عم الرضا الأوساط الرياضية البريطانية، بعد أن نجح رياضيو بلادها أخيراً في خطف 75 ميدالية ذهبية، ما وضعهم في المركز الثالث بين قائمة المنتخبات الأكثر حصداً للذهب، لكن الجماهير التي تابعت الأحداث ما زالت تجهل حقيقة العمل الذي تكبدته الاتحادات البريطانية الرياضية للوصول إلى هذا الرقم.وبينما لا تتعدى قيمة الميدالية الذهبية في الأسواق حاجز ال450 جنيهاً استرالياً، أكثر من ثلاثة ملايين جنيه استرليني لقاء كل ذهبية حققتها، بحسب تقرير اقتصادي قدمه الكاتب في موقع"بي بي سي"البريطاني، إذ أكد أن بلاده خصصت موازنة مقدارها 236 مليون جنيه استرليني لتجهيز رياضيها هذه المرة. ويعتقد اندرسون أن عوامل عدة ساعدت الفريق الأولمبي البريطاني على حصد أكبر عدد من الميداليات الذهبية هذا العام، خصوصاً أن اللاعبين حققوا الرقم الأفضل في تاريخهم، منها مهارة اللاعبين، والتدريب القاسي، واللعب على الأرض وبين الجماهير. غير أنه يشدد على أن السبب الرئيس هو الدعم المالي الذي يحصل عليه التدريب الأولمبي في بريطانيا. وللدلالة على ذلك، يعود التقرير إلى المشاركات البريطانية السابقة، فلم تستطع بريطانيا الحصول على أكثر من ذهبية واحدة و51 ميدالية أخرى في أولمبياد اطلنطا في أميركا عام 6991، بسبب الدعم المتواضع الذي قدمته بريطانيا للتدريب قبل الألعاب الأولمبية، غير أن الأمر سرعان ما تغير خلال أقل من عام واحد، إذ تكفل"الناشونال لوتري"اليانصيب الوطني في الألعاب الأولمبية استعداداً للدورة المقبلة في سيدني الاسترالية عام 0002، نتيجة التمويل جاءت سريعة وفعالة، فعوضاً عن ميدالية ذهبية واحدة عام 6991، استطاع البريطانيون حصد 11 ميدالية ذهبية و71 ميدالية أخرى في أولمبياد سدني، هذه القفزة الهائلة في عدد الميداليات لم تكن نتيجة حظ عابر، بل جاءت نتيجة دعم مالي بلغ قدره 06 مليون جنيه استرليني. لم تكن نتائج دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في أثينا اليونانية عام 4002 بأقل نجاحاً للبريطانيين من مثيلتها الأسترالية، غير أن الفوز الأضخم للبريطانيين جاء في أولمبياد بكين عام 8002، فحقق البريطانيون 91 ميدالية ذهبية و82 ميدالية أخرى، وبات واضحاً أن حصول البريطانيين على عدد أكثر من الميداليات ارتبط بشكل مباشر بالمبالغ المالية التي تخصص لدعم تدريباتهم، فقد حصلت بريطانيا على 82 ميدالية في أولمبياد سدني عام 0002 في مقابل 06 مليون جنيهاً، في عام 8002 دفعت بريطانيا 632 مليون جنيه حصلت في مقابلها على 74 ميدالية في بكين الصينية. وهذا ما يشير إليه البروفيسور ديفيد فورست أستاذ الاقتصاد الرياضي في جامعة سالفورد في بريطانيا، الذي يؤكد تضاعف المبلغ المعد للاستثمار في التدريب إلى 4 أضعاف منذ دورة الألعاب الاولمبية في أثينا عام 4002، ودوره في تضاعف عدد الميداليات التي حصل عليها البريطانيون، إذ يقول:"زدنا المبلغ إلى 561 مليون جنيه وحصلنا على 71 ميدالية إضافية، ما يعني أن كلفة الحصول على ميدالية أولمبية تقارب 01 ملايين جنيه استرليني". التمويل الضخم الذي تحصل عليه الألعاب الأولمبية، ويتمثل في بناء مراكز رياضية على امتداد بريطانيا، وتدريب أفراد المجتمع، يأتي من مصادر عدة، أكبر هذه المصادر هو اليانصيب الوطني الذي يسهم بنحو 06 في المئة من الموازنة، في حين يأتي 04 في المئة من أموال دافعي الضرائب عن طريق تمويل مباشر من الخزينة البريطانية، وبعملية حسابية أخرى، فإن دافع الضرائب البريطانية يدفع 08 بنساً سنوياً لتمويل استعدادات الألعاب الأولمبية، ويأتي نحو 7 ملايين جنيه سنوياً من الفرق الأولمبية ذاتها. الأرقام تشير أيضاً إلى أن الألعاب الأولمبية التي تحظى بدعم مالي أكبر، تكون مرشحة للحصول على عدد ميداليات أكثر، فعلى سبيل المثال دفعت بريطانيا لألعاب الفروسية نحو 31،3 مليون جنيه استرليني، وفي المقابل فاز الفرسان البريطانيان هذا العام بميداليتين ذهبيتين وثالثة فضية.