اليوم..بدء الفصل الدراسي الثاني    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    نفاد تذاكر مواجهة إندونيسيا والسعودية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    اليوم بدء الفصل الدراسي الثاني.. على الطريق 3 إجازات    20,124 مخالفاً في 7 أيام وإحالة 13,354 إلى بعثاتهم الدبلوماسية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    مهرجان الزهور أيقونة الجمال والبيئة في قلب القصيم    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    أغرب القوانين اليابانية    الفرصة المؤكدة و مغامرة الريادة في كفتي ميزان    «مَلَكية العلا»: منع المناورات والقيادة غير المنتظمة في الغطاء النباتي    «مزحة برزحة».. هل تورط ترمب ب«إيلون ماسك» ؟    سعرها 48 مليون دولار.. امرأة تزين صدرها ب500 ماسة    منتخبنا فوق الجميع    في دوري الأمم الأوروبية.. قمة تجمع إيطاليا وفرنسا.. وإنجلترا تسعى لنقاط إيرلندا    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    ضبط أكثر من 20 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    «واتساب»يتيح حفظ مسودات الرسائل    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    عروض ترفيهية    المملكة تستعرض إنجازاتها لاستدامة وكفاءة الطاقة    أشبال الأخضر يجتازون الكويت في البطولة العربية الثانية    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ابنتي التي غيّبها الموت..    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الزفير يكشف سرطان الرئة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي عبدالله صالح ل "الوسط" : نعمل على معالجة الخلل في الجيش - لا تمديد لمجلس الرئاسة ومسلسل الاعتكاف قد يستمر
نشر في الحياة يوم 04 - 10 - 1993

تعيش اليمن هذه الأيام أعياد ثورتي سبتمبر واكتوبر فيما يسيطر القلق على الشارع بعدما تبين أن الأزمة السياسية التي تمر فيها البلاد معقدة الى حد كبير. والدليل على التعقيدات الصعوبات التي واجهت الوسطاء الذين حاولوا اقناع نائب رئيس مجلس الرئاسة والأمين العام للحزب الاشتراكي السيد علي سالم البيض انهاء اعتكافه الذي بدأ في 19 آب اغسطس الماضي والعودة من عدن الى صنعاء.
وكان لا بد للأزمة ان تنعكس على الخطوات الهادفة الى توحيد الجيش اليمني قبل نهاية السنة الحالية... ولكن يبدو ان كل شيء مؤجل في اليمن.
"الوسط" أجرت حواراً شاملاً مع الرئيس اليمني الفريق علي عبدالله صالح تناول الأوضاع والمشكلات في البلاد، السياسية والعسكرية والاقتصادية. وأكد ان الحوار هو الوسيلة المثلى لمعالجة تلك المشكلات، وان اعتماد الأكثرية في البرلمان واحد من الحلول. ورأى ان نمط القيادة الجماعية تقليد من تقاليد الأحزاب الشيوعية والأنظمة الشمولية ثبت فشله، معلناً السعي الى اجراء تعديلات دستورية من أجل تثبيت المسؤوليات والاختصاصات، ومشيراً الى خيارين: الابقاء على الدستور الحالي وانتخاب مجلس رئاسة جديد أو اجراء تعديلات وانتخاب رئيس جمهورية.
ولم يستبعد ان يستمر مسلسل الاعتكاف لأن بعضهم يعتقد بأنه مفيد في تحقيق أهداف معينة. ورحب بوساطة الملك حسين لحل الخلافات القائمة وان كان يفضل حلاً داخلياً. وأشار الى أن الرئيس السابق علي ناصر محمد يمكنه العودة ساعة يشاء.
وتناول مسألة الجيش، فحمل وزارة الدفاع مسؤولية الخلل في المؤسسة العسكرية التي أكد العمل على توحيدها معتبراً "ان المسألة تعود الى حكومة الائتلاف ومدى جديتها في هذا الأمر".
الى هذا الحوار الشامل، سلطت "الوسط" الأضواء على المؤسسة العسكرية: تأسيسها وأوضاعها الحالية والأسباب التي تعوق استكمال وحدتها.
