الشاي والقهوة يقللان الإصابة بالسرطان    المملكة توزع 2.100 حقيبة إيوائية في شمال قطاع غزة    لاعبو عمان: جمهورنا كان اللاعب رقم 11 بعد النقص العددي أمام السعودية    تعزيز التوسع العالمي لعلامة جايكو و أومودا مع إطلاق مركز توزيع قطع الغيار في الشرق الأوسط    غزة بين نيران الحرب وانهيار المستشفيات    انخفاض عدد سكان غزة بنحو 160 ألف نسمة في نهاية 2024    ضبط إثيوبيين في جازان لتهريبهما (87663) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    «تعليم مكة» يُكرم 1000 طالب وطالبة لتفوقهم خلال العام الدراسي 1445 ه    أكثر من نصف مليون مستفيد من برامج "جمعية أجياد للدعوة" بمكة خلال عام 2024م    غارات أمريكية وبريطانية تستهدف صنعاء    ولي العهد يعزي رئيس وزراء بريطانيا في وفاة شقيقه    سعود بن نهار يلتقي العتيبي    أمطار وصقيع على الشمالية    أمير المدينة المنورة يرأس اجتماعاً لمناقشة استعدادات الجهات المعنية لاستقبال شهر رمضان    "الجاسر" يقف ميدانيًا على مشروع مطار جازان الجديد    أنجلينا جولي وبراد بيت يتوصلان إلى تسوية بشأن الطلاق بعد نزاع 8 سنوات    ضبط 7 سوريين في الرياض لارتكابهم حوادث احتجاز واعتداء واحتيال مالي    كونسيساو مدرب ميلان يتحدى ابنه في ظهوره الأول مع الفريق    مدير عام «مسام»: نجحنا في انتزاع 48,705 ألغام في عام 2024    أمير حائل يستقبل مدير الدفاع المدني    نائب أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    سوق الأسهم السعودية ينهي آخر تعاملات عام 2024 باللون الأخضر    أصول الصناديق الاستثمارية العامة تتجاوز ال 160 مليار ريال بنهاية الربع الثالث 2024م .. 84% منها "محلية"    تطبيق "سهم" يتجاوز حاجز المليون مستخدم في عام واحد فقط    مجلس الوزراء يشيد بنجاحات القطاع غير الربحي    انتهاء مدة تسجيل العقارات لأحياء 3 مدن.. الخميس القادم    التعاونية وأمانة منطقة الرياض تطلقان "حديقة التعاونية"    «الإحصاء»: معدل مشاركة السعوديات في القوى العاملة يصل إلى 36.2%    بتوجيه من القيادة.. وزير الدفاع يبحث مع الرئيس الإماراتي التطورات الإقليمية والدولية    هل يكون 2025 عام التغيير في لبنان؟    الصحة: إيقاف طبيب أسنان مقيم لارتكابه عددًا من الأخطاء الطبية في الرياض وتبوك    صناعة المحتوى الإعلامي في ورشة بنادي الصحافة الرقمية بجدة    النصر بطلًا لكأس الاتحاد السعودي لقدم الصالات    ميزة لاكتشاف المحتوى المضلل ب «واتساب»    المملكة تواسي حكومة وشعب كوريا.. القيادة تعزي الرئيس الهندي    ابق مشغولاً    مداد من ذهب    هزل في الجِد    هل قمنا بدعمهم حقاً ؟    رحلات مباركة    في نصف نهائي خليجي 26.. الأخضر يواجه عمان.. والكويت تلاقي البحرين    التأكد من انتفاء الحمل    زهرة «سباديكس» برائحة السمك المتعفن    مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض يعلن تفعيل أعماله في 19 محافظة و47 بلدية    نائب أمير مكة يطلع على أبرز المشاريع المنجزة بمحافظات المنطقة    لغير أغراض التحميل والتنزيل.. منع مركبات توصيل الأسطوانات من التوقف في المناطق السكنية    «الصفراء» حرمتهم.. والمدرج مكانهم    مُحافظ جدة يُكرّم عدداً من ضباط وأفراد مكافحة المخدرات    القهوة والشوكولاتة.. كماليات الشتاء والمزاج    5 فوائد للشاي الأخضر مع الليمون    مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون يعقد اجتماعه الرابع لعام 2024    أمير الشرقية يشدد على رفع الوعي المروري    مغادرة ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة عُمان في نصف نهائي خليجي 26    كلام البليهي !    التغيير العنيف لأنظمة الحكم غير المستقرة    13 ألف خريج وخريجة من برامج التخصصات الصحية    التعصب في الشللية: أعلى هرم التعصب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشكلة تتفاقم في الغرب وتتحول الى موضة . انهم يستغلون الاطفال !
