طرح المؤتمر الدولي الثامن لمرض نقصان المناعة المكتسبة "الأيدز"، الذي انعقد في امستردام بين 19 و24 تموز يوليو الماضي، المزيد من الاسئلة من دون ان يتوصل الى الاجابة على الاسئلة المطروحة اساساً على جدول اعماله. وإذا كانت التساؤلات، قديمها وجديدها تهمّ العالم والمجتمع البشري فان ما يخشى منه ان تكون حصة منطقتنا العربية منها كبيرة. ومن الحقائق التي بسطها البحث في الوباء الخبيث هو ان المقولة التي تعتبر زمن الاوبئة القاتلة قد ولى ربما تكون خاطئة. وكان هذا الانطباع تولد بعد سبعة عقود من مواجهة آخر وباء ضرب الانسان عام 1919 وكان الانفلونزا، التي بفضل التقدم العلمي لم تعد تخيف احداً. ويعد اكتشاف "الأيدز" في لوس انجليس بالولاياتالمتحدة عام 1981 كوباء مشخص له اعراض محددة، صدمة حقيقية لعالم الطب، رغم ان البعض فضل تجاهله سنوات عديدة سبقت هذا التاريخ. وكان هذا التجاهل كما اثبت مؤتمر امستردام، سبباً لمنح الأيدز موطئ قدم وطيد في مناطق عدة من العالم. وترجع الصدمة الى طبيعة المرض الذي لا يشكل خطراً على حياة المصاب لوحده بل يذهب الى المحيط بسرعة، وهو قادر على الكمون في الجسم البشري فترة سنوات عدة قبل التحول الى المرحلة القاتلة. الأثر الحقيقي وعلى الرغم من نجاح الجهد العلمي في تشخيص الفيروس الذي يتسبب به في اكثر من حالة مرضية، فان الاثر الحقيقي للفيروس على البنية الجسدية وعلى خلايا جسم الانسان لم يتم تحديده تماماً. فهنالك قبل كل شيء نوعان على الأقل من فيروس "الأيدز" الذي يعرف بفيروس "HIV" نقصان المناعة البشرية احدها نشيط في اميركا والقارات الشمالية - ويدعى "HIV-1" والثاني نشيط في القارة الافريقية ويدعى "HIV-2". ثم جاء الكشف الخطير لمؤتمر امستردام الذي وجد ان موت الخلايا اللمفوية التائية T4 وهي الوحدات الدفاعية للانسان والتي تكسبه المناعة من الامراض لا يحصل بسبب الفيروس بل لاسباب لا تزال مجهولة. وتلى ذلك مفاجأة علمية اخرى تمثلت في ان حوالي ثلاثين حالة اصابة "بالأيدز" قد ظهرت في اماكن مختلفة من العالم من دون ان يتسب بها فيروس "HIV". وعلى ضوء هذه الخلفية تأتي استنتاجات الخبراء بأن التحدي الحقيقي الأول للبشرية في عقد التسعينات يكمن في ميدان "الأيدز"، وتؤكد منظمة الصحة العالمية التي تقدر ان ما بين 30 الى 40 مليون شخص سيصاب بالفيروس قبل حلول العام 2000، بأن ذلك ما هو الا البداية. ويقدر الخبراء ارتفاع هذا العدد الى 110 ملايين بحلول العام 2000. الجهد العلمي الاستثنائي الذي قام به اكثر من 11 الف خبير وعالم من اكثر من 135 بلداً كشف النقاب عن المدى الخطير الذي توغل فيه المرض عبر الوجود الانساني كله. في وقت تبدت فيه شحة الموارد المالية المخصصة لمواجهته والاستمرار في سياسة التكتم على حجم انتشاره والجهل بالقواعد الاساسية للوقاية منه. وصعوبة محاصرة زحفه من القارات الفقيرة خاصة آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، حتى ان منظمة الصحة العالمية تقدر الزيادة اليومية في عدد المصابين بالمرض بحوالى خمسة آلاف شخص يومياً. استراتيجية عالمية