كيف يمكن معالجة المشكلات التي تطرحها الديموقراطية في اليمن؟ هل تحسم الخلافات بواسطة الأكثرية العددية في البرلمان والمؤسسات المماثلة أم بواسطة العرف والتوافق أم بالجمع بين التزام الدستور والعرف معاً؟
- الحوار أساسي وهو الوسيلة المثلى لمعالجة تلك المشكلات، واعتماد الأكثرية في البرلمان واحد من الحلول، اضافة الى المؤسسات الشرعية والدستورية التي تمثل المرجعية الأساسية كونها جاءت كمؤسسات منتخبة وعلينا احترام حق الغالبية مع احترام موقف الأقلية، لكن الأمور تحسم بالغالبية وهذا هو المبدأ الديموقراطي الصحيح، اضافة الى التوافق في الرأي والحوار كخيار من الخيارات شرط ان يجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.
ونحن نعتقد بأن أي اتفاق خارج المؤسسات الشرعية وعدم احترام الأكثرية يعني تهميش الشرعية وتهميش الديموقراطية وحقوق المواطنين الذين اختاروا ممثليهم في السلطة التشريعية عبر صناديق الاقتراع بالانتخاب الحر والمباشر.
المشكلة التي تطرح هي كيف يمكن التوصل الى اقناع الحزب الاشتراكي بمعادلة الأكثرية والأقلية، ونحن نعرف ان الحزب يُمثل أقلية في البرلمان، واخضاع الاشتراكيين لمعادلة الأقلية والأكثرية تجعلهم يشعرون بأنهم نصف الوطن سياسياً وأقلية الوطن برلمانياً؟
- المسألة حزبية وليست مناطقية، والحزبية تعني أن كل حزب يمكن ان يكون له أقلية أو أكثرية على مستوى ساحة الوطن في ضوء ما يحصل عليه من ثقة الجماهير، نحن لا نتعامل من خلال أقلية أو أكثرية بالمفهوم المناطقي، لكننا نتعامل مع أقلية وأكثرية كحزبين طبقاً لثقة الناخبين. المفروض في الحزب أن يكون حزباً وطنياً منتشراً في الساحة اليمنية وان يرضى بموقع الأقلية عندما يكون تمثيله الشعبي متناسباً مع ذلك، وبالأكثرية عندما يكون تمثيله أكثرياً. إذاً الأساس الثقل الشعبي وليس الانتماء المناطقي.
أسلوب القيادة الجماعية أثبت فشله
يرى بعضهم ان حل الخلافات القائمة على مجلس الرئاسة يكمن في التمديد للمجلس اذا تعذر التوصل الى التعديلات الدستورية المطلوبة فهل تنظرون بشيء من الايجابية الى هذا الحل؟
- نحن نطمح الى اجراء تعديلات من أجل تثبيت المسؤوليات والاختصاصات وتحديدها بوضوح حتى تتمكن كل هيئة من أن تقوم بدورها الدستوري والسياسي على مختلف المستويات، لأن تبني أسلوب القيادة الجماعية أثبت فشله.
فالقيادة الجماعية تقليد من تقاليد الأحزاب الشيوعية والأنظمة الشمولية، وهذا النمط من القيادة أثبت فشله ليس في اليمن وانما في العالم كله. نحن نعتقد في ظل نظام ديموقراطي بأن الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه من خلال السلطة التشريعية، وهي المرجعية الأساسية التي تتولى سن القوانين والتشريعات والرقابة والمحاسبة وتحديد المهمات للسلطة التنفيذية لا فرق في شكل هذه السلطة سواء أكانت رئيس جمهورية أو مجلس رئاسة أو حكومة، فالرقيب الأول هو الشعب، والسلطة في يد الشعب الذي يمارسها من خلال البرلمان. وهذا يناقض ما كان معمولاً به في الأنظمة الشيوعية والشمولية حيث المشاركة كانت تتم على مستوى تمثيل مراكز القوى أو المناطق في السلطة التنفيذية.
