بعد التظاهرة الثقافية المغربية قبل اسابيع، شرّعت العاصمة الفرنسية ذراعيها لتظاهرة ثقافية مغاربية اخرى، تطال هذه المرة الجمهورية التونسية. وتونس كما هو معروف، تشهد حركة ازدهار على مستوى الفنون المسموعة والمرئية تحديداً، هذه الفنون التي قيد للجمهور الفرنسي ان يطلع عن كثب، على عينات معبرة منها، ضمن اطار اسبوع ثقافي شامل افتتح بحضور وزراء من تونس وفرنسا وحشد من الديبلوماسيين والادباء. حملت التظاهرة عنواناً معبراً: "من سيدي أبي سعيد الى مونمارتر". فالقرية المذكورة رمز من رموز العراقة الفنية والمعمارية التونسية، ومن هنا اهمية لقائها بحي مونمارتر الباريسي ملاذ ومقصد اهل الفن منذ عقود. واشتملت على نشاطات مختلفة اولها معرض جماعي ضم اعمالاً لمجموعة من 33 فناناً تشكيلياً، بينهم الطاهر مغنيني، الزبير التركي، نجيب بلخوجه، محمد السهيلي، نجا المهداوي... وقد خصص معرض آخر للفنون الحرفية والاشغال اليدوية التي تمتاز بها تونس، والآتية من القيروان ونابل وجربة وقفصة والمهدية. قدم المعرض اعمالاً في التطريز والنسيج والنحاس والجلد والخشب اضافة الى الحلى والجواهر. لا بد ايضاً من الاشارة الى اسبوع فن الطبخ التونسي واستعراضات الازياء التقليدية. اما الموسيقى فقد تمثلت من خلال محمد زين العابدين الذي يلقب في بلاده ب "باغنيني التونسي"، وقد قاد اوركسترا "فناني العالم" كما قدم امسية عزف على العود، اضافة الى الفنانة منى العماري التي غنت وعزفت على العود. وشارك جمهور واسع في طاولة مستديرة بعنوان: "تونس، أرض الثقافات نخبة من المثقفين والاعلاميين من البلدين المعنيين. وربما كانت نقطة الضعف الاساسية للتظاهرة هي غياب المسرح، مع ان تونس هي الابرز عربياً في العقد الاخير على مستوى هذا الفن. لكن الجمهور عوض بمشاهدة عرضين راقصين متناقضين ومتكاملين في آن: الاول احيته "الفرقة الوطنية للفنون الشعبية" واشتمل على فنون الرقص الفولكلوري التقليدي. بينما قدم الكوريغراف الصاعد عماد جمعة استعراض "ليلة أرق" الذي ينتمي الى الرقص المعاصر، شارك في نسجه مع الممثلة البارزة رجاء بن عمار، ونال عليه الجائزة الاولى في مسابقة "بانيوليه" العالمية في العام الماضي. وأعيد، اخيراً، عرض بعض ابرز الافلام التونسية ك "الحلفاوين" بوغدير و "شيشخان" بن محمود، الجعايبي، "طوق الحمامة المفقود" خمير...