رولان دوما صديقي وصديق والدي... ولست مسؤولة عن هزيمته في الانتخابات جهة عربية سربت نبأ اجتماع مزعوم في منزلي بين سوريين واسرائيليين آمل أن يتم تعيين مندوبة لسورية في الاونيسكو ناهد طلاس عجة. هذه السيدة العربية أثارت ما يشبه العاصفة السياسية في فرنسا وشغلت الأوساط السياسية والاعلامية فيها، ولا تزال. هذه السيدة، ابنة العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري وأرملة رجل الأعمال العربي الراحل أكرم عجة، "متهمة" بأنها صديقة رولان دوما وزير الخارجية الفرنسي السابق. وذهبت "التهمة" الى حد القول ان أحد أسباب سقوط دوما في الانتخابات النيابية التي جرت في آذار مارس الماضي هو صداقته. وهذه السيدة "متهمة" بأنها نظمت في منزلها لقاءً بين مسؤولين سوريين واسرائيليين. وهذه السيدة "متهمة" بأنها تقوم بنشاط واسع، سياسي واعلامي، لمصلحة بلدها سورية، ولمصلحة القضايا التي تؤمن بها. القصة مثيرة للاهتمام، بلا شك، اذ ندر أن شغلت سيدة عربية المجتمع الفرنسي كما فعلت وتفعل ناهد عجة. ما حقيقة القصة؟ "الوسط" التقت ناهد طلاس عجة في منزلها في باريس وتحاورت معها حول كل القضايا المثارة ضدها أو حولها، وكانت حصيلة هذا الحوار التحقيق الآتي: في عزّ الحملة الانتخابية التشريعية في فرنسا، برز ذات يوم في إحدى الصحف في باريس خبر يفيد ان "مؤسسة طلاس" المسجلة في ليشنشتاين ستقوم بتمويل شراء جهاز تصوير "سكانر" للمستشفى الحكومي في مدينة سارلات، الواقعة في منطقة دوردوني، وفي الدائرة الانتخابية التي يترشح للفوز بمقعدها النيابي وزير الخارجية السابق رولان دوما. الخبر تناقلته كل الصحف والاذاعات ومحطات التلفزة. وأُرسلت الى مدينة سارلات الصغيرة الفرق الصحافية لتسأل وتتحرى وتفهم، ولتجيب خصوصاً عن بعض الأسئلة والتساؤلات: ما هي "مؤسسة طلاس" التي لم يكن سمع عنها الكثيرون في فرنسا؟ من يموّلها؟ من يقف وراءها؟ وما هي أهدافها؟ ثم ذهب بعض الصحف الى حد التساؤل: هل يجوز ان تتدخل مؤسسة أجنبية، وإن من خلال أعمال خيرية وانسانية في الانتخابات الفرنسية وفي سياسة فرنسا الداخلية؟ ولماذا تصرف مؤسسة مسجلة في دولة ليشنشتاين مبلغ 7.5 مليون فرنك فرنسي لتجهيز مستشفى حكومي فرنسي بجهاز تصوير سكانر وعشية الانتخابات النيابية العامة؟ هذا الخبر انتشر في ذروة الحملة الانتخابية، خصوصاً ان المناخ العام كان مناخ فضائح تثار من هنا وهناك. الاشتراكيون الفرنسيون كانوا يمضون آخر أيامهم في السلطة، واليمين الفرنسي الذي شحذ أسلحته وشهرها بوجه خصمه اليساري يتأهب للحلول محله في موقع السلطة. ومع كل صباح، كانت الآذان تتلقط كل ما يشبه الفضيحة أو ما يمت اليها بصلة. وعندما انتشر خبر تجهيز مستشفى سارلات الحكومي بجهاز "سكانر" تبرعت به "مؤسسة طلاس"، اعتبرت صحف فرنسية عدة أنها أمسكت بخيط يتيح لها أن تذهب بعيداً، وذلك لأسباب عدة أهمها اثنان: الأول هو ان المؤسسة تحمل اسم وزير الدفاع السوري العماد