هذه شروط سورية لتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل زيارة رابين لدمشق غير واردة … ولا اتصالات سرية مع الاسرائيليين أكد نائب رئيس الجمهورية السورية السيد عبدالحليم خدام، في مقابلة خاصة وشاملة وصريحة مع "الوسط" ان هناك "خطراً حقيقياً" يهدد وحدة العراق، وشدّد على ان نظام الرئيس صدام حسين يتحمل المسؤولية في هذا الشأن كما يتحمل مسؤولية الاضرار التي تصيب العراق. وكشف خدام، في هذه المقابلة الخاصة التي أجريت معه بعد قيام دول التحالف الثلاث اميركا وبريطانيا وفرنسا بضرب العراق، وجود تنظيمات معارضة تتحرك داخل العراق وقال ان المسؤولين السوريين تلقوا تأكيدات من المسؤولين الايرانيين والاتراك بأنه ليست لديهم اطماع اقليمية في العراق. واكد خدام ان المسؤولين السوريين لمسوا لدى المسؤولين في ايران ودولة الامارات العربية المتحدة "رغبة" لانهاء النزاع بين البلدين. وتطرقت المقابلة الى قضية المبعدين الفلسطينيين وتأثيرها على مفاوضات السلام والى ما يجري بين السوريين والاسرائيليين، فنفى خدام وجود اتصالات سرية سورية - اسرائيلية وحدد شروط سورية للتوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل. ورداً على سؤال حول شروط سورية لاستقبال اسحق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي في دمشق قال خدام: "الحديث عن نتائج السلام قبل ان تزول نتائج الحرب امر غير وارد". وذكر نائب الرئيس السوري ان حذف اسم سورية من قائمة الدول المتهمة "بالارهاب" "امر يعني الاميركيين ولا يعنينا". وبالنسبة الى الوضع اللبناني قال خدام انه ليست هناك "ترويكا" - اي قيادة ثلاثية - تحكم لبنان، وشدد على اهمية الغاء الطائفية السياسية في هذا البلد واكد ان اللبنانيين والسوريين وحدهم معنيون بمسألة اعادة انتشار القوات السورية في لبنان. واوضح خدام ان عقد قمة عربية امر ضروري لكنه اكد انه يجب تسوية عدد من المشاكل العربية قبل توجيه الدعوة الى عقد القمة. وفي ما يأتي نص هذه المقابلة الخاصة مع عبدالحليم خدام: نبدأ بالزيارة التي قمتم بها الى طهران في وقت سابق هذا الشهر واجتمعتم خلالها بالرئيس هاشمي رفسنجاني وكبار المسؤولين الايرانيين. ماذا حققت هذه الزيارة من نتائج؟ - نحن نعمل مع الاشقاء في طهران على تحقيق التعاون والتنسيق في مختلف المجالات التي تهم البلدين. الاجتماع الدوري السوري - الايراني كان في طهران هذه المرة، وكان على جدول الاعمال عدد من المواضيع المهمة، منها مناقشة الوضع الدولي والوضع الاقليمي والعلاقات الثنائية، وتطورات الصراع العربي - الاسرائيلي، بالاضافة الى قضايا اخرى. كما ناقشنا الوضع في منطقة الخليج والعلاقات بين دولة الامارات العربية المتحدةوايران. خلال هذه المناقشات توصلنا الى استنتاجات حول الكثير من المسائل ومن بينها ضرورة قيام علاقات ودية وطبيعية من التعاون بين ايران والدول العربية الخليجية وضرورة العمل على ازالة الخلاف بين ايران ودولة الامارات على أساس ودّي وبما يساعد على تنمية وتطوير العلاقات بينهما. ما الذي تمخضت عنه زيارة وزير الخارجية فاروق الشرع الى دولة الامارات العربية المتحدة على هذا الصعيد؟ - من الطبيعي ان تقوم سورية بدور من اجل انهاء المشكلة بين دولة الامارات الشقيقة وايران البلد المسلم والصديق. ومن الطبيعي أن نضع أشقاءنا في الامارات في صورة المناقشات التي جرت ونطلعهم على ما توصلنا اليه، ولذلك فقد كلّف الرئيس حافظ الاسد وزير الخارجية فاروق الشرع بالذهاب الى ابوظبي حاملاً رسالة من الرئيس الاسد الى الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الامارات حول زيارتنا لطهران. وهل هناك نتائج ايجابية لهذه الاتصالات حتى الآن وهل ستؤدي الى حل أزمة الجزر؟ - نحن نعتقد ان قيادتي ايران ودولة الامارات لديهما من الرغبة والحكمة ما يساعدهما في انهاء المشكلة. لمسنا رغبة من اشقائنا في الامارات واخوتنا في طهران لانهاء هذه المشكلة. وليس من المفيد ان يطرح في وسائل الاعلام ما قيل هنا او ما قيل هناك. هناك أمور ستعلن عندما يتم انجازها. خطر على وحدة العراق ما موقف سورية من الضربات العسكرية التي وجهتها دول التحالف اميركا وبريطانيا وفرنسا ضد العراق بعد "ازمة الصواريخ" ورفض النظام العراقي الالتزام بعدد من قرارات مجلس الامن المتعلقة باحتلال وحرب الخليج الثانية؟ - كما تعلمون وقفنا ضد الاجتياح العراقي للكويت عام 1990 كما وقفنا في الماضي ضد اجتياح العراقلايران. سورية، منذ عام 1970، تقف وتعارض السياسات القائمة على الطيش والمغامرة. ولا شك ان اختراق بعض العناصر العراقية للحدود مع الكويت امر باطل وما كان يجب ان يتم. لكن ان تقوم الدول الثلاث بغارة على العراق لعدم قيامه بتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي في الوقت الذي تتحدى اسرائيل المجتمع الدولي والشرعية الدولية وترفض قرار مجلس الامن الرقم 799 المتعلق بإعادة المبعدين الفلسطينيين الى ارضهم ولا يمارس احد ضغطاً فعلياً على الحكومة الاسرائيلية لالزامها بتنفيذ القرار… هذا الوضع يدعو الى التساؤل. قرارات الشرعية الدولية يجب ان تحترم من قبل الجميع وتطبق على الجميع وان يتم الزام الجميع باحترامها. هذا هو موقفنا. زيارة الرئيس المصري حسني مبارك لدمشق ومحادثاته مع الرئيس حافظ الاسد انتهت قبل ساعات قليلة من قيام قوات التحالف بضرب العراق. هل تطرقت محادثات الرئيس مبارك في دمشق لمناقشة مفصلة للوضع في العراق؟ - أولاً، مصر وسورية حريصتان على وحدة العراق وهناك خطر حقيقي على وحدة هذا البلد الشقيق. ونلاحظ ان هناك الكثير من الاعمال والتحركات التي تصب في خانة تفكيك العراق. وامر طبيعي ان يشكل ذلك مصدر قلق لسورية ولمصر وللعرب جميعاً. هل تعتبر ان خطر تفكك العراق هو جدي فعلاً، طالما ان صدام حسين في الحكم؟ - لا شك ان النظام القائم في العراق الآن يلعب من خلال ممارساته دوراً كبيراً في ايجاد الظروف التي تمكن اعداء العراق وأعداء العرب من زرع بذور التفكك. عمليات الاضطهاد التي يعاني منها الشعب العراقي وحالة اليأس التي يعيشها العراقيون وحالة المرارة والألم التي يعانون منها بسبب ممارسات النظام الحالي وسياساته تشكل بؤرة وظروفاً مناسبة لتفكيك العراق. النظام الحالي في بغداد مسؤول عن الاضرار التي تصيب العراق وعما يهدد مستقبل هذا البلد. لماذا فشلت المعارضة العراقية في توحيد صفوفها؟ وهل تعتقدون انها قادرة على ان تكون بديلاً للنظام العراقي الحالي؟ - هناك معارضة عراقية داخل العراق ومعارضة في الخارج. المعارضة العراقية الاساسية لم تفشل في تحقيق وحدتها، هناك تنسيق جدي بين القوى المعارضة الاساسية الفاعلة في الساحة العراقىة، وهناك اشخاص وتنظيمات ليس لهم وجود داخل العراق، بل في المنفى. هذه التشكيلات يقوم بينها خلاف او خلافات في وجهات النظر لانها تعيش في ظروف واجواء مريحة. اما التشكيلات المعارضة داخل العراق فإنها تنسق في ما بينها وتتعاون لما فيه مصلحة هذا البلد. لا أطماع ايرانية وتركية في العراق على ماذا يستند التنسيق والتعاون بين تركياوايران وسورية بالنسبة الى المسألة العراقية؟ وهل سيأخذ مثل هذا الامر صوراً واشكالاً متقدمة في اللقاءات المقبلة بين مسؤولي البلدان الثلاثة؟ - البلدان الثلاثة بلدان مجاورة للعراق، ومن الطبيعي ان ينتابها القلق من المحاولات الجارية - والتي تشجعها بعض الاطراف الدولية - لتفكيك العراق. لذلك اجتمعنا في انقرة في كانون الاول ديسمبر الماضي وسيعقد اجتماع في الشهر المقبل في دمشق لمتابعة المناقشات واتخاذ ما يجب اتخاذه من اجل وقف الاعمال والتدخلات الهادفة الى تفكيك العراق. البلدان الثلاثة حريصة على العراق وعلى وحدته، لان عملية التفكيك كارثة على العرب اولاً وكارثة على المنطقة ثانياً. هل تلقت سورية تأكيدات من المسؤولين الايرانيين والاتراك بأنه ليست لديهم أية أطماع في اراضي العراق؟ - يؤكد الاتراك والايرانيون - كما سمعنا منهم - انه ليس لديهم اية اطماع اقليمية في العراق. هل تعتبرون ان اعلان دمشق بين دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر وسورية لا يزال قائماً وصالحاً، ام انه يحتاج الى تعديل؟ - الأمر يتعلق اولاً واخيراً بحاجة اشقائنا في الخليج الى اعلان دمشق الذي تم التفاهم على مضمونه نتيجة اجتياح العراق للكويت وموقف مصر وسورية الواضح من هذا الاجتياح، وعلى اساس ان يكون قاعدة للعمل العربي المشترك ولتصحيح المسار العربي المشترك. وبطبيعة الحال نحن في سورية وفي مصر، مع اشقائنا في الخليج، كما كان الحال في الماضي نمد يد العون اليهم في الوقت الذي يرونه مناسباً وفي الشكل الذي يرونه مفيداً. هل تستقبل دمشق رابين؟ قضية المبعدين الفلسطينيين الى لبنان هل ستؤثر، في رأيكم، على جولة المفاوضات العربية - الاسرائيلية المقبلة ام ان ملف المبعدين سيضاف الى الملفات الاخرى التي يجري التفاوض بشأنها بين اطراف النزاع العربي - الاسرائيلي؟ - نعتقد ان علينا جميعاً العمل لالزام اسرائيل بإنهاء هذه المشكلة، ولا شك ان قيام اسرائيل بهذا العمل او بأعمال مماثلة، ليس من شأنه ان يخلق المناخ الملائم لدفع مسيرة السلام الى الأمام. سورية كانت ولا تزال تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، ما طبيعة التنسيق القائم بين القيادة السورية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية خصوصاً في ما يتعلق بمفاوضات السلام؟ - يتم التنسيق عبر اجتماعات وزراء خارجية لبنان وسورية والاردن ومصر وفلسطين. في هذا الاطار يتم التنسيق. هل هناك تنسيق بخصوص التعامل مع قضية المبعدين الفلسطينيين؟ وهل هناك تفاهم على مقاطعة جولة المفاوضات العربية - الاسرائيلية المقبلة اذا رفضت حكومة رابين إعادة المبعدين؟ - بخصوص قضية المبعدين الفلسطينيين نقوم نحن بجهود دولية كبيرة واتصالات واسعة من اجل الضغط على اسرائيل للتراجع واعادة هؤلاء المناضلين الى بلدهم وأسرهم. وفي كل الاحوال من الصعب الحديث عما يمكن عمله في وقت لم يأت. نحن لا نريد ان نربط امراً بأمر، نحن نرى ان قرار مجلس الامن الرقم 799 بحاجة الى تنفيذ. كما يفرض على بلد عربي آخر ان ينفذ قرارات لمجلس الامن الدولي. طالب الامين العام للامم المتحدة الدكتور بطرس غالي رئيس مجلس الامن الدولي باتخاذ اجراءات وفرض عقوبات ضد اسرائيل. ما هو المطلوب من الاممالمتحدة ومن امينها العام في هذه المرحلة، بالنسبة الى موضوع المبعدين بشكل خاص؟ - المطلوب من مجلس الامن، وهو يعرف الاجراءات التي يجب اتخاذها، ان يأخذ الاجراءات الملائمة التي تشعر الاسرائيليين ان عليهم اعادة النظر بقرارهم المجحف. هل تقبل سورية التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل من دون ان يتم احراز تقدم في المفاوضات المتعلقة بالجبهات الاخرى؟ - سياستنا واضحة. نريد الحل الشامل وعلى كل الجبهات، ولذلك لم نقبل ان تكون هناك مفاوضات سورية - اسرائيلية من دون ان تكون هناك مفاوضات فلسطينية - اسرائيلية ومفاوضات لبنانية - اسرائيلية ومفاوضات اردنية - اسرائيلية. نحن متمسكون بالحل الشامل وبالحل على كل الجبهات. هناك تنسيق يجري بين الوفود العربية المتفاوضة. عندما نصل الى مرحلة تحتاج الى اجتماعات، يجتمع وزراء الخارجية ويناقشون وينسقون في ما بينهم. يستغل اسحق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي وشيمون بيريز وزير الخارجية الاسرائيلي اية فرصة او اي منبر اعلامي دولي، للاعراب عن الرغبة في زيارة دمشق. ما هي شروط سورية لاستقبال رابين؟ - سورية تختلف عن غيرها. نحن في حالة حرب مع اسرائيل. وما لم تزل اسباب الحرب، فالحديث عن نتائج السلام قبل ان تزول نتائج الحرب امر غير وارد. لا اتصالات سرية مع اسرائيل هل هناك اتصالات سرية سورية - اسرائيلية خارج اطار المفاوضات الثنائية الجارية في واشنطن؟ وهل صحيح ان سورية واسرائيل على وشك التوصل الى اتفاق على اعلان مبادئ؟ - ليست هناك أية اتصالات أو لقاءات سرية سورية - اسرائيلية خارج اطار المفاوضات الثنائية في واشنطن. في المقابل استطيع ان أقول أنه لم يجر احراز أي تقدم خلال مراحل المفاوضات مع الاسرائيليين. لا تزال الامور عند نقطة البدء، لكن هذا لا يعني أن عملية السلام وصلت الى طريق مسدود أو أنها فشلت. وسنتابع المناقشات. اذا توصلنا الى النتائج التي ترضينا وتحقق اهدافنا الوطنية والقومية سنتابع الطريق. وإذا لم نتوصل الى ذلك فسنتوقف بطبيعة الحال. ما هي شروطكم للتوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل؟ - ان يكون السلام شاملاً وان يتم تنفيذ قراري مجلس الأمن الرقم 242 و338 بما يؤدي الى الانسحاب الاسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة والى ضمان الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. اذا استمرت وتيرة التفاوض بين العرب واسرائيل بالشكل الذي سارت عليه خلال الأربعة عشر شهراً الماضية، هل تتوقعون أن تسفر عن اتفاق سلام خلال العام 1993؟ - من الصعب التكهن بذلك وإذا اخذنا في الاعتبار المواقف الاسرائيلية وما يقوم به الاسرائيليون من أعمال، فلا نستطيع ان نكون متفائلين. ما هو تقييمك لأداء حكومة اسحق رابين، حتى الآن، بالمقارنة مع حكومة سلفه اسحق شامير؟ - كلاهما يعمل في اطار اهداف الحركة الصهيونية، وكلاهما يرأس حكومة تحتل الاراضي العربية وتضطهد الشعب الفلسطيني وتضطهد السوريين واللبنانيين الذين يرزحون تحت الاحتلال. سورية وقائمة الدول الارهابية ما الذي تتوقعونه من ادارة الرئيس الأميركي الجديد كلينتون على صعيد عملية السلام؟ - الواقع علينا أن ننتظر. الرئيس بيل كلينتون أكد أنه سيتابع الجهود الاميركية للوصول الى تسوية سياسية للنزاع العربي - الاسرائيلي على أساس المبادرة الاميركية. اما كيف سيعمل لتحقيق ذلك فلا نعرف. لم يجر أي اتصال بين الاطراف العربية المعنية بالأمر والادارة الاميركية الجديدة. علينا الانتظار بعض الوقت. رفضت ادارة الرئيس السابق جورج بوش حذف اسم سورية من قائمة الدول التي تعتبرها الولاياتالمتحدة "ارهابية". هل تعتقدون أن الرئيس الاميركي الجديد كلينتون سيحذف اسم سورية من هذه القائمة؟ - هذا الامر يعني الاميركيين ولا يعنينا. هم وضعوا سورية على قائمة الارهاب كنوع من الضغط على سورية وسورية ليست البلد الذي يخضع للضغوط. وهذا القرار الاميركي لم يؤثر علينا بأي شيء. هم اتخذوا القرار وهم يراجعون قرارهم، ونحن لم نتأثر بهذا القرار حتى نبحث عن كيفية ارضائهم او استرضائهم لالغائه. لا "ترويكا" تحكم لبنان حقق لبنان خلال الفترة الماضية استقراراً امنياً ملحوظاً. ما الخطوات الاخرى المطلوبة لدفع مسيرة الوفاق الوطني الى الأمام وبحيث تشمل كل الميادين الأمنية والسياسية والاقتصادية؟ - الواقع ان الوفاق الوطني أصبح حقيقة قائمة في لبنان، واستناداً الى وثيقة الوفاق الوطني اتفاق الطائف تم تعديل الدستور اللبناني وتم تشكيل مؤسسات الدولة اللبنانية، وقامت الدولة باستعادة سلطاتها على كل اجهزة الحكم ومؤسساته. وتقوم الدولة اللبنانية الآن بمساندة القوات السورية، بفرض الأمن في مختلف الأراضي اللبنانية. السلام في لبنان خطا خطوات كبيرة، ونستطيع القول ان العودة الى الحرب في لبنان باتت شبه مستحيلة. ما رأيكم بالعلاقات القائمة حالياً بين رئيس الجمهورية اللبنانية الياس الهراوي ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري؟ وهل تعتبرون ان العلاقات بين "ترويكا" الحكم اللبناني، كما يسمونها، هي اليوم أفضل مما كانت عليه قبل تأليف حكومة الحريري وانتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب؟ - لا نستطيع ان نتحدث عن "ترويكا" الحكم اللبناني او نقول ان هناك "ترويكا" تحكم لبنان. "الترويكا" تعني ان الرؤساء الثلاثة يجتمعون ويقررون كل شيء في البلد. النظام السياسي في لبنان يقوم على أساس فصل السلطات وتعاونها. كل يعمل في مؤسسته، وهناك تنسيق بين المؤسسات الثلاث، مؤسسة مجلس الوزراء، ومؤسسة المجلس النيابي ومؤسسة رئاسة الجمهورية. ومن مصلحة لبنان أن يقدم أفضل انواع وأشكال التنسيق بين هذه المؤسسات الثلاث. هل من كلمة توجهونها الى الذين يعارضون الحكم اللبناني من باريس وعواصم اخرى؟ - هؤلاء الذين يعارضون من الخارج لا نستطيع القول انهم يدركون تماماً مصالح لبنان، هم يعيشون في الخارج. لم يعانوا الحرب الأهلية وآلامها ولم يعيشوا بين الناس الذين كانوا يموتون كل يوم، هم يعيشون في بحبوحة وفي ظروف جيدة. لذلك فان الكلام سهل واعطاء النصائح سهل. إذا كانوا فعلاً يريدون لبلدهم الاستقرار والتقدم، فعليهم أن يأتوا بأموالهم الى لبنان وأن يساهموا مع اشقائهم اللبنانيين في مسيرة السلام والاعمار. إلغاء الطائفية السياسية في لبنان هل هو مسألة ذات أولوية ويجب تطبيقها بشكل سريع أم لا؟ - أساس المشكلة في لبنان هو النظام الطائفي، وكل الصراعات التي نشأت في لبنان اسبابها طائفية ولذلك أعطى الميثاق الوطني هذه المسألة أهمية خاصة وقرر الغاء الطائفية السياسية وتشكيل هيئة وطنية عليا من أجل وضع الخطوات والاجراءات لتنفيذ وتحقيق هذا الهدف. الخطوة التي تنقص مسيرة الوفاق الوطني والتي لم تتحقق حتى الآن - وأعتقد أن اشقاءنا في لبنان سيعملون على تحقيقها - هي خطوة الغاء الطائفية، وفقاً لما ورد في اتفاق الطائف. وحدة سورية ولبنان قال ادوارد دجرجيان مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط في مقابلة مع "الوسط" ان "اقامة نوع من الوحدة او الاتحاد الفيديرالي بين لبنان وسورية أمر يقرره اللبنانيون انفسهم" مما يعني ضمناً ان اميركا لا تعارض اقامة وحدة بين لبنان وسورية، اذا اراد اللبنانيون ذلك. ما رأيكم بهذا الموقف الاميركي؟ - نحن لا نتخذ قرارات في ضوء ما يقوله الآخرون. تطالب قيادات لبنانية معارضة في الخارج باعادة انتشار القوات السورية في لبنان تطبيقاً لاتفاق الطائف. ما هي الظروف التي يجب توفرها لإعادة انتشار القوات السورية في لبنان؟ - اتفاق الطائف كما قلت مرات عدة نص على أن سورية، بالاتفاق مع الحكومة اللبنانية، تعيد نشر قواتها بعد سنتين من إقرار الاصلاحات السياسية بصورة دستورية. ولو عدنا الى الفصل الذي يتضمن الاصلاحات السياسية لوجدنا ان قسماً من هذه الاصلاحات تم اقراره وقسماً لم يجر بحثه حتى الآن. وإذا تساءل أحد لماذا وضعت مهلة السنتين، نقول ان مهلة السنتين وضعت كضمانة لاقرار الاصلاحات لأن قسماً كبيراً من اللبنانيين كان يخشى ألا يجري اقرار هذه الاصلاحات. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، العلاقات بين لبنان وسورية منظمة في معاهدة بين البلدين، وهذه المعاهدة قائمة. هناك مجلس أعلى وهناك لجان وهناك تنسيق يومي يجري بين البلدين. أما متى يتم نشر القوات السورية أو اعادة نشر القوات، فهذا شأن يقرره اللبنانيون والسوريون. ولا احد غير اللبنانيين والسوريين معني بهذه القضية. ما دمنا في الحديث عن المعاهدة التي تربط البلدين هناك هيكلية ومؤسسات شكلت لتطوير العلاقات وتعزيزها بعد توقيع معاهدة "الاخوة والتنسيق والتعاون"، ما الذي استكمل منها، وما الذي بقي بحاجة الى تشكيل؟ - نعم هناك لجان تجتمع وهناك تنسيق يومي بين اللجان وبين الأجهزة المختلفة، بين وزراتي الخارجية، بين اجهزة الامن، بين رئاستي الوزارة في البلدين. وتجري اتصالات دائمة وفق أسس المعاهدة. شروط القمة العربية ما تقييمكم للأوضاع العربية الراهنة؟ - لا شك ان الامة العربية تمرّ اليوم بظروف صعبة ودقيقة. هذه الظروف الصعبة والدقيقة ليست جديدة، لكنها ازدادت تعقيداً بعد اجتياح النظام العراقي للكويت. هناك حالات من التفكك في العلاقات العربية وليس لأي بلد عربي مصلحة في استمرار هذا الوضع. نعتقد أن المطلوب منا جميعاً ان نعي مخاطر استمرار هذا الوضع. ففي الوقت الذي تتجمع فيه الدول والأمم التي كانت بينها عداوات تاريخية لتشكل كيانات لمواجهة التطورات الدولية نرى ان العرب يزدادون تفككاً وتباعداً. ولذلك من مسؤوليتنا جميعاً ان نعي هذا الواقع وأن نتجاوز الكثير من القضايا الثنائية لنحفظ الجميع. فعندما تتأمن مصلحة الأمة العربية تتأمن مصلحة الأقطار. هل ترون ان هناك حاجة الى عقد قمة عربية؟ - القمة العربية ضرورية، لكن يجب ان تسبقها سلسلة من التحضيرات بين الدول العربية حتى اذا انعقدت القمة تأتي تتويجاً لانهاء عدد من القضايا التي تشكل عائقاً أمام وحدة العمل العربي. بعد زوال الخطر الشيوعي وانهيار الاتحاد السوفياتي تركز العواصم الغربية الحديث عن الاسلام والخطر من انتشار الاصولية. ما رأيكم بهذا الطرح الغربي؟ - هذا الطرح اساسه طرح صهيوني. رئيس اسرائيل حاييم هيرتزوغ عندما زار بولونيا أعلن في كلمة ألقاها أن الخطر الذي يهدد السلام العالمي، بعد انهيار الشيوعية، هو الاسلام. الحملة على الاسلام تأتي أولاً من الصهيونية ومن بعض الاوساط الغربية. وهي حملة لا تستهدف تنظيمات معينة، بل تستهدف الحضارة الاسلامية والثقافة الاسلامية. على رغم كل ما يحصل من زيارات ولقاءات واجتماعات لجان بين مسؤولين سوريين وأتراك، لا تزال قضية المياه بلا حل، كيف ترون حل هذه المسألة، ولماذا ترفض تركيا حتى الآن تطبيق المعاهدات الدولية المتصلة بهذه القضية، في حين تطبقها مع دول اخرى مجاورة؟ - في الواقع لم نستطع نحن والعراقوتركيا الوصول الى اتفاق حول اقتسام مياه الفرات، هناك اتفاق موقت حدد الكمية التي على تركيا تمريرها الى ان يتم التوصل الى اتفاق نهائي، وهذه المشكلة يجب ان تحل بالتفاوض بين الدول الثلاث، تركيا وسورية والعراق، ونأمل ان ننهي هذا الملف بين سورية والعراق من جهة وتركيا من جهة ثانية في وقت قريب. في ختام كل زيارة يقوم بها مسؤول تركي لدمشق او مسؤول سوري لأنقرة، تصدر تصريحات تشير الى تفاهم وتنسيق واتفاق بين البلدين بخصوص المياه، وعلى رغم ذلك لم يتم التوصل الى اتفاق مع تركيا بهذا الشأن. فالى متى ستستمر الأمور على هذا المنوال؟ - تركيا بلد مجاور لسورية، والحدود بين البلدين تتجاوز 800 كيلومتر، هناك مصالح بين البلدين، وهناك علاقات كثيرة. نحن من أسس سياستنا ان نعمل على ان تكون علاقاتنا مع الدول الاسلامية، لا سيما المجاورة لنا، علاقات حسنة. طبعاً تبرز احياناً مشكلة هنا او مشكلة هناك ولكنها تعالج من قبل حكومتي البلدين في اطار الرغبة في ان تكون العلاقات حسنة، ولذا تجري اجتماعات ولقاءات وتطرح وتناقش وتحل، ومن بين هذه القضايا موضوع المياه. هناك مناقشات تجري بهذا الخصوص، ولكن لم نصل حتى الآن الى اتفاق، ونأمل ان نصل الى مثل هذا الاتفاق. ما هي حدود الصبر السوري في هذا الموضوع، خصوصاً ان سورية تعتمد بشكل كبير على مياه الفرات؟ وهل ستلجأ سورية الى محكمة العدل الدولية او منظمات دولية اخرى لحل هذه القضية؟ - هناك اتفاق موقت، صحيح انه لا يلبي حاجتنا من المياه، لكنه يلبي الحدود الدنيا من حاجتنا، وبالتالي يتيح الفرصة لاستمرار المناقشات والوصول الى اتفاق. تقومون منذ مدة بإعادة النظر في ميثاق وتكوين الجبهة الوطنية التقدمية في سورية. الى اين وصلت هذه الخطوات، وماذا تعني لكم على الصعيد الداخلي في ظل التغيّرات التي تحصل على الصعيد الدولي؟ - نحن في قيادة الجبهة الوطنية التقدمية، ندرس تطوير الجبهة وليس اعادة النظر في ميثاقها. وهناك فرق بين التطوير واعادة النظر في الميثاق. إعادة النظر في الميثاق ليست مطروحة، بل المطروح التطوير، وتجري لهذه الغاية مناقشات بين احزاب الجبهة. لقد تم الاتفاق على عدد من النقاط وهناك نقاط لا تزال قيد المناقشة. ما هي النقاط والقضايا التي اتفق عليها في هذا المجال؟ - طالما لم يجر إقرار هذه النقاط، فليس من المفيد نشرها.