نشر في الحياة يوم 09 - 03 - 1992

عرف العالم منذ القدم طرقاً عدة لاستغلال الاطفال، الا ان اشهرها حديثاً هو استثمارهم في عالم الشهرة لجلب الاموال لأهلهم من دون النظر الى النتائج السيئة المترتبة على ذلك والتي عادة ما تؤدي بالاطفال الى فقدان براءتهم و… طفولتهم وتوجههم الى دنيا المخدرات والجريمة كما يروي التحقيق الآتي:
ازدادت اهمية الطفل، نجماً وجمهوراً، منذ السبعينات، وازدهرت صناعات كثيرة تتعلق به كالملابس والكتب والالعاب والدمى والفن ومجالات التسلية العديدة. وتبقى السينما الاكثر ضرراً للاطفال النجوم ذوي العمر القصير على الشاشة الكبيرة، والذين يعجزون عن اكمال المشوار الفني عندما يتخطون مرحلة الطفولة من دون الغرق في الادمان على المخدرات والكحول.
اطفال لبنان
في لبنان اطفال كثر يحيون لياليه. يغنون ويسهرون حتى الفجر ويخضعون المنهج الدراسي للروزنامة الفنية التي تقتضي السفر احياناً في اوقات الامتحانات وغيرها. ولا تخفى طبعاً الاسباب الكامنة وراء امتهان هؤلاء الفن، منهم الدجاجة الذهبية التي تدر المال على الاهل في مهنة تحقق الشهرة وترفع المرتبة الاجتماعية. ومن المثير للضحك والشفقة في آن ان ترى مغنية دون العاشرة تداعب الاطفال الذين يكبرونها او يماثلونها في السن بحركات مهنية باردة تبرز ابتعاد الطفلة عن عمرها الحقيقي وتقمصها المحترف لشخصية اخرى اكبر منها بسنوات. ري مي بندلي التي بدأت الغناء في الرابعة استخدمت صوتاً ضد الحرب في وسائل الاعلام وفي القصر الرئاسي، في عهد امين الجميل، عندما وقفت تغني "اعطونا الطفولة" امام السفراء وهي ترتدي فستاناً أبيض. ولا نعرف ما اذا صرخت تطلب حقها هي بالطفولة ممن يتعلق بهم الأمر، لكن لا شك في انها وجدت صعوبة في الانتقال من عالم المسرح الزاهي وثيابه اللامعة المزركشة الى مبنى المدرسة بنظامه ومريوله الرتيبين. وعرف لبنان مطرباً عربياً بدأ الغناء باكراً وأدمن على المخدرات والقمار في عمر يذهب اترابه فيه الى المدرسة.
اطفال الغرب
مشكلة الاطفال النجوم اكثر حدة في الغرب ولا سيما في اميركا. السينما استخدمت الاطفال منذ بداية ظهورها، لكن الطلب يزداد عليهم بعد نجاح "في البيت وحده" الذي فاجأ الجميع بحصوله على 230 مليون جنيه استرليني في العالم جعلته الفيلم الثالث من حيث الايرادات في تاريخ السينما. بطله ماكولاي كالكين نال 250 ألف دولار عن دوره في الفيلم لكنه سينال 4 ملايين ونصف المليون دولار عن "في البيت وحده 2" اضافة الى كمية من الارباح، اي ان ابن الحادية عشرة حقق دخلاً مقداره 700 جنيه استرليني يومياً.
