{ كثيرون من لديهم شغف التعرف على كواليس نشرات الأخبار. فهم يرون المنتج النهائي فقط يقدمه شخص حسن المظهر فصيح القول مذيع أو مذيعة، لكن من هم أولئك الذين يعملون بصمت من أجل ظهور ما يراه المشاهد. وجوه شهيرة تطل على المشاهدين من شاشة"العربية"، لكن هناك من يقف وراءهم، من محررين فنيين وتقنيين. طاقم ضخم التقت بعض أعضائه"الحياة"في زيارة إلى"العربية". عند بوابة الدخول إلى عالم العربية ترى بعرض المبنى الموجود في المدينة الإعلامية بدبي شعار المؤسسة التي تنتمي إليها قناة"العربية""we see hope everywhere"، على رغم كمية الأخبار والصور المحزنة التي ترد إلى هذا المبنى وتنطلق منه. تدلف داخلاً، كل شيء داخل المبنى"مكشوف".. المكاتب وغرفة الأخبار والأستوديوهات وكأن كل شيء يخبر ب"أن تعرف أكثر". شفافية أستوديو الأخبار ووجوده وسط المحررين ومعدي النشرات وانفتاحه على الكاميرا تجعلك كموظف محاطاً بجو إخباري جاد ومنضبط، وكمشاهد ترى بشفافية المشهد كاملاً. يتنقل المذيع وهو يقرأ الخبر بالقرب من محرري النشرات وتتحرك الكاميرات في كل الاتجاهات من دون قيود، وهو ما يجعلك تشعر بأنك جزء لا يتجزأ من هذا المشهد على رغم أنه يحمل القناة عبئاً كبيراً في حال لو حدث خطأ في هذا المشهد. تنقلت بين أروقة"العربية"من دون أن أرى مكتباً كبيراً ومعزولاً عن بقية هذا النسيج المتناسق، فوجدت مدير القناة عبدالرحمن الراشد يقبع في زاوية من غرفة الأخبار في مكتب بجدران شبه شفافة، على سطح طاولته وريقات عدة، إضافة إلى خلوه من أي إكسسوارات أو تحف لافتة، وهذا ما أكدته لي سكرتيرته نادين خليفة، فهو حريص على تنظيف مكتبه بنفسه باستمرار، ويستغل إجازة نهاية الأسبوع في ذلك أيضاً. سير العمل إلكترونياً عبر البريد الإلكتروني وبرامج التواصل، قضى على أي آثار للورق إلا في ما ندر داخل"العربية". تنقلت بين الأستوديوهات التي تحتوي على أحدث أجهزة العرض والشاشات بأسقف مليئة بمئات الأضواء المسلطة، فكان مشهداً مختلفاً يستحق التقديم. تقدمها القيسي كونها الأكثر جماهيرية لدى السعوديينپ "نشرة الرابعة".. مجلة منوّعة بنكهة سعودية "نشرة الرابعة"تقدم الساعة الرابعة عصراً بتوقيت السعودية، تطرح خلالها قضايا متنوعة من اهتمامات الشعب السعودي. هذا التركيز على القضايا السعودية جاء باعتبار أن أعلى نسبة مشاهدة لقناة العربية هي من السعودية. النشرة التي انطلقت منذ سبعة أعوام بأيدي صحافيين سعوديين أبرزهم رئيس تحرير النشرة مساعد الثبيتي أو كما يطلق عليه عبدالرحمن الراشد ب"المنتج الشرير"، ومحررين عدة منهم ماجد إبراهيم وماجد الراشد وغوى إبراهيم التي تعنى بجولة الصحافة الخليجية في النشرة. ويؤكد الثبيتي أن التركيز على القضايا السعودية والاهتمام بالمشاهد السعودي"طبيعي جداً"من باب أن أعلى نسبة مشاهدة للقناة في السعودية. ويضيف:"تميز النشرة بطرحها المتزن والهادئ والظريف للقضايا، هو ما يناسب القضايا التي غالباً ما تكون اجتماعية أو رياضية في السعودية البعيدة عن المشكلات السياسية". لم يكن اختيار هذا التوقيت عبثياً، إذ يكون غالبية السعوديين خارجين من أعمالهم، وهو أنسب وقت لطرح القضايا التي تهمهم بأسلوب خفيف، وهذا ما يؤكده محرر النشرة ماجد إبراهيم:"من أهم عوامل نجاح النشرة توقيتها المناسب للسعوديين". رافقتُ رئيس تحرير النشرة مساعد الثبيتي إلى غرفة الإعداد، ووجدته يهتم بأدق التفاصيل