«فيفا» يعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034 على أعلى تقييم في التاريخ    أستراليا تحظر «السوشال ميديا» على الأطفال    سكري القصيم «عقدة» رائد التحدي    استهداف 34 ألف لاعب تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 9 سنوات    بحضور وزير الرياضة.. انطلاق منافسات سباق "سال جدة جي تي 2024"    نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي: المملكة ناصرة للدين الإسلامي    «الإيدز» يبعد 100 مقيم ووافد من الكويت    باكستان تقدم لزوار معرض "بَنان" أشهر المنتجات الحرفية المصنعة على أيدي نساء القرى    معرض "أنا عربية" يفتتح أبوابه لاستقبال الجمهور في منطقة "فيا رياض"    انطلاق فعاليات معرض وزارة الداخلية التوعوي لتعزيز السلامة المرورية    مطارات الدمام تدشن مطارنا أخضر مع مسافريها بإستخدام الذكاء الاصطناعي    ديوانية الأطباء في اللقاء ال89 عن شبكية العين    حرمان قاصر وجه إهانات عنصرية إلى فينيسيوس من دخول الملاعب لمدة عام    الأهلي يتغلب على الوحدة بهدف محرز في دوري روشن للمحترفين    ندى الغامدي تتوج بجائزة الأمير سعود بن نهار آل سعود    أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس واعضاء مجلس ادارة جمعية التوحد بالمنطقة    مدني الزلفي ينفذ التمرين الفرضي ل كارثة سيول بحي العزيزية    مدني أبها يخمد حريقًا في غرفة خارجية نتيجة وميض لحظي    الحملة الشعبية لإغاثة الفلسطينيين تصل 702,165,745 ريالًا    البنك المركزي الروسي: لا حاجة لإجراءات طارئة لدعم قيمة الروبل    الجبلين يتعادل مع الحزم إيجابياً في دوري يلو    "أخضر السيدات" يخسر وديته أمام نظيره الفلسطيني    6 مراحل تاريخية مهمة أسست ل«قطار الرياض».. تعرف عليها    «سلمان للإغاثة» يختتم المشروع الطبي التطوعي للجراحات المتخصصة والجراحة العامة للأطفال في سقطرى    المملكة تفوز بعضوية الهيئة الاستشارية الدولية المعنية بمرونة الكابلات البحرية    نعيم قاسم: حققنا «نصراً إلهياً» أكبر من انتصارنا في 2006    الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    "مكافحة المخدرات" تضبط أكثر من (2.4) مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة الرياض    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    ذوو الاحتياجات الخاصة    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    بالله نحسدك على ايش؟!    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دايفيد كاي في حوار خاص مع "الوسط" - رئيس فريق التفتيش الدولي في بغداد يحذر : العراق لديه برنامج نووي تحت الارض لم نعثر عليه حتى الآن . العراقيون قادرون على انتاج القنابل النووية على رغم الحظر
نشر في الحياة يوم 20 - 04 - 1992

كشف دايفيد كاي رئيس فريق التفتيش التابع للامم المتحدة والمكلف باكتشاف اسلحة الدمار الشامل ومواقع الصواريخ في العراق تمهيدا لتدميرها بناء على قرار من مجلس الامن الدولي، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، معلومات جديدة ومهمة عن البرنامج النووي العراقي والاساليب التي اعتمدتها القيادة العراقية لتطوير هذا البرنامج تمهيداً لانتاج قنابل نووية. وابرز هذه المعلومات ان هناك "برنامجا نوويا عراقيا خاصا تحت الارض" لم يعثر فريق التفتيش الدولي عليه بعد.