نحن نقول إن الأمة ممثلة في البرلمان والسلطة التنفيذية تخضع للكفاءة والقدرة كائناً ما كان، وتمثيلها وطني من الناس القادرين على العطاء كما هو معمول به مثلاً في الولايات المتحدة الأميركية.
ونحن نأمل أن نتبع التقاليد النابعة من خصوصيات الشعب اليمني وتقاليده وأعرافه بما يضمن المصلحة الوطنية العليا ما أمكن على أن تضم السلطة التنفيذية الكفاءات الوطنية وتمثل كل الاتجاهات في الساحة الوطنية.
في هذه الحالة لستم مع التمديد لمجلس الرئاسة؟
- هناك خياران إما البقاء على الدستور الحالي وانتخاب مجلس رئاسة جديد طبقاً له واما اجراء التعديلات وانتخاب رئيس جمهورية.
نسبت أنباء صحافية الى نائب الرئيس علي سالم البيض أنه اتفق معكم على انتخاب الرئيس ونائبه في قائمة واحدة، وانكم امتنعتم لاحقاً عن تنفيذ هذا الاتفاق؟
- أولاً الاتفاق الذي أبرم بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي على التعديلات الدستورية لم يتم بين أشخاص وانما بين هيئات، وقد تضمنت اتجاهاتها أي التعديلات أن يكون الرئيس ونائب الرئيس من حزب واحد وأن يكونا في قائمة واحدة، اذا كانا ينتميان الى حزب واحد.
ولكن بعد نتائج الانتخابات ظهر طرف ثالث هو التجمع اليمني للاصلاح، وتم الاتفاق معه على الدخول في ائتلاف حكومي ثلاثي الى جانب المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، وقبل الدخول في الائتلاف على أساس اجراء تعديلات في مشروع التعديلات الدستورية التي كان قد اتفق عليها بين الاشتراكي والمؤتمر، وعلى هذا الأساس قبل الاصلاح بالائتلاف وكان من ضمن شروطه أن لا يقبل بأن يكون الرئيس ونائب الرئيس في قائمة واحدة. أي لا يقبل ببعض المواد الدستورية التي كان قد اتفق عليها ثنائياً، وجرت تعديلات في هذا الأمر وجاء نص دستوري في التعديلات يقول: يكون للرئيس نائب ويعلن اسمه قبل اجراء الانتخابات فقط. هذا ما تم الاتفاق عليه بين أطراف الائتلاف. أما الاتفاق السابق فكان ينص على اجراء انتخاب للرئيس ويعلن نائبه ويكون النائب من حزبه... لم يتم هذا وعدلت الفقرة على النحو الذي ذكرت.
مسلسل الاعتكاف
هل تتوقع عودة نائب الرئيس من عدن قريباً للمشاركة في احتفالات الثورة 14 اكتوبر؟
- والله هذا أمر يخص الاخوان في الحزب الاشتراكي. المسألة تعود اليهم، نحن نتعامل مع مؤسسات ونتعامل مع قيادة الحزب الاشتراكي والأمر متروك للاخوان في قيادة الحزب الاشتراكي.
كيف تنظرون الى "وسيلة الاعتكاف"، اذ تبين ان نائب الرئيس كان يحقق في كل مرة يعتكف فيها الأغراض التي من أجلها اعتكف؟
- ليست المرة الأولى التي يتم فيها مثل هذا الاعتكاف، هذه تقريباً ثالث مرة. لا يوجد أي خلاف على الصعيد الثنائي الشخصي بيني وبين الأخ علي سالم البيض نائب رئيس مجلس الرئاسة، ولكن ربما اعتقد بعضهم انه بالاعتكاف يمكن ان يحقق نتائج، ولهذا ربما استمر المسلسل في المستقبل.
