رحب المسؤولون عن حملة الرئيس جورج بوش الانتخابية، بعودة صاحب البلايين روس بيرو الى ساحة المعركة الانتخابية، اذ يشعر هؤلاء المسؤولون ان دخول بيرو السباق سيساعد بوش على تحسين مركزه في استطلاعات الرأي العام، لا سيما أن الكثيرين من الناس لا يعتقدون أن في وسع بيرو استعادة الشعبية التي كان يتمتع بها قبل انسحابه في شهر تموز يوليو الماضي. وحتى لو استطاع استعادة بعض تلك الشعبية فان مكاسبه ستكون في رأيهم على حساب معسكر المرشح الديموقراطي بيل كلينتون. ويشير استطلاع للرأي العام اجرته شبكة "سي.ان.ان" التلفزيونية الى أن 7 في المئة فقط تؤيد بيرو، بينما أعربت نسبة 35 في المئة عن تأييدها لبوش و52 في المئة لبيل كلينتون. الا ان استطلاعاً للرأي العام أجرته مجلة نيوزويك في الفترة التي أعلن فيها بيرو عودته أشار الى ان 14 في المئة يؤيدون بيرو بينما تراجع تأييد كلينتون الى 44 في المئة وحافظ بوش على تأييده بنسبة 36 في المئة. ويعتقد المراقبون ان بيرو سيحصل في أفضل الأحوال على نسبة 15 في المئة من الاصوات. ولكنهم لا يأخذون في حسابهم نقطة مهمة وهي ان بيرو لم يباشر حملته التلفزيونية حتى الآن. ومهما يكن الأمر فان استطلاعات الرأي ليست موثوقة دائماً، مما يعني ان من الصعب الحكم بنسبة التأييد الدقيقة التي يتمتع بها أي مرشح، لا سيما وأن بعض الذين يشتركون في تلك الاستطلاعات لا يدلون بأصواتهم. فالسجل الانتخابي الاميركي لا يشتمل الا على اسماء ثلثي الذين يحق لهم التصويت كما أن الذين يدلون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة لا يتجاوز عددهم نصف المسجلين. ومن هنا تبرز "صلابة" التأييد. اذ يقول ديفيد مور مدير معهد "روبر لدراسات الرأي العام" ان تأييد بوش "أصلب" من التأييد الذي يتمتع به كلينتون. كما ان الكثيرين من مؤيدي كلينتون يؤيدونه لمجرد انهم يعادون بوش ولا يؤيدون كلينتون عن قناعة، مما يعني انهم ربما يتجهون ببساطة الى تأييد بيرو. اما الجمهوريون فهم اكثر التزاماً وصلابة. ويقول مور ان النتيجة تعتمد على الطريقة التي يتصرف بها بيرو في المدة الباقية من الحملة. فاذا ما وجه هذه الحملة ضد بوش فانه سينتزع اصواتاً من كلينتون، اما اذا وجهها ضد كلينتون فانه سينتزع تلك الاصوات من بوش، ولكن عدد هذه الاصوات سيكون أقل. وفي هذا ما يفسر سبب الاختلاف في نتائج استطلاعات الرأي العام. لكن هناك تهماً متواترة بأن بيرو يكره بوش شخصياً منذ ان كان نائباً للرئيس عندما أبلغ بيرو ان الادارة قررت التخلي عن مساعيها للبحث عن الاسرى الاميركيين في فيتنام. وهناك من يقول ان جرأة بيرو وصراحته تهدفان الى ايذاء بوش وانتزاع الأصوات منه في الولايات "المتأرجحة" مثل فلوريدا وتكساس التي تعتبر ضرورية لفوز بوش. ومن حسن الحظ من وجهة نظر بوش ان انتخاب الرئيس لا يتم بالأصوات الشعبية وإنما بالاستناد الى نظام أصوات مندوبي الولاياتالمتحدة بصفة جماعية. وفي هذا ما يفسر سبب تنافس المرشحين على أصوات الجماعات الصغيرة التي يمكن لها ان تغير اتجاه ولاية او اخرى. فمثلاً من الأسباب التي دعت بوش الى الموافقة على منح ضمانات القروض الاميركية لاسرائيل أخيراً، حاجته الماسة الى اكتساب اصوات ثلاثين في المئة من اليهود الذين يصوتون عادة للحزب الجمهوري ولهم أثر حاسم في النتيجة في الولايات الكبيرة مثل فلوريدا وكاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي. ومن غير المحتمل ان يحصل بيرو على أصوات الكثير من اليهود. فمع انه من المعجبين بالقوة العسكرية الاسرائيلية فانه رفض اخيراً السماح لابنته بالزواج من استاذ جامعي لأنه يهودي. وعلى عكس خصميه الآخرين فان بيرو ليس لديه ما يثير قلقه من الناحية المالية. ولكن بعض الأنباء ذكرت انه تذمر، على رغم غناه الفاحش، من كلفة الحملة الانتخابية وهي حوالي 150 مليون دولار. ومن جهة ثانية نجد ان حملة بوش - كويل أخذت تفقد بعض مصادر تمويلها التقليدية لأن الممولين يتوقعون من المرشح الناجح خدمات معينة. كما ان تفوق كلينتون في الحملة الآن دفع الكثيرين الى تحويل تبرعاتهم اليه، اعتقاداً منهم بأنه سيفوز وبالتالي فان حصولهم على ما يريدون منه سيكون أسهل. وهناك تذمر واسع النطاق بين الاميركيين من سياسة بوش الاقتصادية ومن سياسة كلينتون في المجالات الاجتماعية، مما يعني ان بيرو ربما ينجح في انتزاع الاصوات من الطرفين. وربما يلجأ بيرو الى التركيز في حملته على العجز في الموازنة الذي يصل الى أربعة ملايين بليون مليار دولار، وهي قضية تعمد كل من بوش وكلينتون تجنبها خلال الحملة حتى الآن. ومهما كان الأثر الذي سيترتب على عودة بيرو الى خضم المعركة الانتخابية فان هذا الأثر لن يتضح بصورة جلية الا بعد فترة. ولا شك في ان عودته تثير قلق معسكر كلينتون. فالمسؤولون عن حملته يدركون ان انسحاب بيرو كان يعني "اعارتهم" بعض الأصوات مما حسّن مكانة كلينتون في استطلاعات الرأي العام. لكن بيرو عاد الى الساحة الآن لكي "يطالب باسترداد" تلك الأصوات!