للمواجهة وشهد مؤتمر امستردام اول مظاهر التحول نحو استراتيجية شاملة لمحاربة الوباء وذلك بربط الأبحاث الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في الدول النامية مع السياق البحثي والعلمي المتخصص وبما يسمح في تكوين صورة متكاملة عن نشاط الوباء وانتشاره. وبهذا الصدد تمكن مئات من الخبراء والباحثين الذين ينتمون الى الدول النامية من المساهمة في وقت مبكر في التخطيط لبرنامج المؤتمر والمشاركة في لجانه العلمية ودمج الأبحاث التي توصلوا اليها مع الاستخلاصات التي عرضت في امستردام. وما يجدر ذكره توسع حجم المشاركة العربية في الابحاث حيث حضر عشرات من الاطباء والاختصاصيين من مصر والمغرب والدول الخليجية كمساهمين اساسيين في الانشطة العلمية المختلفة. وفي المجالات العلمية توفرت كمية هائلة من الوقائع شكلت ناقوس خطر يحذر من تحول القارة السوداء الى اكبر ثغرة يتسلل منها الوباء الى الشمال، وتوضح ان الوقت يصل لصالح "الأيدز" ما لم تعتمد سياسات مختلفة جذرياً عما هو معمول به في الوقت الحاضر. مرض لا يعرف الحدود وكشفت ابحاث عديدة عن تلاشي اية حواجز او حدود امام زحف الوباء في القارة الافريقية، خصوصا وسط افريقيا. وبدت السياسات التي تحتمي خلفها دول القارة كأحد العوامل التي تساعد على انتشار المرض، وفضحت الجانب القصير النظر من سياسات الدول المتقدمة في تجاهل المخاطر الآتية او المبالغة بها لالقاء اللوم على الدول الافريقية من جهة اخرى. وفي ظل الارقام المتوترة عن الاصابات بالمرض او حمل فيروس "HIV" توصل العلماء في امستردام الى رسم صورة شاملة عن الازمة وانضجت قناعات الكثيرين بضرورة اقرار برنامج عالمي يسهم فيه الجميع، ويتعاون الأغنياء في تمويله وتنفيذه. وكشفت الابحاث الوضع المتناقض الذي تتخذه الدول مع حقائق الوضع والتجاء اغلبية دول العالم، بما فيها الدول المتقدمة الى حجب المعلومات والاحصاءات بينما يعتبرها البعض ضرباً من الاسرار العسكرية بسبب الخشية من بث الذعر، والهلع بين السكان. او تحسباً من الانعكاسات السلبية على الأداء الاقتصادي خاصة في قطاع السياحة والتجارة. او لأسباب تنطلق من الموروث الاجتماعي والديني والذي يفرض على المسؤولين في الدول النامية تجاهل الخطر الداهم بسبب الالتزامات المعنوية والوطنية. وأدى هذا الوضع الى فقدان الثقة بالتقارير والاحصاءات التي تقدمها هذه الدول الى المنظمات الدولية والاقليمية. ويذكر في هذا السياق ان دولة آسيوية كبرى مثل الهند لم تكشف في تقاريرها عن اكثر من 102 اصابة بالأيدز فيما تشير تقارير اخرى استندت الى احصاءات غير رسمية الى ان المصابين بالفيروس "HIV" بلغ عددهم مليون شخص. وأثبت مؤتمر امستردام، بهذا الخصوص عدم جدوى مواصلة سياسة التجاهل والتعتيم الاعلامي الذي يتبع في اغلبية البلدان، بما فيها الدول الغنية ذاتها باعتبار ان مكافحة المرض داخل البلاد الغنية لا يشكل الا جزءاً يسيراً من المهمة الرئيسية. خاصة وأن التقديرات التي نشرت في المؤتمر اشارت الى ان قارات بكاملها، مثل افريقيا، ستسجل خلال العقد المقبل خسارة تقدر بثلث