خلل في الجيش
كما تعرفون جرت ترقيات في الجيش سماها رئيس الأركان "عشوائية" وبعضهم سماها ترقيات وترقيات مضادة وأصبح هذا الموضوع حديث الشارع اليمني ولم يعد محصوراً في اطار السلطة العليا؟
- هذه من السلبيات التي ارتكبت. لقد صدر قرار سياسي يقضي بعودة كل المفصولين من الجيش لأسباب سياسية فعادوا بفعل هذا القرار، وكانت الغلطة انه احتسبت لهم المدة السابقة التي كانوا فيها خارج الخدمة كما لو أنهم كانوا يخدمون بالفعل وحصلوا على ترقيات اسوة بالذين في الخدمة الفعلية.
هذا الأمر أدى الى خلل في داخل المؤسسة العسكرية وفي أوساط القوى العاملة داخل الجيش، فعندما رأى هؤلاء أن العائدين وصلوا الى مراتب تساوي مراتبهم على رغم انقطاعهم عن الخدمة شعروا بالضرر، ما حدا بوزارة الدفاع الى إصدار قرارات بترقية هؤلاء الذين ظلوا في الخدمة فحصل هذا الخلل داخل المؤسسة العسكرية، لكننا نحن الآن في صدد معالجة هذه الأخطاء التي حدثت واعادة بناء القوات المسلحة على أسس ومعايير وطنية وعلمية سليمة.
صرحتم في حديث صحافي بأن الجيش سيتوحد قبل نهاية هذا العام التزاماً للمهلة المحددة لتوحيده، كيف يمكن دمج الجيش قبل التغلب على المشاكل المطروحة فيه؟
- هذا الأمر ليس تصريحاً لي، انه برنامج قدمته حكومة الائتلاف الثلاثي الى البرلمان وينص على العمل لاستكمال التوحيد خلال الأشهر القادمة.
هل تتوقعون توحيد الجيش مع نهاية السنة؟
- نحن نتطلع منذ وقت مبكر الى استكمال ما بقي من عملية التوحيد، والمسألة تعود الى حكومة الائتلاف ومدى جديتها في هذا الأمر.
عدن والمنطقة الحرة
ما هي في رأيكم العقبات التي تحول دون انشاء منطقة حرة في عدن ولماذا لم تقم هذه المنطقة حتى الآن؟
- نحن نطمح ونسعى الى أن تكون هذه المنطقة حرة لكن المشكلة تكمن في أن الحكومة تتناقض مع نفسها من وقت الى آخر، فهي تريد أحياناً أن تجزئ مناطق في عدن لتكون هي المنطقة الحرة، بينما يقول رأي آخر أن تكون عدن بكاملها منطقة حرة. ونحن نميل الى أن تكون عدن بكاملها منطقة حرة لتكون لها تشريعاتها وقوانينها لحماية المنطقة الحرة بما يساعد المستثمر الوطني والعربي والأجنبي على الاستثمار فيها، وتسري عليها التشريعات والقوانين الموجودة في المناطق الحرة الممثلة في الكثير من بلدان العالم. لكن الوضع الحالي، ويا للأسف الشديد، لا يساعد على نجاح المشروع بسبب مخلفات التشطير وآثار النظام الاشتراكي الشمولي السابق. كيف يمكن أن تكون هذه المنطقة حرة وهي ما زالت تحكم بعقلية القطاع العام وعن طريق النقابات، هذه العقلية لا تساعد على قيام المنطقة الحرة بمهماتها، ولهذا لا بد من تصحيح هذه الأوضاع بما يشجع المستثمرين على الاستثمار في هذه المنطقة.
مسعى الملك حسين
تلقيت رسالة من الملك حسين كما تلقى نائب الرئيس رسالة مماثلة، وجرى حديث ان هاتين الرسالتين تتعلقان بوساطة في الخلافات القائمة؟
- الرسالة تتعلق أساساً بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، ولكن يبدو أنه كان وصل الى مسامع جلالة الملك حسين وجود تباين أو خلاف في وجهات النظر بين أحزاب الائتلاف، لهذا التقى ممثل الملك حسين الأخ علي سالم البيض في عدن، واعتقد بأن هذا اللقاء تم بهدف الحرص على عدم تصاعد الخلاف وعلى تطويقه وعلى اجراء حوار بين أطراف الائتلاف.
