قال مستشار وزير العدل والمتحدث باسم الوزارة فهد بن عبدالله البكران، إن المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض فصلت"في 1082 قضية وردت إليها من أصل 1514 قضية منذ إنشاء المحكمة"، وإن عدد المتهمين في القضايا التي تمس أمن المملكة واستقرارها تمّ الحكم على"2145 شخصاً، بينماً لا تزال قضايا 2800 آخرين تحت النظر حالياً"، وأكد أن وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء قرر زيادة أعداد قضاة المحكمة الجزائية من 10 قضاة إلى 17 قاضياً"لتسريع عجلة التقاضي". وشدد المستشار البكران في حوار مع"الحياة"أن جميع أحكام قضاة المحكمة تأخذ طابع الاستقلالية،"لا سلطان لأحد عليهم إلا سلطان الكتاب والسنة"، معتبراً أن ربط المتهمين بهذه المحكمة يحقق أموراً إيجابية منها"الحفاظ على خصوصيتهم، وحمايتهم من التصفية من زملاء لهم لم يكشف عن أمرهم بعد"، كما نفى أن يدان متهم موقوف من أعوام بمخالفة نظام صدر بعد أن قبض عليه، وقال:"جميع المدعى عليهم لا يؤاخذون بالأنظمة التي صدرت بعد ارتكابهم المحظور"، لافتاً أن المحكمة المتخصصة اختصاصاتها مثل سائر المحاكم الأخرى في المملكة. إلى نص الحوار: في البداية، ما هي اختصاصات هذه المحكمة؟ الحقيقة أن المحكمة كغيرها من المحاكم، أُنشئت بالطرق الإدارية المعروفة من خلال صدور قرار من المجلس الأعلى للقضاء، ثم صدور الأمر الملكي لتعجيل النظر في القضايا التي تردها، وأعطيت عموم الاختصاص في النظر لئلا يطول أمر عرض معاملات السجناء على محاكم عدة، ولاشك في أن السبب الرئيس لإنشاء المحكمة هو الرغبة في سرعة الفصل بالقضايا التي تهدد أمن المملكة واستقرارها. البعض لا يعرف لماذا أسندت لهذه المحكمة أن تفصل في قضايا المتهمين بالقضايا الأمنية، لماذا يتم عرضهم عليها فقط؟ لاشك في أن إنشاء هذه المحكمة تحققت أمور إيجابية عدة، منها الحفاظ على خصوصية المدعى عليهم، وذلك بوضعهم في مكان لا يطلع عليهم عامة المراجعين، وسرعة البتّ في قضاياهم، وهذه المحكمة أعطيت من ولي الأمر عموم النظر في عموم البلد، ولا يخفى بأن من المتقرر عند الفقهاء أن هذا من اختصاص ولي الأمر، فهو الذي يعين القضاة ويكلفهم بنوع النظر القضائي الذي يمارسونه وحدود البلدان التي يقضون فيها، ولا يخفى عليكم أن من مصلحة المتهم أن يحاكم في محكمة واحدة لكل التهم التي توجه ضده. لكن، لماذا لا يُعرض المتهم على أكثر من محكمة وفي المنطقة التي أوقف بها؟ بكل وضوح، أولاً المدعى عليه يحظى في المحكمة بتقصير مدة المحاكمة ضده بحيث لا يعرض على جهات قضائية عدة، إذ لو كان هناك متهم بتهمة تأييد التفجيرات داخل المملكة وضبط معه سلاح من دون ترخيص ففي هذه الحالة لابد من عرضه على محكمتين، الأولى المحكمة العامة أو الجزئية لتهمة تأييد التفجيرات داخل المملكة، والثانية المحكمة الإدارية في قضية حيازة السلاح من دون ترخيص وفي هذا تطويل على المدعى. الأمر الثاني تداخل بعض التعزيرات في بعض، وبذلك تكون محكومية سجنه أقل في بعض القضايا فيكون في ذلك تخفيف على المدعى عليه، وكذلك الجانب الأمني، وبخاصة أن بعض المتورطين في الأعمال الإرهابية