في الوقت الذي تتسع حركة الاحتجاج ضد زيادة الضرائب على أسعار المحروقات وتكسب تعاطف الرأي العام في مختلف دول الاتحاد الأوروبي، فإن الجهات الرسمية في بروكسيل لا تزال تتمسك بمشروع ضريبة الكربون والطاقة المطروح منذ أعوام عدة "لأنه يخدم أهداف استراتيجية حماية البيئة". وقال مصدر رسمي في بروكسيل أمس ل"الحياة" إن المفوضية مقتنعة بجدوى المشروع الضريبي "لأنه يقلل في الأمد البعيد من استهلاك الطاقة وبالتالي من انبعاثات غازات ثاني أوكسيد الكربون". وتلزم المفوضية الصمت حيال طلبات قطاع النقل والشحن، مشيرة إلى أنها تلتزم سياسة المنافسة الحرة وحماية حرية تنقل البضائع والاشخاص، وأنها بالتالي لا تنصح بخفض الضرائب على المحروقات. وتراوح معدلات الضرائب الثابتة والضرائب على القيمة المضافة بين أكثر من ثلثي السعر في بلجيكا ونحو 80 في المئة في بريطانيا أو الدنمارك والسويد. وسيعقد وزراء النقل في دول الاتحاد ال15 اجتماعاً استثنائياً ظهر الأربعاء المقبل للبحث في إمكان توحيد الاجراءات التي يتعين اتخاذها لتخفيف حدة الأزمة في قطاع الشحن ونقل المسافرين براً. وقال جان غانتيلي الناطق باسم مسؤولة ملف الطاقة في المفوضية ليولا دي بلاثيو إن "المستوى الحالي للأسعار يحدد حجم انتاج الدول المصدرة للنفط أوبك والتي قررت الأحد الماضي زيادة انتاجها بكمية 800 ألف برميل يومياً". واعتبر ان الكميات الاضافية ستصب في الأسواق بعد نحو شهرين، فيما يتم تحديد الأسعار الآن وفق كميات النفط المعروضة في السوق العالمية. "أوبك" وتعتقد المفوضية أن مشكلة تضاعف زيادات الأسعار في الأشهر الأخيرة تعود إلى انضباط دول "أوبك" وتحكمها في وتيرة انسياب هذه السلعة الاستراتيجية. وكانت دي بلاثيو وصفت سياسة "أوبك" بأنها تشبه سلوك "الاحتكارات"، ودعت البلدان المستهلكة إلى البحث في إمكان طرح مشكلة السياسة النفطية في إطار منظمة التجارة الدولية. وستقدم دي بلاثيو ورقة عمل إلى المفوضية عن مستقبل قطاع الطاقة، بالإضافة إلى اقتراحات لتعزيز التنافسية في السوق الأوروبية في تشرين الأول اكتوبر المقبل. وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وصفوا قرار "أوبك" رفع الانتاج بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، وأعربوا عن استعداد دولهم لتشجيع قيام حوار بين الدول المصدرة والدول المستوردة للطاقة. ويعتبر المراقبون هذا الموقف سابقة مثيرة وانقلاباً في رأي الدول المستهلكة التي كانت ترفض منذ عقدين اقتراحات الحوار السياسي والاقتصادي التي عرضتها الدول المصدرة للنفط، خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي. وكانت المجموعة الخليجية اقترحت على الجانب الأوروبي مطلع التسعينات، في إطار مفاوضات التبادل التجاري الحر، صوغ اتفاق يؤمن إمدادات أوروبا بالنفط ومشتقاته "بأسعار معتدلة في مقابل فتح الأسواق الأوروبية، وخفض معدلات الضرائب على المحروقات". لكن الاتحاد رفض العرض الخليجي في حينه بحجة ان الأسعار تحددها القوى الفاعلة في السوق.