هل تباركون هذا المسعى؟
- طبعاً نبارك هذا المسعى، وهو مسعى جيد، ونقدر تقديراً عالياً هذا المسعى الحميد من قبل الملك حسين، ولم نكن ويا للأسف نريد أن نحرج اشقاءنا وأصدقاءنا في مشاكلنا الداخلية. وكان من المفروض أن نكون جديرين بحل مشاكلنا داخلياً كما هي العادة، ولكن على كل حال لا يستنكر هذا الأمر، فالملك حسين شقيق وعزيز على قلوبنا وجهوده مشكورة ولا نستغني عنها.
نسمع أحاديث عن الفساد في صنعاء، وكل الأطراف تتحدث عن ذلك، وما دام كل طرف يتحدث عن الفساد بما ذلك المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي فمن أين يأتي الفساد؟
- كل الأحزاب تتحدث عن الفساد لأن كل واحد منها يتجنب أن يكون معنياً أو أن توجه التهمة اليه بأنه هو الفاسد، ولهذا فإن الجميع يتحدثون عن الفساد، لكن أعين القوى الشريفة والوطنية بالمرصاد وتعرف أين يكمن الفساد ومن هم الفاسدون. والذين يتحدثون عن الفساد يعرفون أيضاً أين مكمن الفساد. وقد وجد الفاسدون، ويا للأسف، مظلة في أحزابهم لحماية فسادهم، لأن الفاسد اذا كان من المؤتمر أو الاشتراكي أو غيرهما من الأحزاب وتمت محاسبته ينظر الى ذلك كأنه نكاية بهذا الحزب ولمصلحة الحزب الآخر.
باعتباركم تمثلون السلطة التي يفترض أن تكون خارج التكتلات التي لها علاقة بالفساد، هل عندكم خطة معينة لمحاربة الفساد أينما وجد؟
- عندنا خطة لمحاربة الفساد لكنها لن تكون فعالة إلا عندما تتوحد الارادة السياسية وتحدد الصلاحيات والمسؤوليات بوضوح، وهذا ما دفعنا الى تبني التعديلات الدستورية، لأن الدستور الحالي الذي توحدنا على أساسه كان القاسم المشترك للتوحيد ليس إلا، لكنه لا يفي بكل ما نطمح اليه لأنه دستور توفيقي لا يحدد الاختصاصات بين السلطة ويخلط بينها. لمجلس الرئاسة أحياناً اختصاصات وللحكومة اختصاصات، ونحن نتبنى التعديلات الدستورية من أجل تحديد الاختصاصات ولمعرفة هل الحكومة هي المسؤولة أم رأس الدولة أم السلطة التشريعية.
وأنا قادم اليكم شاهدت تظاهرة أمام مجلس الوزراء من الطلاب الذين يرغبون في الدخول الى الجامعة، ولا يجدون مكاناً لهم. هذه مشكلة مطروحة في جامعة صنعاء فكيف يمكن معالجتها؟
- جامعاتنا تشتغل بكل طاقاتها، ولكن لا تنسَ أن هناك انفجاراً سكانياً وطلابياً في البلاد، والمفروض في الحكومة أن تضع خططاً مسبقة لمواجهة استيعاب الطلاب والطالبات الراغبين في الالتحاق بالجامعات والمعاهد، قبل نهاية العام. ومن بين السلبيات أن هذه الخطط لم توضع من قبل لمواجهة الزيادة الهائلة في اعداد الطلاب الراغبين في الالتحاق بالجامعات مما أدى الى احراج الحكومة في الوقت الحاضر.
نحن نرى ان على الحكومة أن تتحمل مسؤولية استيعاب هؤلاء الطلاب في الجامعات والمعاهد والمدارس وإيجاد المقاعد الدراسية لهم، وان تركز بدرجة أساسية على المعاهد المتوسطة والتعليم الفني بشكل عام لتلبية حاجات التنمية.
هل تؤيدون فكرة انشاء جامعات في المحافظات؟
- نعم عندنا خطة لانشاء جامعة في حضرموت وجامعة في تعز، وانتشرت الآن كليات التربية في عدد من المحافظات، كما أننا نشجع قيام الجامعات الخاصة.