الاشخاص البالغين بسبب اصابتهم بفيروس الأيدز. وان الزيادة في عدد الاصابات لم تبلغ الذروة بعد، وهي ستتزايد بشكل مضطرد حتى حلول عام 2005 اذا ما استمر مستوى الانفاق والبحث والعناية على المعدلات الجارية. وتقول دراسة اعدها ج هوبلي ان مقابل كل اصابة بالأيدز يوجد ما بين مئة الى مئتين حالة حمل لفيروس الايدز. الأيدز يطوق المنطقة العربية من الحقائق الخطيرة التي كشفها مؤتمر امستردام مناطق تمركز وباء الأيدز في العالم، وتحتل الولاياتالمتحدة الاميركية المرتبة الاولى في عدد الاصابات بمقدار 218 الف اصابة حتى نهاية حزيران الماضي. فيما تتمركز 150 الف اصابة في القارة الافريقية بمجملها وفي اوروبا تحتل فرنسا اعلى درجة من الاصابات بالأيدز برقم رسمي يبلغ 17 الف اصابة وغير رسمي 24 الفاً. اما قارة اميركا اللاتينية فان البرازيل سجلت فيها اعلى معدل للاصابة حوالى 25 الف اصابة. اما التقارير الرسمية لسجل اصابات الأيدز في المنطقة العربية فيشير الى معدلات متدنية جداً تتراوح ما بين ست اصابات في الكويت صعوداً حتى 425 اصابة في السودان. ولكن ما يميز منطقتنا هو الحزام الذي يطبق عليها خاصة من الجنوب الافريقي والذي يعد مصدر الخطر الداهم في الحقيقة. وهو حزام يمتد بمحاذاة الحدود المغربية باتجاه الجزائر وموريتانيا وليبيا ومصر والسودان والصومال. وقد اطلقت عليه الدوائر العلمية الدولية قطاع افريقيا الوسطى. ويتميز هذا القطاع بالارتفاع الشديد لنسبة الاصابات بالأيدز حتى ضمن الارقام المسجلة رسمياً والتي لا تتجاوز حسب تقرير منظمة العفو الدولية ثلث الأرقام الحقيقية. ويزداد معدل الاصابات في هذه الدول كلما اتجهنا نحو الجنوب حيث تبلغ حالات الايدز في زائير حوالى 15 الف اصابة، وفي اوغندا 30 الف اصابة، وتنزانيا 27 الف اصابة، وفي كينيا اكثر من 9 آلاف اصابة. وإذا شئنا احصاء عدد حاملي فيروس "HIV" فان الرقم يصل الى بضعة ملايين. وهذا الامر يؤكد مدى جدية المخاوف التي عبر عنها الخبراء في مؤتمر امستردام. وأبدت الدوائر العلمية قلقها من تردي الاوضاع السياسية واتساع زحف الجفاف والتصحر، الامر الذي لن يساعد في الحملة المناهضة للوباء وسيعجل في الواقع من تسهيل توجه المرض نحو الشمال والشرق عبر البحر الاحمر. أبحاث جديدة على صعيد البحث العلمي كشفت الابحاث عن تقدم كبير في مجال مقاومة الايدز حيث قدمت خلاصات عن 12 وصفة طبية لايجاد لقاح مضاد للمرض. أبرزها تلك التي توصلت اليها جهود مشتركة لخمس مؤسسات طبية عالمية هي مؤسسة "والتر ريد" و"نياد" الاميركيتين و"ماكغيل" الكندية، و"ستوكهولم" من السويد اضافة الى المجمع الطبي العسكري الاميركي "SNEEC". وثبت من خلال التجارب التي اجريت في وقت واحد على متطوعين من حاملي فيروس الايدز، تطابقاً في فعالية اللقاح الذي وضع لمحابة المرض واطلق عليه اسم "فاكسين" "VAXYEN". وكانت هذه التجارب اجريت منذ عامين الى أربعة اعوام على اطوار مختلفة من حالات الفيروس "HIV" وكشفت عن استعداد الجسم الانساني لتقبل العقار والاستجابة له دون اية آثار جانبية كانت في العادة ترافق استخدام