ويبحث عن الأخبار المهمة التي لم تأخذ حقها إعلامياً، يتصفح الصحف باكراً وهو يعد مشارطه الصحافية لاقتناص اللافت منها، وإبراز ما هو في زاوية ضيقة إلى الأفق التلفزيوني الواسع. كان ينتظر بشغف الصحافي المثابر الذي لا يمل، انتهاء فقرة الأخبار العربية من نشرة الرابعة ليخرج على المشاهد السعودي بمختلف القضايا التي تهمه، وكأنه يستعرض أمامهم مجلة متنوعة ذات نكهة سعودية. كان الجو ساخنًا في غرفة الإعداد بين الثبيتي ومخرج النشرة الذي تنازل عن ديكتاتورية المخرج وتعامل مع سخونة الثبيتي"بهدوء"، قائلاً: باللبناني:"يا عمي ما فينا نكون إلا هيك مع مساعد"، ومن سوء حظ"المنتج الشرير"أن النشرة تم قطعها لبث خبر عاجل. يشهد له زميله المحرر الرئيس في النشرة ماجد إبراهيم :"لا بد من أن يعرف المشاهد أن الرجل الأول خلف النجاح الذي حققته نشرة الرابعة خلال الأعوام الماضية هو الزميل مساعد الثبيتي أحد أهم الصحافيين السعوديين، والذي يمتلك حساً صحافياً مذهلاً يمكنه من التقاط تفاصيل هامشية أحياناً تكون في غالب الأحيان نواة لقضايا كبرى تهم المشاهد السعودي خصوصاً، والمشاهد الخليجي والعربي في شكل عام". غوى إبراهيم المذيعة اللبنانية رافقتنا، وكانت تناقشني في قضايانا السعودية، فهي تُعنى بالأخبار التي تمس المرأة السعودية بالذات سلباً أو إيجاباً، وتقدمها عبر جولة سريعة من الصحف السعودية. أما في ما يتعلق بتقديم سهير القيسي للنشرة، فجاء بناء على تحليلات للرأي العام السعودي، أثبت أنها الأكثر جماهيرية في السعودية. يقول رئيس الموارد الإخبارية مالك عبيد:"اختيارنا للمذيعين وللمذيعات في النشرات بناء على تحليل لآراء الجمهور، لذلك اخترنا سهير القيسي كمذيعة لنشرة الرابعة، إذ وجدنا أن لها جماهيرية كبيرة في السعودية". العربية"بودكاست"تضحي ب3 برامج أوضح مدير"العربية بودكاست"محمد سعود جمال أن العربية سبقت كل المحطات العربية الإخبارية وغيرها في تقديم برامج خاصة على موقع"يوتيوب"، وأسهم تنوع الأخبار على قناة العربية في تكوين توجهها الجديد على الإنترنت في إنتاج برامج"يوتيوبية". ويقدم جمال"العربية بودكاست"على أنها"خدمة ترفيهية تقدمها قناة العربية على موقع"يوتيوب"وتستهدف فئة الشباب والمراهقين، وتقدم 5 برامج أسبوعية بمعدل حلقة أسبوعياً لكل برنامج، تضم"كيف؟"و"على الطريق"و"العربية SOMETHING"و"العربية BLA BLA BLA"و"توت". ويطمح هذا المشروع إلى مد جسور الود مع الأجيال المقبلة الواعية لما يدور حولها، والتي وجدت في الإعلام غير التقليدي ما تريد". ولفت إلى أن"القنوات الإخبارية نخبوية وتستهدف فئة النخبة، وجدنا أن فئة مهمة من الشباب والمراهقين لا يتابعون قناة العربية، حتى وإن عملنا قناة تابعة للعربية تهتم بالشباب فلن تلقى الإقبال، لأن الجيل الجديد يستخدم الإنترنت أكثر من متابعة التلفزيون". ويرى أن ميزة البرامج على الإنترنت أنها لا تحتاج إلى برامج تسويق ويضيف:"نحن نعرف صدى البرامج فورياً وفي أيام من خلال التعليقات وعدد المعجبين، و"يوتيوب"فيه تفاصيل عن المشاهدين وتصنيفهم كذكور وإناث والدول اللي ينتمون إليها. نفاجأ أحياناً من بعض برامجنا التي نستهدف بها الذكور بأن غالبية المتابعين لها نساء، فنعرف بسهولة أن هناك خطأ في استراتيجيتنا". انتهى الموسم الأول من"العربية بودكاست"، لكن ثلاثاً من برامجها"اليوتيوبية"الخمسة لن يكمل مشواره كما يؤكد جمال