أصبح اكيداً ان الانتخابات العامة في اليمن لن تجري قبل 22 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، وفقاً للموعد الذي حددته اتفاقية الوحدة اليمنية، بل ستجري في موعد لاحق، والارجح العام المقبل. فقد اقترحت اللجنة العليا للانتخابات، في رسالة الى مجلس الرئاسة اليمني في نهاية الشهر الماضي، يوم 18 شباط فبراير 1993 موعداً للانتخابات. وفور تسلمه الرسالة عقد رئيس مجلس الرئاسة علي عبدالله صالح اجتماعاً موسعاً لمناقشة مضمون رسالة اللجنة العليا والموعد الجديد الذي تقترحه لاجراء الانتخابات النيابية. وطالبت اللجنة مجلس الرئاسة بالاعلان عن الموعد الجديد للانتخابات قبل انتهاء الفترة الانتقالية، في 22 الشهر الحالي، تحاشياً للادستورية القرار القاضي بالتأجيل، اذ تنتهي صلاحية لجنة الانتخابات وصلاحية المجلس الاستشاري، كذلك صلاحية مجلس النواب بانتهاء الفترة الانتقالية. وأوضحت اللجنة العليا للانتخابات في رسالتها أسباب عدم تمكنها من اجراء الانتخابات في موعدها، ومن أهمها ضيق الوقت المحدد لها وهو ثلاثة اشهر وسبعة أيام من تاريخ تشكيلها في 17 آب - اغسطس الى 21 تشرين الثاني - نوفمبر. وأشارت الى ان تشكيل اللجنة من 17 عضواً يمثلون احزاباً من السلطة والمعارضة، انسحب على سير اعمال اللجنة ومناقشاتها، وبالذات في ما يتعلق ببيانات التعداد السكاني الذي استغرق وقتاً طويلاً وأدى الى اعادة تقسيم الدوائر الانتخابية من جديد في ضوء جداول الجهاز المركزي للاحصاء. وحددت الرسالة ما انجزته اللجنة العليا خلال الفترة الماضية، في الآتي: إقرار الاحصاء السكاني والنظام الداخلي وتشكيل اللجان الست المساعدة، وإقرار خططها وتحديد عدد الدوائر الانتخابية في المحافظات. أما الأعمال المتبقية الخاصة بالتحضير للانتخابات، فحددتها رسالة اللجنة العليا، في: مراجعة وإقرار مشروع تقسيم الدوائر الانتخابية ومشروع الدليل الانتخابي، وموضوع تشكيل اللجان الانتخابية وتوزيعها على كل المراحل والفترات وتحديد وترتيب مقراتها، وإجراء الترتيبات الأمنية بالتعاون مع الأجهزة المختصة، وطبع وثائق الانتخابات وتحضير صناديق الاقتراع. ولفت نظر المراقبين في صنعاء ان اكثر المؤشرات جدية على تأجيل الانتخابات ما ورد في خطاب الرئيس علي عبدالله صالح في صنعاء يوم 27 تشرين الأول اكتوبر الماضي، اذ تضمن الخطاب النقاط الآتية: انه يتحتم على اللجنة العليا للانتخابات "ان توضح الخلفيات والأسباب التي أدت الى تأخير الانتخابات". اشارة الرئيس اليمني الى رد الفعل الشعبي على التأجيل بقوله "سيتقبلها شعبنا بعيداً عن احتمال التسويف والتأخير والتأجيل". ويتضح من اشارات الرئيس صالح انها موجهة الى بعض احزاب المعارضة التي تتهم القيادة السياسية بالعمل على تأخير الانتخابات. أبرز تلك الاتهامات تصريحات الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر لپ"الوسط"، خلال اتصال هاتفي من لندن، حيث قال زعيم حزب التجمع الوطني للاصلاح: "المادة 85 في القانون الانتخابي تنص صراحة على اجراء الانتخابات النيابية قبل انتهاء الفترة الانتقالية كذلك اتفاقية الوحدة. وأمام ما نراه من معوقات غير مقنعة يقال لنا انها تحول دون اجراء الانتخابات في موعدها، نحن نرى ضرورة ان تتقدم اللجنة العليا للانتخابات باستقالتها، موضحة الاسباب التي عطلت عملها حتى يتحمل كل طرف مسؤولياته. وهذه المعوقات لا تبرر استفراد المؤتمر والاشتراكي بالسلطة". غير أن الرئيس اليمني يرى، كما جاء في كلمته في 27 الشهر الماضي، قبل تحديد الموعد الجديد للاستحقاق الانتخابي، ان "على كل التنظيمات السياسية، في السلطة والمعارضة، ان توضح برامجها السياسية للناخبين". وفي ما قاله الرئيس صالح الشهر الماضي شبه رسالة ضمنية الى احزاب المعارضة مفادها، ان احزاب المعارضة اليمنية قد تكون في حاجة الى تأجيل موعد الانتخابات لأنها لم تقدم برامجها السياسية بعد الى الناخبين. وفي الاطار نفسه قال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، نائب رئيس المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات، وممثل هذه المنظمة في المؤتمر الوطني، في تصريح لپ"الوسط" ان المؤتمر الوطني طالب "بتشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات لعدم شرعية الوضع القائم الناتج عن التأجيل". وأضاف المتوكل "ان المؤتمر الوطني كان مدركاً هذه النتيجة سلفاً. وكما اكد عدم موافقته على التأجيل اكد انه لا يسمح "بسلق" الانتخابات.