حين وافقت سورية على الدخول في عملية السلام الجارية حالياً باشراف الولاياتالمتحدة وعلى التفاوض مباشرة مع اسرائيل، قال مسؤول سوري كبير لشخصية سياسية عربية: "دخلنا عملية السلام لحماية سورية من حرب اسرائيلية. وجودنا في عملية السلام يشكل ضمانة لنا بأن اسرائيل لن تعتدي علينا ادراكاً منها لمدى الاهمية التي تعلقها الولاياتالمتحدة على استمرار مفاوضات السلام العربية - الاسرائيلية. وطالما نحن طرف في عملية السلام فلا خطر علينا من عدوان اسرائيلي". هذا كلام قاله المسؤول السوري الكبير مباشرة بعد الجولة الاولى من المفاوضات العربية - الاسرائيلية في مدريد الخريف الماضي. ومنذ ذلك الحين ردد هذا الكلام اكثر من مسؤول سوري امام شخصيات لبنانية وعربية وغربية. لكن في الآونة الاخيرة ظهرت مؤشرات توحي وكأن هذه "الحماية" التي يتحدث عنها المسؤولون السوريون، والناتجة عن المشاركة في عملية السلام، لم تعد كافية، وان خطر قيام اسرائيل بضرب سورية او القوات السورية في لبنان يلوح مجدداً في الافق. وبدا ايضاً، وكأن سورية دخلت مجدداً "دائرة الخطر" مع ما يمكن ان ينتج عن ذلك من انعكاسات على لبنان والوضع الداخلي السوري وعلى المنطقة عموماً. ما الذي حدث؟ باختصار، طلبت اسرائيل من سورية، عن طريق الادارة الاميركية، ان تضع حداً نهائياً لنشاطات "حزب الله" وعملياته الموجهة ضد الاسرائيليين او ضد حلفائهم في "الحزام الامني" في الجنوب اللبناني والممثلين بجيش لبنان الجنوبي بقيادة انطوان لحد. والرسائل الاسرائيلية الموجهة الى دمشق، عن طريق واشنطن، تفيد انه اذا لم تتحرك سورية في هذا الاتجاه فإن اسرائيل تحتفظ لنفسها "بحق" تصعيد عملياتها العسكرية ضد مواقع "حزب الله" وأهدافه وضد المراكز الفلسطينية ايضاً، مع ما يرافق ذلك من احتمال حدوث مواجهة عسكرية مع القوات السورية. وخلال الاتصالات التي اجروها مع المسؤولين الاميركيين لم يكتف المسؤولون الاسرائيليون باتهام سورية "بالتساهل" مع "حزب الله" ونشاطاته في لبنان، بل اتهموا السوريين ايضاً بتزويد عناصر "حزب الله" بالسلاح والذخيرة. وتجاوبت الادارة الاميركية مع هذا الطلب الاسرائيلي وأبلغت الحكومة السورية - في اتصالات جرت في واشنطنودمشق تخللها تبادل رسائل خطية - ان عليها اتخاذ كل الاجراءات اللازمة ليس فقط لضبط نشاطات هذا التنظيم بل ايضاً لتجريده - بالتعاون مع السلطات اللبنانية - من السلاح وفقاً لما ينص عليه اتفاق الطائف. في الوقت نفسه طلب الاميركيون من الاسرائيليين ان يقدموا لهم "الادلة" على ان سورية تزود "حزب الله"، فعلاً، بالسلاح. هذا يعني ان المطلوب من الرئيس حافظ الاسد ان يقدم لاسحق شامير "هدية" - ضبط نشاطات حزب الله ومنع عملياته ضد الاسرائيليين وحلفائهم - تساعده على الفوز في الانتخابات النيابية التي ستجري يوم 23 حزيران يونيو الحالي. وإذا لم يقدم الاسد هذه "الهدية" لشامير وحكومته، فإن خطر المواجهة العسكرية السورية - الاسرائيلية وارد. والواقع ان المسؤولين الاميركيين انفسهم