قال الأمين العام لپ"حزب الله" في لبنان السيد حسن نصرالله في حديث الى "الوسط" ان الحركات الاسلامية ستواجه مشروع الهيمنة على المنطقة، معتبراً ان اشكال المواجهة تتحدد في ضوء التطورات. ووصف السلام المطروح بأنه "شكل سلام جوهره استسلام مفروض". وحمل على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقال: "لو ظهر اسلامبولي فلسطيني سنكون فرحين جداً بالتأكيد". ورأى نصرالله ان مستقبل العلاقات بين "حزب الله" والسلطة اللبنانية يتوقف على عدم وقوعها في الفخ، ملاحظاً ان اطرافاً في السلطة تدفع في اتجاه الصدام بين الجيش اللبناني والاسلاميين. وأكد ان "حزب الله" موجود في لبنان بارادة ذاتية تماماً كالمقاومة وسلاحها، نافياً ان يكون هذا الوجود او استمراره نتيجة لتوافق سوري - ايراني. وقال ان المقاومة انطلقت وحصلت على تأييد داخلي وإقليمي، وأن سورية اكدت دعمها المقاومة حتى تحرير الارض. ورفض أي بحث في سلاح المقاومة او وقف العمليات ما دام الاحتلال قائماً. وعن مسألة المرجعية الشيعية قال نصرالله ان الولي الفقيه آية الله علي خامنئي هو فقيه جامع للشرائط يعني انه يمكن ان يكون ولياً للأمر ويمكن ان يكون مرجعاً للتقليد كما يمكن ان يكون قاضياً متصدياً لمسائل القضاء. "آية الله خامنئي يتصدى حالياً لمهمات ولاية الأمر وقيادة الأمة، وليس متصدياً لموضوع المرجعية في التقليد وان كان هناك من بدأ بتقليده في اقطار مختلفة من العالم الاسلامي من منطلقات شرعية معينة. مرجعية التقليد متروكة لبعض المراجع الكبار الموجودين حالياً سواء في ايران او في النجف. لا توجد حالياً مرجعية شاملة على ما كانت عليه في السابق. هناك آية الله العظمى الكلبايكاني وهو المرجعية الاكثر اتساعاً حالياً. وهناك ايضاً آية الله العظمى الشيخ الاراكي الموجود في قم. وكان هناك ايضاً السيد عبدالاعلى السبزواري وكان يملك امكانات جيدة لاستقطاب المقلّدين، لكنه توفي. على مستوى النجف مطروح بشكل اساسي السيد علي السيستاني وهناك اوساط علمية وحوزية تعمل لمرجعيتها". وأضاف الأمين العام لپ"حزب الله" انه لا يملك تقويماً دقيقاً لما يجري في مصر، معتبراً ان الجماعات الاسلامية فيها ربما كانت تحتاج الى اعادة تنظيم للاولويات. وأكد وجود علاقات طيبة مع حركات اسلامية سنّية مثل "الجهاد الاسلامي" و"حماس"، ووجود تنسيق وتعاون بين الحركات الاسلامية لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي. ونفى وجود لجنة لقيادة هذه الحركات تجتمع دورياً في طهران. وأوضح في شأن العلاقة مع الجبهة الاسلامية القومية في السودان ان "حزب الله" يسعى الى اقامة علاقات تعاون مع اي حركة اسلامية في العالم، ملاحظاً ان العلاقات لم تصل بعد الى مستوى الجبهة. وجدد نفي الحزب اي علاقة له بمسألة الرهائن الغربية. وعزا عدم وجود ظاهرة الافغان العرب في لبنان الى انشغال اللبنانيين بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي، مضيفاً ان مشاركة الاسلاميين اللبنانيين في حرب افغانستان فردية الطابع اذا وجدت. وعن مساهمة الاسلاميين اللبنانيين في معارك البوسنة قال: "هناك بعض الشباب بأعداد ضئيلة يقومون بأعمال التدريب في البوسنة". استسلام لا سلام ماذا كان شعورك في الوقت الذي جرت المصافحة بين الرئيس عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين؟ وما هو خطر "غزة - أريحا" على الحركة الاسلامية؟ وكيف ستتعاملون مع هذه المرحلة؟ - اعتقد بأن الانسان عموماً يعي حجم المخاطر المترتبة على هذا الاستسلام، لأن ما يصنع اليوم ليس سلاماً. ان كل انسان يحمل في داخله مشاعر اسلامية او قومية أو وطنية ومعني بعزة أمته وشعبه وكرامته وحريته اصيب في صميم قلبه في 13 ايلول سبتمبر لأن ما فعله ياسر عرفات يختلف عما فعله من سبقه وعما سيقوم به من يليه. ان الرئيس المصري الراحل انور السادات لم يستطع ان ينهي القضية الفلسطينية، لكن ياسر عرفات الذي حاور باسم الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني او ادعى انه يحاور بهذه الصفة حاول توجيه اقسى ضربة الى تاريخ الشعب الفلسطيني. ان هذا الحادث مأسوي من جهة، الا انه في مثل حركتنا وحالنا لا يدعو الى اليأس على الاطلاق. بخلاف ذلك، كنا نتوقع مجيء هذا اليوم الذي ستسقط فيه قيادات بهذا المستوى، لأنها كانت في صدد هذا السقوط وكان لا بد من ان تصل الى هذا اليوم. اما عن انعكاس "غزة - أريحا" على الحركة الاسلامية، فأريد ان اؤكد ان هذا الاتفاق جزء من تسوية ستفرض على حكومات هذه المنطقة وشعوبها ولا يشكل خطراً على الحركة الاسلامية بمعزل عن الخطر الذي يشكله على مجمل الأمة وشعوب هذه المنطقة ودولها. ودائماً، عندما نتحدث عن "غزة - أريحا" او اي تسوية مذلّة مع العدو الاسرائيلي، فاننا نتحدث عن قلق ومخاوف ومخاطر تتعلق بمصير شعب ووطن وأمة لا بمصير حزب او حركة او تنظيم اسلامي او فئة. مصير شعب ووطن فعندما نتحدث عن لبنان مثلاً الذي يوجد فيه "حزب الله"، وعندما نقول اننا قلقون من هذه التسوية او هذا الاستسلام، لا نعني اننا خائفون على مستقبل "حزب الله" بل على مستقبل لبنان، على مياه لبنان. ونحن نعرف الاطماع التاريخية لاسرائيل في مياه لبنان، وأسئلتنا هي من نوع: هل ستأخذ اسرائيل بالسلم ما لم تتمكن من اخذه خلال سنوات طويلة بالحرب؟ وما هو مستقبل النظام السياسي في لبنان بعد هذه التسوية مع اسرائيل؟ ما هو مستقبل الصناعة والتجارة والزراعة والموقع المتميز وحتى دولة الخدمات؟ نسأل عن السلم الاهلي في لبنان بعد التسوية، وهل ستعمد اسرائيل الى اثارة الحساسيات والنزاعات داخل لبنان لاطاحة السلم الاهلي أم لا؟ نحن نطرح اسئلة تتعلق فعلاً بمستقبل شعب ووطن. وهذا الامر لا يعني لبنان فقط وانما كل المنطقة التي تسعى اسرائيل الى الهيمنة الكاملة عليها سواء في مجالات الاقتصاد او الاعلام او السياسة او من خلال الامن والمخابرات. رؤيتنا للأمور طبيعتها عقائدية، ومن خلال فهمنا لليهود وللحركة الصهيونية نعتقد بأن الاسرائيليين سيبذلون كل جهد لتطويع هذه المنطقة وتفتيتها وتمزيقها واستعبادها. فهم - في خلفيتهم العقائدية - لا يعتبرون ان شعوب هذه المنطقة من مستواهم، وسيسعون الى استعبادها بكل الوسائل والامكانات المتاحة لأنهم يعتبرون انفسهم شعب الله المختار. لن يكون هناك اي رادع او حاجز انساني او سياسي يمنع اسرائيل من الافادة من اي نقطة ضعف في هذه الأمة. من هنا، عندما نتحدث عن الاخطار والمخاوف انما نتحدث عن