سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قاصة وكاتب مسرحي وممثل يتحدثون ل "الوسط" عن رؤية "الآخر" العربي الى الابداع السعودي . بدرية البشر : أبذل جهداً للوصول الى "الآخر" العربي وهو لا يسعى الى معرفة ابداعي
* راشد الشمراني: حين تعرفت الى المسرحيين العرب تكسر انبهاري بشخصياتهم * ناصر القصبي : "الآخر" العربي يكذب علينا بحب او يحب بكذب خلال السنوات العشر الأخيرة، استطاعت حركة الابداع الأدبي في المملكة العربية السعودية ان تتجاوز الحد الاقليمي الى النطاق العربي، فقد شارك المبدعون السعوديون، خلال هذه الفترة، في المهرجانات العربية السنوية: المربد الشعري في العراق، ومهرجان جرش الثقافي في الاردن، ومهرجان دمشق المسرحي، ومهرجان اصيلة في المغرب، ومهرجان الشباب العربي ومهرجان الشباب الخليجي. وعبر هذه المشاركات، استطاع المبدعون السعوديون ان يوصلوا "صوتاً مخضباً بكبرياء الخزامى، وبانعتاق الغلاة من قلائد الشوك"، وأن يعطوا صورة "لذلك المخبوء تحت هدأة الشفق". وحين يقرأ العربي "الآخر" نصاً حداثياً لشاعر او قاص سعودي، او يشاهد له مسرحية تجريبية او يطالع لوحة تجريدية، يصاب بالدهشة... فكيف لهذا الخارج للتو من بداوته، ان يواكب احدث الاشكال الابداعية، وأن يهز المبنى بتواصله مع كل التجارب المطروحة في المشرق والمغرب العربيين، وأن يحاول من خلالهما انتاج: "صرخة مبللة بخطوات لا يحدها فضاء". "الوسط" التقت القاصة بدرية البشر والكاتب المسرحي راشد الشمراني والممثل المسرحي ناصر القصبي، وحاورتهم حول رؤية "الآخر" العربي لتجربة الابداع الجديد في السعودية. بدرية البشر قالت القاصة بدرية البشر ل "الوسط": "للوهولة الاولى قد تحس بأن "الدهشة" التي نُقابل بها في كل المحافل الثقافية العربية، تخلق في داخلنا نوعاً من البهجة. والحقيقة ان هذا "الانبهار" بذلك المثقف الآتي من مدن الرمل، يولّد في ألماً طاغياً. فنحن نعي ان الاعلام يقدم هذا السعودي، او حتى الخليجي، على انه مجرد انسان مُترف، وأن من "المُبهر" ان تكون لهذا الانسان قدرة ابداعية ذات شكل حداثي متطور. الألم الذي اتحدث عنه، منشأة المقارنة التي اعقدها بيني وبين "الآخر" العربي، فأنا اجتهدت: سافرت الى معارض الكتب العربية، اشتريت كل الاصدارات الجديدة، حضرت المهرجانات على نفقتي الشخصية، التقيت المبدعين العرب وزودتهم بأعمالي وحصلت على اعمالهم... باختصار، لقد بذلت جهداً كبيراً كي اصل الى هذا "الآخر"، فلماذا لم يبذل هو مثل هذا الجهد لكي يصل اليه؟! لماذا يكتفي عندما يراني كمثقفة او مبدعة سعودية، ان يفتح فمه دهشة ثم يقول: "معقول؟! انا لا أصدق ان في السعودية كاتبات قصة او شاعرات او كاتبات مسرح او تشكيليات او مخرجات تلفزيون او صحافيات". لماذا لم يجتهد، مثلما نجتهد نحن، في كسر العزلة المفروضة علينا جميعاً؟! لقد ساهم النفط في دعم التطور الحضاري لبلادنا، والانسان لم يكن منعزلاً عن ميكانيكية هذا التطور. فلقد تمازج وبشكل تبادلي مع انسان العالم، متأثراً بالأزمات ومستجيباً للظواهر المستجدة، سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي او الثقافي. ومن خلال هذا المنطق البديهي، يكون من "المؤلم" ان يستقبلنا "الآخر" بهذا "الاستغراب"، الذي إن تمسك "الآخر" به، فإن من الطبيعي ان احكم عليه ب "القصور" او "الفوقية". هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فإن تجربتنا الابداعية تُقرأ ضمن هذا الاطار "الاستغرابي" ما يؤثر على موضوعية القراءة. فعندما أُوضعُ مع "حنان الشيخ" او "سحر خليفة" على طاولة نقد واحدة، فإن الناقد سوف يلتفت الى ابداعي الجديد على اساس انه استثنائي، في حين ان ابداع سحر او حنان مسألة طبيعية. مع انني انطلق مثلهما من هم ذاتي نابع من المحلية وممتزج مع الهم العربي من المحيط الى الخليج. صحيح ان ظروفي، كإمرأة مبدعة، اكثر صعوبة، إلا انني اشترك مع الكاتبات العربيات المجددات في كوني احفر بأظافري غيم الواقع العربي لأُمطر صوتاً مخضباً بكبرياء الخزامى، وبانعتاق الغلاة من قلائد الشوك". راشد الشمراني وقال الكابت المسرحي راشد الشمراني: "سأدخل الى المسألة من جانب آخر، جانب يمس طبيعة المشاركة الخارجية نفسها. بالنسبة لي، كانت مشاركتي المهرجانية الاولى كمؤلف مسرحي في مهرجان المسرح الخليجي الاول في الكويت عام 1985، وقبل ان تتاح لي فرصة المشاركة في هذا المهرجان وفي ما تلاه من المهرجانات المسرحية العربية، كنت أقرأ للرموز المسرحيين او عنهم. وكنت اجدني احوّل كل واحد منهم الى مثال عظيم لا يقبل الجدل. لذلك كانت فكرة ان اقف معهم على خشبة واحدة حلماً يؤرق وسائدي العبقة بالمسرح... فلم اكن اتخيل ان هذا الراكض منذ طفولته خلف اقواس النور، ستغمر سماءه شموس طالما اختبأ في دفاتر دفئها. في تلك الفترة، اقصد قبل مشاركاتي المهرجانية، كان الاخراج المسرحي هاجسي الاكبر، وتوقعت انني حين اشاهد الاعمال المسرحية لأولئك المخرجين الكبار، فإن فن الاخراج سيزداد تمكناً مني. لكنني اصطدمت بحقيقة مثيرة، وهي ان العالم الذي كنت انسجه للمسرح اكثر رونقاً مما شاهدته. لذلك، انكسرت تلك "القداسة" التي كنت احس بها. من هنا، دخلت تجربة الاخراج. المسألة حدثت بهذا الشكل التلقائي. لا اعرف الآن كيف "أعقلنها". كما انني لا احب ان ألبسها ثوباً نضالياً، فأقول ان لدي قضية مصيرية وأنني اريد ان اعبر عنها عبر التجمعات المسرحية العربية بشكل لا يقل فنية عن تجارب المسرحيين الذين سبقوني... ابداً، انا امتلك همي الخاص كإنسان وحين اعبّر عن نفسي مسرحياً، فإنني اعبر بذلك عن هموم ذلك الانسان المخبوء تحت هدأة الشفق. شاركت في مهرجان دمشق العاشر للفنون المسرحية عام 1987، وفي مهرجان المسرح التجريبي الاول في القاهرة عام 1989، واطلعت هناك على تجارب عربية دائمة مثل "القيامة" لزيناتي قدسية و "رقصة العلم" لجواد الأسدي و "المهندس والامبراطور آشور" لجهاد سعد، وأحسست من خلالها ان المسرح لا يمكن ان ينمو في ظل المعوقات التي يعيش مسرحنا المحلي تحت وطأتها، والتي تجعل من مشاركاتنا المهرجانية مجرد تسجيل حضور. ومن هذه الفرضية، أؤكد ان استقبال "الآخر" العربي لتجربتي يجب ان يكون موضوعياً. فهو اذا استقبل عملي بدهشة مصطنعة سيخدعني، واذا استقبله بفوقية