ذكرت مصادر سودانية مطلعة ان قرار الحكومة السودانية الغاء جامعة القاهرة في الخرطوم وانشاء جامعة سودانية مكانها باسم "جامعة النيلين" يشكل خسارة لمصر التي تفقد بذلك "قناة" ثقافية واعلامية مهمة في السودان. واصبح الوجود المصري بعد هذا القرار يكاد يقتصر على العاملين في الري وهو مجال مرشح لأن يكون بؤرة الانفجار المقبلة في علاقات البلدين المتوترة خصوصاً بعد ان بدأ السودان يستفيد من حوالي 5 مليارات متر مكعب كانت غير مستغلة من حصته. بالاضافة الى ان الاساتذة والعاملين المصريين في الجامعة، وعددهم اكثر من 100، سيفقدون وظائفهم. الغاء الجامعة "وسودنتها" قد يريح الحكومة السودانية من مشاكل كانت تسببها لها باعتبارها من معاقل اليسار على رغم فوز الاسلاميين برئاسة اتحاد طلابها. كما انها كانت معقلاً لنشاط الاحزاب السياسية المحظورة، وذلك من خلال الصحف الحائطية التي كانت تنشر احياناً وثائق تعتبرها الحكومة سرية، فضلاً عن ان الجامعة محسوبة تاريخياً على الحزب الاتحادي الديموقراطي الذي يرأسه السيد محمد عثمان الميرغني. وكان للحزب المحسوب على مصر ما يعرف بالقوائم الطلابية التي قيل انها كانت تسمح بادخال طلاب من مؤيديه غير مستوفين لشروط القبول، بالاضافة الى ان خريحي مدارس البعثة التعليمية المصرية في السودان كانوا يعطون تسهيلات لدخول الجامعة. السرعة التي تم بها اتخاذ وتنفيذ القرار اوحت بان القرار كان جاهزاً ومقرراً منذ فترة، ربما عقب ضم مدارس البعثة التعليمية المصرية العشر لمدارس الحكومة قبل اشهر. وقال وزير التعليم العالي الدكتور ابراهيم احمد عمر ان قرار الغاء الجامعة والذي اصدره الرئيس عمر البشير نص على تعيين مدير للجامعة هو الدكتور ابراهيم حجر الذي كان يعمل نائباً لمدير جامعة الفاتح من سبتمبر في غرب البلاد وهو محسوب على الاسلاميين. وقال ان العلاقات الثقافية بين مصر والسودان لن تتأثر وستكون على مستوى تبادل الاساتذة والكتب والطلاب، وان الجامعة ستبدأ التدريب وفق المنهج السوداني ابتداء من تشرين الاول اكتوبر المقبل. رد الفعل المصري على قرار السودان الغاء جامعة القاهرة تمثل في استدعاء الخارجية المصرية للسفير السوداني في مصر عز الدين حامد وتسليمه مذكرة احتجاج وابلاغه ان القرار سيحدث شرخاً في العلاقات بين البلدين وانه قرار لا يخدم مصالح البلدين، كما وصفه وزير الخارجية المصري عمرو موسى. وقال الجانب المصري ان الجامعة خرّجت منذ انشائها عام 1955 وحتى 1992 اكثر من 43 الف طالب، منهم حوالى 500 طالب من ابناء الجالية المصرية في الخرطوم. وقال وزير الخارجية المصري عمرو موسى تعليقاً على هذا القرار انه "اجراء غير مقبول ونرى فيه تصعيداً من جانب السودان، من شأنه الاساءة الى علاقات البلدين"... والحاق الضرر بالشعب السوداني.