مصطفى طلاس. وسورية لديها خصوم كثيرون في فرنسا. السبب الثاني له علاقة برولان دوما. ففي باريس أوساط سياسية واعلامية معينة تعتبر ان وزارة الخارجية قريبة من العرب ومناهضة للسياسة الاسرائيلية. وعندما وصل رولان دوما الى وزارة الخارجية خلفاً للوزير السابق كلود شيسون صديق العرب ايضاً عام 1984، دأبت الأوساط عينها على الترويج ان دوما يميل الى العرب على حساب اسرائيل. وجاءت مسألة تزويد مستشفى سارلات بجهاز "سكانر" لتقدم البرهان على صحة الانتقادات الموجهة الى دوما، الذي أراد خصومه اصابة رئيس الجمهورية عبر التعرّض لأحد أقرب المقربين اليه. وكأن الاشاعة تقول ان دوما يستفيد من أموال العرب، ولذلك فإنه يؤثر على سياسة فرنسا الخارجية لتكون موالية لهم. السبب الثالث يعود الى شخصية رئيسة "مؤسسة طلاس" أي الى السيدة ناهد طلاس عجة. ذلك ان ناهد عجة لا تخفي صداقتها لوزير الخارجية السابق رولان دوما الذي تقول عنه انه "صديق حقيقي للعرب". غير ان اسم ناهد عجة أصبح، وبسرعة، في كل الصحف والاذاعات، وأصبحت مثار اهتمام شديد. وحتى تكتمل الصورة وتزداد حشرية الناس الذين كانوا يرون ناهد عجة في بعض المناسبات الاجتماعية ويشاهدون صورها في بعض المجلات، الفرنسية والعربية، عمدت مجلة فرنسية، في هذا الوقت بالذات الى نشر خبر قالت فيه ان منزل ناهد عجة في باريس، شهد لقاء بين مسؤولين سوريين ومسؤولين اسرائيليين وان صاحبة البيت لعبت دوراً في ترتيب اللقاء. واذا بناهد عجة تظهر، فجأة، على أنها صاحبة دور، سواء في السياسة الفرنسية الداخلية أو في المفاوضات العربية - الاسرائيلية. وازداد التساؤل: من هي ناهد عجة التي على علاقة بوزير الخارجية والقادرة على لعب دور الوسيط بين عرب واسرائيليين؟ دوما صديقي ناهد عجة تحمل اسمين كلاهما يثير فضول الناس. فهي ابنة وزير الدفاع السوري العماد مصطفى طلاس، وهي من جهة ثانية أرملة أكرم عجة، رجل الأعمال الذي جمع ثروة طائلة ووزع أعماله على دول عدة. ولأن ناهد عجة ارتبطت بالاثنين معاً، فإن اسمها يثير الاهتمام، الأمر الذي ظهر بجلاء من خلال المسألتين السابقتين. وناهد عجة إمرأة شابة وغنية، جميلة ودينامية، دخلت منذ وفاة زوجها قبل عام ونصف عام عالم المال والأعمال، تحب السفر والتنقل والمبادرة. بدأ الحوار مع ناهد عجة بالأخبار التي نشرتها الصحافة عنها بشأن مستشفى سارلات ثم اللقاء السوري - الاسرائيلي في بيتها. قالت ناهد عجة انها "صدمت" و"تملكتها الدهشة" إزاء الضجة التي أثارها الاعلان عن عزم "مؤسسة طلاس" على تمويل شراء جهاز سكانر لمستشفى سارلات. وأضافت: "أحياناً لا أفهم ما جرى ولا أفهم ردود فعل الصحافة. وأتصور أنني لو كنت إمرأة أميركية أو هولندية مثلاً، بدل كوني إمرأة عربية، فانني واثقة من ان مبادرة مؤسستي كانت ستلاقى بالاستحسان والشكر". وتروي لنا ناهد عجة هذه القصة من أولها: "الحقيقة ان رولان دوما صديق لوالدي العماد طلاس وصديق لي، وأنا أعرفه