يرئس الشيخ محفوظ نحناح "حركة المجتمع الاسلامي" المعروفة باسم "حماس"، وهي تختلف عن "حركة المقاومة الاسلامية - حماس" التي تعمل في الاراضي المحتلة. ولد الشيخ نحناح في العام 1942 في مدينة البليدة الواقعة على بعد 50 كلم غرب الجزائر العاصمة، وتربى في عائلة محافظة معروفة بتقاليدها الداعية الى حماية اللغة العربية والدفاع عن الاسلام. بدأ دراسته في البليدة على يد علماء ورجال دين في "مدرسة الارشاد"، وأكملها في مراحلها الثلاث في العاصمة. اعتقلته السلطات الجزائرية في العام 1976 في عهد الرئيس هواري بومدين وحكم عليه بالسجن 15 سنة قضى منها حوالي 5 سنوات قبل ان يفرج عنه. ويعمل نحناح استاذاً في جامعة الجزائر حيث يدرّس مادتي التفسير والسيرة النبوية في معهد العلوم الاسلامية، ويحضّر دراسة عليا في جامعة القاهرة. يعتبر من مؤسسي "رابطة الدعوة الاسلامية" و "جمعية الارشاد والاصلاح" وهو متزوج واب لعشرة اولاد ويقيم في مسقط رأسه في مدينة البليدة. اما حركة "حماس" التي يرئسها فإنها تمثل التيار الاسلامي المعتدل في الجزائر، وقد حصلت الحركة، وفق تقدير قادتها، على اكثر من 600 الف صوت في الانتخابات التشريعية التي جرت في العام 1991، في حين ان خصوم الحركة يقدرون عدد الاصوات التي نالتها ب300 الف صوت. وترفض حركة "حماس" العنف وتؤمن بالحوار وتدعو الى تداول السلطة بطريقة سلمية، وقد كلفتها هذه المبادئ انتقادات عنيفة من طرف التيار الاسلامي المسلح، وقد حكم المتشددون في هذا التيار على الشيخ نحناح بالكفر بسبب تحريمه العنف ودعوته الى التمييز بين الجهاد والارهاب. ومن جهة ثانية يحمل العلمانيون بشدة على نحناح ويعتبرونه اخطر من الانقاذيين لأنه يريد تحقيق الدولة الاسلامية بواسطة الحوار والاقناع. في حواره مع "الوسط" اكد نحناح ان حل المشكلة الجزائرية لا يأتي عن طريق العنف والارهاب، ودعا الى الاتفاق على "تداول السلطة سلمياً" والافراج عن السجناء، بمن فيهم زعيما الجبهة الاسلامية للانقاذ عباسي مدني وعلي بلحاج. وقال نحناح انه لا بد من التمييز بين الجهاد والارهاب وكشف انه تحاور مع مجموعة من "الافغان العرب" وقال لهم ان محاربة النظام والسلطة والمسلمين ليست جهاداً. وأكد نحناح ان المافيا في الجزائر لا تزال موجودة. وفي ما يأتي نص الحوار مع نحناح: * كيف تنظر حركتكم الى الحوار بين السلطة والمعارضة؟ - ان التحولات السريعة التي يعيشها هذا الجناح في الامة العربية، تركت جملة من الآثار والبصمات التي تحتاج الى رؤية خاصة بعيدة عن الخلفيات حتى يصبح بالامكان اصدار حكم، او عرض جملة من الاحتمالات والتوقعات. لقد شهدت الجزائر تحولات بعد احداث تشرين الاول اكتوبر 1988، فانتقلنا من النظام الاحادي الى التعددي، ومن الاشتراكية الى الاتجاه نحو اقتصاد السوق، ومن نظام ديكتاتوري الى نظام يرغب في تلمس الواقع، لقد احدث ذلك كله جرحاً عميقاً في وضعنا. ان نظرتنا الى الواقع الجزائري تتركز حول الصراع من اجل الهوية، اي الصراع الحضاري بين من يرغب في بقاء الجزائر في الاطار العربي - الاسلامي، وبين من يرغب في ان تقطع الجزائر روابطها مع تاريخها وحضارتها وبالتالي مستقبلها. ان هذا التناقض وهذا الصراع حول الهوية أديا الى قطيعة، فوجدنا انفسنا وجهاً لوجه امام رائحة البارود. ونحن نعلم ان البارود لا يحل المشكلة. فالحل لا يأتي الا