وحذر كاي من ان العراق قادر على انتاج السلاح النووي في المستقبل وان الحظر المفروض على العراق "ليس ناجحاً مئة في المئة". وقد حرص كاي على تزويد "الوسط" بمجموعة صور ملونة تنشر للمرة الاولى، التقطها فريق التفتيش التابع للامم المتحدة في العراق لعدد من المراكز والمواقع النووية والعسكرية. وفي ما يأتي نص الحوار مع كاي الذي يشغل، ايضا، منصب الامين العام لمؤسسة "يورانيوم انستتيوت" في لندن:
من الوثائق التي تم جمعها خلال زياراتكم التفتيشية لمختلف المراكز النووية في العراق، ما هي تركيبة البرنامج النووي العراقي التي تمكنتم من معرفة تفاصيلها؟
- لقد كان البرنامج النووي العراقي خاضعاً لوزارة الانتاج الحربي، ورئيس البرنامج هو الدكتور ضياء جعفر، وللبرنامج النووي اسم للتمويه هو مشروع الانتاج البتروكيميائي - 3، ويعمل فيه 20 الف شخص على الاقل. مركز الابحاث النووية كان في مختبر التويثه قرب بغداد وقد انشأه خبراء سوفيات، كما بنى الفرنسيون مفاعل تموز او "اوزيراك" الذي دمّره الاسرائيليون عام 1981. ولذلك يمكن القول ان البرنامج النووي العراقي بدأ في نهاية السبعينات وتم توزيعه في انحاء مختلفة من العراق. لقد كان هناك مركزان رئيسيان لانتاج اليورانيوم المخصب اطلق عليهما اسم "كاليوتران" واسم "ايموس"، واستخدم المركزان اساليب كانت استخدمتها الولايات المتحدة لانتاج اليورانيوم المخصب.
احد هذين المركزين يقع شمال بغداد ويدعى "الطارمية" والثاني قرب الموصل في الشمال ويدعى "الشرقاط" ويملك المركزان امكانات لانتاج المواد الخاصة بالبرنامج النووي. بالاضافة الى هذين المركزين هناك مركز لانتاج اليورانيوم بالقرب من الحدود السورية في منطقة تدعى "القائم". وفي جنوب بغداد مركز كبير لانتاج المكثفات في معمل الفرات، اضافة الى مراكز اخرى كثيرة تعزز البرنامج النووي العراقي. الدكتور ضياء جعفر يشغل منصبين: الاول نائب وزير الانتاج الحربي والصناعي والثاني رئيس البرنامج النووي العراقي. اضافة الى ذلك علمنا من الوثائق ان هناك برنامجاً صناعياً عسكرياً لتطوير الاسلحة البعيدة المدى كالمدفع العملاق وصواريخ سكود. ومركز الاثير للابحاث النووية هو المركز الرئيسي لاختبار مدى فعالىة القدرة النووية العراقية وانتاجها.
وتقديراتنا ان بامكان مركز الاثير انتاج بين 50 و60 سلاحاً نووياً في العام لدى اكتماله، وهذا يعني انه مركز لا يستهان به. وكل الخبراء النوويين الذين زاروا العراق، سواء كانوا اميركيين او فرنسيين او حتى روساً وبريطانيين، اجمعوا على ان المراكز النووية العراقية هي افضل من المراكز الموجودة في دولهم. والسبب في ذلك ان البرامج في الدول الاخرى مثل الولايات المتحدة بدأت في الاربعينات، وفي بريطانيا وفرنسا في الخمسينات، الامر الذي يعني ان برامج هذه الدول قديمة بمعدل 30 عاماً على الاقل. في حين ان مركز الاثير العراقي حديث جداً.
وكم تبلغ مساحة مركز الاثير؟
- مساحة المركز نفسه 3.5 كيلومتر مربع، لكن 30 كيلومتراً مربعاً من المنطقة المحيطة به مجهزة بكل الوسائل لتكون حقلاً للتجارب.
وهل هناك مناطق سكنية قريبة منه؟
- لا، ان المنطقة صحراوية، واقرب قرية الى المركز تبعد عنه 15 كيلومتراً على الاقل. ومركز الاثير محصن بجدران تبلغ سماكتها مترين من الاسمنت المسلح ويعمل في هذا المركز ما بين 300 و700 شخص على الاقل.
