عرفت دورة ويمبلدون وهي أعرق دورات كرة المضرب في العالم طقساً مشرقاً في مراحلها الأولى وخضعت لمزاج المطر المتقلب وللأجواء المكفهرة في مراحلها الأخيرة وهي قد ابتسمت في وجه نجوم وعبست في وجه نجوم إلا أنها تبقى على أي حال نجمة الدورات التي يطمح كل لاعب ولاعبة إلى قطفها والفوز بها. وعل عادتها حملت دورة ويمبلدون مجموعة من المفاجآت ولكن اشدها وقعا كان في فئة الرجال حيث خرج جميع الاختصاصيين في اللعب على الملاعب العشبية والمرشحين للفوز بالدورة قبل بلوغهم الأدوار نصف النهائية في حين كانت المفاجآت محدودة في فئة النساء فبلغت المباراة النهائية من كان يفترض أن تتواجها في مباراة الثأر عنيت بهما مونيكا سيليش وستيفي غراف... ومن خلال جردة حساب لمسار الدورة ونتائج المباريات يمكننا ان نخرج بالانطباعات والملاحظات التالية: فئة الرجال - جيم كوريير المصنف الأول في العالم خرج من الدورة في مرحلة مبكرة بعدما قطع عليه طريق الفوز بالغران سلام اللاعب أندريه أولهوفسكي من أسرة الدول المستقلة الذي يحتل المرتبة 193 في التصنيف العالمي. - ستيفان أدبرغ اللاعب الثاني وفقا للتصنيف العالمي يعتبر من كبار الخاسرين لأنه كان من أوفر المرشحين حظا للفوز بهذه الدورة. وقد أخرجه اللاعب الكرواتي غوران ايفانيسيفيتش المصنف ثامنا في الدور ربع النهائي. والواقع أن أدبرغ بلغ منعطفا حاسما في مساره الرياضي وهو أمام خيارين فإما أن يثبت وجوده وإما أن ينزلق على خطى ايفان ليندل. - بوريس بيكر خرج في الدور ربع النهائي مثخنا بالجراح مع أنه كان في أمس الحاجة إلى انتصار يرمم به قلاعه المتداعية. وكانت ويمبلدون فرصته الذهبية لكن أندريه أغاسي المصنف الثاني عشر فوت عليه هذه الفرصة... ويفترض في بيكر أن يعيد حساباته وأن يحقق نقلة نوعية في أدائه إذا أراد أن يستعيد ملكه الضائع قبل أن يفوته "قطار الشباب" وتجدر الإشارة إلى أن مواطنه مايكل ستيش لم يحسن الدفاع عن لقبه فخرج في الدور ربع النهائي على يد سامبراس. - الأميركي المخضرم جون ماكنرو سرق الأضواء وأذهل جماهير كرة المضرب بأدائه المميز وحيويته المتفجرة ومشاكساته المعهودة. وبلوغه المباراة نصف النهائية بعد فوزه على بات كاش ودافيد وينون وغي فورجيه جاء مكافأة لما يختزنه هذا اللاعب من عناد ونشاط ولمحات فنية لم يذهب الزمن برونقها بعد... أما خسارته أمام أندريه أغاسي فلا تضيره بعدما ربح محبة الجمهور وهي جائزة لا يستهان بها... - غوران ايفانيسيفيتش اللاعب الذي حالفه الحظ في الإرسال فسدد 37 إرسالا نظيفاً في المباراة النهائية خانه إرساله في اللحظات الحرجة فخسر الكأس التي كانت في متناول يده، ولكنه فرض نفسه نجما يعد بمستقبل مشرق... - أما أندريه أغاسي فقد شق طريقه إلى قمة البطولة بثقة وإقدام وقدم لمحات فنية دلت على تماسكه كلاعب يعرف كيف يقيم توازنا بين الإرسال القوي والكرات المقطوعة وتغطية الملعب وهذا ما أتاح له أن يطيح بيكر وأن يتخلص من ماكنرو وان يهزم ايفانيسيفيتش في مباراة متكافئة لعب فيها هدوء أعصابه دورا حاسما في ترجيح كفة فوزه وهو فوز يستحقه والمهم أن يعرف كيف يحافظ عليه وهذه مهمة ليست يسيرة على الإطلاق. وخلاصة القول أن دورة ويمبلدون أثبتت أن أبطالا من الصف الثاني يمكنهم أن يقتحموا مواقع الصف الأول وأن يتطاولوا على الكبار... فئة النساء - أرانشا سانشيز المصنفة الخامسة عالميا خرجت من الدور الثاني على يد الفرنسية جولي هالار وكان خروجها مفاجأة من العيار الثقيل... - غابرييلا ساباتيني ألفت دور الوصيفة الثانية حتى لكأنه دور فصل على قياسها... وهي قد تراجعت قياسا إلى نتائجها في ويمبلدون إذ خرجت في المباراة نصف النهائية أمام غراف هذا العام، علما أنها كادت تفوز في المباراة النهائية على غراف العام الماضي... - مونيكا سيليش دافعت عن عرشها بضراوة مع أن الملاعب العشبية ليست من اختصاصها فتغلبت على جيجي فرنانديز وأطاحت ناتالي توزيا وهزمت مارتينا نافراتيلوفا الفائزة تسع مرات ببطولة ويمبلدون في مباراة بلغت قمة الإثارة والأداء، إلا أنها سقطت سقوطا عظيما أما غريمتها ستيفي غراف في مباراة من طرف واحد 2/6 و1/6... وعليها بعد ويمبلدون أن تنصرف إلى تضميد جراحها وان تبذل جهوداً خارقة إذا أرادت أن تستمر متربعة على عرش كرة المضرب لأنها بعد اليوم لن تذوق طعم الهدنة. - ستيفي غراف استعادة أيام عزها الغابرة حتى لكأنها ولدت في ويمبلدون ولادة جديدة وهي اذا استمرت في خط مسارها التصاعدي ستستعيد عرشها الضائع لا محالة. صحيح أن المباراة النهائية التي خاضتها ضد سيليش كانت باهتة ولكنها لقنت غريمتها درسا من الصعب أن تنساه فبدت وكأن لا حيلة لها أمام العاصفة الشقراء التي أجل المطر فرحتها بالفوز ثلاث مرات. لكن انحبس أخيرا أمام إصرارها الذي لا يقاوم. وهكذا فرضت غراف إيقاعها على دورة ويمبلدون وأثبتت أنها قادرة على قلب المعادلات وعلى تغيير المواقع فوق خريطة كرة المضرب في فئة النساء.