عن طريق الحوار ومناقشة الرأي الآخر. ولا بد من الحوار حتى مع من نعتقد انهم اعداء الوطن والاسلام. لا بد من فتح الحوار مع اي طرف يتمتع بصفة تمثيلية. وعندما احسسنا ان الخطر داهم في الجزائر وان البلد على فوهة بركان ويسير في منزلقات مجهولة قلنا بوجوب اتساع الصدور لمناقشة الرأي الآخر، وسعينا الى ايجاد قوائم مشتركة وتحالفات وما الى ذلك. لكن الامور افلتت من ضوابطها واصبحت لغة البارود سيد الميدان والناطق الرسمي باسم الحالة العامة. * لماذا هذا الحرص على تجهيل الفاعل؟ - لا نخفي الفاعل. وانما نقول ان الحالة تكتنفها حركة امواج وجدلية معينة. هناك عنف يقابله عنف، وارهاب يقابله قانون مكافحة الارهاب، وهنا من يسعى للبحث عن اسباب الازمة. هذه الاسباب تختلف حولها وجهات النظر. فمن جهتنا نعزو اسباب الارهاب والعنف الى افرازات النظام الاشتراكي السابق، لقد وصلنا الى حالة بات معها الجزائري يقتل اخاه الجزائري مرة في الشارع ومرة في المسجد ومرة في السوق ومرة في المؤسسة... الخ. هذا لا يخدم مصلحة الوطن ولا يرضي الله بالدرجة الاولى ولا يرضي الشهداء في قبورهم، ان "الجبهة الاسلامية للانقاذ"، وبعد صدور قرار حلها، لم يبق لها ان تعالج الموقف الا وفق ما يراه بعض عناصرها، اي باستعمال السلاح، مرة باسم العنف ومرة باسم الجهاد ومرة باسم الارهاب ومرة اخرى باسم استرداد الحقوق الضائعة... * وانتم، على ما نعلم، تدينون العنف؟ - نحن نرى ان الحل لا يأتي عن طريق العنف وممارسة الارهاب وانما عن طريق الحوار والوصول الى الحد الادنى من التوافق الذي يمكننا من صياغة مجتمع يطمح الى تحقيق هويته وثقافته وتأكيد انه ليس مجتمعاً غريباً او متوحشاً او ما شابه ذلك، لهذا ندين وأدنّا الارهاب والتجاوزات، وقلنا ان هيبة الدولة لا تعود فقط من خلال قانون مكافحة الارهاب وانما من خلال قدرة المجلس الاعلى للدولة على ضمان مشاركة الاطراف الفاعلة في الحوار بعيداً عن نزعة الاقصاء والتهميش والابعاد. * لنفترض ان العملية الديموقراطية استؤنفت وجرت الانتخابات، في هذه الحالة ستطرح المشكلة ذاتها التي طرحت من قبل. فالصوت الاسلامي سيكون غالباً وسيكون غير مقبول من طرف النظام وستعود الامور من جديد الى نقطة الصفر، فكيف يمكن الخروج من هذه الحلقة المفرغة؟ - ان المسألة تتطلب نظرة اخرى. لذا لا بد من الانطلاق من مجموعة حقائق، اولها ان الشعب الجزائري لا يريد العيش في ظل انظمة جربها في السابق وثبت فشلها وبطلانها. وثانيها ان الشعب لا يريد ان تتحكم فيه اقلية لا تمثل الا نفسها او ظلها. وثالثها ان الشعب يريد توسيع اطار دائرة ممارسة الديموقراطية عن طريق تعاون اهل الديموقراطية مع بعضهم البعض من خلال اللقاء العقلاني. ان المعركة في هذا الوطن هي معركة التغريب. لقد توافرت لأنصار التغريب الفرصة لكي ينشروا الكثير من افكارهم وآرائهم وقراراتهم من موقع صناعة القرار على شعب لا يريد الا الخروج من تلك القرارات التي ثبت بطلانها وافلاسها خلال العقود الثلاثة الماضية. الصبي * فلنتحدث عن الحالة الراهنة. كيف تصف ما يحصل في الجزائر الآن؟ - ان حالتنا كحالة الصبي الذي يحبو ويريد بلوغ مرحلة المشي وفي المرحلة الفاصلة بين المرحلتين لا بد له من سقطات. ان معركتنا من اجل الديموقراطية عمرها اربع سنوات فقط، ونحن نرى انه لا بد من اجل ترسيخ الديموقراطية والتعددية السياسية من التناصح في اطار احترام الرأي الآخر في اطار ديموقراطي تجنباً للتناطح. ونحن نعتقد ان الديموقراطية تحتاج الى جهود مشتركة لترسيخها، وفي ظننا ان تكاليفها عندنا هي اقل من تكاليفها عند غيرنا، فالديموقراطية لا تتم من دون تكاليف. واذا ما عدنا الى التجربتين الاميركية والفرنسية نلاحظ ان ترسيخ الديموقراطية في فرنسا استغرق 80 سنة. على رغم ذلك نحن نشعر انه لا يوجد ديموقراطية في فرنسا في بعض الحالات. * الا تعتقدون انه يتوجب تنظيم القواعد التي تتيح الاختلاف والاتفاق كشرط ضروري للديموقراطية؟ - ان ذلك يتم من خلال الممارسة. * لكن الدولة لا تبدو مهتمة بتحديد مثل هذه القواعد حتى الآن؟ - كانت هناك قواعد لكنها لم تلب طموحات الشعب ونقول بصراحة انها قواعد مفخخة. * ما الذي تعنيه بذلك، هل تعطينا امثلة؟ - الامثلة يعرفها الراسخون في العمل السياسي في الجزائر. كانت تلك القواعد اشبه بالسيارات والطرود المفخخة التي بمجرد ان يستلمها صاحبها تنفجر في وجهه. ونحن نرفض القواعد المفخخة، ونريد قواعد واضحة لجميع الاطراف، وان يمارس الجميع قواعد اللعبة شرط ان يعرف كل طرف موقعه واين يضع قدمه، ونحن نريد ان يرضى الجميع ويعترفون، وليس ان يعترف طرف من دون غيره، بقاعدة اساسية تقضي بتداول السلطة بطريقة ديموقراطية. الافراج عن مدني وبلحاج * هل تعتقد حركتكم ان الدولة الجزائرية شرعية فعلاً؟ - ما دمنا نعيش في مرحلة انتقالية فمعنى ذلك ان الدولة تنقصها الشرعية. ونحن طالبنا منذ تشكيل المجلس الاعلى للدولة بتقليص الفترة الانتقالية. وخلال هذه الفترة لا بد من وضع اسس للمرحلة المقبلة ترضي كل الاطراف وتتمحور حول المسائل الآتية: اولاً: الاتفاق على مبدأ تداول السلطة سلمياً. ثانياً: نبذ العنف. ثالثاً: التخفيف من معاناة المواطنين والفقراء والمحتاجين. رابعاً: الافراج عن السجناء. * بمن فيهم عباسي مدني وعلي بلحاج؟ - نحن نتكلم عن السجناء، وهذا واضح. واعتقد ان الوضع الجديد سيفسح المجال امام الجميع للمساهمة بالخروج من هذه الورطة التي وقعت فيها الجزائر. * وعلي بلحاج ايضاً؟ - عندما نتكلم عن المساجين فلا يمكن اقصاء فرد من دون غيره، واذا ما وقع شيء ما يتجاوز القانون واعراف الممارسة السياسية او ممارسة العنف فإن القضاء يفصل ساعتئذ بمثل هذه الامور بطريقة مستقلة بعيداً عن الضغط، القضاء هو المرشح لحل مثل هذه القضايا. بالمعاني التي ذكرتها يمكن العمل على تقليص المرحلة الانتقالية واختصارها وبالتالي ايجاد الحل لمشكلة الشرعية. * بعض المسؤولين في الدولة يرفض تعديل الدستور؟ - لم يتضح هذا بعد. المشكلة تكمن في انه لا توجد مؤسسات لتعديل الدستور، واذا صدر التعديل من طرف واحد فلا قيمة له. اما ان يكون التعديل شعبياً عن طريق تنظيم استفتاء شعبي، وهذا ليس موجوداً حتى الآن، واما ان يكون فعلياً فيتم فسح المجال امام الاحزاب للمشاركة في التعديل، ومن ثم طرحه على الاستفتاء الشعبي. * الدولة تقول بعدم اجراء انتخابات رئاسية خلال هذه السنة التي كانت ستنتهي خلالها ولاية الرئيس الاسبق الشاذلي بن جديد؟ - لا يمكن اجراء انتخابات رئاسية هذه السنة لأن الوضع الامني متأزم واجراء الانتخابات الرئاسية في ظل هذا الوضع يقود البلاد الى متاهة لا نهاية لها ولا خروج منها. لا بد من توفير الاستقرار والاطمئنان في النفوس قبل ذلك. ان المواطن الجزائري عندما يذهب الى السوق ويضع يده على الطماطم تشتعل يده بسبب غلاء الاسعار وعندما يرفع يده عن الطماطم ويسير في الشارع يشتعل البارود في صدره بسبب اعمال العنف. اذن لا يوجد اطمئنان لدى المواطن، لا على معيشته ولا على حياته اليومية، فكيف يمكن اجراء انتخابات رئاسية في ظل هذا الوضع. * هل تثقون بنوايا الدولة في اشراك المعارضة في تعديل الدستور؟ - نحن لنا امل كبير وامنية كبيرة في ان يستجيب المجلس الاعلى للدولة لاشراك غيره في الخروج من المرحلة الانتقالية بأقل التكاليف الممكنة وأهون الخسائر. وأتصور ان العقل السليم والتدين الصحيح يفرضان على كل مسؤول في السلطة ان يتجنب حوار الطرشان ويبتعد عن عقلية الاستعلاء والاقصاء، وهما مرضان خطيران. المافيا * توصف حركتكم بأنها مقربة من السلطة. فهل يناسبكم هذا الوصف، ام انه لا يعبر عن الواقع؟ - نحن نعلم بأن مثل هذه الاوصاف تصدر عن اناس يريدون تمريغ أنف كل من يعمل في الحقل الاسلامي بطريقة سياسية. * هذا الوصف يصدر عادة عن الانقاذيين؟ - ان بعض العناصر في الجبهة الاسلامية للانقاذ او الاحزاب العلمانية تعمل على تكريس هذا المعنى بطريقة تحث المجلس الاعلى للدولة على الامتناع عن الحوار مع حركتنا. ونحن نتعفف عن الرد بالمثل. نحن نريد ان نضع تقاليد حوار في مجتمعنا والا نصغي لاتهامات كثيرة ما يسهل على اللسان اشاعتها في الساحة من غير اثبات. ان العلمانيين يريدون تأجيج نار الفتنة بيننا وبين الجبهة الاسلامية للانقاذ، وبيننا وبين المجلس الاعلى للدولة. هكذا ندفع الضريبة مرتين، مرة مع العلمانيين ومرة اخرى مع وسائل الاعلام الدولية والمحلية، وهذا قدرنا. * هل يمكن للتيار الاسلامي المعتدل، وبصورة خاصة انتم و "النهضة"، الحلول محل الجبهة الاسلامية للانقاذ ووراثة جمهورها، وهل تنسقون خطواتكم في العادة مع النهضة؟ - نحن لا نريد الحلول مكان احد، نحن نطرح برنامجنا الشامل على الجزائريين وهم يختارون. اما عن التنسيق والتعاون مع بقية الاحزاب، خصوصاً "النهضة"، فأقول اننا نتعاون وننسق مع النهضة ومع احزاب اخرى لا تحمل عنواناً اسلامياً، لذا نحن اعضاء في مجموعة الاحزاب السبعة التي تقلصت فصارت خمسة، وليس في نيتنا العمل على اقصاء اي من هذه الاحزاب. لقد اتفقنا معها على الثوابت الوطنية والمصلحة العليا للوطن، ان من يرغب في الحفاظ على هذه الارضية نتعاون معه كائناً من كان. * اعلنت الدولة انها ستحارب المافيا. وجرى تقديم اللواء بلوصيف للمحاكمة كمثال على نية الدولة في محاربة المافيا، هل تعتقدون ان الدولة جادة في هذا المجال، وهل ان محاكمة بلوصيف مؤشر على ذلك؟ - انا اقول ان موضوع المافيا او التعفن الاقتصادي الذي جرى في الثلاثين سنة الماضية لا يمكن ان يؤاخذ به شخص بعينه وانما يؤاخذ به من كان سبباً فاعلاً، يوجد قضاء مستقل في بلادنا هو الذي يستطيع ان يحل هذه المشكلة. وانا على يقين بأن ما نعانيه من افلاس اقتصادي وما يعانيه الجزائريون من مد ايديهم عند عتبات صندوق النقد الدولي وعند عتبات البنوك الدولية هو نتيجة لسوء التخطيط وسوء الادارة ولمافيا لا يحصى عددها ولا يمكن اختصارها بفلان او فلان، ولهذا تولى القضاء امر بلوصيف، نحن لا نتدخل في شأن قضائي، نحن نريد من القضاء ان لا يكون ظالماً في القصاص من الذين اجرموا في حق هذا الشعب والا يتغاضى ولا يكون قضاءنا كما كان القضاء عند بني اسرائيل في الازمنة الغابرة حيث كان اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد. هذا ليس قضاء اسلامياً. القضاء المستقل هو الذي لا يظلم فيه احد ولا يحكم على احد الا بعد التبين والتقصي والوصول الى كل الادلة. بلوصيف عنصر من العناصر التي حكمت الجزائر. لقد ضبط على ما يقول القضاء. لكن هل معنى ذلك ان بلوصيف يتحمل كل ازمة الجزائر؟ لا اتصور ذلك. اتصور ان المجلس الاعلى للدولة والحكومة والمجلس الاستشاري والمؤسسات تعلم علم اليقين ان القضية غير متعلقة ببلوصيف وحده، وانما هناك عناصر كثيرة يمكن البحث عنها اذا ما اردنا ان نسترجع ثقة الشعب وهيبة الدولة. ان هيبة الدولة لا تُسترجع بالتجاوزات والتغاضي عن الحيتان الكبيرة، وانما بأن يكون القضاء والقانون فوق الجميع. * هل تعتقدون ان الحيتان ما زالت موجودة في الدولة الجزائرية حتى الآن؟ - انا اتصور ان المياه التي تسبح فيها الحيتان ما تزال قائمة، وما دامت المياه موجودة فالحيتان ستظل تسبح فيها. اذن لا بد من الافراج عن هذه المياه لكي تظهر الحيتان على حقيقتها وبكامل هيأتها. الأفغان العرب * كيف تنظرون الى ظاهرة "الافغان العرب" الذين ينشطون في مصر والجزائر وعدد من الدول الاخرى؟ - لا يوجد افغان عرب، وانما عرب ذهبوا للجهاد مع الافغانيين لدحر الشيوعية. كان من المفروض تقليدهم اوسمة شرف لدى عودتهم الى بلدانهم، لكن بعضهم عاد الى وطنه واقتيد من المطار فوراً الى السجن، وهذا من التجاوزات، وبعضهم عاد الى وطنه يحمل السلاح ضد شعبه، وهذا خطأ أفدح، ولا تصح معالجة الخطأ بالخطأ، كان ينبغي ان يعود هؤلاء الى وطنهم من دون ان تطلق عليهم صفة الارهابيين، كيف يُسمى المجاهد الذي جاهد ضد الشيوعية وساعد اخوانه المسلمين في افغانستان، كيف يُسمى ارهابياً، ما دام في افغانستان فهو مجاهد هناك واذا عاد فهو ارهابي. هذا المنطق لا يقبله عاقل ولا يقبله متدين. * هل حاورت عدداً منهم. - نعم التقيت عدداً منهم، وهم يعتزون بما فعلوه في افغانستان، وحاولنا ان نقنع كثيرين منهم بالا تختلط عليهم مفاهيم الارهاب والجهاد. فالجهاد يتم ضد الصهيونية والاستعمار وليس ضد النظام والسلطة والمسلمين عموماً. اذ لا بد من فتح باب الحوار مع النظام والسلطة والمسلمين. * عندما تقول الدولة ان ايران متورطة في دعم الاصوليين في الجزائر فهل تعتقدون انها محقة في ما تقول؟ - ارجو ان تحدد لي اولاً معنى الاصوليين. * فلنقل الانقاذيين؟ - لم تظهر حتى الآن ادلة حقيقية في هذا المجال. والايرانيون اولى بالدفاع عن انفسهم. والجزائريون كدولة اولى بالدفاع عن انفسهم اذا ارادت بعض الاطراف ان تتدخل في شؤوننا الداخلية. * لقد اتفقت الجزائر وتونس على ترسيم الحدود بينهما فكيف تنظرون الى هذه الخطوة؟ - الذي حصل بين الجزائر وتونس والمغرب ومالي هو أمر ضروري للحؤول دون اعتداء بلد على آخر، اما اذا كان الغرض شيئاً آخر نجهله، كالتفرقة بين شعوب المنطقة، فهذا مما لا نرضى به لأننا من دعاة الغاء الحدود. * تعرفون ان فرنسا قررت منح الحكومة الجزائرية 6 مليارات فرنك لتسهيل تطبيق برنامجها الاقتصادي فهل تعتقدون ان هذه الخطوة مفيدة للخروج من الازمة الاقتصادية؟ - ذكرنا قبل قليل ان المياه تسبح فيها الحيتان. واذا كانت المياه ما زالت متعفنة فإن الحيتان ستواصل نموها باتجاه آخر.