لهم خطورة عالية وعليهم خطورة عالية، فهم معرضون للتصفية من بعض زملائهم الذين لم يكشف عن أمرهم لئلا يرشدوا الجهات الأمنية عليهم، كما أن بينهم خلافات عميقة وبخاصة في ما يتعلق بقضايا التفجيرات وقتل المعصومين داخل المملكة والتكفير، والتي نتج منها صراعات داخلية بينهم فاقتضت المصلحة فرزهم عن غيرهم من المدعى عليهم حفاظاً على سلامتهم. آلية اختيار القضاة للمحكمة، البعض طرح أنهم مختارون حديثاً ولم يكن لديهم دراية عميقة في السلك القضائي يؤهلهم لإصدار أحكام واقعية؟ أبداً هذا غير صحيح، لأن اختيار القضاة ونقلهم إلى المحكمة يتم عبر إجراء نظامي كغيرها من المحاكم من المجلس الأعلى للقضاء والقضاة الذين فيها تمّ نقلهم من بعض محاكم مناطق المملكة ممن لديهم التميز في الإنجاز ويمارسون فيها عملهم باستقلالية تامة كغيرهم من القضاة، لا سلطان لأحد عليهم إلا سلطان الكتاب والسنة ثم ما يُصدره ولي الأمر من أنظمة وتعليمات لا تخالف الكتاب والسنة. الملاحظ أن نظام المرافعات نصّ على علانية الجلسات، ومع ذلك المحكمة المتخصصة تمنع علانية بعض الجلسات لأسباب غير واضحة، ما تعليقك؟ اسمح لي أن هذا السؤال ليس في محله، لأن مَن يتأمل موقع المحكمة الجزائية المتخصصة المعلن للجميع لا يتردد في أنها محكمة علنية، ثم إن الناظر بعدل وإنصاف إلى الجلسات التي تعقد لنظر قضايا المتهمين كل يوم بحضور ذوي المتهمين ومحاميهم وأصحابهم ووسائل الإعلام المختلفة، يجزم يقيناً بأن الجلسات علانية، لاسيما أننا نرى كل فترة تقارير إعلامية لبعض الإعلاميين ومنها صحيفتكم هذه، يقومون بإعدادها ورصدها من محاضن جلسات نظر القضايا داخل المحكمة وتنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة وأضف إلى ذلك أنه أثناء نظر القضية، وهناك شاشة خاصة للمتهمين ومن معهم يرون فيها كل ما يدوّن في الضبط حرفاً بحرف أولاً بأول. ماذا عن تميز المحكمة عن غيرها في تقدير ظروف المتهمين وحساسية موضوع الموقوفين لأجله؟ هناك مبادئ لجميع المحاكم، وما ينطبق عليها ينطبق على الجميع إلا في بعض الاختصاصات مراعاة لظرف المتهم ومنها حساسية الموضوع كما ذكرت، ومن هذه أن القاضي ناظر القضية يمارس الصلاحيات الممنوحة للقضاة كافة، ومنها تطبيق إحدى مواد نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على:"إذا أحيل المتهم إلى المحكمة يكون الإفراج عنه - إذا كان موقوفاً أو توقيفه إذا كان مفرجاً عنه - من اختصاص المحكمة المحال إليها، وإذا حكم بعدم الاختصاص تكون المحكمة التي أصدرت الحكم بعدم الاختصاص هي المختصة بالنظر في طلب الإفراج أو التوقيف، إلى أن ترفع الدعوى إلى المحكمة المختصة"من دون أن يكون لأي شخص تدخل في عمله وإجراءاته، وكذلك أن القاضي يمكّن المدعى عليه من توكيل أي محامٍ يريده، إضافة إلى تمكينه في إحضار من يرغب من ذويه أثناء المحاكمة، إضافة أن مطلق السراح الذي يسكن خارج الرياض يبلغ بموعد الجلسة قبل مدة كافية، ويعطى تذكرة طيران من بلده ذهاباً وإياباً مع تأمين السكن والمعيشة خلال إقامته، وحكمت المحكمة ببراءة بعض المدعى عليهم وصدقت الأحكام من محكمة الاستئناف، كما