المخرج بيلي هوبكينز الذي أدخل كالكين عالم السينما بفيلم "أنكل بك" في العام 8719 قال ان هذا الطفل برهن عن انه يستطيع ان يحمل الفيلم وحده كالكبار في "في البيت وحده". ومالي فين عرضت عليه بطولة "شرطي ونصف" مقابل مليون ونصف المليون دولار لكنه رفض العرض: "انه يطلب أجراً مرتفعاً لكن الناس يريدونه. لكل زمن نكهته المفضلة، وهي كالكين اليوم، عملاء السينما يبحثون عن كالكين ثان لكنهم لم يعثروا عليه بعد".
هؤلاء العملاء يقصدون المدارس والمراكز التجارية ودور الحضانة والمقاهي بحثاً عن نجم جديد بين الاطفال. ويقول هوبكنز ان الواحد منهم يحس انه يعتدي على الطفل عندما يذهب اليه ويسأله اذا كان يريد التمثيل في السينما. صحيح ان الاطفال يفرحون بالنجومية والثروة ويحسّنون وضع اهلهم المادي، لكنهم يخسرون نموهم التدريجي، ويقفزون سلم العمر دفعة واحدة، ويفقدون توازنهم امام الشهرة التي لا تدوم غالباً طويلاً. وقد تواكب اضطرابات المراهقة تعرفهم الى الاضواء بمحاسنها وسيئاتها، فيلجأون الى الهرب الذي يزيد المشكلة تفاقماً. اليزابيث تايلور التي بدأت التمثيل وهي طفلة تكررت اصابتها في ما بعد بالامراض وأدمنت على المنومات والكحول وزاد وزنها كثيراً فازدادت متاعبها الصحية والنفسية. ودرو باريمور الطفلة الشقراء التي مثلت في "اي تي" للمخرج ستيفن سبيلبرغ غرقت في الادمان على الكحول والمخدرات ولم تكتشف امها الامر الا بعد فترة، وبلغ الضياع بپ"درو" حد محاولة الانتحار في العام 1989. واعتزل تشارلي كورزمو بطل "هوك" لسبيلبرغ ايضاً السينما بعدما مثل في خمسة افلام لأنه لا يستطيع ان يكون "طفلا عادياً" كما قال.
موقف مؤلف
فلاديمير نابوكوف مؤلف "لوليتا" ذعر عندما فتح بابه مرة ليجد ان من قرعته فتاة صغيرة ترتدي ملابس كملابس بطلته وتتزين مثلها. بعد "الحادث" أصر على ناشر كتابه بألا يسمح باستخدام فتاة صغيرة اذا حوّل الكتاب فيلماً ليجدوا قزمة تقوم بالدور". لكن الذين اخرجوا الفيلم لم يهتموا بالتفتيش عن قزمة بل استعانوا بمراهقات انتهت احداهن، سوليون بطلة نسخة ستانلي كوبريك، بالزواج من قاتل من ولاية اريزونا الاميركية. وليندا بلير بطلة "الراقي" التي سكنها الشيطان في الفيلم الشهير أدمنت على المخدرات ثم وجدت نفسها هدفاً لرجل مجنون طاردها وهو يحمل بندقيته ليقتلها اعتقاداً منه انها "مسكونة" حقاً. وجودي فوستر كانت في الثالثة عشرة عندما مثلت دور بنت شارع في "سائق التاكسي" وأثارت اعجاب جون هينكلي الذي حاول اغتيال الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان لكي يلفت انتباهها.