منذ سنوات طويلة، كما أعرف غيره من الشخصيات الفرنسية. وقصة جهاز سكانر عمرها ما لا يقل عن عشرة أشهر، أي انها تسبق الانتخابات النيابية بزمن طويل. وقد سألني رولان دوما، في تلك الفترة، ما إذا كانت مؤسستي مستعدة لمساعدة مستشفى سارلات التي تفتقر الى عدد من التجهيزات الأساسية. وكان جوابي: لتتقدم مستشفى سارلات بطلب رسمي الى المؤسسة التي أرأسها وسنرى ما يمكننا فعله. وهذا ما حصل. فقد طلبت منا المستشفى رسمياً مساعدتها على شراء جهاز سكانر، الأمر الذي وافقنا عليه. غير ان إدارة المستشفى قالت لاحقاً ان استخدام الجهاز يستلزم بناء جناح جديد في المستشفى وذلك يحتاج الى إذن من وزارة الصحة. وكان ردنا: هذا شأنكم. قوموا بما يلزم وعندما تصبحون جاهزين، سنكون بانتظاركم. وإذا بالقصة تظهر في الصحافة على الشكل الذي ظهرت فيه وتستغل بشكل مخجل". وتستطرد ناهد عجة: "اعتقد أن هذه القصة أساءت الى رولان دوما الذي خسر الانتخابات النيابية. غير أنني لا أشعر اطلاقاً بأنني مسؤولة عن هذه الخسارة. العمل السياسي يعني التحولات، ففيه فترات صعود ولكن فيه أيضاً فترات خسارة ونزول". "لم أجمع السوريين والاسرائيليين" كانت هذه المسألة مناسبة لناهد عجة حتى تقدم لنا مؤسستها التي "لا علاقة لها بمصطفى طلاس أو بسورية". وتؤكد لنا ناهد عجة انها تمولها من مالها الخاص. اما لماذا تحمل المؤسسة اسم "طلاس" فذلك مرده الى وجود مؤسسة أخرى تحمل اسم أكرم عجة. ولذلكك فإن المؤسسة التي رأت النور عام 1988 اتجهت نحو نشاطات تختلف عن نشاطات "مؤسسة عجة". وتؤكد ناهد عجة ان مؤسستها التي ترأسها بنفسها "تساعد الكثير من الناس، العرب والأجانب، ونحن اليوم نسعى لتوسيع أفق المؤسسة ونبدي استعدادنا للمساعدة متى وجدنا ان المشاريع المقترحة جدية وتستحق عوننا". ووفق ناهد عجة، فإن المبلغ الذي انفقته على المؤسسة حتى الآن يتجاوز العشرين مليون فرنك فرنسي. ومن الأبواب التي تم الانفاق عليها ترميم مكتبة شاركو في مستشفى سالباتريير في باريس وتقديم منح دراسية لأطباء في الطب العام والبيولوجيا وغيرهما وتمويل نشاطات أطباء أميركيين في فرنسا بغرض التعليم واحياء ندوات دراسية. وتكشف لنا ناهد عجة ان من بين المشاريع التي تمولها "مؤسسة طلاس" ترميم قصر شانتيي الشهير شمال باريس. وستبدأ أعمال الترميم في شهر حزيران يونيو المقبل. ومن مشاريع المؤسسة انشاء جائزة أدبية في شهر ايلول سبتمبر المقبل تكافئ كتّاباً يبدعون باللغة الفرنسية، بغض النظر عن جنسياتهم. غير ان المشروع الأهم الذي تتحدث عنه ناهد عجة بكثير من الاقتناع والقوة فهو انشاء ميتم في دمشق للعناية بالأطفال اليتامى. وتقول لنا ناهد عجة ان مؤسستها اشترت قطعة الأرض التي سيقام عليها الميتم الذي تريده فريداً من نوعه في الشرق الأوسط اذ أنه سيحضن الطفل حتى سن الثامنة عشرة ويتكفل به طيلة أشهر السنة. وستضاف الى الميتم مدرسة كاملة التجهيز. والمؤسسة بصدد الاتفاق مع أساتذة