ذكرت مصادر وزارة الخارجية الأميركية أن تقريرين سريين وصلا الى واشنطن من سفارتين أميركيتين في عاصمتين أوروبيتين، يفيدان أن الوسيطين الدوليين اللورد أوين وتورفالد ستولتنبرغ يحاولان "ابتزاز" الرئيس البوسني علي عزت بيكوفيتش لاجباره على الموافقة على مخطط التقسيم الصربي - الكرواتي للبوسنة - الهرسك، عبر تهديده برفع توصية بانسحاب الأممالمتحدة بقواتها وهيئاتها الانسانية من البلاد، الأمر الذي يترك مسلمي البوسنة فريسة سهلة للصرب والكروات. وأضافت المصادر أن التقريرين لا يوضحان هل أبلغ الوسيطان الحكومة البوسنية هذا التهديد، أم أنهما سرباه الى عدد من الديبلوماسيين الأجانب في البلقان. لكن البعثة الأميركية في جنيف أرسلت برقية الى وزارة الخارجية نقلت فيها عن مندوبة المفوضية العليا للاجئين في يوغوسلافيا السابقة ساداكو أوغاتا قولها ان الوسيطين أبلغاها انهما سيوصيان بانسحاب الأممالمتحدة من المنطقة إذا رفض المسلمون الموافقة على التقسيم الصربي - الكرواتي. وعلى رغم ان الوسيطين نفيا صحة هذين التقريرين إلا أن جيمس غو الباحث في مركز الدفاعات الاستراتيجية في لندن يعتقد بأن باريسولندن تحضران للانسحاب من البوسنة - الهرسك، وان القوات الفرنسية والبريطانية ستعلن، في الأسابيع الستة المقبلة، خصوصاً إذا تزايد التدهور العسكري وظلت المفاوضات تراوح مكانها، انها "فعلت كل ما بوسعها، وان وجودها لم يعد له ما يبرره". وتزامن هذان التقريران السريان مع تقرير ثالث رفعه الى وزارة الخارجية الأميركية "فريق انساني" أميركي غادر ساراييفو، الاسبوع الماضي. ويؤكد ان المدينة المحاصرة ستحقق "معجزة كبرى" إذا صمدت أمام الحصار الصربي أكثر من اسبوعين أو ثلاثة. ويضيف ان الرادع الوحيد الذي منع الصرب من اجتياح المدينة وخوض قتال مباشر، هو وجود نحو 40 ألف جندي مسلم، أي أربعة أمثال عدد جنود مشاة الصرب، لكن النقص الحالي في المياه والوقود والأغذية سيشل جنود ساراييفو ويشجع الصرب على دخولها. في المقابل تقول المصادر البوسنية في لندن ان الرئيس بيكوفيتش تلقى نصائح المانية ودولية أخرى تدعوه الى الصمود في وجه الضغوط والى ايجاد مخرج للعودة الى طاولة المفاوضات، في اعقاب تصريحات وزير الخارجية البريطاني في طوكيو عن رفع حظر بيع الأسلحة عن جميع الأطراف و"ترك الحرب تستمر حتى يوم القيامة"، وتأكيدات وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه انه "خلال شهرين، على أبعد تقدير، سيكون من الصعب مواجهة المطالبين برفع الحظر". ومن هنا جاء مشروع الرئاسة البوسنية لاقامة فيديرالية أو كونفيديرالية بوسنية تجمع دولاً غير مقسمة على أسس عرقية، وتحافظ على كيان الجمهورية المعترف بها دولياً. وتضيف هذه المصادر ان الرئاسة البوسنية لا تأمل بموافقة الصرب والكروات على هذا المشروع، بل بايجاد حل وسط بينه وبين المشروع الصربي - الكرواتي، على قاعدة خطة فانس - أوين لتقسيم البلاد مقاطعات تضم أكثريات وأقليات من الصرب والمسلمين والكروات.