تجارة مضمونة
تكاد الافلام المبنية على قصص للأطفال او من تمثيلهم تكون تجارة مضمونة الربح لأن السينما من مجالات التسلية الهامة عند الكثيرين، وهي تأتي قبل المسرح او النوادي الرياضية. لكن اهل هوليوود يجمعون على كونها تيارا او موضة لا يعرف احد متى ينتهي دورهما لتعود قصص الكلاب والآلات مثلاً الى الصدارة. لكل شيء زمنه في هوليوود فبعدما سادت "سينما المرأة" التي تعطي البطولة للنساء وتعالج مشاكلهن في الثمانينات، عززت التسعينات دور الرجل ووضع شبه فيتو على الافلام النسائية الطابع والبطولة. الجمهور لم يسأم بعد من الاطفال، علما انه لا يكفي ان يكون بطل الفيلم طفلاً ليتهافت الاطفال واهلهم عليه. واهل هوليوود يزرعون المدن والولايات بوكلائهم ليجدوا لهم الطفل المطلوب لفيلم ما. وكلاء "مالي فين" بحثوا في عشر مدن عن طفل يؤدي دور البطولة في "تلك الليلة"، ولم يوفق الباحثون عن بطلة لپ"الرجل في القمر" بريس ويدرسبون الا بعدما جابوا احدى عشرة ولاية. ويذرسبون التي تبلغ الخامسة عشرة تقول ان اطفال هوليوود يعانون من مشكلة حقيقية: "انهم لا يمثلون كالاطفال بل كالبالغين، ومن الاسهل بكثير ان يمتلك المرء البراءة والسذاجة. كان علي ان ابكي في لقطة وكنت أرتجف وأشعر بالعصبية. اتى المخرج ليسأل عما بي فأخبرته فطلب من الطاقم متابعة التصوير، وسار العمل على ما يرام".
مر وقت طويل قبل ان تدرك ويذرسبون قيمتها: "كنت في الرابعة عشرة عندما اتوا بي من المجهول. في ذلك العمر لا يملك المرء اي حس بالمسؤولية، ولكن النهاية هي أسوأ ما في الامر. فمع نهاية كل فيلم كنت أشعر بالكآبة لأنه لم يعد هناك شخص يحتاجني او عمل أقوم به. وكان علي ان اعود الى المدرسة، امر بدا لا معنى له بالنسبة الي".
أثر السينما
ويقر بيلي هوبكنز بالأثر السيء للسينما على نجومها الاطفال، فهو كمخرج يفرح عندما يجد الطفل المطلوب للدور ولكنه لا يستطيع التخلص من شكوكه في صحة ما يفعله: "اننا نغير حياة هذا الطفل الى الابد ونأخذ منه طفولته العادية. نوفر له عالماً صغيراً مليئاً بالاصدقاء الجدد، وعندما ينتهي التصوير يذهب كل في سبيله ويشتاق الصغار الى اصدقائهم الذين رحلوا". وتتحدث المخرجة مالي فين عن قدرة الاطفال الطبيعية على التخيل والتقليد التي تجعل منهم ممثلين قديرين. "انهم يستوعبون كل ما يجري حولهم، وهذا ما يفعله كل الممثلين الجيدين، لكن معظم الممثلين الاطفال يشعرون بالسأم من الحياة العادية".
نيكول توم بطلة "بيتهوفن" و"ليست حبيبة احد" في الثالثة عشرة من عمرها وتقول انه يصعب التركيز في الدراسة لذا يتأخر الممثلون الاطفال في صفوفهم بسهولة. يقول شقيقها التوأم دايفيد، وهو ممثل ايضاً، ان بعض المعلمين لا يتعاونون كثيرا مع هؤلاء، اما لأنهم يشعرون بالغيرة أو لأن عليهم ان يعملوا اكثر ليعوضوا عليهم ما فات. ماكولاي كالكين يدرس على يد مدرس خاص ولا يذهب الى المدرسة. وشكا المدرس اخيراً من ان الطفل لا يجيد الحساب الا اذا كان التمرين يتعلق بالمال.
شروط نقابية
نقابة ممثلي السينما حددت الوقت الذي يسمح للطفل بالوقوف فيه امام الكاميرا بعشرين دقيقة يومياً لمن يبلغ الخامسة عشرة وست ساعات للأكبر منه بعام واحد، وعلى كل من هو دون السادسة عشرة ان يأتي الى مقر العمل برفقة وصي او احد أهله. لكن بول بيترسون الذي أسس مجموعة "الاهتمام بالقاصر" للاعتناء بالممثلين الاطفال الذين يواجهون المشاكل يرى انه يجب حماية هؤلاء من أهلهم اولاً، فالأهل الذين يرمون بأطفالهم في عالم الفن ليسوا أهلاً لمواجهة النتائج. بيترسون نفسه أرغمه أهله على دخول هذا العالم وهو صغير، ويرى ان الاهل يعيشون طفولتهم من خلال اطفالهم اضافة الى المال الوفير الذي يجنيه هؤلاء بالطبع.
