رجل ربيع وصيف 1993 سيكون أنيقاً بشكل يختلف عما تعود عليه من أناقة رصينة. ويسمح المعرض العالمي للالبسة الرجالية "شيم" الذي يقام في باريس مرتين في السنة، بتحديد خطوط "أناقته" قبل موعد موسمها بأشهر طويلة. في الخريف ترتسم ملامح الربيع والصيف الازيائية، ومع اقتراب الربيع تكون موضة الشتاء تركزت. من خلال المعارض العالمية هذه "شيم" يكون الحصول على قصب السبق في التعرف على اناقة الرجل المستقبلية. وإذا كان الشتاء الماضي بلور "أناقته" في لعبة الوان خارجة عن مألوف الجدّي والتقليدي، فإن الربيع والصيف المقبلين سيفرضان اناقة رجالية عنوانها "الحياة المتعددة". وكما التحديات في كل مجال مع اقتراب العام 2000، جاء تحدي الانقلاب على ما هو مألوف الى حد ما في الاناقة الرجالية على مستوى الامل في الدخول الى قرن جديد بأفكار ثورية. فكرة جديدة من "الحداثة" والعصرية، تميز رجل ربيع وصيف 1993. وهي تتوجه الى "مستهلك أناقة" اكثر حساسية وانشغالا بمظهره. لكن مع ترك الباب مفتوحاً دائماً لتواجد الاناقة التقليدية الهندسية الخطوط الدقيقة في حياته اللاهثة. فقد ثبت من النجاح الكبير الذي لاقته السترات الملونة ان الرغبة في الخروج عن "درب الاناقة المستقيم" والمدروسة خطوطه جيداً كانت لا حدود لها. وظهر الشوق الى تبني الثياب "الجذابة" والاقل التزاماً بالاعراف المتداولة، واضحاً. فمن كان يفكر قبل سنوات قليلة ان الرجل قد يرتدي سترة بنفسجية او خضراء او حمراء مثلاً؟ هذا ما حدث في شتاء 1992 فعلاً، ولو ضمن استعمال يخضع للظرف والمناسبة. وتابعت ألوان الشتاء مسارها حتى الربيع والصيف وركزت خطواتها فيهما. فالالوان سيدة الاناقة ومتوزعة على عدة "شرائح حياتية" من يوميات الرجل: أشكال ناعمة ومريحة للمدينة والمكتب، ثياب عملية جميلة لعطلة نهاية الاسبوع، بارزة الاناقة، بدلات انيقة للمناسبات الاحتفالية ولسهرات حميمة في مطعم "على ضوء الشموع"، او في عشاء عمل يضم النخبة، وما شابه ذلك. قمصان وسراويل خاصة للهواء الطلق. كأن هناك اتفاقاً ضمنياً بين التقدم التقني في صناعة الالبسة الرجالية العصرية وبين مبدأ "الرفاه" في الاناقة: تخفيف في قماش التغليف او البطانة، دقة في الخياطة ورهافة في القصّات واستخدام للوسائل الطبيعية في التنفيذ. قماش من الكتان الناعم ومن الكريب والحرير والقطنيات. ثم تغيير في نوعية المعطف الرقيق الواقي من المطر الربيعي احياناً وحلول "الباركا" مكانه او "البلوزون" المريح. ألوان وألوان وتبرز القامة بموضتها الرشيقة وتحاول ان تفرض جاذبية وتألقاً، حتى لو كان السروال من نوع "الجينز" وهو موضة دائمة، فإن القميص الملون فوقه يضفي عليه اناقة خاصة. والوان هذا فاقعة كالشمس وكضحكة الخضرة والازهار والبحر: من الكرزي الى الازرق المخضر والاصفر البرتقالي. وفي التقليدي منه هناك الابيض المغبر والرملي المداعب للامواج. في التفصىل اكثر لعشاق التجديد في الموضة، حسب ما رسمت خطوطها لجنة الموضة الرجالية الفرنسية "المودوم" ومكاتب ابتكار الموضة السنوية، ان مفاتيح الازياء لربيع وصيف 1993 تتلخص في كلمات ثلاث: نوعية، بساطة، الوان. نوعية الاقمشة لعبت دوراً كبيراً في ابراز اناقة مختلفة. فبين ما جاء ذكره، عاد القماش القطني بقوة الى ساحة الازياء الرجالية الى جانب الحرير الممزوج بخيوط الكتان. بساطة في الاشكال وتحرر من كل تعقيد اضافي. ومثلا، هناك السترات المنفردة والقمصان التي ترتدى وحدها. ألوان قادمة من