جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تحتفي بقائد إنجازاتها معالي الدكتور عبدالله الربيش    «التجارة» للشركات: 20 يوماً متبقية على مهلة تعديل عقد التأسيس    سوق الأسهم السعودية ينهي أولى جلسات الأسبوع كاسبا 33 نقطة    تأجيل نهائي خليجي 26    الأمير سعود بن نهار يلتقي قائد القوات الخاصة لأمن الطرق بالطائف    الحقيل يفتتح فعاليات الشارع الثقافي في الواجهة البحرية الشمالية بجازان    تجمع الرياض الصحي الأول ينظم ماراثون "عائلتي تمشي"    الرياض تحتضن بطولة دواثلون الخليج 2024 وتُتوَّج بإنجاز سعودي مميز    هل تعود موسكو لنشر الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى؟    "أمير الرياض" يطلع على جهود وأعمال الجمعية السعودية لحكام كرة القدم    "تعليم الطائف" يستعرض نظام الدعم الموحد لتحسين مستوى الخدمات بالمدارس    المحتوى المحلي والمشتريات تعلن إضافة 122 منتجاً في القائمة الإلزامية    من أعلام جازان.. الدكتورة بدرية بنت محمد أحمد البهكلي    المملكة تعزي جمهورية كوريا إثر حادث تحطم طائرة ركاب في مطار موان الدولي    مستشفى أحد رفيدة ينفّذ حملة "لقاح الانفلونزا الموسمية"    "الهيئة العامة للإحصاء" تنشر إحصاءات الأمن الغذائي لعام 2023م    فنٌّ ينبض بالهوية.. ماجد حملي رحلة الإبداع بين التراث والحداث    179 قتيلا في تحطم طائرة كوريا الجنوبية    الجامعة الأهلية بالبحرين: إطلاق منتدى الدكتوراه الاول للاعلام الرقمي في البحرين    "الأرصاد": التوقع بهطول أمطار على معظم مناطق المملكة    شرطة الرياض تضبط شخصين عبثا بوسائل السلامة في محطة انتظار نقل عام    الأزهر يدين حرق الكيان الإرهابي لمستشفى كمال عدوان في قطاع غزة    خادم الحرمين يتلقى رسالة من الرئيس الروسي.. القيادة تعزي رئيس أذربيجان في ضحايا حادث الطائرة    وزير الدفاع يلتقي قائد الجيش اللبناني    واتساب تختبر مزايا ذكاء اصطناعي جديدة    المملكة تعزز الأمان النووي والإشعاعي    أسعار النفط ترتفع.. برنت فوق 74 دولاراً    مبادرات تطوعية    "روشن" تضع حجر الأساس لمجتمع "المنار" في مكة المكرمة    السعودية تحصد ثمار إصلاحاتها ورؤيتها الإستراتيجية    الجماهير السعودية تحتفل بتأهل الأخضر لنصف نهائي «خليجي 26»    في إطار الجهود المبذولة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.. إطلاق فعالية «ليالي الفيلم الصيني»    «عزف بين التراث والمستقبل».. متحف طارق عبدالحكيم يحتفي بذكراه السنوية الأولى    "الرياض آرت" يُعلن مشاركة 30 فنانًا من 23 دولة في ملتقى طويق الدولي للنحت    من دفتر الأيام: مشوار في قصرغرناطة بأسبانيا    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من بوتين    ضيوف "برنامج خادم الحرمين" يزورون مصنع الكسوة    تقدير دعم المملكة لقيم الاعتدال حول العالم    في المرحلة ال 19 من الدوري الإنجليزي.. ليفربول في اختبار وست هام.. وسيتي لإيقاف نزيف النقاط أمام ليستر    طريقة عمل شيش طاووق مشوي بالفرن    أحد رفيدة وزحام العيادات.. مطالبات بمركز متخصص للأسنان    5 سمات شخصية تميز المتزوجين    5 آلاف خطوة يوميا تكافح الاكتئاب    المطار.. عودة الكدادة !    