أمهم دفعتهم
لنيكول ودايفيد توم شقيقة في السادسة عشرة، هيذر، امتهنت التمثيل التلفزيوني. كانت امهم ترغب في ان تكون ممثلة، وعوضت عن فشلها بدفعهم الى التمثيل منذ بلغوا الثامنة. لكن المثال الصارخ هو والدة شيرلي تامبل التي كانت تسمع طفلتها، وهي بعد جنين في بطنها، الموسيقى الراقصة اعتقاداً منها ان ذلك يؤثر على ميول الطفل بعد الولادة. ولكي تسرح شعر طفلتها مثل شعر الممثلة المشهورة يومها ماري بيكفورد، كانت تشك فيه كل صباح ستة وخمسين دبوساً للحصول على التجاعيد المطلوبة. وحققت شيرلي الشهرة باكراً، وارتاحت امها اذ بات لديها اثنى عشر موظفاً يعملون في امرتها وزوجها. وذكرت شيرلي في مذكراتها "نجم طفل" في 1988 ان ما كسبته كان يذهب الى جيوب الآخرين، سواء تذرعوا بالنفقات او الاستثمار. لكن استغلال الاهل لطفلهم بات ممنوعاً بعد محاكمة ام جاكي كوغان بتهمة انفاق اربعة ملايين دولار كسبها هذا في عمله. ويفرض القانون على الاهل اليوم وضع خمسين في المئة مما يكسبه الطفل في حساب خاص به.
الاستثمار او الاستغلال بات شائعاً بين نجوم هوليوود، فالصغير والكبير لا يدري متى تنتهي موضته. الطفل بوبي دريسكول كان نجماً في الاربعينات والخمسينات ونال جائزة اوسكار عن فيلم "أغنية الجنوب" في 1948 ولكنه مات معدماً بعد سنوات ودفن في مقبرة للمعوزين اذ لم يتعرف اليه احد عند موته على رغم احتفاظه بالتمثال الذهبي بين اغراضه القليلة.
تحقيق بقلم مودي بيطار
الطفل ماكولاي كالكين نال 250 ألف دولار عن فيلمه الاول واربعة ملايين دولار عن فيلمه الثاني.
السينمائي بيلي هوبنكنز: "اننا نغير حياة هذا الطفل الى الابد ونأخذ منه طفولته العادية".
فشلت الام في ان تصبح نجمة فارسلت اطفالها الثلاثة الى عالم التمثيل لتعوض عن فشلها
عرف العالم منذ القدم طرقاً عدة لاستغلال الاطفال، الا ان اشهرها حديثاً هو استثمارهم في عالم الشهرة لجلب الاموال لاهليهم من دون النظر الى النتائج السيئة المترتبة على ذلك والتي عادة ما تؤدي بالاطفال الى فقدان براءتهم و… طفولتهم وتوجههم الى دنيا المخدرات والجريمة كما يروي التحقيق الآتي:
ازدادت اهمية الطفل، نجماً وجمهوراً، منذ السبعينات، وازدهرت صناعات كثيرة تتعلق به كالملابس والكتب والالعاب والدمى والفن ومجالات التسلية العديدة. وتبقى السينما الاكثر ضرراً للاطفال النجوم ذوي العمر القصير على الشاشة الكبيرة، والذين يعجزون عن اكمال المشوار الفني عندما يتخطون مرحلة الطفولة من دون الغرق في الادمان على المخدرات والكحول.