لا جهاد ولا أفغان
وقعت في اليمن حوادث في فترات مختلفة وصفتها الصحف بأنها ذات طابع أصولي وينسبها بعضهم الى تنظيم "الجهاد" والبعض الآخر ينسبها الى "الأفغان" اليمنيين.
- ما يقال في هذا المجال يمثل حملة ظالمة يروج لها أناس حاقدون على الوحدة والديموقراطية في اليمن. المعنيون بهذه الحوادث يمثلون عناصر قليلة العدد في بلادنا. ومجتمعنا مثله مثل أي مجتمع آمن تقع فيه حوادث من هذا النوع. إن القول بأن هذه الحوادث التي وقعت في اليمن هي من صنع يمنيين "أفغان" هو قول غير صحيح. هناك أشخاص معدودون كانوا يذهبون للجهاد في افغانستان وكان بعض الدول الشقيقة والدول الغربية مثل الولايات المتحدة الأميركية يساعدهم، في وقت كانوا يدفعون بالحركات الاسلامية الى الجهاد في افغانستان من أجل مواجهة المد الشيوعي. لقد استخدموا هذا التيار فترة من الزمن وبعد الاستغناء عنهم وصفوهم بالارهابيين.
نحن ضد أعمال العنف والارهاب والتخريب مهما كانت مصادرها. وبدأ بعض الصحف المحلية والخارجية يروج، ويا للأسف، شائعات عن وجود "اليمنيين الأفغان". هذا غير صحيح، واليمن معروفة، فالإيمان يماني والحكمة يمانية واليمن حمل راية الإسلام الى مشارق الأرض ومغاربها، ولسنا في حاجة الى من يجاهد في بلادنا من أجل الاسلام. الحديث عن الجهاد والأفغان غير صحيح. ان القوى اليسارية المعروفة بتطرفها تحاول أن تصنف المجتمع الى علمانيين ويمينيين واسلاميين متطرفين، ونحن لا نقبل بهذا التصنيف. نحن نرفض التطرف وننبذه من أي جهة أو أي طرف سواء كان من أقصى اليمين أو أقصى اليسار أو غيرهما.
يتحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية عن انتهاك حقوق الانسان في بلادكم وعن سجناء رأي وسجناء سياسيين ما زالوا معتقلين منذ فترة ما قبل الوحدة؟
- بعض القوى اليسارية المتطرفة التي لم تتخلص من عادات الماضي، ما زال يطرح، ويا للأسف الشديد، هذا الكلام لتشويه سمعة اليمن بالحديث عن وجود سجناء سياسيين. ونحن نؤكد انه لا يوجد أي سجين سياسي في وطننا، وقد دعونا منظمات دولية معنية بحقوق الانسان وجاءت الى اليمن منظمات دولية عدة وزارت سجوناً عدة واكتشفت أنه لا يوجد في اليمن أي سجين سياسي. هناك قضية السجين منصور راجح الذي يروج أنه سجين رأي، لكن الحقيقة هي أنه سجين جنائي ويوصف بأنه سجين سياسي لأنه كان من قبل عنصراً في الجبهة الوطنية. هكذا تجد أن بعض العناصر المتطرفة من الحزب الاشتراكي يُسرب مثل هذه الأخبار وان هذا الرجل سجين سياسي وهذا غير صحيح، وأحكام القضاء موجودة ضده كونه ارتكب جريمة جنائية وسجن في قضية جنائية.