عندما تخططون لزيارة احد هذه المراكز للتفتيش ما هي الاجراءات التي تسلكونها؟
- الاجراءات تختلف من حين لآخر. حين قررنا زيارة مركز الاثير، ابلغنا الحكومة العراقية في الساعة السادسة والنصف مساء اننا سنقوم بزيارة المركز صباح اليوم التالي، اي انه كان لدى الحكومة مهلة 12 ساعة. في ما يتعلق بزيارة مراكز اخرى نعتقد بوجود معدات لها علاقة بالانتاج النووي ونخشى ان يتم نقلها، نتصل بالحكومة العراقية ونعطيها انذاراً قصيراً. ان مراكز مثل الاثير والتويثه والطارمية تضم منشآت ضخمة ومن الصعب ان تنجح الحكومة في اخلاء المعدات او المنشآت هذه خلال 12 ساعة.
في حزيران يونيو الماضي زرنا مركزين، احدهما في منطقة ابو غريب والآخر في الفلوجة. وبدأ العراقيون ينقلون معدات من هذين المركزين بشاحنات كبيرة. لقد اعطيناهم وقتاً قصيراً عند زيارتنا لابو غريب ورأينا الشاحنات وهي تخلي المكان. لذلك عندما زرنا مركز الفلوجة لم نعطهم اي انذار او علم مسبق بعزمنا زيارة المكان.
وماذا حصل إثر ذلك؟
- كان هناك اكثر من 100 شاحنة تنقل مادة اليورانيوم وآلات ضخمة تستخدم لتخصيب اليورانيوم، ولم يسبق للحكومة العراقية ان ابلغت الامم المتحدة عن وجود مثل هذه الآلات لديها، مثلما كان متفقاً عليه معهم.
وبعد ان رأيتم ذلك، ماذا كان رد فعل المسؤولين عن المركز؟
- لقد بادروا في البداية الى اطلاق عيارات نارية فوق رؤوس مفتشي الامم المتحدة وقمنا بالتقاط صور للآليات والشاحنات المذكورة.
ماذا عن الزيارة المفاجئة التي قام بها المفتشون لاحد المواقع قبل مدة قصيرة؟
- نعم تمت زيارة موقع شمال بغداد بعدما تلقينا معلومات عن وجود مفاعل نووي تحت الارض. لكن لم يتم العثور على شيء، وقد قدم المسؤولون العراقيون في المنطقة كل التسهيلات التي طلبناها.
قدرات العراق النووية
أشرت في وقت سابق الى ان العراق كان جاهزاً لانتاج القنابل النووية في فترة لا تتجاوز 18 شهراً، لو لم تقع حرب الخليج، هل هذا صحيح؟
- نعم بالتأكيد.
على ماذا استندت في قولك ذلك؟
- على الوثائق التي حصلنا عليها - او بكلام ادق صادرناها - اضافة الى الادلة والبراهين التي تجمعت من معاينة معدات المراكز المختلفة. ان الوثائق التي بحوزتنا تضع برامج زمنية محددة لعمليات انتاج السلاح النووي العراقي، كما ان جاهزية المعدات العراقية كانت توحي بذلك.
وما حجم هذه القنابل النووية؟
- حسابات العراقيين كانت تشير الى ان القنبلة كانت بحجم 20 طناً من مادة "تي. ان. تي" وهو حجم القنبلة التي القاها الاميركيون على مدينة ناغازاكي اليابانية.
