، في حين تقدم وفد مجلس التعاون باقتراحات بديلة من مشروع المفوضية، الهدف منها التوصل الى طرح متوازن، من خلال التزام الجانب الأوروبي عدم تطبيق ضريبة خاصة بالنفط، في مقابل التزام الطرف الخليجي ضمان تزويد اوروبا الطاقة لكفاية حاجاتها الحالية والمستقبلية. كذلك، تشكلت هيئة مشتركة، لتنسيق عمل الخبراء واللجان الفرعية، على ان تعقد ثلاثة اجتماعات لاحقة هذا العام للتحقق هل تؤثر المشاريع الأوروبية المفترضة في مجالي الطاقة والبيئة في تطور تجارة الطاقة والاستثمارات، ثم لدرس "الاستراتيجيات البديلة والخيارات الممكنة من اجل تحقيق اهداف قمة الريو"، اي بمعنى آخر، هل ان مشروع ضريبة ثاني اوكسيد الكربون هو الحل الوحيد لمكافحة عوامل التغيير المناخي؟ ان التصور الاقتصادي - التقني الذي يهيمن الآن على اطار العلاقات الاوروبية - الخليجية استثمارات، مشروع ضريبة الطاقة، اتفاق التبادل التجاري الحر، يتم كذلك في سياق حوار سياسي، وهو ما تحاول تمريره مداخلات الطرفين، وهنا ايضاً، كما اشارت مصادر اوروبية، يأخذ الحوار المشترك، تدريجاً بعده الاستراتيجي.