يعترفون - بصورة غير علنية - بأن الرئيس السوري لن يقدم مثل هذه "الهدية" لشامير. والاميركيون انفسهم، الذين يراهنون على فوز حزب العمل بزعامة اسحق رابين في الانتخابات، ليسوا متحمسين - ضمناً - لحصول شامير على مطالبه هذه. لكن بعد الاتصالات "الجدية والرفيعة المستوى" - على حد قول مصدر ديبلوماسي اميركي مسؤول - التي اجرتها ادارة بوش مع دمشق، بدأ المسؤولون السوريون، بالتنسيق مع ايران الراغبة في تحسين علاقاتها تدريجياً مع الولاياتالمتحدة، في اتخاذ اجراءات "ملموسة" في الساحة اللبنانية تؤدي الى "ضبط" نشاطات "حزب الله"، موقتاً، وفي انتظار انتهاء الانتخابات النيابية الاسرائيلية، ولا تصل الى حد تجريد هذا التنظيم من السلاح، في المرحلة الراهنة على الاقل. لكن اذا كان هذا التحرك السوري يرضي الاميركيين، نسبياً في المرحلة الراهنة، فإنه لا يرضي شامير ولا يؤمن له مكسباً مهماً يستطيع استغلاله في المنافسة الشديدة القائمة بينه وبين رابين. وهذا ما يدفع الكثيرين في واشنطنودمشق وبيروت وباريس وعواصم اخرى الى التساؤل: هل ينوي شامير توجيه ضربة عسكرية ضد القوات السورية في لبنان او ضد اهداف في سورية قبل 23 حزيران يونيو الجاري موعد الاقتراع في الانتخابات الاسرائيلية. ويعيد البعض الى الاذهان ان مناحيم بيغن قصف في حزيران يونيو 1981 المفاعل النووي العراقي ودمره قبل 3 اسابيع من الانتخابات فأتاح له ذلك الفوز فيها والتغلب على شيمون بيريز زعيم حزب العمل. المسؤولون السوريون انفسهم لا يخفون "قلقهم" من هذا الاحتمال. والرئيس حافظ الاسد لم يكتف بالتلميح الى هذا الخطر الاسرائيلي في مقابلة مع "هيئة الاذاعة البريطانية" حين اعلن "لا استطيع ان اقول ان اسرائيل لا يمكن ان تشعل الحرب" لهدف انتخابي ولتعطيل عملية السلام، بل ان الاسد ناقش هذا الاحتمال مع الرئيس حسني مبارك خلال زيارة هذا الاخير لدمشق يوم 3 حزيران يونيو الجاري وفقاً لما اكدته ل "الوسط" مصادر مصرية مسؤولة. كما ان الكلام الصادر علناً عن المسؤولين الاميركيين حول هذا الموضوع لا يوحي بالاطمئنان. فادوارد دجرجيان مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط قال: "الوضع في لبنان خطير وقد يؤدي الى صدام عسكري واسع وشامل... لا اسرائيل ولا سورية تريدان المواجهة لكن هناك دائماً خطر الحسابات الخاطئة". والسفير الاميركي في اسرائيل وليام هاروب قال الاسبوع الماضي: "ان اية حكومة في المنطقة لا تريد تصعيداً يؤدي الى اندلاع الحرب. لكن الامور يمكن ان تذهب الى ابعد مما هي الآن، والوضع يمكن ان يصبح خطيراً". اضافة الى ذلك كله، فان المسؤولين السوريين، وعلى رأسهم الرئيس الاسد، يقولون لعدد من زوارهم: "ليست هناك ضمانات اميركية رسمية بمنع اسرائيل من الاعتداء على سورية او على القوات السورية في لبنان". اين الحقيقة؟ هل صحيح ان سورية في "دائرة الخطر" وان احتمال وقوع مواجهة عسكرية سورية - اسرائيلية مسألة واردة جدياً وفعلياً؟ للاجابة عن هذه التساؤلات اجرينا اتصالات مع مصادر اميركية وأوروبية وعربية وثيقة الاطلاع على الملفات اللبنانية والسورية والاسرائيلية، وحصلنا منها على معلومات خاصة ودقيقة تعطي صورة واضحة عن الوضع القائم بين سورية واسرائيل. "تصفية الحساب" مع سورية هناك شعور قوي في الاوساط الاميركية والفرنسية المسؤولة بأن اسرائيل "تنتظر الظروف الملائمة لتصفية حساباتها مع سورية" التي يعتبرها الاسرائيليون "أخطر دولة عربية" على خط المواجهة معهم. ووفقاً لمعلومات مصادر ديبلوماسية غربية وثيقة الاطلاع على الشؤون الاسرائيلية، ففي اسرائيل حالياً "تيار قوي" داخل تكتل الليكود والحكومة والمؤسسة العسكرية يدعو الى توجيه "ضربة عسكرية كبيرة لا محدودة" ضد سورية ويرى ان الظروف ملائمة الآن للقيام بمثل هذه العملية. ويستند "منطق" هذا التيار الاسرائيلي الى الامور الآتية: 1- الضربة الاسرائيلية المحدودة ضد سورية او ضد قواتها في لبنان ستفيد السوريين وستثير احراجات اميركية ودولية لاسرائيل من دون ان تحقق للدولة اليهودية اي هدف عسكري او امني او استراتيجي او سياسي مهم. لذلك فان "مصلحة اسرائيل" تقضي بتوجيه ضربة عسكرية كبيرة ضد سورية تجعل الاسرائيليين يشعرون "بالاطمئنان" لعشر سنوات مقبلة على الاقل. 2- سورية تحصل حالياً على اسلحة "متطورة" تشكل خطراً على اسرائيل من حيث "نوعيتها" ومن هذه الاسلحة "الخطرة" التي يحصل عليها السوريون من روسيا وكوريا الشمالية وبلغاريا والصين: صواريخ ارض - ارض متوسطة المدى، دبابات حديثة، صواريخ روسية مضادة للطائرات وللصواريخ ومشابه لصواريخ "باتريوت" الاميركية، طائرات حربية هجومية وقطع مدفعية حديثة. والتحرك الآن ضد القوة العسكرية السورية افضل لاسرائيل من الانتظار سنة او اكثر. 3- العلاقات الاسرائيلية - الاميركية متوترة حالياً لكنها قد تكون مرشحة لمزيد من التدهور في حال فوز اسحق شامير في الانتخابات. كما ان ادارة بوش مصممة على الحد، تدريجياً، من "استقلالية التحرك العسكري" الاسرائيلي في المنطقة الذي يتعارض مع المصالح الاميركية المتزايدة. وضرب سورية الآن ملائم اكثر من انتظار اعادة انتخاب بوش او مجيء رئيس اميركي آخر. 4- بوش يواجه حالياً منافسة شديدة في معركة انتخابات الرئاسة الاميركية. واذا كانت حظوظه بالفوز في هذه الانتخابات لا تزال اكبر من حظوظ منافسيه، الا ان المعركة الانتخابية "تكبّله" الى حد ما وتمنعه من اتخاذ اجراءات شديدة القسوة ضد اسرائيل في حال ضرب الاسرائيليون سورية الآن. صحيح ان العلاقات الاميركية - الاسرائيلية ستتأزم او تتجمد لبضعة اشهر نتيجة ضرب سورية، لكن الولاياتالمتحدة لا تستطيع "الاستغناء" عن اسرائيل والتعامل معها على اساس انها "خصم". هذه الاعتبارات تدفع - وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "الوسط" من مصادر ديبلوماسية غربية وثيقة الاطلاع - تياراً قوياً داخل الليكود والحكومة والمؤسسة العسكرية في اسرائيل الى "تشجيع" اسحق شامير على اتخاذ قرار بضرب سورية. لكن، هل اتخذ شامير قرار ضرب سورية او هل يمكن ان يتخذ هذا القرار وينفذه في هذه المرحلة؟ وهل صحيح ان الادارة الاميركية امتنعت عن تقديم اية ضمانات رسمية الى سورية بأن اسرائيل لن تهاجم قواتها او تشن حرباً عليها؟ قبل الاجابة عن هذه التساؤلات لا بد من التحدث عن موقع سورية في الساحة الدولية وفي المنطقة وفي الحسابات الاميركية. سورية ليست حليفة اميركا ينبغي التوقف عند 3 امور رئيسية لتوضيح موقع سورية هذا: 1- فقدت سورية حليفها الاساسي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وهو الحليف الذي كان يؤمن لها دعماً عسكرياً وأمنياً ونوعاً من الحماية السياسية وتوازناً في العلاقات مع الدول الكبرى الاخرى، ويعطي دورها في الشرق الاوسط قوة. ومع انهيار الاتحاد السوفياتي لم تعد هناك معاهدة صداقة وتعاون تربط سورية بموسكو، وهي معاهدة كانت تؤمن حماية لسورية في مواجهة اية اعتداءات اسرائيلية على اراضيها، وان كانت تلك الحماية لا تشمل القوات السورية في لبنان. ومع انهيار الاتحاد السوفياتي - ويمكن القول قبل الانهيار بثلاث سنوات ونتيجة سياسة غورباتشوف - لم تعد سورية قادرة على ان تطمح بتحقيق نوع من التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل يمكنها من دخول مفاوضات السلام من موقع قوة. 2- بعد انهيار الاتحاد السوفياتي اصبحت الولاياتالمتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في العالم وبالطبع في الشرق الاوسط. لكن الولاياتالمتحدة ليست دولة حليفة لسورية: فلا اميركا تعتبر نفسها حليفة لسورية ولا سورية تعتبر نفسها حليفة لأميركا. سورية لا تستطيع الا ان تتقارب مع اميركا لأن لا خيار آخر لديها، بل انها تحتاج الى حد ادنى من التقارب والتفاهم مع اميركا لتعزز علاقاتها مع دول اخرى في المنطقة وفي الساحة الدولية. وأميركا، بدورها، تحتاج الى سورية لمواصلة عملية السلام بين العرب والاسرائيليين. لأن سورية طرف اساسي لا يمكن تجاهله، كما تحتاج الى سورية لتقليص النشاطات الارهابية في المنطقة و "لحماية" مفاوضات السلام العربية - الاسرائيلية. وفي مقابل ذلك تتساهل اميركا مع سورية في لبنان ولا تقدم، فعلياً، على اية خطوة تعرقل نمو النفوذ السوري في هذا البلد. واذا كانت الادارة الاميركية لا تؤيد كل التصرفات او التوجهات السياسية السورية في لبنان، الا انها لن تدخل في نزاع او مواجهة مع سورية من اجل لبنان، على الاقل طالما ان سورية طرف في عملية السلام. ولعل الادارة الاميركية تعتبر، ضمناً لا علناً، ان "تساهلها" مع سورية في لبنان هو "ثمن كاف" لدمشق. لكن هذا "التقارب" السوري - الأميركي له حدود. فلا تزال الادارة الاميركية تضع سورية على قائمة "الدول الارهابية"، وهو أمر يحول دون حصول السوريين على اية مساعدات اقتصادية او مالية اميركية كما انه يؤثر سلباً على علاقات سورية الاقتصادية مع الدول الاوروبية والصناعية الاخرى. وكان المسؤولون السوريون يأملون، بعد موافقتهم على التفاوض مباشرة مع الاسرائيليين والتعهد بعدم الانسحاب من عملية السلام