يبدو ان عمليات السلام ما بين العرب واسرائيل غطت على كل ما عداها من أمور أخرى، حتى باتت بعض الاشياء تافهة لا تستحق اي اهتمام امام هذا الحدث الهام، الجديد في علانيته، والذي قد يقلب المفاهيم رأساً على عقب اذا كانت لم تقلب بعد. كنت انتظر بعض الاهتمام - حتى لا أقول الكثير من الاهتمام - بحدث يبدو عادياً اذا اكتفينا بالنظر اليه لا خلفياته. انه سرقة مخطوطات لبنانية وتهريبها الى اسرائيل. اهمية هذا الحدث كبيرة، خصوصاً انه لم يحصل في ما مضى، اي عندما لم يكن في لبنان دولة، وعندما كانت الفوضى اكبر بكثير مما هي عليه الآن، لكن ان يحصل هذا في ظل دولة، وبعد قيامها بوقت ليس بقصير فان في ذلك يدعو الى العجب والتساؤل. - لماذا لم تهرب هذه المخطوطات التي قيل انها ذات اهمية بالغة خلال الحرب اللبنانية وعندما كان كل شيء سائباً؟ - هل توجد حالياً قنوات اتصال بين لبنان واسرائيل اللذين لم "يتصالحا" بعد، لم تكن موجودة قبلاً او انها لم تكن بهذه الأهمية؟ - كيف يتم حرمان لبنان من اشياء قيمة ومهمة جداً؟ وهل سيلحق لبنان بالدول التي لا تقيم اعتباراً للمخطوطات بعكس الدول الراقية والمتحضرة التي تسعى اليها وتهتم بها وتحفظ عليها؟ - بعد سرقة بعض الآثار اللبنانية والمتاجرة بها داخل لبنان وخارجه يأتي تهريب المخطوصات الى اسرائيل، فهل سيستمر هذا المسلسل الخطير من افقار لبنان تراثياً، ام تتنبه الدولة الى الامر وتحزم امرها وتبقى متيقظة لايقاف هذا المسلسل؟ لم نسمع شيئاً عن اهتمام الدولة بأمر تهريب المخطوطات. فاذا كانت الآثار سرقت اثناء الحرب اللبنانية، واثناء الخراب الذي عم لبنان، وعندما لم يكن فيه دولة، فان هذا التهريب حصل وفي لبنان دولة والخراب توقف، بل بدأ "الاعمار". فاذا كان الاعمار بدأ فعلاً او هو على طريق الانطلاق فلن يتم اذا استمر مسلسل افراغ لبنان من تراثه، ثم ما نفع الحجارة والاسمنت من دون فكر وآثار وتراث؟ منيرة ابراهيم بيروت - لبنان