منصة X: الطريق إلى القمة أو للقاع    ماسك يؤكد دعمه حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف    شولتس: لا أنام إلا قليلاً رغم أني من محبي النوم لفترة طويلة    المنتدى السعودي للإعلام يطلق معسكرًا لتطوير الإعلام السعودي بالذكاء الاصطناعي    من الشهرة إلى الثروة: هل نحتاج إلى رقابة مالية على المؤثرين؟    قائد "الأخضر" سالم الدوسري يحصل على جائزة رجل مباراة السعودية والعراق    «الفنيلة والسروال» والذوق العام    «حمام الحرم» يستوقف المعتمرين    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيسة الهند في وفاة رئيس الوزراء السابق    "الإسلامية" تؤهل الأئمة والخطباء والدعاة في تايلند    إسرائيل تتمسك باستهداف المستشفيات    أمير القصيم يرعى حفل جائزة الذكير لتكريم 203 طلاب متفوقين    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عواصف السياسة تؤرجح حلايب بين السودان ومصر
نشر في الوطن يوم 25 - 05 - 2016

أعادت الذكرى المئوية لمعاهدة سايكس بيكو التي قسمت العالم العربي، إلى الأذهان مرارة ما خلفته تلك الاتفاقية من تداعيات سلبية في أكثر من منطقة عربية متنازع عليها بين دولتين جارتين، كحال مصر والسودان، اللتين تتنازعان على مثلث حلايب وشلاتين منذ عام 1958، إذ يدعي كل طرف أحقيته في المنطقة، مقدما حججا وبراهين تعضد مزاعمه. وبين سيطرة تتأرجح بين سودانية ومصرية وصناديق انتخابات لإثبات الملكية، وتوغل عسكري لحسم المسألة، مرت قصة حلايب بمراحل متعددة، ولم تزل تتحدى التاريخ والجغرافيا.
تجدد الأزمة
في مطلع 2014 تجددت الأزمة بفعل تصريحات سودانية أكدت تبعية المنطقة بصورة كاملة للسودان، وأخرى مصرية نادت من ناحيتها بتبعية حلايب للقاهرة. وفي العام الحالي، جددت تصريحات متبادلة بين البلدين النزاع على مثلث حلايب، واستمر التوتر الكلامي، حتى ناقش البرلمان السوداني أوائل مايو الجاري، للمرة الأولى، قضية مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه، معلنا تمسكه بالسيادة على المثلث، كما طالب حكومة الرئيس عمر البشير بالعمل الجاد على استعادته في أقرب فرصة ممكنة.
جاء ذلك، بعد إعلان تحركات مصرية لإنشاء أول محكمة تخدم مواطني منطقة حلايب وشلاتين وأبو رماد، بدلا من اعتمادهم على محكمة البحر الأحمر في الغردقة.
تسلسل تاريخي
كان ترسيم الحدود بين مصر والسودان -وفق اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا عام 1899- حدد مثلث حلايب وشلاتين داخل الحدود السياسية المصرية، لكن الاحتلال البريطاني الذي كان يحكم البلدين آنذاك، عاد في 1902 فجعل المثلث تابعا للإدارة السودانية، بحجة أن المثلث أقرب للخرطوم منه إلى القاهرة، وظلت المنطقة التي تبلغ مساحتها قرابة 21 ألف كيلومتر مربع، وتوجد بها ثلاث بلدات كبرى هي: حلايب، وأبورماد، وشلاتين، تابعة للسودان منذ عام 1902.
وفي 1958 أعلنت القاهرة رغبتها في استرجاع المنطقة، والعودة مجددا إلى التخطيط الأول لاتفاقية 1899، واعتماده ليكون خطا نهائيا للحدود بين البلدين، وأرسل الرئيس المصري آنذاك، جمال عبدالناصر، قوات إلى المنطقة في 18 فبراير 1958، مما أثار خلافا كاد أن يتحول إلى نزاع حدودي مسلح، لولا التوصل إلى تفاهم أبقى منطقة حلايب خاضعة للسيادة المزدوجة.