قلت ايضاً انه تم العثور على عشرة آلاف مكثف تعمل على الغاز، وهو ما يكفي لصنع 20 قنبلة نووية من الحجم الذي القي على مدينة هيروشيما اليابانية، اين تم العثور على هذه المكثفات؟
- في نهاية العام الماضي ومطلع كانون الثاني يناير هذا العام ابلغت الحكومة الالمانية وكالة الطاقة الذرية ان عدداً من الشركات الالمانية زودت العراق بمكثفات لم يقم العراقيون بابلاغ الامم المتحدة عنها. وعندما ذهب فريق التفتيش التابع للامم المتحدة وعرض على المسؤولين العراقيين الوثائق، اعترف العراقيون بالامر، لكنهم قالوا انهم دمروا المكثفات قبل ان تصل فرق التفتيش التابعة للامم المتحدة. وقد اخذوا عدداً من اعضاء الفريق الى الصحراء حيث يوجد مصنع لتذويب الحديد، وقالوا ان هذا الحديد من بقايا المكثفات. وفي الواقع لم نكن واثقين من ذلك، ربما كان كلامهم صحيحاً وربما لا.
الى أي مدى نجح العراقيون في اخفاء ابحاثهم النووية ومعداتهم لانتاج القنابل النووية؟
- لقد نجحوا الى حد بعيد. انهم ماهرون في عمليات الاخفاء، وانا معجب بتكتيكاتهم، والسبب في نجاحهم هو انه عندما بدأت الحرب العام الماضي لم يكن احد يعرف الى اين وصل البرنامج النووي العراقي. لا اسرائيل ولا اميركا ولا ايران او غيرها. لقد بقي هذا البرنامج النووي سريا طوال هذه الفترة.
ما حجم كميات اليورانيوم التي يملكها العراق؟
- يملكون كميات هائلة، انتجوا بعضها واستوردوا 27 طناً من البرازيل. وما اتحدث عنه الآن هو اليورانيوم الطبيعي، وليس اليورانيوم المخصب. ان الكميات غير المخصبة التي يملكها العراق تقدر بمئات الاطنان. اما اليورانيوم المخصب - الضروري لصنع القنبلة النووية - لدى العراق، فان ما حصلنا عليه هو كميات قليلة جداً. والسؤال هو: هل هذا كل ما انتجوه ام انهم نجحوا في اخفائه بعيداً عنا؟ ان اخفاء اليورانيوم ليس بالامر الصعب على الحكومة العراقية. وما اكتشفناه من الوثائق المصادرة، انه حتى لحظة بدء حرب الخليج لم يكن العراق انتج كميات معقولة من اليورانيوم المخصب. وما عثرنا عليه هو أقل من كيلوغرام واحد من اليورانيوم المخصب. هذه المسألة لا يزال يكتنفها بعض الغموض.
ما هي الوسائل التي اتبعها العراق لانتاج اليورانيوم المخصب؟
- استعملوا طرقاً عدة، منها طريقة "كاريوتران" - وهي الطريقة الاميركية التقليدية - كما استعملوا طريقة المكثفات الغازية وهي الطريقة الحديثة التي استخدمها الروس اخيرا، كما استعملوا الطريقة الكيمائية التي تؤدي الى انتاج نسبة منخفضة من اليورانيوم المخصب وهي طريقة فرنسية طورها العراقيون. هناك أدلة لدينا على وجود برنامج نووي خاص تحت الارض ولم نعثر بعد على مكانه.
المفاجأة
من خلال اطلاعك على الوثائق العراقية المصادرة، ما الذي فاجأك؟
- المفاجأة كانت النجاحات التي حققها مركز الاثير النووي، لقد اطلعت على تقرير كتبه مدير مركز الاثير النووي الدكتور نعمان سعدالدين النعيمي في أيار مايو 1990. وهذا التقرير وصف بدقة تصميم القنبلة النووية التي كانوا يعتزمون انتاجها مع التفاصيل التقنية الصغيرة.
هل عثرتم على اي رسالة او امر من الرئيس صدام حسين بشأن انتاج الطاقة النووية او القنبلة النووية؟
- سؤال جيد بالفعل. لم نعثر على أية وثيقة من الرئيس العراقي. التقارير العراقية التي صادرناها تتضمن عبارة "وصلتنا تعليمات" من دون تحديد مصدر التعليمات. ولكن ما عثرنا عليه هو ان هذا البرنامج النووي بدأ التخطيط له في العام 1987 بعد اتخاذ قرار حكومي يطلب الاسراع في العمل ببدئه.