اطفال لبنان
في لبنان اطفال كثير يحيون لياليه. يغنون ويسهرون حتى الفجر ويخضعون المنهج الدراسي للروزنامة الفنية التي تقتضي السفر احياناً في اوقات الامتحان وغيرها. ولا تخفى طبعاً الاسباب الكامنة وراء امتهان هؤلاء الفن، منهم الدجاجة الذهبية التي تدر المال على الاهل في مهنة تحقق الشهرة وترفع المرتبة الاجتماعية. ومن المثير للضحك والشفقة في آن ان ترى مغنية دون العاشرة تداعب الاطفال الذين يكبرونها او يماثلونها في السن بحركات مهنية باردة تبرز ابتعاد الطفلة عن عمرها الحقيقي وتقمصها المحترف لشخصية اخرى اكبر منها بسنوات. اي مي بندلي التي بدأت الغناء في الرابعة استخدمت صوتاً ضد الحرب في وسائل الاعلام وفي القصر الرئاسي، في عهد امين الجميل، عندما وقفت تغني "اعطونا الطفولة" امام السفراء وهي ترتدي فستاناً أبيض. ولا نعرف ما اذا صرخت تطلب حقها هي بالطفولة ممن يتعلق بهم الأمر، لكن لا شك في انها وجدت صعوبة في الانتقال من عالم المسرح الزاهي وثيابه اللامعة المزركشة الى مبنى المدرسة بنظامه ومريوله الرتيبين. وعرف لبنان مطرباً عربياً بدأ الغناء باكراً وأدمن على المخدرات والقمار في عمر يذهب اترابه فيه الى المدرسة.
اطفال الغرب
مشكلة الاطفال النجوم اكثر حدة في الغرب ولا سيما في اميركا. السينما استخدمت الاطفال منذ بادية ظهورها، لكن الطالب يزداد عليهم بعد نجاح "في البيت وحده" الذي فاجأ الجميع بحصوله على 230 مليون جنيه استرليني في العالم جعلته الفيلم الثالث من حيث الايرادات في تاريخ السينما. بطله ماكولاي كالكين نال 250 ألف دولار عن دوره في الفيلم لكنه سينال 4 ملايين ونصف المليون دولار عن "في البيت وحده 2" اضافة الى كمية من الارباح، اي ان ابن الحادية عشرة حقق دخلاً مقداره 700 جنيه استرليني يومياً.
المخرج بيلي هوبكينز الذي أدخل كالكين عالم السينما بفيلم "الكل بك" في العام 1978 قال ان هذا الطفل برهن عن انه يستطيع ان يحمل الفيلم وحده كالكبار في "في البيت وحده". ومالي فين عرضت عليه بطولة "شرطي ونصف" مقابل مليون ونصل المليون دولار لكنه رفض العرض: انه يطلب أجراء مرتفعاً لكن الناس يريدونه. لكل زمن نكهته المفضلة، وهي كالكين اليوم، عملاء السينما يبحثون عن كالكين ثاني لكنهم لي يعثروا عليه بعد".
هؤلاء العملاء يقصدون المدارس والمراكز التجارية ودور الحضانة والمقاعهي بحثاً عن نجم جديد بين الاطفال. ويقول هوبكنز ان الواحد منهم يحس انه يعتدي على الطفل عندما يذهب اليه ويسأله اذا كان يريد التمثيل في السينما. صحيح ان الاطفال يفرحون بالنجومية والثروة ويحسنون وضع اهلهم المادي، لكنهم يخسرون نموهم التدريجي، ويقفزون سلم العمر دفعة واحدة، ويفقدون توازنهم امام الشهرة التي لا تدوم غالباً طويلاً. وقد تواكب اضطرابات المراهقة تعرفهم الى الاضواء بمحاسنها وسيئاتها، فيلجأون الى المهرب الذي يزيد المشكلة تفاقماً. اليزابيث تايلور التي بدأت التمثيل وهي طفلة تكررت اصابتها في ما بعد بالامراض وأدمنت على المنومات والكحول وزاد وزنها "كثيراً فازدادت متاعبها الصحية والنفسية. ودرو باريمور الطفلة الشقراء التي مثلت في "اي تي" للمخرج ستيفن سبيلبرغ غرقت في الادمان على الكحول والمخدرات ولم تكتشف امها الامر الا بعد فترة، وبلغ الضياع بپ"دروش حد محاولة الانتحار في العام 1989. واعتزل تشارلي كورزمو بطل "هوك" لسبيلبرغ ايضاً السينما بعدما مثل في خمسة افلام لأنه لا يستطيع ان يكون "طفلا عادياً" كما قال.
