سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يحمل اسم الملك الحسن الثاني وساهم في تمويله 12 مليون مغربي وشخصيات عربية وعالمية الدار البيضاء : مسجد ال 120 ألف مصل موقعه على البحر وسقفه ينفتح على السماء
الطراز المغربي في المساجد أعطى تحفاً، فليست هناك صومعة خالية من الزخارف والنقوش والعقود المخصصة، التي بلغت مداها الأخاذ، من الرقة والجمال، في مسجد القرويين فاس ومسجد الكتبية مراكش ومسجد حسان الرباط، تلك التي مثلت، وما زالت، روائع لفن العمارة العربية - الاسلامية. ومن أول مسجد عرفه المغرب مطلع القرن الثالث الهجري، اعتبرت الزخرفة، علامة بارزة ومشتركة في كل ما خلفه ذلك الطراز الذي سرعان ما يعم الاندلس، وينتشر بعد ذلك في افريقيا واوروبا فتجدها تغطي الجدران والفناءات والصوامع، وقد تنوعت عناصرها، كما عرفت مبكراً جماليات الكتابة العربية. لكن مسجد الملك الحسن الثاني الذي يشرف على الاكتمال، وان كان امتداداً لهذه الهندسة المتميزة أو المزدهرة. الا انه يفوق كل ما اعطته من قبل، سواء من حيث تصميمه وفخامة حجمه، او من حيث اختيار موقعه الذي جاء مباشرة، على البحر. في تموز يوليو 1986 وضع الملك الحسن الثاني الحجر الاساس لبناء المسجد المسمى باسمه في مدينة الدار البيضاء، وقد اراد له ان يكون إغناء لتراث المغرب الروحي والحضاري، وتطويراً لفنونه الابداعية، وتحسين تقنياتها والحفاظ عليها. ففي هذا الصرح الاسلامي المعاصر، الذي يعد اكبر مسجد في العالم بعد بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف، تتجلى تقنيات الفنون المغربية الاصيلة، مثل التزيين المتعدد الزوايا والتستير والنقش المورد والتوريق والتشجير، الى جانب اعتماده الخطوط العربية خصوصاً الخطين الكوفي والنسخي. وبعد عام تقريباً من وضع حجر الاساس، شرع في انجاز الحاجز المائي على أرضية بحرية شيد عليها الجزء الاكبر من مقصورة الصلاة. وقد تميزت المقصورة بشكلها المستطيل المتوازن 002 م - 100 م - 60 م علواً لتستوعب 25 ألف مصلّ. ويغطي الجزء المركزي لها سقف قابل للانفتاح، يمكن ان يحولها في ثلاث دقائق الى صحن واسع مفتوح على السماء. وصومعة المسجد التي احتفظت بالطابع التقليدي المغربي، تتكون من قاعدة مربعة يبلغ ضلعها 25 م اي مساحة 625 م2 وترتفع الى ما علوه 200 م. وتتوفر على مصعدين وسلم، وهي بذلك اكبر واضخم واعلى منارة في العالم، مقارنة مع غيرها من المعالم التاريخية والدينية. وهناك مرافق ثقافية ملحقة بالمسجد كالمدرسة القرآنية التي ستكون الدراسة فيها على المستوى الجامعي، وقد اقيمت على مساحة 1700م2 في شكل نصف دائري وتشمل طابقين، وطابقاً ثالثاً تحت الارض. وتضم مكتبة وقاعات للندوات والمؤتمرات. وعلى جانب المدخل الرئيسي للمسجد شيدت مكتبة كبرى ومتحف اسلامي على شكل بنايتين منفصلتين على مساحة 7500م2، وتمدّ هذه المرافق صحن المسجد في شكل مستطيل على مساحة 30000م2 وتبلغ طاقته الاستيعابية 80 ألف مصلّ. كما يشتمل المسجد على طابق تحت الارض يحتوي على مرائب للسيارات مبنية على مساحة 38000 م2 تتسع ل 1100 سيارة، ومنها يتجه ممر مزدوج على شكل نفق بطول 800 م وعرض 16.5 م يربط المسجد بالمدينة. أما الحمامات، فقد شيدت تحت الارض، على مساحة 6000م2 في شكل حجرات حرارية على النمط التقليدي، تتسع ل 1400 شخص دفعة واحدة. وكسيت واجهات المسجد والصومعة والمدرسة القرآنية برخام رفيع مزخرف بنقوش يغلب عليها اللونان الابيض والاخضر كرمز للتسامح والسلام. وبلغت مساحة أحجار الرخام والكرانيت المستخرجة من المناجم المغربية 200 الف متر مربع او ما يساوي مساحة 20 هكتاراً، بينما بلغ حجم الجبص المستخدم في التزيين 50002 م2 ، عدا الزليج "الفسيفساء" الذي بلغ حجمه 6000 م2 والخشب المنقوش والملون الذي يوازي 40000 م2 في مساحته. المسجد الآن في مراحله الاخيرة، والعمليات الجارية تشمل تغليف الصومعة بالرخام، لكن كلفته الاجمالية ما زالت غير محددة. وكان الملك الحسن الثاني المخطط لفكرة بناء المسجد، راعى اشتراك المغاربة في انجازه، وتقدم قائمة المتبرعين بمبلغ 4 ملايين درهم. وقد ساهم ما يربو على 12 مليون مغربي في حملة الاكتتاب، اضافة الى تبرعات لشخصيات عربية وعالمية. مسجد الحسن الثاني، مسجد المائة وعشرين الف من المصلين، بمرافقه المدهشة، وجمالياته الباهرة، هو الآن المنارة الكبرى في الغرب الاسلامي.