سيحطمني... تسألني: ماذا تريده ان يفعل من أجلك؟!... ان يقبل صرختي مبللة بخطوات لا يحدها فضاء". ناصر القصبي وقال الممثل المسرحي ناصر القصبي: "قد تكون مشاركتي مع ممثلين عرب في اعمال تلفزيونية مدخلاً لما أريد ان اقوله في ما يتعلق برؤية "الآخر" العربي للابداع السعودي... وقفت امام الكاميرا مع ممثلين كبار مثل منى واصف وعبدالرحمن آل رشي ومحمود سعيد، وكنت أعي انني لا احظى بنجوميتهم، لكن هذا لا ينفي، وان كان عمر تجربتنا قصيراً، ان يكون من بيننا من هو متفرد او متميز، فهناك ممثلون سعوديون كسروا الطوق المحلي واصبحوا نجوماً معروفين على المستوى الخليجي والعربي. ونحن كممثلين نعي الفارق بين العمل "النخبوي" الذي نشارك فيه في المحافل المهرجانية والعمل "الجماهيري" الذي نوجهه للمتلقي المحلي. وهذا معناه ان هناك اكثر من "آخر". "الآخر" العربي غالباً ما يشاهد عملاً نخبوياً نتجاوز فيه ذواتنا ونعمل فيه بكل تعاون لكي نحقق طموحنا في الوقوف مع المبدعين العرب في خندق الاسئلة المرة... هذا "الآخر" له حساباته الخاصة وتصوراته التي تنطلق من خلفيته ومتابعاته... اما "الآخر" المحلي، فأنا أعي تفاصيله الدقيقة ولا أجد إشكالاً في التواصل معه. ومن هنا، لا اتحمس كثيراً للمشاركات المهرجانية، لأننا نحتاج اولاً الى بناء داخلي يؤهلنا للوقوف بالشكل الذي يعبر عنا عملياً كما اعبر نظرياً الآن... نحن الآن في مرحلة "التشكل"، وانتقالنا في هذه المرحلة الى الخارج، يؤثر علينا كثيراً... وأنا "استغرب" كيف "يدهش" الآخر عندما يحضر مشاركاتنا المسرحية الخارجية؟! هل هو يكذب بحب؟! ام يحب بكذب؟! يجب ان تعرف انني أعي ان الآخر العربي يدهش من التجربة السعودية لأسباب لا يعرفه إلا هو، لكن ذلك لا يؤلمني. ثلاث بطاقات * بدرية البشر: - تحضر حالياً للماجستير في علم الاجتماع عن الاسطورة الشعبية. - عملت في المجال الصحافي في جريدة "الرياض" لمدة 4 سنوات. - صدرت مجموعتها القصصية الاولى تحت عنوان "نهاية اللعبة" - دار الأرض - الرياض - 1992. * راشد الشمراني: - يحضر حالياً للماجستير في علم النفس الطبي. - أخرج اول مسرحية سعودية تجريبية للكاتب سعد الدوسري عام 1987. - تبنى حركة الابداع المسرحية الجديدة عبر عدد من النصوص الجادة منذ عام 1985 ولا يزال. ومن اهم اعماله: "مع الخيل يا عربان"، "ابن زريق ليمتيد"، "عويس التاسع عشر"... وهذه الاعمال كلها اخرجها المخرج السعودي الشاب عامر الحمود. - شارك كممثل في عدد من الاعمال والمسلسلات التلفزيونية مع ممثلين عرب كبار. * ناصر القصبي؟: - حاصل على البكالوريوس في الهندسة الزراعية. - شارك في المسرح الجامعي، جامعة الملك سعود بأعمال جادة لكبار المسرحيين العالميين مثل ويليام شكسبير وكبار المسرحيين العرب مثل سعدالله ونوس. - اول من أدى مسرحية سعودية "مونودرامية" للكاتب عبدالعزيز الصقبعي عام 1986. - شارك في معظم المهرجانات المسرحية العربية والخليجية خلال السنوات الثماني الماضية... وله عمل مسرحي للأطفال. - تلفزيونياً، شارك ممثلين عرباً وخليجيين وسعوديين في عدد من السهرات والمسلسلات بعضها من تأليفه.