موقف مؤلف
فلاديمير نابوكوف مؤلف "لوليتا" ذعر عندما فتح بابه مرة ليجد ان من قرعته فتاة صغيرة ترتدي ملابس كملابس بطلته وتتزين مثلها. بعد "الحادث" أصر على ناشر كتابه بألا يسمح باستخدام فتاة صغيرة اذا حول الكتاب فيلماً ليجدوا قزمة تقوم بالدور". لكن الذين اخرجوا الفيلم لم يهتموا بالتفيش عن قزمة بل استعانوا بمراهقات انتهت احداهن، سوليون بطلة نسخة ستانلي كوبريك، بالزواج من قاتل من ولاية اريزونا الاميركية. وليندا بلير بطلة "الراقي" التي كشنها الشيطان في الفيلم الشهير أدمت على المخدرات ثم وجدت نفسها هدفاً لرجل مجنون طاردها وهو يحمل بندقيته ليقتلها اعتقاداً منه انها "مسكونة" حقاً. وجودي فوستر كانت في الثالثة عشرة عندما مثلت دور بنت شارع في "سائق التاكسي" وأثارت اعجاب جون هينكلي الذي حاول اغتيال الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان لكي يلفت انتباهها.
تجارة مضمونة
تكاد الافلام المبنية على قصص للأطفال او من تمثيلهم تكون تجارة مضمونة الرعب لأن السينما من مجالات التسلية الهامة عند الكثيرين، وهي ت
تي قبل المسرح او النوادي الرياضية. لكن اهل هوليوود يجمعون على كونها تيار او موضة لا يعرف احد متى ينتهي دورهما لتعود قصص الكلاب والآلات مثلاً الى الصدارة. لكل شيء زمنه في هوليوود فبعدما سادت "سينما المرأة" التي تعطي البطولة للنساء وتعالج مشاكلهن في الثمانينات، عززت التسعينات دور الرجل ووضع شبه فيتو على الافلام النسائية الطابع والبطولة. الجمهور لم يسأم بعد من الاطفال، علما ان لا يكفي ان يكون بطل الفيلم طفلاً ليتهافت الاطفال واهلهم عليه. واهل هوليوود يذرعون المدن والولايات بوكلائهم ليجدوا لهم الطفل المطلوب لفيلم ما. وكلاء "مالي فين" بحثوا في عشرة مدن عن طفل يؤدي دور البطولة في "تلك الليلة"، ولم يوفق الباحثون عن بطلة لپ"الرجل في القمر" بريس ويدرسبون الا بعدما جابوا احدى عشرة ولاية. ويذرسبون التي تبلغ الخامسة عشرة تقول ان اطفال هوليوود يعانون من مشكلة حقيقية: "انهم لا يمثلون كالاطفال بل كالبالغين، من الاسهل بكثير ان يمتلك المرء البراءة والسذاجة. كان علي ان ابكي في لقطة وكنت أرتجب وأشعر بالعصبية. اتى المخرج ليسأ عما بي فأخبرته فطلب من الطاقم متابعة التصوير، وساء العمل على ما يرام".
مر وقت طويل قبل ان تدرك ويذرسبون قيمتها: "كنت في الرابعة عشرة عندما اتوا بي من المجهول. في ذلك العمر لا يملك المرء اي حس بالمسؤولية، ولكن النهاية هي أسوأ ما في الامر. فمع نهاية كل فيلم كنت أشعر بالكآبة لأنه لم يعد هناك شخص يحتاجني او عمل أقوم به. وكان علي ان اعود الى المدرسة، امر بدا لا معنى له بالنسبة الي".
أثر السينما
ويقر بيلي هوبكنز بالأثر السيء للسيمنا على نجومها الاطفال، فهو كمخرج يفرح عندما يجد الطفل المطلوب للدور ولكنه لا يستطيع التخلص من شكوكه في صحة ما يفعله: "اننا نغير حياة هذا الطفل الى الابد ونأخذ منه طفولته العادية. نوفر له عالماً صغيراً مليئاً بالاصدقاء الجدد، وعندما ينتهي التصوير يذهب كل في سبيله ويشتاق الصغار الى اصدقائهم الذين رحلوا". وتتحدث المخرجة مالي فين عن قدرة الاطفال الطبيعية على التخيل والتقليد التي تجعل منهم ممثلين قديرين. انهم يستوعبون كل ما يجري حولهم، وهذا ما يفعله كل الممثلين الجيدين، لكن معظم الممثلين الاطفال يشعرون بالسأم من الحياة العادية".