يتولون إدارة المدرسة والتعليم فيها. ومن جديد هذا المشروع انه يضع بتصرف الميتم أرضاً واسعة تتيح للأطفال العناية بالزهور واكتشاف الطبيعة وتضمن لهم تنشئة متوازنة بعيدة عن حرمان الشوارع وقسوة الحياة. عندما تسأل ناهد عجة عما تحب في الحياة، تجيب بأنها تحب السياسة وتتمنى أن تتاح لها الفرصة لتقوم بدور ما. غير أنها تسارع لتنفي الخبر الذي يفيد أنها نظمت لقاء في بيتها بين مسؤولين سوريين واسرائيليين. وتضيف موجهة اصابع الاتهام: "هذه القصة مختلقة من أساسها. لم يطلب مني أحد أن أنظم مثل هذا اللقاء وليس من مهمتي أن أسعى لتحقيق لقاء بين السوريين والاسرائيليين. الخبر سخيف وأنا أعرف الأشخاص الذين أطلقوه والذين روّجوا له ومرروه الى الصحافة. أعرفهم جيداً فهم من العرب وغرضهم الوحيد الاساءة إليّ. آمل ان يفهموا انني عرفت بصماتهم، لذلك فإن قدرتهم على الاساءة محدودة. وأؤكد ان هذه القصة لا تؤثر فيّ اطلاقاً". مندوبة سورية في الاونيسكو اذا كانت ناهد عجة تنفي ان تكون أخبار الصحف التي تناولتها نالت منها او اثرت فيها، فانها تتكلم عنها بشيء من الانزعاج. غير انها تسارع الى التأكيد انها ستستمر في السعي الى ترجمة عدد من الافكار الى وقائع. وتلاحظ ناهد عجة ان صورة العرب في الصحافة الاجنبية، والفرنسية على وجه الخصوص، سيئة. وتتساءل: "هل العرب او الذين يملكون الوسائل اللازمة من بينهم عاجزون عن تغيير هذه الصورة او التأثير عليها؟". تؤكد ناهد عجة ان قدرة رجال الاعمال العرب على التأثير في الميدان الاعلامي مرهونة برغبتهم في التحرك وبالاستراتيجية الاعلامية التي يتبنونها. لكنها تلاحظ ان هذه الاستراتيجية غير موجودة، وحتى الآن "لم نرَ رجال الاعمال العرب الذين تتجمع في ايديهم ثروات كبيرة يتفقون في ما بينهم حتى تكون لهم حصص معينة في وسائل الاعلام الفرنسية، ان في اذاعة او في تلفزيون او في صحيفة". وهذا التساؤل شرعي، خصوصاً ان الصحافة الفرنسية تجتاز ازمة خانقة بسبب التنافس وتناقص الموارد الاعلامية. وتعطي ناهد عجة مثل القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي التي أفلست وطرحت للبيع كفرصة كانت في متناول العرب حتى يكون لهم صوت مسموع، وتسأل: لماذا لم يستغل القادرون من العرب، الموجودون في فرنسا او خارجها، هذه الفرصة النادرة؟ ونفهم من كلام ناهد عجة ومن الحماس الذي يرشح في حديثها عن هذا الموضوع انه ربما تكون لديها مشاريع اعلامية. وتقول ناهد عجة: "أريد ان تكون صورة العربي في فرنسا جيدة وأتمنى ان نتخلّص من صورة العربي السيىء والشرير الذائعة في وسائل الاعلام. احب ان أقوم بشيء ما من اجل سورية ومن اجل البلاد العربية. غير انني اعتقد ان مشروعاً جماعياً ربما يكون اكثر فائدة وأكثر تأثيراً. ولذلك اذا عثرت على من يبدي استعداداً للسير في مشروع جماعي، فانني جاهزة". وعندما نقول لناهد عجة اننا سمعنا اخباراً عن سعيها لتكوين "مجموعة ضغط" غرضها تحسين صورة سورية