ماذا عن أبحاث البلوتونيوم العراقية؟
- العراقيون استغلوا انتهاكهم للقوانين الدولية وانتجوا البلوتونيوم من خلال استعمالهم للمفاعل الروسي أي. أر.تي 5000 وكان ذلك بكميات قليلة.
بالمقارنة مع الابحاث التي أجرتها دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة في حقل الصناعة النووية، اين موقع الصناعة النووية العراقية. بالمقارنة مع آخرين؟
- هناك فارق كبير لصالح العراق. ومع ذلك قياساً الى الفترة التي بدأ فيها البرنامج النووي العراقي، اعتقد ان ما وصل اليه العراق كان في مستوى البرنامج النووي الاميركي في نهاية الخمسينات او مطلع الستينات. ان الانطباع الذي خرجت به كنتيجة لاطلاعي على الوثائق العراقية يوحي بأن ادارة البرنامج النووي العراقي كانت ناجحة جداً ولديها من الامكانات المادية والفنية ما ساعدها على تحقيق تقدم خلال وقت قصير.
كيف تحصلون على المعلومات للتحري حول المراكز النووية في العراق؟
- قرار الامم المتحدة الرقم 687 حول الاسلحة النووية يطلب من جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة تزويد اللجنة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة بمتابعة هذا الموضوع بكل المعلومات المتوفرة لديها. كما اننا نعتمد كثيرا على الصور والمعلومات التي تلتقط بواسطة الاقمار الصناعية وتقدم الى مقر الامم المتحدة في فيينا الذي يرسل المعلومات الينا وينصحنا بتحرّي الاماكن المحددة. انها عملية تتم على مرحلتين: اما عن طريق الاقمار الصناعية او عبر المعلومات التي تقدمها دول كان لها خبراء يعملون في العراق في هذا المجال.
فعالية الحظر
ما نسبة المعلومات التي تحصلون عليها من داخل العراق نفسه عن طريق عراقيين معارضين للنظام؟
- كنت اتمنى ان أجيب عن هذا السؤال، ولكني لا أعرف.
هل تواجهون صعوبة في هذا المضمار؟
- انها صعوبة حقيقية، أجهزة الامن في العراق قوية وفعالة ولذلك لا نحصل على معلومات بشكل كاف. ان معظم معلوماتنا من الاقمار الصناعية، وقد تصل الى 75 في المئة اما نسبة الپ25 في المئة الاخرى فهي من الدول التي عمل خبراؤها في العراق، او من عراقيين تركوا العراق وكانوا يعملون في اماكن معينة. بالنسبة الى العمال الاجانب، كما تعرف اعتمد العراق على الايدي العاملة الاجنبية، فاليوغوسلافيون بنوا مركز "الطارمية"، والفيليبينيون والصينيون اضافة الى السويسريين والالمان والفرنسيين عملوا في مراكز نووية عراقية.
وهل قدم هؤلاء معلومات الى لجنة الامم المتحدة؟
- اعتقد ذلك.
كم يبلغ عدد العراقيين الذين هربوا، وسبق لهم العمل في البرامج النووية في بلدهم؟
- لا أدري بالضبط.
ماذا عن قدرة العراق المستقبلية في الحقل النووي؟
- ان هذا يعتمد على الأجواء السياسية. اما من الناحية التقنية فان الخبراء العراقيين هم من مستوى متقدم ولديهم القدرة على اعادة بناء ما تهدّم. ان العراق بلد غني وقادر على انتاج السلاح النووي.
الى أي مدى يحول استمرار الحظر على العراق دون تقدمه في مجال إنتاج القنابل النووية؟
- لا اعتقد ان الحظر على العراق ناجح مئة في المئة بل هناك ثغرات يمكن من خلالها تمرير ما يحتاج اليه العراق في هذا الحقل. ان التدمير الذي احدثه القصف في العراق محدود في كثير من المناطق.