حكمت ببراءة بعض المدعى عليهم من بعض التهم وصدقت من محكمة الاستئناف. وإذا قارنا عدد المطلقين من السجناء بين المحكمة الجزائية المتخصصة وبين المحكمة العامة والمحكمة الجزئية، ففي المحكمة العامة بالرياض يصل عدد السجناء إلى أكثر من 90 في المئة، وفي المحكمة الجزئية يصل إلى 40 في المئة تقريباً، وعدد السجناء في المحكمة الجزائية المتخصصة أثناء نظر القضية وبعد إحالتها من جهة الادعاء العام يتراوح بين 40 و50 في المئة، مع أن قضايا"الجزئية"بسيطة لا تقارن بقضايا المحكمة الجزائية المتخصصة، وأن المحكمة تراعي في حكمها الظروف الصحية والاجتماعية التي قد يمر بها بعض السجناء وتجعل ذلك من أسباب تخفيف الحكم عنه. كثير ممن تمّ عرضهم أسقطت المحكمة بعض التهم عنهم وأثبتت أخرى، ما الآلية المتبعة لهذه الأحكام والتثبت من القرائن؟ في العرف القانوني الأحكام القضائية لا تخلو من ثلاثة أنواع، إما إدانة أو براءة كاملة أو براءة من بعض التهم، وأما في ما يخص البراءة فهناك البراءة الكاملة، ويوجد عدد من الأحكام حكمت المحكمة فيها ببراءة المتهم براءة تامة، وقامت بردّ دعوى المدعي العام وصدقت من محكمة الاستئناف، ومن أمثلتها متهم مكث في السجن ثمانية أعوام، وبعد نظر الدعوى وتأملها حكم ببراءته وتمّ الحكم بردّ دعوى المدعي العام ضده. وهناك مسألة البراءة من أكثر التهم أو من بعضها التي وجهت له من الادعاء العام، وهذا النوع لا تكاد تمر قضية في المحكمة إلا ويحكم فيها بالبراءة من أكثر التهم أو من بعضها، بل إنه في بعض الأحيان توجه للمدعى عليه 13 تهمة بناء على بعض القرائن، وبتأملها من المحكمة وتمحيصها لا يثبت منها إلا خمس تهم أو أقل أو أكثر، وهذا الأمر لا تختص به المحكمة وإنما جميع محاكم المملكة، إذ يقوم المدعي العام برفع دعواه ويضع التهم ضد المدعى عليه بناء على ما يستدل به من أدلة وقرائن، وهنا يأتي دور المحكمة للنظر والتمحيص والإثبات والرد، وإلا فما فائدة القضاء إذا لم يكن هذا دوره؟ ولكن، هل يدان متهم موقوف من أعوام بمخالفة نظام صدر بعد أن قبض عليه وهذه ملاحظة قانونية؟ هذا الأمر غير صحيح إطلاقاً، لأن جميع المدعى عليهم لا يؤاخذون بالأنظمة التي صدرت بعد ارتكابهم للمحظور، كما يدعي بعض المغالطين، بل يعاملون كغيرهم من المدعى عليهم في سائر المحاكم. بعض الموقوفين على ذمة قضايا أمنية، حكم لهم بالبراءة من التهم التي وجهت لهم، ولكن لا يزال البعض لم يطلق سراحه بعد، ما هو دور المحكمة في ذلك؟ لا يخفى على أحد بأن الإشراف على التنفيذ في الوقت الحالي ليس من اختصاص المحكمة، لكن المحكمة من باب التكامل الإداري والتعاون على البر والتقوى، عندما تحال لها المعاملة تمارس اختصاصها، وتقوم بدرسها مباشرة وتأمر بإطلاق من يستحق الإطلاق للجهة المختصة، وتزود المدعى عليه أو محاميه أو قرابته برقم وتاريخ الأمر لمراجعة الجهة المختصة، علماً بأن الأوامر يتم تنفيذها من الجهة المختصة بحسب ما وجّه به القضاة. وما دوركم في هذا الأمر؟ المحكمة أول ما تحكم بالسجن مدة معينة، وحين يكون المدعى عليه استنفد مدة إيقافه السابقة، تأمر بإطلاق سراح المدعى عليه وتشير للحكم الصادر ورقم وتاريخ القرار، وفي غالب الأحيان يكون الأمر بإطلاق سراح المدعى عليه بعد النطق بالحكم، وتكون المدة التي أمضاها أكثر أو مثل ما تم الحكم به في حال لم يكتسب الحكم القطعية بعد بتصديق محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة، على أن حق المدعى عليه مكفول لدى المحكمة، فإذا خرج المدعى عليه من السجن ولم يتوصل مع الجهة المختصة إلى مبلغ تعويض عن المدة الزائدة عن مدة الحكم، فإن المدعى عليه يطالب بالتعويض لدى المحكمة ضد الجهة الموقفة وتحكم بما تراه أنه حق له، وهذا اختصاص آخر أسند لهذه المحكمة وهي الدعاوى الحقوقية. ... الأحكام خاضعة لالتماس إعادة النظر والاعتراض عليها قال مستشار وزير العدل المتحدث باسم الوزارة فهد البكران، إن الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة تعتبر كغيرها من المحاكم، وأضاف:"جميع الأحكام الصادرة تصدر بناء على اجتهاد القضاة، وهي ناتجة من محض اجتهادهم من دون أن يتدخل فيها أحد كائناً من كان. ومع ذلك، فأحكامهم كغيرها من أحكام القضاة في المحاكم الابتدائية، خاضعة للاعتراض عليها وطلب استئنافها وتدقيقها من محكمة الاستئناف، وإن كان فيها حكم بإتلاف فهي خاضعة للتدقيق من المحكمة العليا، ثم إنها بعد تصديقها تخضع لالتماس إعادة النظر، بحسب نظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية، وبغير هذه الطرق المحددة شرعاً ونظاماً لا يجوز لكائن من كان الاعتراض على الأحكام القضائية، وإلا فما الفائدة من وجود القضاء بدرجاته المختلفة؟". وأكد أن إجراءات التقاضي التي تعمل بها المحكمة هي كغيرها تمرّ عبر مراحل تبدأ بمرحلة عرض الدعوى على المدعى عليه، وفيها يمكّن من الرد مباشرة أو توكيل محامٍ، ويفهم بأن له حق توكيل محامٍ عن طريق وزارة العدل وتتحمل الوزارة أُجرة المحامي وهذا لا يوجد في المحاكم الابتدائية الأخرى، وكذلك مرحلة عرض جواب المدعى عليه على المدعي العام ومناقشته، حتى مرحلة عرض الأدلة ومناقشتها مع المدعى عليه والمدعي العام ثم إقفال باب المرافعة إذا لم يكن لدى أحد منهما أي إضافة، وصولاً إلى مرحلة النطق بالحكم وفيها يفهم الجميع بعد إعلان الحكم بتعليمات الاستئناف، وأن الحكم خاضع للاستئناف وأن لهم حق الاعتراض وطلب استئناف الحكم. وبشأن عدد القضايا التي نظرت وفصلت فيها المحكمة، وعدد المتهمين الذين لم يصدر في حقهم أحكام حتى الآن، قال"المحكمة منذ إنشائها حتى تاريخ 11-6-1434ه، وصل عدد القضايا الواردة إليها 1514 قضية، تمّ الفصل ب1082 قضية منها وانتهت بأحكام، بينما لا تزال 419 قضية تحت النظر حالياً، وبالنسبة لعدد المتهمين فإن من تمت إحالتهم وصل إلى 4980 متهماً، عدد من حكم منهم 2145 شخصاً، فيما لا يزال ما يقرب من 2800 شخص قضاياهم تحت النظر حالياً، وأريد أن أنوّه بأن وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء محمد العيسى، قرر دعم وزيادة عدد القضاة من 10 إلى 17 قاضياً حالياً، من أجل تسريع إنهاء المحاكمات للمتهمين الذين يعرضون على المحكمة، كما لا يفوتني أن أقدم الشكر للقضاة ورئيس المحكمة وجهودهم التي يبذلوها".