وإبلاغ واشنطن استعدادهم لتوقيع معاهدة سلام مع اسرائيل عند انتهاء المفاوضات وحصول دمشق على مطالبها، ثم بعد السماح لجميع اليهود السوريين بالسفر الى الخارج وايضاً بالتملك في سورية، كان المسؤولون السوريون يأملون ان يؤدي ذلك الى رفع اسم بلدهم عن قائمة "الدول الارهابية". لكن ذلك لم يحدث. وقضية الارهاب هي مجرد مثال على ان التقارب بين واشنطنودمشق له حدود. 3- الامر الثالث المهم الذي يمكن ان يوضح موقع سورية، حالياً ومستقبلاً، في الساحة الدولية وفي الشرق الاوسط، هو دور سورية في عملية السلام. الواقع ان المسؤولين الاميركيين لا يريدون ان تؤدي مشاركة سورية في عملية السلام الى "تكبير" دورها في المنطقة، وهو أمر تسعى اليه دمشق من خلال مطالبتها بأن تكون طرفاً أساسياً في اي حل للمشكلة الفلسطينية. غير ان الادارة الاميركية ترفض ذلك، وتعتبر ان البلد العربي الوحيد الذي يمكن ان يكون طرفاً اساسياً في حل المشكلة الفلسطينية - اضافة الى الفلسطينيين انفسهم - هو الأردن. ويعتبر المسؤولون الاميركيون - وان كانوا لا يقولون ذلك صراحة وعلناً - ان سورية سيكون لها، هي ودول عربية اخرى، "دور فلسطيني ما" بعد التوصل الى اتفاق حول الضفة الغربية وغزة، وحين تتطرق المفاوضات الى قضية توطين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها حالياً، على اساس ان لا مجال لعودتهم الى اسرائيل او الى اي "كيان" ينشأ في الضفة وغزة. وإذا كانت الادارة الاميركية لا تريد ان يكون لسورية دور على صعيد حل المشكلة الفلسطينية، فانها، ايضاً، لا تريد ان يكون لسورية اي دور ملموس في اي موقع من الشرق الاوسط خارج نطاق "منطقة نفوذها" التي تشمل لبنان. فالأميركيون يعتبرون ان على سورية ان تتفاوض مع اسرائيل حول الجولان فقط وحول مستقبل العلاقات بين دمشق وتل أبيب، وعليها ان تدفع "ثمن" اي اتفاق حول الجولان توقيع معاهدة سلام مع الدولة اليهودية وتطبيع العلاقات معها. اضافة الى هذه الامور، يبدو ان المسؤولين الاميركيين يراهنون على ان سورية ليس لديها "خيار آخر" غير البقاء داخل عملية السلام وغير السعي الى الاحتفاظ بعلاقات "معقولة" او "جيدة" مع الولاياتالمتحدة. فالظروف الاقليمية والدولية لا تسمح لسورية باتباع سياسة "التطرف" و "التهديد" بالعمل على "نسف" مفاوضات السلام، اذا لم تكن راضية عن مسارها وتوجهاتها. لذلك يلاحظ جميع المراقبين ان سورية تتصرف حالياً "بواقعية وحذر" في كل ما يتعلق بالمصالح الاميركية او الغربية عموماً في المنطقة. كل الاحتمالات واردة في ضوء ذلك كله هل يتخذ اسحق شامير قراراً بضرب سورية او ضرب قواتها في لبنان قبل 23 حزيران يونيو الجاري؟ وهل حصلت القيادة السورية على اية ضمانات اميركية رسمية بأن الحرب الاسرائيلية ضد السوريين لن تقع؟ هذه التساؤلات طرحتها "الوسط" على مصادر اميركية وفرنسية مسؤولة ووثيقة الاطلاع على تطورات هذه القضية وحصلت منها على المعلومات الآتية: 1- لم تقدم ادارة بوش اية ضمانات رسمية الى الحكومة السورية او الى الحكومة اللبنانية بأن اسرائيل لن تهاجم القوات السورية في لبنان او لن تهاجم سورية. الادارة الاميركية لا تستطيع ان تضمن، فعلاً، ما يمكن او ما لا يمكن ان تقوم به حكومة شامير تجاه لبنان او سورية، خصوصاً في ضوء العلاقات "غير الودية" القائمة بين هذه الادارة وشامير، وأيضاً في ضوء تصرفات حزب الله في لبنان. 2- الولاياتالمتحدة لا تستطيع ان تجزم، فعلاً، بأي شيء يتعلق بتصرفات اسرائيل في هذه المرحلة، وهي تعتبر ان "لا شيء مستبعداً" مع شامير. وقد حرصت الادارة الاميركية على ابلاغ ذلك - مباشرة وعن طريق اطراف ثالثة - الى المسؤولين السوريين واللبنانيين. 3- في مقابل ذلك كله حرصت الادارة الاميركية على ابلاغ الحكومة الاسرائيلية ان "اية عملية عسكرية كبيرة ضد سورية" ستؤدي الى تجميد او تعطيل مفاوضات السلام العربية - الاسرائيلية التي تعلق عليها ادارة بوش اهمية كبرى. ومن هذا المنطلق فان اي طرف يتسبب في تعطيل هذه المفاوضات سيمسّ "المصالح السياسية الاميركية" في المنطقة. وإذا ما توقفت عملية السلام فسيكون من الصعب جداً اعادة احيائها في مستقبل قريب. 4- حرصت ادارة بوش على تذكير الحكومة الاسرائيلية بأن من اهداف عملية السلام بناء "علاقات ثقة" بين اطراف النزاع وتخفيف حدة التوتر والسعي الى ضمان الاستقرار في المنطقة والتفاهم على اجراءات وترتيبات ملموسة لمنع نشوب اية حرب عربية - اسرائيلية. وهذا كله سينهار اذا وقعت مواجهة كبرى اسرائيلية - سورية، كما ان مثل هذه المواجهة ستؤدي الى ايجاد "اوضاع غير مستقرة" في الشرق الاوسط ككل. وذكر مصدر ديبلوماسي اميركي مطلع ل "الوسط" ان ادارة بوش تراهن على ان شامير "سيتجنب" الاقدام على اية خطوة او عملية عسكرية تزيد من توتر العلاقات بين واشنطن وتل ابيب. لكن هذا المصدر نفسه يضيف: "هناك مخاوف جدية في واشنطن من ان يسعى شامير الى احراج بوش والتأثير عليه في الانتخابات عن طريق القيام بعملية عسكرية تؤدي الى انهيار عملية السلام. لا احد يستطيع فعلاً ان يؤكد اليوم ما يمكن ان يفعله شامير من الآن وحتى اليوم 23 حزيران - يونيو - الجاري. فكل الاحتمالات واردة، كما يقولون عادة". وبغض النظر عما يمكن ان يقوم به شامير، فان اوساطاً عسكرية غربية تتحدث عن احتمال قيام القوات الاسرائيلية بعملية عسكرية برية وجوية كبيرة تهدف الى ضرب وتدمير مواقع ومراكز "حزب الله" في البقاع مما قد يفتح الباب امام "مواجهة" بين الاسرائيليين والسوريين في تلك المنطقة، او التسبب باحراجات سياسية للسوريين اذا لم يتدخلوا لصد القوات الاسرائيلية المهاجمة. في اي حال، سورية في "دائرة الخطر"، سواء اتخذ هذا الخطر شكل عملية عسكرية اسرائيلية خلال الايام المقبلة، او اشكالاً عسكرية وسياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات الاسرائيلية. والهدف من ابقاء سورية في "دائرة الخطر" هو مواصلة الضغط عليها للحصول على مزيد من الخطوات و "التنازلات"، سواء في اطار عملية السلام مع اسرائيل، او في مجالات اخرى.