في فرنسا والدفاع عن مصالحها، ترد على ذلك ببعض التحفظ وبأنها لا تريد "الافاضة في الحديث الآن فربما يكون ذلك مزعجاً". غير انها تضيف: "ان مشروعي هو ان أغيّر صورة سورية التي اعتقد انها تحمل الكثير من التجنّي. وأنا اسعى للاستفادة من صداقاتي وعلاقاتي لتحسين هذه الصورة. ولا نريد، لأجل هذا الغرض، ان نقيم مؤسسات او جمعيات، فمثل هذه الجمعيات موجود ولا فائدة ترجى من اضافة جمعية جديدة. ما نريده هو ان نعمل الى جانب هذه الجمعيات وفي الميدان السياسي". اما عن الاخبار التي تقول ان ناهد عجة ستعيّن مندوبة سورية الدائمة لدى الاونيسكو في باريس فانها تعلق عليها قائلة: "انا آمل ذلك. عندي اليوم بعض المشاغل الشخصية التي اود الانتهاء منها واعطي نفسي مهلة زمنية حتى الخريف المقبل. وهذا التعيين ربما يحصل في الخريف". اذا كانت ناهد عجة تعشق السياسة وتحب العمل العام، فانها في حياتها الخاصة تريد ان تتعلم الصبر. فهي تضج بألف فكرة وفكرة وتقول عن نفسها وعن باريس التي تعيش فيها منذ 15 عاماً: "احب باريس وطريقة الحياة فيها. احب نسقها ووقعها السريع. لا اتحمل بطء الحياة في بعض الدول لأنني احب الحياة الممتلئة وأريد ان استفيد من كل لحظة حتى أقوم بما أحبّ". ناهد عجة في سباق مع الوقت. فقد دخلت، كما اخبرتنا، عالم الاعمال "وبدأت اوجد لنفسي اعمالي الخاصة وذلك منذ عام". وفهمنا منها انها تهتم بشركات تعمل في القطاع النفطي وان لديها مشاريع توظيف في القطاع الفندقي والسياحي في سورية "التي تعيش مرحلة اقتصادية جديدة، خصوصاً بعد اقرار القوانين التي تتيح حرية العمل والحركة". وهي ايضاً تسافر كثيراً وتهتم بمؤسساتها وعندها التزامات اجتماعية عديدة ونشاطات متنوعة. غير ان ناهد عجة هي خصوصاً أم لصبيّ عمره سبع سنوات واسمه اكرم على اسم والده، تقول عنه انها تهتم به كثيراً. وتقول كذلك انها تحب المسرح والاوبرا والرسم وترتاد كثيراً صالات العرض وتحب ايضاً الموسيقى. ومن بين كبار الموسيقيين، لها ميل خاص لفرانز ليست وفاغنر. ومن اجل سماع فاغنر، فانها تذهب الى مدينة بيروث سنوياً لحضور المهرجان الموسيقي الخاص به. اذا كانت حياة اي انسان تندرج على مراحل، بينها تواصل او انقطاع، واذا كان كل منا يفضّل هذه المرحلة او تلك، فان ناهد عجة ترفض هذه المقاربة وهي تعتبر ان "كل لحظة في حياة كائن انساني هي لحظة فريدة من نوعها. ولكن عندنا ميل الى ان ننسى اننا نعيش هذه اللحظات". ومع ذلك، فان ناهد عجة تعتبر ان الخط الفاصل في حياتها، كما تراه الآن، يقع عند تعرّفها على اكرم عجة وزواجها منه قبل 15 عاماً واستقرارها في باريس. ناهد عجة ولدت في حلب وتنقلت مع عائلتها في امكنة كثيرة، فعاشت في مصر وحمص ودمشق. والانقطاع كما تراه هي، قائم بين حياتها قبل الزواج وحياتها بعد الزواج. لقاء في مطار في عالم ناهد عجة، يحتل اكرم عجة مكاناً كبيراً. وكما تقول ناهد عجة، يبدو انه يستمر في احتلال هذا المكان. وتتحدث