الطبيعة ومن البىئة المعاشة. وأعماق البحار مجال كبير للاستيحاء. في تفصيل اكثر للقماش والموضة، فالاول حمل بعض الرسوم الخفية والتقليمات التي تكاد لا تظهر، تميز السروال عن السابق بثنية بسيطة في الاعلى، او من دونها على الاطلاق، وبحيث يبدو اسطوانياً في ضيقه غير المألوف. عودة خجولة الى "البلوزون"، وعلى خلاف "الباركا" الذي سيكون قاسماً مشتركاً لمجموعة الموديلات الجديدة. عدة انواع من القمصان: مستقيمة وتقليدية، بجيبين وبياقة متسعة، واسعة ومن دون اكمام "تفصيلة البولينغ"، واخيراً من النوع المزرر القادم من المناطق الاستوائية. الطبيعة دائماً في تحديد اتجاهات الموضة هذه، يمكن الوقوف ببساطة على خمسة منها: الحجارة، الاوكسجين، النباتات، الاجواء، "الكورو" او موضة العطل. من "الحجارة" تأتي الالوان الدقيقة ولعبة المزج في خيوط الاقمشة والتراكب في الاشكال. إنها موضة المدينة الرفيعة المستوى، واساسها البدلة والقميص المناسب وربطة العنق العريضة هذه المرة. قماشه صوفي ناعم بلون واحد او منقط دقيقاً كحبات الكافيار، او بمربعات صغيرة من نوع "البرانس دي غال". وقماش قطني صوفي وقطني حريري وقطني كتاني او من نوع الفيسكوس. والوانه حيادية قادمة من لون الاسفلت والطين والبيج الزهري واللوزي الشاحب والرمادي الفاتح. موضة الاوكسيجين قائمة بصورة خاصة على اللون الازرق المتلاعب التدريج وعلى طريقة الرسام الذي يستعمل في لوحته لوناً واحداً متدرجاً من الغامق الى الفاتح او العكس. وقد شاعت هذه الطريقة في اوروبا في القرن الثامن عشر. في بدلة من هذا النوع يبرز التعاكس بين لونين أزرقين، السترة والسروال مثلاً. وسترة هذا الاتجاه اسلوب موضتها صحراوي، اي بكمين قصيرين مع جيوب كبيرة ملتصقة. وهي من نوع "البلوزون" ايضا. القماش صوفي جاف وقطني ممزوج بالصوفي، ثم البوبلين وما شابهه. طبعاً، وكما العنوان يقول، الوان هذا الاتجاه تنطلق من الازرق حتى الكحلي الغامق المائل الى البنفسجي والاسود تقريباً. الموضة "النباتية" هي موضة للمدينة وللراحة في الوقت ذاته. ثياب سهلة الاستعمال وانيقة. سترات من دون تبطين، سراويل مريحة، "بلوزون" ببطانة مختلفة اللون، "باركا" وقميص فضفاض. القماش هنا من البوبلين والكابردين القطني بألوان خضرة الصنوبر والاخضر المصفر والاصفر كعرنوس الذرة. اتجاه "الاجواء" يسير في اناقة "بحرية يا ريس": قباء يشبه الدثار القصير الذي يستعمل في البحرية الفرنسية وسترات مشتقة من موديله، جاكيت من نوع "البلازر" واخرى للعمل و"سالوبيت" مما يرتديه الميكانيكي. القماش بلون واحد او مقلم بألوان من الازرق واحمر البندورة. "الكورو" اتجاه لموضة ثياب العطلات الصيفية. وهي ملونة وقائمة اساساً على "القطع الصغيرة". وتضم السروال والقميص المطبوع برسوم مختلفة على اساس الزرقة البحرية وأوراق الاشجار الربيعية والصيفية المعروفة. قماش هذه الموضة من القطن والقطن الممزوج بالفيسكوس والقطن الممزوج بالليكرا. والوانه معروفة ما دامت من البحر والاشجار ويغلب عليها الاخضر الطحلبي والاصفر والزمردي. ما يلفت النظر في الموضة الربيعية والصيفية ككل هو التركيز على القميص برسومه المتنوعة المخصص للسترة بلون واحد. والرسوم تشمل فولكلور جزر الهاواي والثمار والخضار والمربعات. القميص المقلّم يخفف من سطوته الماضية على الموضة ويتنحى عن مركزه السابق، لكي يتوجه الى استعمال اكثر رصانة وأناقة اذا ما حلّ الليل وطابت سهراته الاستثنائية.