العقارات المتداولة خاصة "AZT" وهو الاكثر تداولاً في العالم. وهي الآثار التي تنعكس على القدرة البصرية والحركية فضلاً عن التهابات ثانوية اخرى. وذكر تقرير عن نتائج استخدام لقاح "فاكسين" ان بالامكان تقليص الاصابات بالمرض بنسبة تصل الى 30 الف حالة كل عام. وأعلنت شركة انتاج الادوية "مايكرو جينيسي" انها ستطرح اللقاح للانتاج التجاري قريباً بعدما وجد استجابة علمية دولية خلال مناقشة فعاليته اثناء المؤتمر. الابحاث الافريقية طرحت بدائل تقليدية للشفاء ومعالجة المرض. كما في بحث الدكتور جيريمي مشانا من تانزانيا، وفي بحث آخر قدمه الدكتور الالماني ايلمار اولريش عن طريقة للعلاج يجري إتباعها في تانزانيا منذ مدة طويلة على يد طبيب شعبي يدعى وازيري ميرشو، توارث الصنعة من عائلته. وبرهن للدكتور اولريش خبرته ومعرفته بالوباء من خلال شفاء 17 حالة إصابة جرى مراقبتها من قبل المؤسسات الالمانية باشراف الدكتور اولريش. وفي مقارنة مع علاج بالادوية الحديثة على 27 حالة متطابقة مع الحالات الاولى توفي 14 شخصاً فيما لم تظهر اية دلائل تقدم على الآخرين. وأبلغ الدكتور اولريش مؤتمر امستردام تزكيته للنتائج السريرية الناجحة في تجربة الادوية التقليدية التي تتكون من مزيج نباتات ونوع خاص من جذع اشجار محلية يستخرج منها مسحوق يخلط بالشاي او الحساء. وفي بديل علاجي آخر طرحته دراسات تمت في اوروبا واوستراليا اقترح الدكتور ج. لانغ من هولندا مسألة استخدام مضادات متعددة ومركبة في آن واحد كحل اكثر فاعلية من الاقتصار على عقار الپ"AZT". وكشف الدكتور لانغ عن ان الطريقة التي يقترحها ساعدت المرضى على مقاومة المرض مدة اطول من الزمن. واكد ان ابحاثه اثبتت ان خطر الوفاة خلال 48 شهراً في حالات الأيدز البالغة سيتقلص بنسبة 40 في المئة اذا استخدم العلاج المركب الذي يقترحه. فيما تقلصت نسبة احتمالات الوفاة في فترة عام واحد الى ما بين 23 و39 في المئة. ويجري العمل حالياً على انتاج عدد من الادوية والعقاقير واللقاحات التي تساعد جهاز المناعة في بناء نفسه ودفاعاته من جديد، وتوفر للمريض فرصة أطول للحياة وتزيد من وزنه وعافيته. الا ان هذه العلاجات لا تحصّن غير المصابين ولا تقضي على الفيروس بشكل نهائي فعّال، ولا تؤمن الشفاء للمصابين. ويتابع الدكتور جوناس صولك مكتشف لقاح شلل الأطفال، والدكتور جين شيرار والدكتور ماريو كليريتشي من معهد السرطان الوطني في الولاياتالمتحدة جهودهم لاكتشاف اللقاح المناسب، كما يقوم الدكتور لوك مونتينييه، مكتشف فيروس الأيدز، من معهد باستور الفرنسي بأبحاث وتجارب جديدة لتركيب لقاح فعّال يأخذ بالاعتبار الارتباط الوثيق بين الفطور المصوّريّة "MYCOPLASMA" وفيروس الايدز "HIV"، وكيفية القضاء عليهما معاً. ويعتقد الدكتور مونتنييه ان هذه الجراثيم الفطرية هي التي تحوّل فيروس الايدز الى فيروس قاتل تصعب محاربته. ويحاول الدكتور روبرت ردفيلد من معهد ابحاث والتر ريد العسكري بولاية ميريلاند في الولاياتالمتحدة مع فريق من الباحثين الآخرين القيام بتركيب لقاح آخر مصنوع من الغلاف البروتيني