وفي يونيو 1995، جددت محاولة اغتيال الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، في قمة أديس أبابا، الخلاف القديم بين القاهرة والخرطوم، وذلك بعد أن اتهمت الحكومة المصرية نظيرتها السودانية بالتخطيط لعملية الاغتيال، ورفض مبارك مشاركة مصر في مفاوضات وزراء خارجية منظمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا لحل النزاع الحدودي.
انتخابات مزدوجة
عام 2000 حاصرت حكومة مبارك المنطقة المتنازع عليها، وطردت القوات السودانية منها، وما تزال القوات المصرية تفرض سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين.
وبعد أربع سنوات، أعلنت الحكومة السودانية أنها لم تتخلّ عن إدارة المنطقة، ولم تهجرها أو تسلمها للمصريين، مؤكدة تقديم مذكرة بسحب القوات المصرية إلى الأمم المتحدة.
كما قام مؤتمر البجا في ولاية البحر الأحمر في السودان بتوقيع مذكرة لاسترجاع إدارة المنطقة للسودان.
وفي 2010 اعتمدت الحكومة السودانية حلايب بصفتها دائرة انتخابية سودانية تابعة لولاية البحر الأحمر، وأقرت المفوضية القومية حق التصويت في الانتخابات السودانية لأهالي حلايب باعتبارهم مواطنين سودانيين، لكن سكان المنطقة من البشاريين انتقدوا تقاعس الحكومة المركزية في إتمام العملية.
وفي نوفمبر 2011 شملت الانتخابات البرلمانية المصرية مثلث حلايب، ونقلت صناديق الانتخاب إلى الغردقة في محافظة البحر الأحمر، بطائرة مروحية عسكرية مصرية لفرز الأصوات فيها. وفي أواخر أبريل 2013 زار رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق صدقي صبحي السودان، وأوصل رسالة حاسمة تؤكد أن "حلايب وشلاتين أرض مصرية خالصة، ولا تفريط فيها". وهي التصريحات التي رفضها مسؤولون سودانيون، ووصفوها بأنها "غطرسة غير مقبولة".
تعهدات مرسي
عادت القضية إلى واجهة الضوء مجددا في عهد الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي الذي أكدت مصادر سودانية أنه أقر بتبعية حلايب للسودان، وتعهد بإعادة المثلث إلى السيادة السودانية.
وبثت فضائية "النهار" المصرية تسجيلا صوتيا نسبته إلى وزير البيئة السوداني، حسين عبدالقادر هلال، أكد فيه أن مرسي أبدى استعداده لإعادة منطقة حلايب وشلاتين للسودان.
وأضاف هلال في التسجيل الصوتي، أن نظام مبارك كان يرفض مجرد التفاوض مع السودان لحل القضية العالقة بينهما. مشيرا إلى أن حلايب وشلاتين منطقة مشتركة ومن الأفضل أن يتم استغلالها لصالح البلدين.
كما أفادت أنباء بأن الرئيس السوداني عُمر البشير طرح ملف مثلث حلايب وشلاتين خلال اجتماعه بالرئيس مرسي الذي وافق على مبدأ إعادتها للسودان، الأمر الذي نفته الرئاسة المصرية خلال مؤتمر صحفي فيما بعد.
يشير عدد من المثقفين السودانيين ونظرائهم المصريين، إلى أن قضية حلايب لن تجد طريقها إلى الحل، مشيرين إلى أن الحكومات المتعاقبة على البلدين تريد استغلالها لصرف النظر عن المشكلات الداخلية التي تواجهها، إذ يتم إثارة القضية لشغل الرأي العام عن المشكلات الاقتصادية التي تتفاقم في هذا البلد أو ذاك، مؤكدين أن العلاقة بين الشعبين الشقيقين أكبر من أن تتأثر بقضية حلايب.
كما أن هناك قناعة مشتركة في البلدين، مفادها أن الحكومتين مطالبتان بالعمل على تحسين وضع شعبيهما، والانصراف إلى حل القضايا الشائكة التي تواجه المواطنين في قلب القاهرة والخرطوم، بدلا من الانصراف إلى قضايا مناطق طرفية حدودية، لا يعاني سكانها من أي مشكلات بسبب الوضع الذي يعيشون فيه حاليا.