لكنه لم يفصح عنها، عازياً ذلك إلى أن"يوتيوب"أسرع من التلفزيون، وأن المشاهد على الإنترنت يتملل من التكرار سريعاً ويفضل التجديد، لذلك من الأفضل ألا يستمر الموسم الواحد من البرنامج أكثر من شهر". ويصنف البرامج الأعلى مشاهدة على"يوتيوب"إلى ثلاثة أنواع"البرامج الساخرة، والتي تتحدث على لسان المشاهدين بمشكلاتهم، والسطحية، ونقدم للمشاهد ما يريده من جد وهزل وسخرية، نقدم كل شيء لأن الأذواق مختلفة". أما عن معيار نجاح وتسويق برامج"بودكاست"يقول مديرها:"يوتيوب"لا تسويق فيه، و"تويتر"مكان لتسويق مقاطع"يوتيوب"، الأصداء ممتازة على العربية بودكاست، وأكثر شيء يخدمنا هو أن أعلى مستخدمين ومشاهدين في"يوتيوب"من السعودية، فضلاً عن أن عدد متابعي قناة العربية في مواقع التواصل الاجتماعي كبير جداً". واجه"العربية بودكاست"في بدايته مقارنة شرسة مع برامج"يوتيوب"كونت لها شعبية كبيرة، وناقشت القضايا بطريقة ساخرة، وعدم تقبل الناس للأفكار المطروحة، يعلق جمال على تلك المقارنة:"ليس في يوتيوب مكان للمنافسة فهو لا يشبه التلفزيون، المنافسة في"يوتيوب"هي على"الولاء"من خلال"سبسكرايب"فقط، وعدم تقبل الناس لأفكارنا المطروحة أخذ وقته حتى أنهم يطالبوننا بأن نكون نسخة من البرامج الأخرى، لكن بعد فترة اتضحت الصورة المرسومة لكل برنامج". ويأخذ جمال في الاعتبار انتقادات المشاهدين التي تكون غريبة أحياناً مثل المطالبة بتقليل جودة الإنتاج وبأن يكون أكثر بساطة، ولم يحظ برنامج"على الطريق"بقبول المشاهدين له كبرنامج"يوتيوبي"، إنما رأوه كبرنامج تلفزيوني ناجح، إضافة إلى أنهم يعتبرون أن دورة الحلقات أسبوعياً مرهقة لهم وتشتتهم، لذلك طالب الكثير منهم بأن تكون هناك فترة بين كل حلقة وأخرى على الأقل بأسبوعين. ولاحظ مدير موقع"العربية بودكاست"أن معظم من يشاهد القناة بعيدون عن"يوتيوب"، ومشاهدو"يوتيوب"مختلفون عن مشاهدي القناة، ويرى أنه مشروع ناجح بدليل إيرادات الإعلانات. وعن العوامل التي أسهمت في نجاحهم، يرى أن اسم"العربية"خدمهم كثيراً في تسويق البرامج،"لكن يبقى عامل مساعداً لأن المحتوى هو الأساس". وأوضح أن أعلى نسبة لمشاهدي القناة على"يوتيوب"هم على الترتيب في السعودية ثم أميركا ثم المغرب فالإمارات ثم كندا، الترتيب في موقع"العربية نت"السعودية ثم أميركا ثم مصر، بينما تتبع"العربية بودكاست"سياسة نشر للتعليقات تختلف عن"العربية نت"، وهي تعمل على حذف الألفاظ المسيئة فقط، إذ يرى جمال أن"مشاهدي"يوتيوب"يكرهون حارس البوابة". وتطلق"العربية بودكاست"خدمة أصدقاء بودكاست التي تعمل على فتح المجال للمشاهدين للمشاركة بمقاطعهم والتي تنشرها على موقع"العربية بودكاست"من دون فرض أي شروط معينة على المحتوى أو نوع الفكرة سوى شرط واحد هو الاستمرارية وبعد ذلك تقوم"العربية بودكاست"بتقديم عروض عليه مثل إنتاج حلقاته. رئيس القسم الفارسي"خائن" ... من وجهة نظر إيرانية تعتبر السلطات الإيرانية أي مواطن إيراني يعمل في قناة"العربية"خائناً وإرهابياً وعدواً لها. مسعود ألفاك مدير موقع"العربية.نت - القسم الفارسي"من ضمن من وضعت أسماؤهم في القائمة السوداء للاستخبارات الإيرانية، على رغم أن كل ما يفعله هو نقل وترجمة أخبار الوطن العربي إلى اللغة الفارسية على موقع"العربية.