لفيروس الايدز على امل نجاح استخدامه كلقاح علاجي للمصابين الى حين اكتشاف لقاح وقائي محض يقضي على الفيروس بكافة انواعه وتحولاته الحالية والمستقبلية. سر الفيروس الثالث المؤتمر الدولي الثامن لمرض الايدز في امستردام جاء مخيباً للآمال مثبطا للعزائم ومثيراً للحيرة والدهشة والشك، ومليئاً بالمفاجآت خصوصاً عن تحقيق تقدم في مقاومة هذا الوباء الخبيث القاتل، وجد العلماء انفسهم امام حقائق مرعبة تدل على ان مرض الايدز قد يظهر نتيجة الاصابة بفيروس آخر مختلف تماماً عن الفيروس المعروف في اميركا وأوروبا HIV-1 والفيروس المعروف في افريقيا HIV-2. فقد ظهرت حالات شبيهة بمرض الايدز عند بعض المرضى الذين لا يحملون اياً من انواع الفيروس المتعارف عليها، ولقد اعترف بذلك كل من الدكتور جيمس كاران مدير برنامج مكافحة الايدز في مراكز السيطرة على الامراض في اطلنطا بالولاياتالمتحدة، والدكتور لوك مونتنييه من معهد باستور والدكتور جيف لورانس من جامعة كورنيل والدكتور سودير غوبتا من جامعة كاليفورنيا. حيث واجه جميعهم مثل هذه الحالات الغريبة التي لا تتوافق مع المفهوم السابق عن الاسباب الحقيقية وراء الاصابة بهذا المرض المحير. وعلى الرغم من ازدياد عدد الادوية واللقاحات التي يتم العمل على انتاجها، فان هذه المفاجأة وارتفاع عدد الاصابات الهائل في كل من القارة الافريقية وشرق آسيا، لا تبشر بالأمل ولا تدعو الى الاطمئنان. خاصة وان عدد حاملي الفيروس قد يصل حسب تقديرات بعض الخبراء الى 110 ملايين بحلول عام 2000. ان العبر والدروس التي يمكن اكتسابها من نتائج هذا المؤتمر تفرض على العلماء والباحثين تحويل انظارهم وجهودهم الى الأسباب الفعلية الخفية التي تسبب هذا المرض وتساعد على انتشاره. لأن الاستمرار بالاسلوب الحالي نفسه لمقاومة هذا الوباء لن يجدي نفعاً وسيؤخر عملية محاصرة المرض والقضاء عليه لسنين عديدة مقبلة يصبح فيها ايجاد العلاج امراً ثانوياً وحلاً متأخراً لا يكفي لايقاف هذه الكارثة التي بدأت معالمها تتضح اكثر فأكثر. وإلى ان يتحقق ذلك فان من واجب كل انسان اتخاذ الخطوات الوقائية الضرورية التي اثبتت فعاليتها في حماية الكثيرين، كاستخدام الغلاف العازل او الكوندوم والابتعاد عن الرذيلة والتعفف عن الانحلال والالتزام بالتقاليد والأعراف التي نشأنا عليها فكانت لنا مصدر قوة وحماية وعافية. وأكبر دليل على ذلك انخفاض عدد المصابين وحاملي الفيروس قي بلادنا العربية. معلومات ضرورية ما الذي نعرفه عن الايدز؟! وكيف يعمل فيروس "HIV"؟ المرحلة الصامتة 1970 -1980 - خلال سنوات السبعينات واجه الاطباء في الولاياتالمتحدة بضع حالات عن مرض غريب يفقد الانسان بسببه المقدرة على مقاومة الالتهابات. ولكن القصة طويت بوفاة الضحايا والتشعبات الهائلة في ما يخص التكهنات حوله. ولكن المرض عاد الى البروز في نهاية عقد السبعينات وجرى التعرف عليه كمرض سريري جديد. 1981: وجد اطباء في مستشفى بلوس انجليس انفسهم في مواجهة حالة متقدمة. حيث يعاني رجل سليم البنية من مرض ذات الرئة اثر الاصابة بميكروب لم يكن معروفاً كمصدر لهذا