عن حياتها مع اكرم عجة بمزيج من السعادة والألم، حيث اللحظة الراهنة تختلط بعالم الذكريات. فهي تعرفت اليه في مطار دمشق، يوم عيد ميلاده. وتتحدث ناهد عجة عن هذه العلاقة التي آلت سريعاً الى الزواج مع رجل متزوج سابقاً وعنده اولاد وعلاقات وتاريخ ويتمتع بثروة كبيرة وشهرة. تقول ناهد عجة: "لم يكن من السهل عليّ ان اكون امرأة اكرم عجة وهو من جانبه لم يسهّل لي حياتي. كان متطلباً كثيراً، وعلّمني ان اكون بدوري متطلبة. وبامكاني ان اقول ان الحياة معه كانت صعبة للغاية، وقد عرفنا في حياتنا المشتركة لحظات عصيبة". غير ان ما تقوله ناهد عجة ليس سوى وجه واحد من علاقتها مع اكرم عجة الذي تقول عنه انه "كان يتمتع بالكثير من الخصال التي لا يمكن ان تجدها عند رجل آخر". ففي حياتها معه عرفت السعادة وتعلّمت كثيراً. على رغم فارق العمر وربما بسببه - وهي ابنة الثمانية عشر ربيعاً - وفارق العقلية وفارق التجربة في الحياة. وكل هذه الفوارق لا تسهل الانسجام والوئام والتفاهم. لكن هذه الصعوبات لم تخفف او لم تقتل الجذوة التي تشتعل في نفس ناهد عجة لزوجها وهي تقول: "اذا كان لي ان اعيد التاريخ الى الوراء، فانني سأقوم بما قمت به. بعد اكرم عجة لن اتزوج اطلاقاً. عندما نتعرف على رجل مثل اكرم عجة، فمن الصعب ان نقبل رجلاً آخر. صحيح عشنا لحظات قاسية ولكننا عرفنا اياماً سعيدة. اكرم عجة علمني الحياة وأنا أدين له بكل شيء. عندما تعرفت عليه، كنت على موعد مع الحظ. كنت معجبة بذكائه الذي يدفع به الى المبادرة والمغامرة وأنا احاول ان اقتدي به وأستفيد من تجاربه. كنت اندهش من قدرته على العمل المستمر الذي لا ينقطع". وتتحدث ناهد عجة عن الرئيس حافظ الأسد الذي "اكتسبت الكثير من معاشرتنا له اذ ان اول ما يعلمنا اياه هو الصبر واعتبر انه من بين ألمع رجال السياسة المعاصرين". وتتحدث ايضاً عن الرئيس الفرنسي ميتران "الذي يسحر بذكائه وبثقافته الواسعة والمتنوعة". وتقول ناهد عجة: "ميتران سحرني كثيراً" وتردد الشيء نفسه عن المستشار النمسوي الاسبق برونو كرايسكي الذي كان رجلاً "بالغ الاهمية والتأثير". غير ان لناهد عجة مشكلة تقلقها وتسبب لها الكثير من الحزن وتتمثل في خلافها مع قسم من عائلة زوجها حول الارث. واذا كانت ناهد عجة تؤكد انها تتسلح، لمواجهة هذه المشكلة، "بالنية الحسنة والارادة الطيبة"، رغبة منها في عدم الانتقال الى المحاكم للفصل في هذا الخلاف، الا انها لا تريد اطلاقاً ان تكون مشكلة الارث عائقاً امام تنفيذ مشاريعها وأفكارها. ووفق تقديراتها، فانها تعتقد ان المشكلة ستحل خلال عام او ربما قبل ذلك. هكذا تعيش ناهد عجة التي تحولت، مع الوقت، نجمة من نجوم المجتمع في باريس. هي تتمتع بشخصية غنية وتهرب من الاحكام الجاهزة والافكار المسطحة. ومن جهة، هي ترغب في ان تقوم بعمل ما، بدور ما، على الصعيد العام. ومن جهة اخرى، تريد ان تحمي حياتها الشخصية والعائلية. والتوازن بين هذين الدورين ليس سهلاً.