مارادونا الذي نسيَ أنّ عرشه يتساقط بعد أن صار ناديه، الوصل، ينهار بالخمسة يقول «لقد نصحت ميسي بألاّ يتنازل عن عرشه للبرتغالي كريستيانو رونالدو»، والجماهير البرتغالية تخرج إلى الشارع مطالبة جوزيه مورينيو بالإشراف على المنتخب بعد أن وجد نفسه في خانة الملحق الأوروبي... وبعد أن سمعوه يقول «أريد أن أدخل التاريخ...». وبالتالي عليه أن يغيّر الجغرافيا، ليكون بعيداً عن غوارديولا... فعرش الليغا لا يسع لاثنين. فما هي القراءة التي يمكن تقديمها بشأن العرش وما حوله؟ إنّ مارادونا يدرك تماماً قيمة كريستيانو وموهبته، وإمكاناته ومهاراته، فالوسيم البرتغالي استطاع في موسمين أن يكون الهدّاف الأسطوري في النادي الملكي بأكثر من أربعين هدفاً في موسم واحد، بينما لم تنجح فرقٌ في بلوغ نصف هذا العدد.. ولكنّ الأمر بالنسبة للمنتخب البرتغالي، يختلف تماماً، فرونالدو لا يعرف طريق الشباك إلاّ نادراً، وعدم التأهل المباشر لنهائيات أمم أوروبا 2012 يعدّ انتقاصاً من رصيد نجم الريال، بخاصة وأنّ الكرة الذهبية عادت مرتين لميسي، وقد تؤول الثالثة له أيضاً، وفي ذلك منقصة من قيمة رونالدو ولو سجّل 50 هدفاً للريال.. لأنّ حساب القيمة يكون بأداء المنتخب أيضاً. أمّا ميسي فإنّه، استعاد حضوره في منتخب التانجو بعد أداء باهت في المونديال وكوبّا أميركا، وصار الصانع الفعلي لألعاب الأرجنتين، كما أنّه عرفه طريق إلى الشباك، وتصالح مع الجماهير، فضلاً عن ارتفاع اسهمه في برشلونة، إذ لا تخطئ قدماه المرمى، ويتوقع الخبراء أن يكون الموسم ملك قدميه.. ورأسه. فالصّراع حول عرش الكرة ليس جديداً، ولم يبدأ بين ميسي ورونالدو، فقد حدثت في فترات من تاريخ الكرة العالمية، صراعات بين الملك بيليه والأمير ماراودنا لاحقاً، وزيدان ورونالدو البرازيلي، وكذا بين عدد من النجوم التي صنعت بهجة الملاعب، أمثال ديستيفانو وأوزيبيو وكرويف وباجيو وبلاتيني وويّه وميلا.. إلاّ أنّ الفرق هو أن ميسي ورونالدو لم يتوقف التنافس بينهما في المهارات، ولكن دخلت التكنولوجيا على الخط، لرفع وتيرة الصراع على كرسيّ لا يسع لاثنين طبعاً ولو كانا بذات المواصفات. فكريستيانو مثلا صار قادراً على أن يسجّل أكثر من ثلاثين كلم في الساعة، كلّ مباراة بعد أن كانت يحقق عشرين كلم فقط (..) والسبب هو ابتكار حذاء لا يفوق وزنه 200 جرام، يتم تصنيعه بدقة عالية بعد أن تخضع قَدَم اللاعب للتصوير الضوئي بتقنية الأبعاد الثلاثة. واستحسن لاعبو الريال وغيرهم ممن يسعون للاستفادة من هذا الحذاء السحري، وهو ما يفسّر التألق الكبير للسهم البرتغالي في ملاعب أوروبا. أما ليونيل ميسي، فإنّه استفاد هو الآخر من نعمة التكنولوجيا، إذ أقدمت شركة أديداس الألمانية على اختراع حذاء بمواصفات عالية الدقة، ومزوّد بشريحة إلكترونية تسجّل كلّ المعلومات، من سرعة اللاعب، والمسافة التي يقطعها، وعدد الكرات التي يلمسها، كما أنّه حذاءٌ يتّسم بالمرونة اللازمة، ويمنح صاحبه شعوراً باللعب المريح.. إذا كانت الموهبة تشكّل أساس التفوّق بين ميسي ورونالدو، وربمّا نجوم آخرين سيظهرون لاحق من أمثال نيلمار البرازيلي، فإنّ هناك عوامل أخرى يمكنها أنْ تعزّز هذا التفوّق والتألق، منها ما هو ذاتي كالأخلاق والانضباط والمثابرة، ومنها ما يرتبط بالمحيط كالإعلام والتكنولوجيا. إنّ الصراع على العرش لا يقف عند ترتيب الفيفا كلّ شهر لأفضل المنتخبات وفق معايير محدّدة، ولا بين برشلونة والريال ومانشستر والإنتر.. ولكنّه صراع جماهير يستقرّ في الشارع الذي يضع معايير بخاصة به لاختيار هذا اللاعب أو ذاك، في مقدمها.. الشوفينية (..) وربّما يكون مارادونا أخذ شيئاً من الشارع لينتصر لميسي على حساب رونالدو، ولو كان على حقّ. [email protected]