المرض من قبل. وكان المريض اصلاً تحت العلاج من التهابات حصلت كعارض جانبي بسبب الادمان على المخدرات الذي ادى الى فقدان الجسم للمناعة المكتسبة. وفي العام نفسه وجدت الاسباب ذاتها للاصابة بسرطان الجلد المعروف باسم "كابوسي ساركوما" لدى بعض الشباب الشاذين جنسياً، وكان بعضهم يعاني من امراض تناسلية كالزهري والسفلس. الامر الذي حمل على الاعتقاد بأن المرض الجديد انما ينتمي الى عائلة الامراض الجنسية المعدية. ولكن بعد فترة وجيزة ثبت ان مرضى آخرين مصابين بفقدان المناعة "الأيدز" لم يمارسوا اية علاقات جنسية غير طبيعية. وتأكد الاطباء ان الفيروس دخل الى اجسادهم عبر استخدامهم المشترك لحقنة المخدرات غير المعقمة طبياً. عام 3198 نجح الطبيب الفرنسي "لوك مونتنييه" الباحث في معهد باستور بباريس في عزل الفيروس وتشخيصه. وبعد عام واحد توصل غالو الاميركي الى ذات النتيجة واتضح لاحقاً انه لم يكتشف فيروساً جديداً انما كان ينظر الى الفيروس نفسه الذي ارسله له الدكتور مونتنييه سابقاً. ومنذ ذلك الحين بدأ التمييز بين مرحلتين في تشخيص المرض. الاولى حمل الفيروس HIV والثانية الاصابة بالايدز. حامل الفيروس لا تظهر عليه اعراض محددة، ينقله الى الآخرين عبر الممارسة الجنسية ونقل الدم الى جسم سليم، والى الجنين عن طريق الأم الحاملة للفيروس. وتتراوح مدة الحمل ما بين سنتين وعشر سنين. مرحلة الاصابة تبدأ بظهور اعراض المرض: فقدان فوري لعشرين في المئة من وزن المريض خلال فترة قصيرة. الاسهال المستمر، السعال المستمر، الانفلونزا، تضخم الغدد اللمفاوية، ثم الاعراض المتقدمة مع انهيار دفاعات الجسم الذي يصبح فريسة لكل الامراض الكامنة التي تتدعم فاعليتها بتلف الخلايا الدفاعية المعروفة باسم الخلايا التائية "T4"، فتفتك بجسم الضحية. ومن هذه الاعراض الجانبية الاصابة بالسل، وسرطان الجلد، والاضطراب العصبي. وتنتهي حياة المصاب في فترة ما بين سنة وسنتين. منظمة الصحة العالمية توحد الجهود الدولية لمكافحة الوباء الذي انتشر منذ 1983 في افريقيا بواسطة فيروس مشابه. دعي بفيروس HIV-2 لتميزه عن الأول HIV-1. عام 1988 عقد اول مؤتمر دولي لمكافحة الايدز على مستوى الوزراء. وسيستمر انعقاده سنوياً. مؤتمر امستردام وكان في الاساس مخططاً لعقده في "بوسطن" بالولاياتالمتحدة هو الثامن. كيف يخترق فيروس الايدز HIV جهاز المناعة؟! اعظم مخاطر الايدز هي قدرته على اختراق نظام المناعة المكتسبة في الجسم والذي يرتكز على الخلايا اللمفية المسماة "T4". فهو يتوجه للالتصاق بجدار الخلية الذي يقوم مقام المراسل وناقل للمعلومات الى قلب الخلية. بعدها يفرز فيروس HIV انزيماً خاصاً يخترق الجدار ويتوجه الى المركب الجيني "RNA" ليغير عمله باتجاه آخر يساعد على تكاثر الفيروس المرضي بتحويل RNA الى نوع جيني هو "DNA" الذي يمتاز بخصائص وراثية تساعد على ادامة وحماية وجود الپHIV، الذي بتكاثره سينتقل الى الخلايا التائية الاخرى. ومع تزايد ضعف النظام الدفاعي يصبح الجسم البشري محايداً مما يعني اكتسابه لكل انواع الفيروسات والبكتيريا بما فيها تلك