اذا اخذنا بعين الاعتبار الطريقة التي تعملون بها، ما هي الفترة التي تحتاجونها لانهاء مهمتكم بتدمير قوة العراق النووية؟
- الامم المتحدة والدول المعنية كانت تأمل في ان يتم ذلك في نهاية نيسان ابريل الجاري، لكن المشكلة لاتزال قائمة ولا اعرف الوقت الذي نحتاج اليه للقضاء على قوة العراقپالنووية.
اذن ستمدد فترة عملكم؟
- يبدو ان الامور تسير بهذا الاتجاه، وآمل ان يتخذ العراقيون القرار اللازم ويطبقوا قرارات الامم المتحدة بهذا الشأن. ولدي الشك في ان يتخذ الحكم العراقي مثل هذا القرار.
هل لديكم معلومات عن وصول خبراء نوويين من روسيا او الجمهوريات السوفياتية السابقة الى العراق؟
- لا اعتقد ذلك، لان العراقيين لا يحتاجون الى خبراء وفنيين نوويين من الخارج.
ما هي طبيعة خبرات العلماء العراقيين في الحقل النووي؟
- ان خلفياتهم تعطي صورة عن البرنامج النووي العراقي. فالحكومة العراقية عندما ارسلت طلابها لم توجههم نحو بلد معين، او منطقة محددة بل الى عدة دول فالدكتور ضياء جعفر تخرج من جامعة مانشستر ثم من جامعة امبريال في لندن. بعضهم تدرب في الولايات المتحدة والبعض الآخر في فرنسا ودول اوروبا الشرقية. وفي داخل العراق معاهد تدريب مؤهلة لتخريج مهندسين ذوي مستوى وخبرة عالية.
ما حجم التدمير الذي احدثه القصف الجوي للمراكز النووية العراقية خلال حرب الخليج؟
- القصف الجوي دمر عدداً قليلا من المنشآت النووية العراقية، لكنه في الوقت نفسه نجح في تعطيل البرنامج النووي.
مركز الاثير تعرض لتدمير بسيط، مشروع الفرات بقي على حاله ولم يمس، والكثير من المشاريع الاخرى كذلك. ان الكثير من المباني التي تعرضت للتدمير تم اصلاحها. الى درجة ان احد الجسرين الاساسيين في بغداد تم تعميره بصورة مذهلة وسرعة عجيبة.
ماذا عن صواريخ سكود؟
- ما عرضه علينا العراقيون كان اعداداً قليلة جداً من الصواريخ. المعلومات التي لدينا تؤكد وجود كميات ضخمة من هذه الصواريخ واعترف العراقيون بأن لديهم 80 صاروخاً فقط من نوع سكود، وقالوا انهم قاموا بتدميرها. وقد شاهدنا فقط منصّات اطلاق هذه الصواريخ وبالتأكيد ليس جميع المنصّات.
عندما تقومون بزيارة مركز عراقي لتفتيشه، اية معاملة تلقون؟
- عندما نصل الى مكان معين، نخبرهم بأن لدينا معلومات محددة. عندما زرت مركز "الطارمية" قالوا انه مركز لتحويل خطوط التيار الكهربائي العالي التوتر، ومن رؤيتنا للمركز، لا ينطبق ما ذكروه على ما رأينا. وبعد اصرارنا على المعلومات التي لدينا، افسحوا لنا المجال لتفتيش المركز. ان العراقيين كأفراد يتمتعون بشخصيات لطيفة، ومثل هذه الروح تساعد عملنا. هذا الوصف لا ينطبق بالتأكيد على رجال الامن والمخابرات. اما ضباط الجيش والعلماء منهم فانهم متفهمون لواجباتنا، وهم يعرفون اننا نطبق قرارات الامم المتحدة.