عودة علي ناصر
جرى الحديث مراراً عن عودة الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد الى اليمن فهل توجهون اليه الدعوة مرة أخرى للعودة الى صنعاء؟
- لا يحتاج الى أي دعوة فهو مواطن كأي مواطن يمني، ومن حقه ان يعود الى الوطن في أي وقت يريده. انه كبقية الرؤساء اليمنيين السابقين المقيمين في الوطن ومن حقه العودة متى يشاء. لقد ابتعد علي ناصر عن الساحة الوطنية في أعقاب الوحدة نتيجة للحساسية التي كانت قائمة بينه وبين زملائه في الحزب الاشتراكي اليمني. وكان من ضمن شروط الحزب الاشتراكي للقبول بالوحدة ابعاد علي ناصر عن الساحة اليمنية. أقنعنا الأخ علي ناصر محمد بالانسحاب الى دمشق، ولكن من حقه الآن أن يعود خصوصاً أن الحساسية بدأت تخف بينه وبين زملائه في الحزب الاشتراكي وهم بحسب علمي على اتصال به، وقد اجتمع في دمشق مع قياديين بارزين في الحزب واجتمع معهم أيضاً في باريس. المشكلة بدأت تسوى بين الحزب الاشتراكي والأخ علي ناصر ولا مشكلة في عودته للوطن.
كم تقدرون حجم الطائفة اليهودية في اليمن؟
- لا يزيد عدد اليهود اليمنيين في تصوري على ثلاثمائة أو اربعمائة شخص وهم يعاملون كمواطنين يمنيين لهم كل الحقوق السياسية بما فيها حق السفر والعودة. وهم يسافرون ويعودون الى وطنهم وبعضهم يظل مقيماً في الخارج. انهم مواطنون يمنيون لهم كل حقوق المواطنة وعليهم واجباتها طبقاً للدستور.
بعض الشركات النفطية يعاني من صعوبات في العلاقة مع المواطنين المحليين؟
- هذا غير صحيح وليست هناك أي صعوبات أو مشاكل بين المواطنين والشركات، بالعكس، المواطنون جميعاً يتعاونون لحماية نشاط الشركات ربما أكثر مما تحميهم أجهزة الأمن والجيش. والمواطن اليمني حريص على توفير الأمن للمستثمرين وللشركات العاملة في بلادنا.
العلاقات مع سلطنة عُمان
هل تعتقد بأن العلاقات اليمنية - العُمانية هي بوابة اليمن لتسوية العلاقات مع بقية دول الخليج؟
- نحن نعتبر العلاقات اليمنية - العُمانية متميزة ونموذجية في العلاقات العربية - العربية وهي لم تصب بأي تصدع خلال أزمة الخليج وكذلك بعد الأزمة. لقد ظل الحوار مستمراً وتمت خلال ذلك تسوية قضية الحدود في إطار مبدأ لا غالب ولا مغلوب وبقناعة الطرفين. ونعتبر هذه العلاقات نموذجاً يحتذى به في الوطن العربي في مجال تسوية قضايا الحدود بين الأقطار العربية. لقد انهينا هذه المشكلة بقناعة ورضى تام لشعبينا الشقيقين الجارين.
هل يمكن أن تقيم اليمن علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل اذا انسحبت من الأراضي العربية المحتلة؟
- نحن لن نكون خارج الاجماع العربي ولن نقيم علاقات الا في اطار ما تقره الجامعة العربية والاجماع العربي، وبعد استعادة الحقوق المشروعة للأمة العربية من دون استثناء، أي الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشريف... وبعدها يمكن أن يبحث هذا الأمر على مستوى المجموعة العربية، ونقرر في ضوء الاجماع العربي ما يجب اعتماده في هذا الشأن.
يزوركم الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران في 18 - 19 تشرين الأول اكتوبر الجاري، وهي أول زيارة لرئيس فرنسي لليمن، ما هو رهانكم على العلاقة مع فرنسا؟
- هناك تعاون جيد بيننا وبين فرنسا. وزيارة الرئيس ميتران ستعزز بالتأكيد العلاقات الثنائية بين البلدين والمنافع المشتركة، خصوصاً أن هناك استثمارات فرنسية في اليمن من خلال عدد من الشركات العاملة في مجال النفط. وستطوّر زيارة ميتران بالتأكيد العلاقات الفرنسية - اليمنية وتُعززها.