نيكول توم بطلة "بيتهوفن" و"ليست حبيبة احد" في الثالثة عشرة من عمرها وتقول انه يصعب التركيز في الدراسة لذا يتأخر الممثلون الاطفال في صفوفهم بسهولة. يقول شقيقها التوأم دايفيد، وهو ممثل ايضاً، ان بعض المعلمين لا يتعاونون كثيرا مع هؤلاء، اما لاكنهم يشعرون بالغيرة لأن عليهم ان يعملوا اكثر ليعوضوا عليهم ما فات. ماكلاوي كالكين يدرس على يد مدرس خاص ولا يذهب الى المدرسة. وشكا المدرس اخيراً من ان الطفل لا يجيد الحساب الا اذا كان التمرين يتعلق بالمال.
شروط نقابية
نقابة ممثلي السينما حددت الوقت الذي يسمح للطفل بالوقوف فيه امام الكاميرا بعشرين دقيقة يومياً لمن يبلغ الخامسة عشرة وست ساعات للأكبر منه بعام واحد، وعلى كل من هو دون السادسة عشرة ان يأتي الى مقر العمل برفقة وهي او احد أهله. لكن بول بيترسون الذي أسس مجموعة "الاهتمام بالقاصر" للاعتناء بالممثلين الاطفال الذين يواجهون المشاكل يرى انه يجب حماية هؤلاء من أهلهم اولاً، فالأهل الذين يرمون بأطفالهم في عالم الفن ليسوا أهلاً لمواجهة النتائج. بيترسون نفسه أرغمه أهله على دخول هذا العالم وهو صغير، ويرى ان الاهل يعيشون طفولتهم من خلال اطفالهم اضافة الى المال الوفير الذي يجنيه هؤلاء بالطبع.
امهم دفعتهم
لنيكول ودايفيد توم شقيقة في السادسة عشرة، هيذر، امتهنت التمثيل التلفزيوني. كانت امهم ترغب في ان تكون ممثلة، وعوضت عن فشلهخا بدفعهم الى التمثيل منذ بلغوا الثامنة. لكن المثال الصارخ هو والدة شيرالي التي كانت تسمع طفلتها، وهي بعد جنين في بطنها، الموسيقى الراقصة اعتقاداً منها ان ذلك يؤثر على ميول الطفل بعد الولادة. ولكي تسرح شعر طفلتها مثل شعر الممثلة المشهورة يومها ماري بيكفورد، كانت تشك فيه كل صباح ستة وخمسين دبوساً للحصول على التجاعيد المطلوبة. وحققت شيرلي الشهرة باكراً، وارتاحت امها اذ بات لديها اثنى عشرة موظفاً يعملون في امرتها وزوجها. وذكرت شيرلي في مذكراتها "نجم طفل" في 1988 ان ما كسبته كان يذهب الى جيوب الآخرين، سواء تدرعوا بالنفقات او الاستثمار. لكن استغلال الاهل لطفلهم بات ممنوعاً بات ممنوعاً بعد محاكمة ام جاكي كوغان بتهمة انفاق اربعة ملايين دولار كسبها هذا في عمله. ويفرض القانون على الاهل اليوم وضع خمسين في المئة مما يكسبه الطفل في حساب خاص به.
الاستثمار او الاستغلال بات شائعاً بين نجوم هيوولد، فالصغير والكبير لا يدري متى تنتهي موضته. الطفل بوبي دريسكو كان نجماً في الاربعينات والخمسينات ونال جائزة اوسكار عن فيلم "أغنية الجنوب" في 1948 ولكنه مات معدماً بعد سنوات ودفن في مقبرة للمعوزين اذ لم يتعرف اليه احد عند موته على رغم احتفاظه بالتمثال الذهبي بين اغراضه القليلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.