الى أي مدى تلاحظون اخلاص الضباط والعلماء العراقيين للنظام؟
- يجب ان نميز بين الولاء للنظام والولاء للوطن. الشعب العراقي فخور ببلده كوطن وشعب، ان الشعب العراقي يلوم نظام بلده والدول الاخرى على ما حل به.
ومن بين الاسئلة التي يبادرون الى طرحها علينا: لماذا لا تقومون بالمهمة نفسها في اسرائيل؟ وقد يكون للكثير منا آراء خاصة حول هذا الأمر، لكننا نرد عليهم بأننا نقوم بمهمة دولية محددة كلفتنا بها الأمم المتحدة.
مهمة في اسرائيل؟
وهل تعتقد ان فريق التفتيش التابع للأمم المتحدة الذي يقوم بهذه المهمة في العراق يمكن ان يقوم بمهمة مماثلة في اسرائيل لوضع حد للبرنامج النووي في الدولة اليهودية؟
- التوصل الى حل للنزاع العربي - الاسرائيلي قد يفتح المجال ذات يوم لتحقيق ذلك. ولا احد اليوم يستطيع الاجابة عن هذا السؤال. وما اعلمه ان لجنة مكلفة بالحد من انتشار الاسلحة في الشرق الأوسط ستعقد اجتماعات لها قريباً بحضور ممثلين عن بعض دول الشرق الأوسط - ومنها اسرائيل - ومراقبين اجانب، في اطار عملية السلام الجارية حالياً لتسوية النزاع العربي - الاسرائيلي.
كم يبلغ عدد اعضاء فريق التفتيش الذي ترأسونه؟
- 500 شخص تقريباً.
وما حجم نفقات التحريات؟
- ان القرار الذي صدر عن مجلس الامن أوصى بأن يدفع العراق نفقات عمليات التفتيش هذه من عائدات النفط التي كان مقرراً بيعها باشراف الامم المتحدة. ومثل هذا الامر لم يتم حتى الآن.
وكم بلغت قيمة النفقات حتى الآن؟
- 320 مليون دولار اميركي. والغريب اننا عندما نزور العراق ندفع بالدولار الاميركي. وكما تعرف فان الفنادق ملك الحكومة العراقية. ذات مرة دفعنا قيمة الغرف على رغم اننا كنا ننام في كاراج للسيارات تجاه فندق فلسطين في بغداد.
ماذا كانت طبيعة مهمة الخبراء الأخيرة في بغداد؟
- الاشراف على تدمير مركز الأثير للابحاث النووية والمنشآت التابعة له. وقد وافقت الحكومة العراقية، بعد مماطلة استمرت اسابيع عدة، على تدمير هذا المركز. وقبل الموافقة كان العراقيون يقولون ان بالامكان تحويل هذا المركز لاستخدامه لأغراض مدنية. لكن وكالة الطاقة النووية رفضت وجهة النظر العراقية هذه، ورضخت بغداد اخيراً لها وللضغوط الدولية.
وهل هناك امكانية لتحويل مركز الاثير للاغراض المدنية؟
- الصعوبة هنا، هو ان هذا المجمّع بُني لهدف واحد هو انتاج الاسلحة النووية، وله مميزات خاصة لا يمكن تحويلها لغير انتاج الاسلحة النووية. من الناحية التقنية يمكن صنع شيء ما داخل المجمّع، لكن الامر الذي نؤكد عليه هو: ما الذي يمنع السلطات العراقية في وقت لاحق من اعادة استخدامه لغرض انتاج الاسلحة النووية؟ ان سماكة الجدران ووسائل التهوية والحواجز المقامة فيه كلها تؤكد ان المركز انشئ لغرض انتاج الاسلحة النووية، وهذا ما اعترف به المسؤولون العراقيون انفسهم.
هل زرت مركز الأثير؟
- نعم مرات عدة.
وكم مرة زرت بغداد؟
- ثلاث مرات، كل مرة كنت اقيم فيها حوالى سبعة أسابيع.
وكم يبعد مركز الأثير عن بغداد؟
- 60 كيلومتراً تقريباً الى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.