نت". يقول مسعود:"نحن لا نطرح أجندة سياسية معادية لأي جهة، ولا نسلط الضوء على فئة معينة في شكل متعمد عبر أخبارنا، مهمتنا تتمثل بإطلاع المجتمع الفارسي على أخبار الوطن العربي بنقل الشأن العربي وترجمة الأخبار في موقع"العربية نت"من اللغة العربية إلى الفارسية في إيران وأفغانستان وطاجيكستان وجنوب أوزبكستان، وهي المناطق الناطقة باللغة الفارسية". وأَضاف:"السلطات الإيرانية وحدها من تعتبرنا ممرري أجندات معادية لإيران، وتمت إضافتنا إلى القائمة السوداء في موقع الاستخبارات الإيرانية". أما في ما يتعلق باختلاف المسميات التي تطلقها وسائل الإعلام الإيرانية و"العربية"على بعض الجهات، يوضح مسعود أن وسائل الإعلام الإيرانية تطلق على الثوار السوريين"إرهابيين"تبعاً لموقفها السياسي من ثورة سورية،"ونحن نطلق عليهم الجيش الحر ليس لأي موقف سياسي، إنما نسمي الجماعات كما تسمي نفسها". ويرى مسعود أن اللغة الإعلامية التي تمارسها"العربية"هي اللغة الإعلامية العامة والمقبولة دولياً، ويؤكد أنها"غير مسيسة"و"غير مؤدلجة"بل"حرفية ومهنية"، ضارباً المثل بكلمة الشهداء:"نحن نسمي الشهداء ضحايا أو قتلى... نحن لا نفرض أي آيديولوجية أو عقيدة معينة من خلال الخبر، في مقابل خطاب مؤدلج تستخدمه الوسائل الإعلامية الإيرانية مع الثوار في سورية بقولهم هلكوا بدلاً من قُتلوا، في إشارة إلى الثوار". القذافي كان مادة خصبة للعاملين فيهپ زيارة"صامتة"ل"قسم الإبداع" سألت عن"قسم الإبداع"في"العربية".. قيل لي إنهم في الطابق الثاني من المبنى، لكنهم طلبوا مني مراعاة خصوصية هذا القسم، وعدم إزعاجهم"حتى لا ينقطع حبل أفكارهم". هذه الملاحظة جعلتني شعرت بمدى ثقلهم في المؤسسة. تجولت في الطابق الثاني من دون أن أجد أحداً في الممرات جميعهم داخل غرف مظلمة بأجهزة ذات شاشات كبيرة ومتعددة مبتكرين لهم جواً آخر بنكهتهم الإبداعية في حيطان الغرف. يقوم قسم الإبداع بإنتاج الإعلانات التي تروج لقناة"العربية"وبرامجها، وباختيار الشعار والألوان والعلامة التجارية والعديد من المهام الترويجية والتسويقية المختلفة. تميزت الإعلانات الخاصة ببرامج وأخبار قناة"العربية"بحرية وجرأة كبيرة، إذ تتناول هذه الإعلانات خطابات رؤساء وحكام وشخصيات ذات ثقل سياسي. التنوع الإخباري أيضاً منح القسم حرية كبيرة في طرح أفكار جريئة على قناة إخبارية، يعمل فيه 6 موظفين في إنتاج الإعلانات تجمعهم الموهبة والشغف أكثر من التخصص، فهم يؤكدون أنهم لا يتوقفون عند حدود معينة، ويرون أن كل ما يعملونه منسجم مع طبيعة القناة ويراعى فيه ذوق المشاهد بعيداً عن الابتذال. يقول منتج إعلانات في القناة أمجد شكوكاني:"قبل انطلاق العربية كانت المادة السياسية تؤخذ على أنها موضوع جامد لا يمكن التعاطي إلا بجدية تصل إلى حد الملل، لكن العربية كسرت هذا الجمود من ناحية الشكل والمضمون، وهو ما أعطى فريق الإبداع في العربية المساحة للانطلاق بالأفكار". ويضيف وليد مسعود:"نتعامل مع خطابات بعض الزعماء العرب بطريقة مختلفة، فقد كانوا فعلاً ملهمين، خصوصاً القذافي فقد كان مسرحية بحد ذاتها ومادة زخمة وملهمة للإبداع". إحصاءات - يشكل السعوديون والسعوديات في غرفة الأخبار فقط نسبة 15 في المئة. - 100 صحافي ومحرر من 16 جنسية عربية يعملون في"العربية". - السعوديون في مقدم الجنسيات الخمس الأولى من ناحية الكثافة. - عدد المراسلين يتجاوز 80 مراسلاً في مختلف أنحاء العالم، منهم أكثر من 10 مراسلين سعوديين. - عدد متابعي"العربية"في"تويتر"يتجاوز مليونين.