حجج الطرفين
وفقا لمصادر مستقلة، يتمسك السودان بحجج، منها أن الخرطوم تمكنت فعليا من حيازة مثلث حلايب في فترة من الفترات، وظلت تديرها منذ إجراء التعديلات الإدارية على خط الحدود الذي أنشأه اتفاق 19 يناير عام 1899، ومبدأ المحافظة على الحدود الموروثة منذ عهد الاستعمار، إضافة إلى أن معظم سكان المثلث من القبائل السودانية. وتشير وجهة النظر السودانية الخاصة بالنزاع الحدودي ومحاولة إثبات أحقية الخرطوم في حلايب، إلى أن اعتراف مصر باستقلال السودان عام 1956، لم يتضمن أي تحفظات بشأن الحدود.
بدورها، تؤكد مصر أن التعديلات الإدارية التي جرت على الحدود المشتركة بينها وبين السودان تمت من الناحية الرسمية لأغراض إنسانية، هي التيسير للقبائل التي تعيش على جانبي خط الحدود، مشيرة إلى أنها لا تزيد عن أنها مجرد قرارات إدارية عادية، صدرت استجابة لرغبات المسؤولين المحليين في المناطق المتنازع عليها، واقتصر أثرها على هذا الدور فقط، حسب رؤية القاهرة. كما تؤكد القاهرة أن الحكومة المصرية لم تتخل عن حلايب منذ 1958، مستدركة بأنها بعثت احتجاجا رسميا لحكومة السودان، وكثير من الإعلانات والبيانات الرافضة لتبعية المنطقة إلى الخرطوم.
تأكيدات مصرية
يرى باحثون مصريون أن حلايب جزء من التراب المصري ولا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال، مضيفين أن الخلاف بشأنها ظل مجمدا منذ عام 1958، ولكنه أثير عمدا عام 1992 بواسطة نظام الإنقاذ في السودان، في إشارة إلى حكومة البشير.
ودافع رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل في مركز الأهرام، هاني رسلان، عن تنظيم السلطات المصرية انتخابات عام2011 في حلايب، واصفا ذلك بالأمر الطبيعي باعتبارها أرضا مصرية حسب قوله، متهما السودان بتوظيف سياسي واضح للقضية.
تداعيات سايكس بيكو
يعتقد كثير من منتقدي معاهدة سايكس بيكو، أنها تركت حفرة نزاع بين كل بلدين عربيين، ورغم مرور 100 عام على توقيع تلك المعاهدة، فإن تداعيات التقسيم ما زالت مستمرة حسب مراقبين. ولا يقتصر نزاع حلايب على حكومتي القاهرة والخرطوم، بل ألقت المسألة بظلالها على الشعبين، بما فيهم المفكرون والمؤرخون السياسيون.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، الدكتور الطيب زين العابدين، إن مصر استولت على منطقة حلايب عام 1995 عندما أرسلت جيشها إلى المنطقة، مشيرا إلى أن الأمر كاد أن يؤدي إلى اشتباك بين الجيش السوداني الموجود أصلا فيها، وبين الجيش المصري الذي جاء ليسيطر عليها.
وقال زين العابدين، إن حكومة بلاده عرضت على نظيرتها المصرية في عهد مبارك ثلاثة خيارات لحل مشكلة حلايب، وهي: التحكيم الدولي، أو إقامة منطقة تكامل بين البلدين في المنطقة، أو التوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى اقتسام الأرض، مستدركين أن مصر رفضت واحتلتها بالقوة وأصرت على بقائها تحت الاحتلال.
وأعرب عن تمسكه برفض ما سماه ادعاء مصر بأن حلايب تراب مصري، واصفا ذلك بأنه "غير صحيح"، وأن كل سكان حلايب ينتمون إلى قبائل شرق السودان، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن شكوى السودان ضد مصر بشأن حلايب قديمة منذ عام 1958 وتتجدد سنويا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.