اضطر إمام مسجد شرق لندن القارئ حسين الفقيه إلى إجراء"قرعة"لكثرة الراغبين في الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، إذ تقدم 500 مصلٍ في الأعوام الماضية يرغبون في الاعتكاف وفي هذا العام تقدم 200 مصلٍ وتم اختيار 100 منهم. وقال الفقيه في اتصال هاتفي مع"الحياة":"سجل شهر رمضان خلال هذا العام رقماً جديداً في عدد المتقدمين بخلاف عام 2008 عندما فتحت أبواب الاعتكاف لقرابة 100 شخص، وهي السعة المكانية للقاعة، غير أن 200 شخص سجلوا أسماءهم ما اضطرهم إلى إجراء قُرعة للراغبين في الاعتكاف الذين تراوح أعمارهم بين 20 و70 عاماً". وأوضح أن قاعة الاعتكاف الفسيحة قسمت خلال الأعوام الماضية إلى 100 غرفة تبلغ مساحة الواحدة مترين في متر مربع وتتسع لمعتكف واحد، وكُتب على كل غرفة اسم ولقب المعتكف، وتفصل بين الغرفة والأخرى قطعة قماش زرقاء، وتشرف كلها على ساحة الاعتكاف التي تقام فيها الصلوات. مشيراً إلى أن الظروف مهيأة لاعتكاف مريح من أكل ونظافة وتهيئة روحية وكتب دينية ومصاحف، ما يوفر جوّاً روحانياً ليس من السهل وجوده في مكان آخر. وذكر أن برنامج الاعتكاف يبدأ خلال العشر الأواخر من شهر رمضان. وأضاف:"لكم أن تتصورا حال من اختير اسمه، أو من لم يحالفه الحظ، وهو ينتظر ذلك الموعد على امتداد العام، بينما تعاني بلاد العرب والمسلمين تخمة في عدد المساجد وقلة روادها، وربما أغلقت بعض المساجد لدمجها بأخرى لتكثير سواد المسلمين، بخلاف المساحات الضيقة والفرص النادرة، وهذا ما يحصل في واحد من أكبر مساجد أوروبا، فكيف هو الحال بغيرها من المساجد الصغيرة ذات الموارد المحدودة، والسبب يعود إلى ضعف الدعم والاهتمام الرسمي والشعبي من المسلمين بإخوانهم في البلاد الأخرى". كما أشاد الفقيه بمستوى التنظيم والدقة في المواعيد والتفاني في العمل من أهل الحي والعاملين بالمسجد وقال:"لا أشبهه إلا بما يحدث في الحرم الشريف". الفقيه الذي تلقى للمرة الأولى دعوة للإمامة هناك خلال شهر رمضان المبارك من هذا العام، تفاجأ بحجم انتشار الإسلام وقوة تمسك المسلمين بالعبادات في العاصمة البريطانية، وأشار إلى أن موقع المسجد لا يبعد من أحد القصور الملكية القديمة، وبالقرب من جسر البرج الشهير Tower Bridge الذي ترتفع فيها الكثير من أبراج الكنائس، ينطلق صوت المؤذن خمس مرات كل يوم يدعو أهالي منطقة بلدية"تاور هاملت"إلى الصلاة. وأفاد بأنه أول مسجد في المنطقة يُرخص له بالأذان عبر مكبرات الصوت، ويعتبر من أكبر مساجد أوروبا، يؤم الصلاة فيه جمع من المسلمين معظمهم من البنغاليين، وبعض العرب وخصوصاً الجالية الصومالية. وأشار الفقيه إلى أن البنغاليين الذين يعود تاريخ قدومهم إلى بريطانيا إلى مطلع القرن الماضي، دأبوا على اختيار بيت ليكون لهم مسجداً. إذ يعود أساس المسجد إلى بيت بسيط اتخذ عام 1910 ليكون مسجداً للجالية البنغالية، وبعد الحرب العالمية الثانية، أصبح مركزاً لأداء الشعائر الإسلامية، بعد إضافة عدد آخر من البيوت الصغيرة القائمة حوله وضمّها إليه. ... وقرابة 10 آلاف مصلٍ يشهدون 23 ركعة في التراويح أوضح إمام مسجد شرق لندن حسين الفقيه أن عدد المصلين الذين يؤدون الصلوات الخمس في المسجد يقترب من ثلاثة آلاف مصلٍ، ويصل العدد إلى خمسة آلاف مصلٍ خلال صلاة الظهر، بينما يتوافد 7 إلى 10 آلاف مأموم لصلاة التراويح. وأشار إلى أنه يتولى إمامة المسلمين خلال شهر رمضان في صلاة الفجر، ويصلي بهم 23 ركعة في صلاة التراويح تيمناً بالمسجد الحرام ويختم جزءاً من القرآن كل يوم. ويشاركه في إمامة المسجد اثنان آخرين أحدهما من الجنسية الأوغندية وآخر هندي، إلى جانب ثلاثة مؤذنين، ويصل عدد العاملين في المسجد إلى نحو مئة عامل بين مدرس وعامل وطباخ وغيرهم. ويشكو من شح الموارد المالية لتلبية حاجات المسجد، إذ إن تبرعات المصلين ومعظمهم من البريطانيين من أصول بنغالية وهندية وباكستانية وصومالية تشكل المصدر الرئيس لعمارة المسجد، أما العرب"فيعدون على رؤوس الاصابع"بخلاف وجودهم في بعض المراكز الأخرى، مع غياب شبه تام للداعمين الرسميين. ويذكر الفقيه أن المسجد الذي بُني لاستيعاب 3 آلاف مصلٍ لم يعد يتسع لهم الآن، إذ يفترش المصلون كل الطرقات المؤدية للمسجد وخارجه على الرصيف الممتد بمحاذاة الطريق العام، ويصل عددهم إلى 16 ألفاً في بعض ليالي العشر، وخصوصاً ليلة ال27، إذ ينتشرون في المسجد والممرات والمكاتب وقاعات الفصول وصالة الاجتماعات وحتى الملاعب المخصصة للطلاب ويوجد إلى جانب المسجد مركز للتوعية والإرشاد الديني ومدرسة للغة العربية والقرآن الكريم ومركز اجتماعي ومكتب للنصح والاستشارات. يذكر أن المسجد شهد أكبر توسعة في ثمانينات القرن الماضي بدعم مالي كبير من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله. وأضاف:"عندما ضاقت أماكن الصلاة عن استيعاب الأعداد الكبيرة من المصلين نتيجة لازدياد السكان المسلمين، تضافرت الجهود وأسفرت عن بناء المسجد في شكله الحالي عام 1985".