الكامنة بسبب ضعفها في الجسد البشري وإحداث التهابات وإصابات في كل اتجاه. لذلك فان الايدز لا يعد مرضاً بحد ذاته، بل هو حالة تنطوي على مجموعة كبيرة من الامراض. يصبح الجسم امامها عاجزاً عن ابداء اي رد فعل او استجابة للمقاومة. والعلاج الذي يتطلع اليه العلم حالياً، هو تدمير الفيروس كمرحلة اولى لوقف الامراض الاخرى التي تتفشى بوجوده. الانتخابات الاميركية وصلت الى مؤتمر الايدز نجح المرشح الرئاسي عن الحزب الديموقراطي بيل كلينتون في استثمار خيبة الامل التي شعر بها ثلاثة آلاف عالم وباحث اميركي اضطروا للانتقال الى امستردام بدلاً من هارفارد في ولاية بوسطن بسبب تمسك الادارة الاميركية بمنع دخول حاملي فيروس HIV لحضور اعمال المؤتمر الامر الذي ادى الى تحويله الى هولندا. ووزع مندوبون عن حملة كلينتون وثيقة يتعهد فيها المرشح الرئاسي بوضع موضوع الايدز في قمة الاولويات الفيدرالية واستعداده لتشكيل لجنة اتحادية متخصصة لرسم الخطط اللازمة لمكافحة ومساعدة المرضى وحاملي الفيروس. وتعهد كلينتون بالتحول الى تشريع كل الخطوات اللازمة للمساعدة في القضاء على الايدز وتخصيص الاستثمار المناسب من الموازنة الاتحادية اذا ما انتخب رئيساً للولايات المتحدة. نجوم السينما شاركوا في مهاجمة سياسة الرئيس بوش ايضاً فحضرت اليزابيث تايلور الى امستردام باعتبارها الرئيس الفخري للجنة الاميركية لمكافحة الايدز، كما نشط مخرج سلسلة افلام "العراب" فرانسيس كويولا في اثناء المؤتمر ضد الادارة الاميركية ورئيسها "الذي لا يعرف عن الايدز حتى تهجئة اسمه" كما قالت اليزابيث تايلور. الهولنديون من ناحيتهم سمحوا لثلاثمائة اميركي يحملون فيروس HIV بالحضور كمدعوين ومساهمين في ندوات عدة، الامر الذي حوّل صالة العرض الطبية الى ميدان صراع بين الجماعات وشركات الادوية الاميركية التي تعرضت اجنحتها الى حطام على مدى الايام الستة. من ناحية اخرى نجح البحث الاميركي في استيعاب اكبر مساحة من المساهمات حيث كان للمساهمة الاميركية حصة الأسد خلال المؤتمر. حالات الاصابة ونسبتها المئوية في العالم * المنطقة/البلد حالات الأيدز تموز النسبة كانون الثاني يوليو 92 يناير 92 أفريقيا: 066،129 455،151 - الولاياتالمتحدة: 977،220 301،218 4،92 أوروبا: 195،60 783،66 - فرنسا: 552،16 836،17 1،32 ايطاليا: 584،10 609،11 3،20 اسبانيا: 101،10 555،11 8،29 بريطانيا: 065،5 451،5 8،9 المانيا: 533،7 957،7 7،9 الدانمارك: 947 972 5،18 الصين 500 500 2 * من كتاب وباء الايدز - ألان وايتسايد ودايفيد فيتز سيمونز ** النسبة لكل مئة الف مواطن انتشار الايدز في الدول العربية البلد حالات الايدز النسبة * كانون الثاني تموز يناير 92 يوليو 1992 الجزائر 92 92 4،0 مصر 39 ؟ 1،0 ليبيا 7 7 1،0 المغرب 98 ؟ ؟ تونس 105 ؟ 1.5 العراق 7 7 0.0 الاردن 17 21 0.6 الكويت 6 6 0.4 لبنان 29 29 3،0 عمان 24 24 6،1 قطر 31 31 4،8 المملكة العربية السعودية 40 42 3،0 سورية 17 17 1،0 اليمن ؟ ؟ ؟ السودان 476 524 7،0 موريتانيا 26 ؟ 4،1 الصومال 13 ؟ 1،1 "النسبة لكل مئة الف مواطن