أقدمت الحكومة السودانية على خطوة تصعيدية جديدة في نزاعها مع مصر حول مثلث حلايب، اذ قررت توجيه مذكرة احتجاج رسمية الى مجلس الأمن الدولي على قيام مصر بادخال قواتها الى منطقة حلايب المتنازع عليها بين البلدين. وقال مدير الادارة السياسية بالوكالة في وزارة الخارجية السودانية السفير حسن عابدين ان السودان سيتقدم بمذكرات مماثلة الى الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الافريقية ومنظمة المؤتمر الاسلامي استناداً الى ما أوردته منظمة الوحدة الافريقية في ميثاقها بوجوب عدم تغيير الحدود الموروثة من الاستعمار بين الدول الافريقية. وقال ان المذكرة المرفوعة الى الأممالمتحدة والتي تأتي استكمالاً لشكوى سابقة تطالب مجلس الأمن بالعمل على وقف خطوات مصر "لتمصير حلايب". وقال وزير الداخلية السوداني العميد عبدالرحيم حسين ان الوجود المصري في حلايب ارتفع الى لواءين بقوة عشرة آلاف جندي، وان القوات المصرية عادت وحاصرت مركز الشرطة السودانية في مدينة شلاتين وتمركزت قرب جبل علامات شرق حلايب. وأضاف ان التصعيد المصري للموقف سيدفعنا "لاعادة النظر في كل الاتفاقات الموقعة مع مصر". وعزا حسين الموقف المصري الى أسباب عدة منها "جهود السودان لاستغلال كل حصة من مياه النيل التي كان يذهب جزء كبير منها لمصر". وأوضح ان الوجود المصري في مثلث حلايب "بدأ في 1970 عندما طلبت مصر من السودان السماح بافتتاح نقاط عسكرية مصرية صغيرة محدودة العدد والقوات لمراقبة طلعات الطيران الاسرائيلي ولم يطلب السودان اغلاقها حتى 1991 لأسباب اخوية، حتى بدء التصعيد باعتراض مصر على قيام السودان بمنح شركة بترول كندية حق التنقيب في المنطقة". في القاهرة أكد ناجي الغطريفي الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية ل "الوسط"، رداً على الحملة السودانية، "ان الجيش المصري لن يرفع السلاح ضد السودان". وبدا واضحاً ان المسؤولين المصريين لا يريدون الوقوع في "فخ" تصعيد الأزمة مع السودان، وهو ما يسعى اليه نظام الرئيس عمر حسن البشير على ما يبدو. وضمن هذا الاطار وجهت مصر الدعوة الى الرئيس السوداني البشير لحضور اجتماعات قمة الدول الافريقية التي ستعقد الشهر المقبل في القاهرة. وأكد الغطريفي ل "الوسط" ان بلاده لن تتنازل عن سيادتها على حلايب وان هناك اتفاقية رسمت الحدود بين البلدين عام 1899 تم تعديلها عام 1902، وان القيادة السودانية تعلم ذلك تماماً وتمضي على رغم ذلك في تصعيد الأزمة مع مصر من دون أي مبرر. وانتقد الدكتور صديق بولاد وهو مسؤول كبير في حزب الأمة السوداني بشدة تصرفات نظام الرئيس عمر حسن البشير واسلوب تعامله مع مصر ووصف نهج البشير بأنه "غوغائي ويهدف الى تحويل أنظار الشعب السوداني عن المأساة التي يعيشها بعد فشل الحكم الحالي على المستويين الداخلي والخارجي"، مشيراً الى "ان الهجمة السودانية الأخيرة على مصر ترمي الى توفير غطاء وساتر لإيواء المتطرفين والارهابيين، ولما تقوم به من تدخلات وتهديدات لأمن مصر ودول الجوار خصوصاً في القرن الافريقي". وشدد بولاد على "ان محاولات البشير اليائسة لخداع شعبه مفضوحة أمام الجميع ومحكوم عليها بالفشل لأن الشعب السوداني يعرف حقيقة مصر ودورها". ومن جهته قال الدكتور محمد عبداللاه رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس الشعب المصري ل "الوسط" ان تصعيد السودان للتوتر في المنطقة الحدودية يهدف الى تغطية فشل النظام السوداني في احتواء الأزمات الداخلية الحادة، وأكد ان مصر لن ترفع السلاح ضد الشعب السوداني، وان "على النظام هناك ان يعي ان استمرار السياسات العدوانية السودانية يؤثر سلباً على الشعب السوداني". وفند محمد عبداللاه ادعاء السودان ان مصر تحاول شغل حكومة الخرطوم عن الجنوب وإفشال محادثات أبوجا بين ممثلي هذه الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق، وأكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامة شعبه. وحول التداعيات الاقتصادية في السودان كشف تقرير اقتصادي لحزب الأمة السوداني في القاهرة عن عجز حكومة البشير عن توفير التمويل لمدخلات الانتاج الزراعي وان خطر المجاعة سيستمر، وكشف عن تخفيض اعتمادات التنمية بنسبة 30 في المئة وتخفيض الاعتمادات الجارية بنسبة 15 في المئة، وان صافي العجز سيصل الى 34 بليون جنيه سوداني. كما أوضح التقرير ان حجم الصادرات السودانية لن يتجاوز 230 مليون دولار وان العزلة الخارجية التي يعيشها نظام البشير خفضت حجم التمويل الخارجي الى 18 بليون جنيه سوداني بدلاً من 48 بليون جنيه كما كان مقرراً، فضلاً عن تدني سعر العملة السودانية.