هل يجب القيام بعملية عسكرية ضد ليبيا ام لا؟ هل يجب السعي الى اسقاط نظام العقيد معمر القذافي واستبداله بنظام آخر ام لا؟ هل يجب "تسليم" ليبيا الى مصر، اي دعم وتشجيع فكرة الوحدة المصرية - الليبية ام لا؟ هذه الاسئلة الثلاثة الكبرى هي، حالياً، محور مشاورات سرية بين مسؤولين وخبراء و"صانعي قرار" في عدد من العواصم الغربية وعلى رأسها واشنطنولندن وباريس. وهي: أسئلة تجعل المواجهة بين ليبيا والدول الغربية الثلاث الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا - ومن يؤيدها - تكتسب ابعاداً تتجاوز نطاق تسليم - او عدم تسليم - المتهمين الليبيين في عمليتي تفجير طائرتي الركاب، الاميركية فوق لوكربي في بريطانيا عام 1988، والفرنسية فوق النيجر عام 1989، ما ادى الى مقتل 440 شخصاً في العمليتين. واذا كان العقيد معمر القذافي واجه ازمات عدة في علاقاته مع الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الغربية والعربية خلال سنوات حكمه - وكانت ذروتها تلك التي ادت الى الغارة الجوية الاميركية على ليبيا ربيع 1986 واستهدفته شخصياًً - فان الازمة الحالية تبدو الاكثر خطورة وتعقيداً بسبب طبيعتها ومضمونها وتوقيتها وظروفها الاقليمية والدولية. فالمواجهة الحالية ليست ثنائية، بين ليبيا والولاياتالمتحدة او ليبيا وفرنسا او ليبيا وبريطانيا، كما كان الحال في السابق، بل هي بين ليبيا والدول الغربية الكبرى الثلاث معاً مدعومة بقرار صادر عن مجلس الامن الدولي يحث القيادة الليبية على الاستجابة لمطالب هذه الدول الثلاث، اي تسليمها المتهمين، وهو ما يرفضه القذافي. والمواجهة الحالية تتم في مرحلة تبدو فيها الولاياتالمتحدة - القوة العظمى الوحيدة في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي - قادرة على تنفيذ الكثير من الخطوات والقرارات على الصعيد الدولي من دون معارضة تذكر من اية جهة. ولم يسبق في تاريخ الاممالمتحدة ان كان مجلس الامن "طيعاً" الى هذه الدرجة امام الولاياتالمتحدة، يوفر، من دون صعوبة حقيقية، شرعية دولية لاجراءاتها: فلم يعد هناك فيتو سوفياتي او روسي، وتحول "الفيتو" الصيني الى "امتناع" عن التصويت في احسن الاحوال. على الصعيد الشرق الاوسطي تتمتع الولاياتالمتحدة، خصوصاً منذ حرب الخليج وتحرير الكويت، بمكانة لدى القيادات الحاكمة على اختلافها لا سابق لها منذ حلول النفوذ الاميركي في المنطقة بين النفوذين البريطاني والفرنسي في منتصف الخمسينات. فأكثر من اي وقت مضى تبدو عبارة "لا بديل لاميركا في الشرق الاوسط غير اميركا" واقعية وصحيحة، وأكثر من اي وقت يتضح حرص خصوم واعداء واشنطن على السعي - علناً او بصورة خفية - الى تحقيق تقارب معها. هذه المعطيات لم تكن متوفرة في المواجهات السابقة بين القذافي والغرب. وتعامل القذافي مع الازمة الحالية يظهر، بلا شك، ان الرئيس الليبي يدرك تماماً مدى جدية وخطورة المشكلة. وقد حرص اكثر من زعيم عربي - وخصوصاً الرئيس حسني مبارك - على التأكيد للقذافي ان ليبيا ستواجه "اخطاراً" جدية "اذا لم تستجب لمطالب الدول الغربية الثلاث. والواقع ان المشاورات السرية بين واشنطنولندن وباريس حول "الملف الليبي" تتناول - وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "الوسط" من مصادر غربية وثيقة الاطلاع - اموراً تتجاوز حادثتي الطائرتين، الاميركية والفرنسية، ومسألة تسليم المتهمين الليبيين بتفجيرهما. العملية العسكرية الامر الاول الذي تتناوله هذه المشاورات يلخصه السؤال الآتي: - هل يجب القيام بعملية عسكرية ضد ليبيا ام لا؟ المعلومات التي تملكها "الوسط" تؤكد ان المسؤولين البريطانيين والفرنسيين "ليسوا متحمسين اطلاقاً" للعملية العسكرية ضد ليبيا ويعتبرون ان مثل هذه العملية "لا جدوى حقيقية منها" بل يمكنها "تقوية، القذافي في الداخل، كما ان مثل هذه العملية ستكون لها انعكاسات سلبية على دول اخرى في المنطقة، وستسبب "احراجاً" للرئيس حسني مبارك ولمسؤولين عرب آخرين. غير ان البريطانيين والفرنسيين يتخوفون من ان يكون الرئيس بوش ينوي توجيه ضربة عسكرية كبرى ضد اهداف ومنشآت متعددة في ليبيا، في مطلع الصيف المقبل - في حال أصر القذافي على عدم تسليم المتهمين - على اساس ان مثل هذه العملية ستخدم الرئيس الاميركي في معركة انتخابات الرئاسة و"تزيد" من شعبيته. هذه المخاوف البريطانية - الفرنسية تستند الى الامور الآتية: 1 - المسؤولون الاميركيون اكدوا، في اتصالات اخيرة لهم مع لندن وباريس، ان "الخيار العسكري" في المواجهة مع ليبيا لا يزال وارداَ "وبصورة جدية". وهناك معلومات تفيد ان وزارة الدفاع الاميركية وضعت مجموعة "خطط احتياطية" لضرب اهداف ومنشآت في ليبيا، في حال اصدر بوش اوامره بذلك. 2 - المسؤولون الاميركيون شددوا، في اتصالاتهم الاخيرة مع البريطانيين والفرنسيين، على ان لديهم "ادلة ومعلومات جديدة وأساسية" تثبت "تورط مسؤولين ليبيين كبار" في عمليتي الطائرتين، وان واشنطن "لن تتوقف" عند تسليم المتهمين في تفجير الطائرتين بل تنوي، في مرحلة لاحقة، "كشف اسماء" جميع المسؤولين المتورطين في الحادثتين، كما تنوي "وضع حد بصورة جذرية" لنشاطات ليبيا "الارهابية". 3 - مذكرة الاتهام الاميركية الرسمية في حادث تفجير الطائرة الاميركية فوق لوكربي - والتي سلمت الى ليبيا ودول عربية وغربية عدة نهاية 1991 - تحمّل العقيد معمر القذافي شخصياً مسؤولية اعطاء الامر بتفجير الطائرة اذ جاء فيها: "ان عملية بهذه الاهمية ما كان يمكن ان تتم لولا موافقة معمر القذافي". وجاء في المذكرة الاميركية ايضاً: "ان القذافي كان يوافق على مر السنوات على عمليات وخطط واهداف المسؤولين في الحكومة الليبية الذين نفذوا السياسات الارهابية واشرفوا على استعانة ليبيا بالارهاب". ويبدو الرئيس حسني مبارك "الأكثر نشاطاًً وتحركاً" لاقناع بوش بعدم توجيه ضربة عسكرية ضد ليبيا. وقد لعب مبارك دور "محامي القذافي" لدى الادارة الاميركية الحالية، واقنع بوش بأن التقارب المصري - الليبي "مفيد" اذ انه يساعد على تغيير سياسات القذافي وحمله على "الاعتدال" اكثر فأكثر تجاه عدد من القضايا و"التكيف" مع الواقع الدولي الجديد. وترك بوش مبارك يمارس هذا الدور، ولم يتخذ موقفا سلبياً من التقارب الوثيق بين القاهرة وطرابلس، برغم انه اعترض على تقارب دول عربية اخرى مع