مصير امة وشعب ووطن وليس عن الحركة الاسلامية. وفي هذا الاطار العام تبدو الحركة الاسلامية مستهدفة بدرجة كبيرة والسبب انها النقيض المطلق لاسرائيل ومشروعها الصهيوني والمشاريع الاميركية في المنطقة، ولأنها كذلك ستعمل اسرائيل على استهدافها او تحجيمها او اضعافها. لأن الحركة الاسلامية اساساً تملك رؤية عقائدية كاملة للتعاطي مع المشروع الاميركي والاسرائيلي. ولا تنطلق الحركة الاسلامية فقط من مشاعر قومية او وطنية يمكن الالتفاف عليها او تصفيتها بسهولة. فهناك رؤية عقائدية ومشاعر يحملها ابناء هذه المنطقة اضافة الى دوافع الايمان بالله والآخرة وأن الحياة الحقيقية هي في ذلك العالم، وأن هذا العالم دار ابتلاء وامتحان واختبار للارادة والعزائم وامكانات الانسان. لذلك تمتلك الحركة الاسلامية الدوافع الدائمة، حتى في اصعب الظروف، للاستمرار من خلال ارادة المجاهدين وعزمهم، اضافة الى ان الحركة الاسلامية هي في حال نهوض كبيرة جداً على مستوى المنطقة بعد سقوط الكثير من الايديولوجيات والافكار والطروحات الأخرى. ومن ينظر الى هذه المنطقة يرى حركة اسلامية متصاعدة بشكل متسارع. وأرى ان من الطبيعي جداً ان تكون الحركة الاسلامية في اعلى درجات الاستعداد عندما تعيش حال مواجهة مع الهيمنة الاميركية والاسرائيلية، لأنها الاكثر حضوراً في ساحة التحدي. أما هل سيتمكنون من ضرب هذه الحركة الاسلامية او إنهاء الصحوة الاسلامية فهذا بحث آخر. هل تشعرون بأن برنامج الحكم والحكومة في لبنان يتضمن بنداً يقضي بضرب الحركة الاسلامية في لبنان؟ - تقصدون بنداً علنياً او سرياً؟ في طبيعة المرحلة الحالية نسمع الكثير من الكلمات والتأكيدات ان السلطة لا تريد ذلك، وأن ضرب الحركة الاسلامية ليس في برنامجها. الا ان الانسان عندما يتحدث عن النيات التي يختزنها هذا المسؤول او ذاك في داخله قد يصل الى نتيجة ان هذا الامر مطروح بشكل او بآخر. ولعل سلسلة أحداث حصلت تؤكد ان هناك في السلطة من يدفع الامور في اتجاه الصدام مع الحركة الاسلامية، وهناك شواهد كثيرة لمسناها في الماضي وأحب ان اقف امام شاهدين اساسيين: الاول في أعقاب حرب الايام السبعة عندما دخل بعض المسؤولين السياسيين في السلطة في صفقات خفية مع الاميركيين، وأعلن ذلك في ما بعد رابين شخصياً عندما تحدث عن اتفاق مع اللبنانيين، من خلال الاميركيين، بناء على اقتراح قدمه هو - استناداً الى تعبيره - يقضي بأن يدخل ما يزيد على ثلاثة آلاف جندي لبناني الى منطقة عمل الطوارئ، ويسيطر الجيش اللبناني على المنطقة وينزع سلاح المقاومين ويضمن أمن الشريط المحتل في اطار تسوية او توافق على معالجة الموضوع مستقبلاً، وهو الطرح الاسرائيلي التقليدي المعروف. وكان بعض اقطاب السلطة السياسية في لبنان على درجة عالية من الجدية للسير في هذا الامر لولا مجموعة ضغوط حصلت. ونحن كنا جزءاً منها لأننا كنا نرى في هذه الخطوة مقدمة لصدام محتوم. - من كان الطرف الآخر في هذه الضغوط؟ كانت هناك ضغوط داخلية في شكل اساسي، وتحدثنا مع بعض المسؤولين وقلنا لهم ان هذا الامر سيؤدي الى اوضاع ونتائج ليست لمصلحة لبنان على الاطلاق. وفي نهاية المطاف عولجت الخطوة بالشكل الذي لا يؤدي الى حساسيات ومخاطر. لكن الواضح هو ان من يدير الموقف السياسي في هذا الاتجاه يمتلك نيات من النوع الذي سألتم عنه. ولعل الحادث الدموي، بل المجزرة التي ارتكبت في 13 ايلول في منطقة الغبيري وعند جسر المطار هي شاهد دموي على ان هناك من يدفع بالامور الى حال صدام دائم بين "حزب الله" والجيش اللبناني. وكان لطبيعة الحادث ان تؤدي الى صدام واسع لولا ضبط النفس الذي مارسه "حزب الله"، على رغم سعي بعض من في السلطة الى دفع الوضع الى حالة مشابهة لتلك القائمة في بعض الدول العربية التي تشهد مواجهات بين الاسلاميين والجيش كأن همّ هذا الفريق ان يحقق احلامه وطموحاته ومشاريعه على حساب دماء افراد الجيش وافراد الحركة الاسلامية. انني اعتقد بأن الانسياق في المشروع الاميركي - الاسرائيلي سيدفع السلطة السياسية في هذا الخط الخطير. الوقوع في الفخ هل تشعرون بأن اقتراب السلام في المنطقة يعني اقتراب المواجهة خصوصاً ان واشنطن تحدثت عن ضرورة نزع سلاح المقاومة وأبلغت السلطة اللبنانية بذلك؟ وما هي استعداداتكم للمرحلة الجديدة هذه؟ - في ما يخص هذه النقطة بالتحديد فان الامر لا يتعلق بأدائنا نحن وانما بأداء السلطة. ما تطلبه اميركا وما تطلبه اسرائيل من لبنان مخالف للمنطق في كل العالم. ففي العالم بأسره لا يُطلب نزع سلاح المقاومة والمحتل موجود. في كل العالم يعاقب العملاء الذين تعاملوا مع المحتل ولا تقدم اليهم المكافآت. في كل العالم تقام حفلات التكريم للمقاومين الذين ساهموا في عملية التحرير ولا يُعاقبون. ما تطلبه اميركا واسرائيل هو انهاء المقاومة ونزع سلاحها، فيما لا تزال القوات الغازية تحتل الارض. يطلبون من لبنان مكافأة اللواء انطوان لحد وجنوده من خلال اقتراح ضمهم الى مؤسسة الجيش اللبناني وهم يجب ان يحاكموا بتهمة الخيانة العظمى على ما اقترفوه وقتلوه من لبنانيين خدمة لجيش الاحتلال. نحن نتوقع ان يكرّم الشعب المقاومين بعد التحرير، لهذا تبدو الدعوات الى تصفية "حزب الله"، وهو العمود الفقري للمقاومة، مناقضة لأبسط المبادئ. كل ما يطلب هو غير منطقي وغير طبيعي. مستقبل الوضع يتوقف على اداء السلطة. وقلنا دائماً ان أي معالجات جزئية وأي قبول بالطروحات الاميركية والاسرائيلية في شأن مشكلة الجنوب والبقاع الغربي هو وقوع في الفخ. نحن لن نقع في الفخ، لكن المطلوب من السلطة ان لا تقع هي في الفخ. والسؤال عن مستقبل العلاقات مرهون بما اذا كانت السلطة ستوقع نفسها في هذا الفخ وتوقع معها الوطن. اذا قالت اسرائيل انها مستعدة للانسحاب في غضون ثلاثة اشهر وكان الثمن المطلوب وقف العمليات ونزع سلاح المقاومة فما هو ردكم؟ - طالما هناك احتلال يجثم على ارضنا لا يستطيع احد ان يتحدث معنا عن العمليات او السلاح. لو انسحبت اسرائيل الى الحدود الدولية ماذا تفعل المقاومة بسلاحها؟ - عندها نرى طبيعة التطورات والاجواء السياسية والمسائل المطروحة ونقرر على اساسها. هل يعني ذلك ان انسحاب اسرائيل الى الحدود الدولية لا يلزمكم وقف الجانب العسكري من النزاع ثم انك تستخدم تعبير اليهود لا الاسرائيليين؟ - سواء قلت اليهود أم الاسرائيليين فالنتيجة نفسها. حين تنسحب اسرائيل الى الحدود المعترف بها دولياً بين لبنانوفلسطين نعتبر ان قضية الارض اللبنانية انتهت بمعزل عن الطريقة التي انتهى بها هذا الاحتلال. هناك قضية ثانية لا تعني اللبنانيين وحدهم. انها تعني بالدرجة الاولى الشعب الفلسطيني كما تعني كل العرب وكل المسلمين وصاحب كل ضمير حر في العالم وهي قضية فلسطين. فلسطين ارض محتلة والكيان القائم على ارضها باطل. مرور الزمن لا يجعل الحق باطلاً ولا الباطل حقاً. ارض فلسطين ملك الشعب الفلسطيني والامة. انها ليست ملك ياسر عرفات حتى يوزعها ويسلم الكيان الاسرائيلي الاراضي المحتلة عام 1948 ويفاوض الاسرائيليين على القدس ويبحث معهم في مستقبل الضفة والقطاع. عرفات ليس مفوضاً وليس مخولاً من قبل احد. ولا يحق لأحد ان يسامح المحتلين والغاصبين. فمن حق الشعب الفلسطيني ان يقاوم الغاصبين والمسؤولية تقع على عاتقه بالدرجة الاولى. ومن حقه ايضاً على شعوب الامة العربية والاسلامية ان تقف الى جانبه وتسانده. اما كيف فالامر متروك لطبيعة التطورات والظروف. اسلامبولي فلسطيني هل ستستخدمون العنف لاسقاط السلام المقترب؟ - أولاً انني اختلف معك في استخدام تسمية سلام. ما يجري ليس سلاماً. او فلنقل انه شكل سلام يقوم جوهره على استسلام مفروض. والذين ذهبوا الى المفاوضات يتحدثون عن الاختلال الهائل في التوازنات الاقليمية والدولية. نحن جادون في مواجهة مشروع الهيمنة الاميركي - الاسرائيلي ليس على لبنان فقط وانما على المنطقة. مواجهة الهيمنة من واجبنا. اما اشكال المواجهة وأساليب المواجهة فهي امور تكتيكية خاضعة للظروف. ثم اننا لم نمارس العنف في لبنان بل مارسنا المقاومة. لا يستطيع احد اعطاء اجوبة قطعية في شأن المستقبل، اذ لا بد اولاً من ان نعرف طبيعة التطورات التي تحملها التسوية. هناك من أهدر دم الرئيس ياسر عرفات ما هو موقفكم؟ - من أهدر دم عرفات يعود اليه أمر التنفيذ. نحن لم نعلن مواقف من هذا النوع حتى الآن. هل يفهم ان ثمة مواقف اتخذت ولم تعلن؟ - نحن نتمنى عادة ان يتمكن أي شعب من التعبير عن ارادته وشخصيته وكيانه. كنا فرحين جداً عندما أقدم خالد الاسلامبولي ومجموعته على اغتيال انور السادات. لا نستطيع ان نخفي فرحتنا بهذا الموقف. وعندما يقوم اي فلسطيني بالدور نفسه، اي اسلامبولي فلسطيني، بحق من خان القضية الفلسطينية سنكون فرحين جداً بالتأكيد. تقصد بحق عرفات؟ - طبعاً. هل ستصدرون فتوى باهدار دم أي لبناني يوقع سلاماً مع اسرائيل؟ - من الآن الى ان يحصل ذلك سنرى. هل انت مستعجل؟ يبدو ان المنطقة مستعجلة. وعلى صعيد القيادة الدينية في ايران قلتم انها تقدم مساعدات الى "حزب الله" من تدعم غيره في المنطقة. - يجب ان تسألهم. نحن في "حزب الله" نتلقى مساعدات من مواقع دينية تملك امكانات مادية مهمة بمعزل عن السلطة السياسية والنظام السياسي في ايران. ثمة رقم متداول… عشرة ملايين دولار شهرياً؟ - لا احب ان ادخل في الأرقام. لكن الأرقام المتداولة عادة ونقرأها في الصحف، أرقام مبالغ فيها. هناك خصوصية لپ"حزب الله" كونه شيعياً، وهناك كلام على دعم ايراني للسودان والجماعات الاسلامية في مصر، أليست هذه أقرب الى فكرة دولة تدعم تنظيماً؟ أليست مختلفة عن العلاقة بين المواقع الدينية و"حزب الله"؟ أي انها جزء من تصدير الثورة؟ - هل صحيح ان ايران تدعم الجماعات الاسلامية في مصر؟ بحسب معلوماتي ليس هناك أي دعم من هذا النوع. والسودان؟ - هما دولتان، وأي دولتين تستطيعان اقامة علاقات وتبادل اقتصادي وتجاري… وأنا أعرف ان حتى النفط الذي تقدمه ايران الى السودان، تقدمه على اساس تبادل تجاري وليس مجاناً. و"حماس"؟ - ليست لدي معلومات دقيقة عن الموضوع. خبراء "الحرس الثوري" في لبنان ترددت منذ مدة مطالبة بانسحاب "الحرس الثوري" الايراني من لبنان، ماذا حل بهذا الموضوع؟ - دعنا نر اليوم ما هو حجم وجود الحرس الثوري في لبنان. انه عبارة عن مجموعة من الخبراء والمثقفين تقدم بعض أشكال نقل الخبرة والتجربة والفكر والثقافة التي يملكونها الى بعض الحركات الموجودة في لبنان. وليست هناك قوات عسكرية بالمعنى الكلاسيكي التقليدي الذي يدور الكلام عليه، وعندما يتحدثون عن الجيوش في لبنان، يتحدثون عن الجيش الايراني. خبراء في ماذا؟ - خبراء يضحك، الحرس الثوري كان واضحاً من البداية... جاء أفراد منه الى لبنان على اثر الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982، ولم يخوضوا معارك قتالية ضد الاحتلال. انما كانت مهمتهم الأساسية تدريب اللبنانيين على استخدام السلاح لمقاومة الاحتلال. هل يمكننا القول ان الايرانيين أدوا دوراً في تدريب المقاومة؟ - أجل، وهذا شيء مشرف. يقال ان في لبنان 800 من "الحرس الثوري"، هل الرقم دقيق؟ - أفضل ألا أدخل في الاعداد. لكن الأحجام التي يتحدثون عنها غير صحيحة. فالآن لا توجد قوات بمعنى القوات من الحرس الثوري. مستقبل الاسلاميين كيف تقرأ وضع الحركة الاسلامية في المنطقة وكيف تراه؟ هل من أمل في انتصار ما؟ - على مستوى الأمل قناعتنا العقائدية والسياسية في آن، وقراءتنا ايضاً، هما ان المنطقة تسير، عاجلاً أم آجلاً نحو هذا المستقبل الذي هو مستقبل الحركة الاسلامية. وفي حال حصول تسوية أو عدم حصولها فإن الحركة الاسلامية هي الأقدر على تعبئة الشعوب والجماهير في مواجهة الخطر الصهيوني، وإذا حصلت التسوية فإن مخاطر هذه التسوية التي صدقتها شعوب المنطقة، ستدفع هذه الشعوب الى ساحات المقاومة والانتفاض، لأنها لن تستطيع تحمل الضغط الصهيوني في الساحات المتعددة، خصوصاً في الجانب الاقتصادي. وبالتالي عندما تعيش شعوب المنطقة في شكل واضح حجم المخاطر، ستبحث عمن يحتضنها ويوظف حركتها في اطار مشروع يخدم هذه الأمة في شكل حقيقي، وستجد ان الحركة الاسلامية هي الأقدر والأكثر كفاءة واخلاصاً لقيادة مشروع من هذا النوع. في كل الافتراضات، اذا حصلت تسوية أو لم تحصل، فنحن نتطلع بتفاؤل الى مستقبل الحركة الاسلامية، ونعتبر ان هذا قدر تاريخي لا بد منه. كيف تنظر الى التجربة الاسلامية في الجزائر، وأين اخطأت الحركة الاسلامية هناك؟ - الحركة الاسلامية في الجزائر لم ترتكب في بداية تحركها أي خطأ. كانت تحضر شعباً كبيراً في الشارع. شاركت في الانتخابات وفازت فيها. واستطاعت تجربة الجزائر، على كل حال، ان تكشف زيف كل شعارات الدعوة الى الديموقراطية في العالم العربي التي يوجهها الغرب والولايات المتحدة الأميركية. تبين ان الديموقراطية التي يتكلمون عليها هي ديموقراطية الحكام العملاء لأميركا واسرائيل. ولكن اذا كانت الديموقراطية ستوصل حركة اسلامية لتعبر تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب الجزائري أو غيره، فهي مرفوضة. وتذكرون النقاش في أوساط المثقفين الفرنسيين وهو من أجل الحفاظ على قدسية المبدأ الذي هو الديموقراطية، يجب ان يتاح للاسلاميين تسلم الحكم. وهؤلاء من المخلصين جداً للفكرة، ولا يسيسونها لمصالح تخص فرنسا أو الغرب. وأعتقد بأن الاسلاميين في الجزائر اخطأوا في التكتيك. أين؟ - عندما سقط الشاذلي بن جديد وأعلن قيام النظام الانقلابي في الجزائر، كان ينبغي لقيادة الحركة الاسلامية في الجزائر، وهي تملك امتداداً جماهيرياً كبيراً جداً، ان تنزل الى الشارع بجماهيرها وناسها وتدخل في سلسلة تظاهرات واضرابات متصاعدة، وكان يمكن ان تلغي النظام الانقلابي ولا تسمح له بلملمة قواه للبدء بالهجوم على الاسلاميين وتقطيع أوصالهم وزج قياداتهم في السجون وقتل رموزهم ومثلهم. هذا الأمر يشبه ما حصل قبل انتصار الثورة الاسلامية في إيران بعشرة أيام. عندما عاد الإمام الخميني من باريس الى طهران أعلنت حكومة الراحل شهبور بختيار في ذاك الوقت الأحكام العرفية ونزل الجيش الايراني بكل قوته الى الشارع. وكان خلاف في القيادة الايرانية ما هو السبيل الى مواجهة الأحكام العرفية؟ كان رأي الامام هو اننا اذا لم ننزل الى الشارع ولم نكسر الأحكام العرفية، فإن الثورة قد تنتهي خلال عشرة أيام وسيتمكن النظام من السيطرة على كل شيء من خلال تصعيده حركة الجيش وحضوره في الشارع. وبالفعل كان القرار ان ينزل الشعب الايراني بأقصى جهد الى الشوارع في كل المدن الايرانية وفي شكل متتال، أي انه لم يخرج من الشارع بين 1 شباط فبراير و11 منه في العام 1979، وأربك الجيش والنظام، لأن الجيش قادر على قتل خمسة، مئة، مئتين، ألفين... لكنه ليس قادراً على قتل ملايين. وكان الانتصار في 11 شباط. فتقدير الاخوة في قيادة الحركة الاسلامية في الجزائر للموقف لم يكن تقديراً دقيقاً. وبالتالي هم انتظروا الى حين انتهى الانقلاب وجمع قواه وبدأ بالهجوم، فأصبحوا هم في موقع الدفاع. واعتقلت قياداتهم وزجت في السجن، وربما كانوا غير مهيأين لمرحلة صدام من هذا النوع. وبدأ الهجوم. ونحن لدينا فهم خاص لمحطة الهجوم. ونعتقد بأن الذي بدأ بالعنف هو النظام وليس الاسلاميين الذين لا يؤخذ عليهم أنهم من بدأ بالعنف. حتى لو قتلوا مثقفين؟ - لم يبدأوا هم بالعنف. السلطة هي التي بدأت. الاسلاميون أصبحوا في موقع الدفاع، وفي حال رد الفعل وبدء الدفاع عن النفس، لا أعتقد بأن في إمكان أحد ان يلوم الاسلاميين في الدفاع عن النفس. السلطة تقتلهم وتدمر بيوتهم وتعتقل قياداتهم، فمن الطبيعي ان يكون للحركة الاسلامية في الجزائر حق الدفاع عن النفس. لا نستطيع ان نلقي تبعة كل عملية أمنية تجري اليوم في الجزائر على الاسلاميين. من يقدر ان يقول ان الاسلاميين هم الذين يقومون بكل هذا. أولم تكن في الحزب الحاكم سابقاً تيارات متصارعة. ألا يمكن أن تستغل السلطة هذا الظرف وحالة الفوضى والانفلات لتصفية الكثير من الحسابات وزج اسم الاسلاميين فيها؟ ألا يمكن أن تلجأ المخابرات أو جهات أخرى الى القيام بأعمال أمنية تسيء الى الاسلاميين على المستوى الشعبي، أي لاضعاف حجم التأييد الشعبي الاسلامي. هناك في الجزائر حالياً نوع من الفتنة.