من المعروف ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تعود أن يستشيركم في بعض القضايا التي لها ارتباط بالقضية الفلسطينية بسبب الوجود الفلسطيني في اليمن وبسبب العلاقات الشخصية، هل استشاركم في اتفاق "غزة - أريحا"؟
- الاتفاقات أو المفاوضات التي تمت لم نعرف بها إلا في الأسابيع التي سبقت التوقيع على اتفاق غزة - أريحا في واشنطن، ولا علم مسبقاً لنا بذلك لأنها أحيطت بسرية كاملة وفوجئنا بها مثلما فوجئ العالم، لكننا نحن مع خيار الشعب الفلسطيني لحل قضيته.
هل لديكم مشاكل جدية مع البنك الدولي، اذ ان بعض الصحف اليسارية وغير اليسارية تحدث عن شروط فرضها البنك الدولي عليكم؟
- يحاول بعض الصحف اليسارية وبعض الشخصيات غير المسؤولة ان يشوه ويسيء الى سمعة اليمن على صعيد التعامل الخارجي سواء مع البنك الدولي أو غيره وكما أفهم ان البنك الدولي قدم تسهيلات الى اليمن. وكما أعرف ان الحكومة اليمنية لم تستغل هذه التسهيلات جيداً.
بين الرياضة والثقافة
القارئ العربي لا يعرف شيئاً عن حياتكم الشخصية، يعني مثلاً هل تحبون ممارسة بعض أنواع الرياضة؟
- الواحد يحبذ أن يأخذ حريته الشخصية. في كل الأحوال نحن مثل أي انسان. أحياناً تتاح لي الفرصة لمزاولة بعض أنواع الرياضة مثل السباحة وتنس الطاولة والقنص والمشي باستمرار. وكلما أتيحت لي الفرصة لا أتردد في ممارسة بعض الهوايات الرياضية.
هل لديكم الوقت الكافي للاطلاع على الانتاج الثقافي والفكري اليمني والعربي؟
- يحدث في بعض الأوقات أثناء لقاء بعض الأدباء والمثقفين والشخصيات ان نطلع ما أمكن على بعض هذا الانتاج الثقافي، ولكن يبدو أننا منهمكون في الجانب السياسي أكثر من الجانب الثقافي وان كنا نعتقد في بعض الأحيان بأن للجوانب السياسية جانباً ثقافياً أيضاً.
هل هناك احراج إذا طلبنا تسمية كاتبكم أو شاعركم المفضل؟
- اعتبر ان من أبرز المبدعين الذين أقرأ لهم الشهيد المرحوم الشاعر محمد محمود الزبيري... اضافة الى الدكتور عبدالعزيز المقالح والشاعر عبدالله البردوني، وهما من ضمن المثقفين اليمنيين المشهورين الذين بقدر اعتبارنا انهما يمنيان نعتبرهما عربيين ونعتز بهما. وأقرأ أيضاً لعدد من الأدباء والمفكرين العرب كلما أتيحت الفرصة.
هل تشاهدون نوعاً معيناً من الأفلام السينمائية؟
- لا أشاهد أفلاماً سينمائية لأن لا وقت لذلك.
بعض زعماء الدول مثل الرئيس كلينتون أو ميتران أو الملك حسين يتحركون مع زوجاتهم، ويسمحون لهن بالقيام بالنشاط العام وبالعمل العام هل تعتمدون هذا التقليد؟
- والله لكل بلد خصوصياته، أميركا لها خصوصيات ودول أخرى لها خصوصيات وهذا أمر طبيعي، لكننا نحن في اليمن ما زالت عندنا تقاليد خاصة بنا. ولا يعني هذا اننا نستنكر ذلك على الآخرين، هذه حالة طبيعية بالنسبة اليهم، أما نحن فعندنا خصوصياتنا وهذا الأمر داخلي.
هل لديكم الوقت الكافي مثلاً لمتابعة النتائج التي يحققها ابناؤكم في المدارس ومراقبتهم على هذا الصعيد؟
- في يوم الجمعة أو أثناء العطل الرسمية يتاح لنا الوقت للجلوس مع الأولاد ومتابعة نتائج امتحاناتهم وما مدى التزامهم وانضباطهم المدرسي ووجودهم في المدارس وعلاقاتهم مع زملائهم. هذا بالتأكيد يتم كلما كانت هناك فرصة في أيام العطل والاجازات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.