ليبيا. ويعتبر مبارك والمسؤولون المصريون عموماً ان اية عملية عسكرية ضد ليبيا ستنعكس سلباً - اول ما تنعكس - على مصر، وستشكل احراجاً للرئيس المصري نفسه وتدفع بالمسؤولين الليبيين الى مطالبة القاهرة باتخاذ موقف ضد الولاياتالمتحدة - وهو ما لا تستطيع القاهرة ان تفعله لاسباب عدة - والا فان العلاقات المصرية - الليبية ستتأثر. واذا حدث توتر مصري - ليبي فان ذلك سيؤثر سلباً على وجود اكثر من نصف مليون مصري يعملون حاليا في ليبيا. كما سيؤثر سلباً على التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين وهو امر سيضرّ بالاقتصاد المصري اذ ان ليبيا سوق مهمة ورئيسية للمنتجات المصرية. هذه المخاوف دفعت مبارك الى البحث عن "صيغ ومشاريع حلول" للازمة الحالية. وقد تمكن مبارك من اقناع القذافي بالموافقة على اقتراحين رئيسيين: الاول يقضي بمحاكمة المتهمين في "بلد ثالث محايد" غير الولاياتالمتحدةوبريطانيا، كمصر او مالطا او اية دولة عربية اخرى، والثاني يقضي بتأليف هيئة تحقيق دولية يشارك فيها قضاة اميركيون وفرنسيون وبريطانيون لدرس ملف حادثي الطائرتين من جديد. لكن المسؤولين الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين رفضوا هذين الاقتراحين واصروا على التمسك بضرورة تنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 731 والصادر مطلع هذا العام والذي "يحث الحكومة الليبية على ان تستجيب فوراً استجابة كاملة وفعالة" لطلبات الدول الغربية الثلاث "بالقاء القبض على المسؤولين عن هذا العمل الاجرامي ومحاكمتهم". ولمحاولة التخفيف من حدة المواجهة بين القذافي والدول الغربية الثلاث، ابلغ المسؤولون المصريون هذه الدول ان هناك "تيارين" في القيادة الليبية حول كيفية التعامل مع هذه القضية. التيار الاول يمثله القذافي ويبدي استعداده للتعامل "بمرونة" مع المطالب الغربية ولتسليم المتهمين "الى طرف ثالث" لمحاكمتهم بصورة محايدة. التيار الثاني يمثله عبدالسلام جلود ويعارض بشدة تسليم المتهمين خصوصاً ان احدهم - وهو عبدالباسط المقرحي ضابط الاستخبارات المتهم مع الامين فحيمة بتفجير الطائرة الاميركية - ينتمي الى القبيلة نفسها التي ينتمي اليها جلود. و"ينصح" المصريون الدول الغربية الثلاث بعدم تجاهل "مرونة" القذافي. لكن المسؤولين في هذه الدول يرفضون نظرية التيارين ويعتبرون ان القرار في يد القذافي وان عليه ان يستجيب لمطالبهم. هل يعني ذلك ان الادارة الاميركية ستوجه، فعلاً، ضربة عسكرية ضد ليبيا في حال فشلت العقوبات التي ينوي مجلس الامن فرضها على هذا البلد في حمل القذافي على تسليم المتهمين؟ مسؤول اميركي سابق كبير وثيق الاطلاع على "الملف الليبي" والعلاقات الاميركية - الليبية ابلغ "الوسط" انه يستبعد تنفيذ عملية عسكرية اميركية ضد ليبيا "الا اذا قام الليبيون بعمل ارهابي جديد ضد هدف اميركي". واوضح هذا المسؤول الاميركي السابق ان حادث لوكربي "ليس كافياً"، في نظر الرأي العام الاميركي، "لتبرير" هجوم اميركي على ليبيا، كما ان بوش "لا يريد" احراج مبارك والتسبب لمصر بمشاكل جديدة. غير ان الرئيس الاميركي سيظل يلوّح بالخيار العسكري "لارغام" القذافي على التجاوب مع المطالب الغربية وعلى وضع "حد نهائي" لنشاطات ليبيا "الارهابية". في أي حال، ستظهر الاشهر القليلة المقبلة اذا كانت مخاوف البريطانيين والفرنسيين في محلها او اذا كان تقويم المسؤول الاميركي السابق "هو الصحيح". مصير نظام القذافي الامر الثاني الذي تتناوله هذه المشاورات السرية بين الدول الغربية الثلاث يتلخص في السؤال الآتي: - هل يجب السعي الى اسقاط نظام القذافي واستبداله بنظام آخر ام لا؟ طبعاً، المصادر الرسمية الاميركية والفرنسية والبريطانية التي اتصلت بها "الوسط" تنفي وجود مشاورات بين الدول الثلاث حول مسألة "مصير نظام القذافي" وتقول ان المشاورات تستهدف فقط "كيفية" تنفيذ قرار مجلس الامن الذي يطالب القذافي بتسليم المتهمين، و"انواع" العقوبات التي ستفرض على ليبيا في حال رفضت تسليم المتهمين. ومن الطبيعي ان تنفي المصادر الرسمية وجود مثل هذه المشاورات. لكن معلومات "الوسط" تؤكد ان مصير نظام القذافي هو حالياً موضع "بحث جدي" في واشنطن وباريس ولندن وبعض العواصم الشرق اوسطية. ويبدو من المعلومات التي حصلت عليها "الوسط" ان هناك تيارين في الغرب حول مصير نظام القذافي: 1 - تيار يدعو، بالفعل، الى العمل على الاطاحة بالنظام الليبي الحالي، على اساس ان "لا مجال" للتفاهم مع القذافي او تغيير سياساته، سواء في ما يتعلق بالارهاب او بالعمل على "زعزعة الاستقرار" في بعض الدول المجاورة. ولهذا التيار انصاره في واشنطن وباريس ولندن. ويعتبر هذا التيار انه يجب "عدم تكرار الخطأ" الذي ارتكبته الدول الحليفة في تعاملها مع نظام صدام حسين حيث شنت حرباً على العراق لكنها لم تواصل هذه الحرب لاسقاط النظام. وفيما يرى بعض انصار هذا التيار - وخصوصاً في واشنطن - ان ضربة عسكرية كبرى ضد ليبيا، اضافة الى العقوبات، ستضعف النظام وتساعد على سقوطه، يرى آخرون انه يجب "اعتماد وسائل أخرى غير العمل العسكري" لاسقاط النظام ومن هذه الوسائل تحريك بعض القوى والفئات داخل ليبيا ضد النظام، والقيام بعمليات معينة في ليبيا نفسها بالتعاون مع عناصر المعارضة لاستبدال نظام القذافي بنظام آخر. 2 - في مقابل هذا التيار هناك تيار آخر - له انصاره في العواصم الغربية الثلاث - يعارض قيام الدول الغربية بأعمال ونشاطات لاسقاط نظام القذافي، من منطلق ان سقوطه يمكن ان يخلق "حالة فوضى واضطراب" في ليبيا تفيد منها "عناصر اسلامية متشددة"، وأن الامر قد ينتهي بمجيء نظام "متعاطف او متحالف" مع السودان وايران، الامر الذي يشكل "خطراً اكبر" من النظام الحالي. ويرى اصحاب هذا الرأي ان الحل الأفضل هو اخضاع نظام القذافي "لمراقبة دولية مستمرة" و"لضغوط عدة" بحيث يمتنع، فعلاً، عن القيام بنشاطات تسيء الى دول أخرى في المنطقة او تستهدف مصالح الغرب. ويذهب البعض الى حد "تشجيع" الادارة الاميركية على التفاوض سراً مع النظام الحالي - سواء مباشرة او عن طريق طرف ثالث - للتوصل الى صيغة تفاهم تشمل تسليم المتهمين وتجميد انتاج الاسلحة الكيماوية ووضع حد نهائي "للنشاطات الارهابية". غير ان اصحاب الدعوة الى التفاوض قلة. والمشاورات لا تزال مستمرة حول "مستقبل" نظام القذافي. وحدة مصر وليبيا الامر الثالث الذي تتناوله المشاورات بين الدول الغربية الثلاث هو: - هل يجب "تسليم" ليبيا الى مصر اي دعم وتشجيع قيام وحدة مصرية - ليبية، يتم في اطارها "تغيير" نظام القذافي، ام لا؟ هذه الفكرة برزت، في الأساس، في نهاية الستينات، وأبدى حماسة لها عدد من الخبراء والمسؤولين الاميركيين في مطلع عهد نيكسون. وقد جرت، آنذاك، مشاورات بهذا الشأن بين "مبعوثين" من الادارة الاميركية والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، من منطلق ان وحدة مصر وليبيا ومعهما السودان ستشكل "نواة كيان اقتصادي وسياسي" متكامل "يساعد على الاستقرار" في المنطقة. ورأى اصحاب هذا الرأي، آنذاك، ان مصر تؤمن "الطاقة البشرية" وليبيا "المال والقدرات الاقتصادية" والسودان "الارض الزراعية الخصبة والمياه". وكان الهدف الاساسي من طرح هذا التصور، آنذاك، هو اقناع عبدالناصر بالتخلي عن "طموحاته العربية" والاهتمام "بالبناء الداخلي" و"توثيق علاقاته" مع جارتيه ليبيا والسودان. غير ان هذه الفكرة لم تنفذ فعلياً، وان كانت جرت محاولات ومشاريع وحدوية او تكاملية بين مصر وليبيا والسودان. وفي العام 1979 وضع الرئيس الراحل انور السادات خطة عسكرية لغزو ليبيا واسقاط النظام فيها، وسعى الى اقناع الرئيس الاميركي آنذاك جيمي كارتر بدعمه لتنفيذها. لكن كارتر عارض هذه الخطة، فعاد السادات واحياها بعد انتخاب رونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة. وفي مطلع عهد ريغان وضعت، بالفعل، كما اكدته لپ"الوسط" مصادر اميركية رسمية "مجموعة خطط عسكرية مشتركة" للقيام بعمليات عسكرية ضد ليبيا، غير ان اغتيال السادات خريف 1981 حال دون التنفيذ. الرئيس حسني مبارك اعتمد اسلوباً مختلفاً عن اسلوب السادات في تعامله مع القذافي. فهو رفض، منذ البداية، القيام بأي عمل عسكري مشترك مع الولاياتالمتحدة ضد ليبيا، وقال للمسؤولين الاميركيين: "لن نهاجم القذافي اذا لم يهاجمنا". ثم منذ نحو 3 سنوات يسعى مبارك، من خلال تقارب وثيق ومتواصل مع ليبيا، الى محاولة "استيعاب" النظام الليبي والعمل على تغيير جوانب اساسية في سياساته. واليوم، يبدو ان هناك "تياراً قوياً" في واشنطن وأوروبا يؤيد حدوث "تقارب يصل الى حد الوحدة" بين مصر وليبيا، بحيث يتسلم مبارك "الحكم" في البلدين او على الأقل "تشرف القيادة المصرية مباشرة على الوضع الليبي وسياسات ليبيا" ويعتبر مؤيدو هذا التوجه ان الوحدة "هي افضل سبيل لتغيير نظام القذافي بصورة سلمية ودستورية وفي اطار عربي وليس نتيجة عملية عسكرية اميركية او غربية او نتيجة ضغوط خارجية على ليبيا". وتمتنع المصادر الرسمية في واشنطن وباريس ولندن عن "تأكيد" اذا كان هذا الموضوع نوقش جدياً مع الرئيس مبارك والمسؤولين المصريين. لكن رد هذه المصادر هو: اذا اتفق البلدان على الوحدة فنحن نرحب بها وندعمها لثقتنا بالقيادة المصرية وتوجهاتها".
ويبدو واضحاً من ذلك كله ان "محور" المواجهة الحالية بين ليبيا والغرب ليس تسليم - او عدم تسليم - المتهمين بتفجير الطائرتين، بل "المحور" الحقيقي للمواجهة هو نظام القذافي نفسه ومستقبل التعامل معه.