بعد مرور أربع سنوات من دراستي في جامعة الملك سعود، أنظر إليها الآن وأتذكر أسابيعي الأولى فيها وأضحك، فقد كانت عبارة عن مجموعة مغامرات مضحكة، كنت حينها ابنة ال"18"ربيعاً، أذهب للمدرسة أحفظ وجوه كل من فيها، كنت أجلس في فصل لا تزيد طالباته على 20 طالبة، انتقلت بعدها إلى مكان أشبه ما يكون بمدينة كبيرة من جامعة، وجوه كثيرة ومبانٍ أكثر، لا أزال أذكر بأني ضعت في أول محاضرة لي، فلما دخلت القاعة متأخرة سألتني الدكتورة عن سبب التأخير، وعيون 100 طالبة تنظر إليّ، فلم أستطع الإجابة، وقفت متسمرة في مكاني أنظر إليها من دون أن أخبرها عن سبب تأخيري، فطردتني من محاضرتها. أحزنني هذا الموقف حينها، أما الآن فمجرد تذكري لوجهي يجعلني أضحك، وأيضاً لم أكن أعلم كيف أقرأ الرموز التي بالجدول، ولا أحفظ بواباتها ولا مبانيها. وها أنا اليوم على أبواب التخرج تفصلني عن لبس القبعة السوداء بضعة شهور، بإذن الله، هذه الجامعة لن أخرج منها بشهادة بكالوريوس الحقوق فقط، بل سأخرج منها بصداقات ومعارف والكثير من الذكريات، ففي هذه الجامعة صقلت شخصيتي، فبعد أن كنت تلك الفتاة التائهة التي تخجل من كل شيء، أصبحت الفتاة القوية التي تعرف كيف تُسمِع صوتها لكل الحاضرين، وتتكلم عن أحلامها بأعلى صوت، وتصميمها على ترجمة ما درسته بسنواتها إلى أفعال، أصبحت أعلم ماذا أريد وأسعى لتحقيقه، وهأنذا اليوم أنظر إلى خطتي الجامعية، فأبتسم عندما أرى بأنه لم يبقَ سوى بعض المواد التي لم أجتزها فقط، مازلت أذكر عندما اطلعت عليها للمرة الأولى كنت أنظر إليها في حيرة، أتساءل في داخلي هل سأستطيع إنجازها كلها! والحمد لله استطعت، وهأنذا أنا قانونية قيد الإعداد على مشارف تحقيق حلمها والتخرج في كلية العلوم والأنظمة السياسية. أعلم أن الكثير منا ينظر إلى الدراسة على أنها همّ، وعلى الجامعة بأنها سجن، نحسب الأيام متشوقين للخروج منها، ولكن أنا متأكدة أننا سنذكر أيامها يوماً ما بفرح، وإذا مررنا بجانبها في يوم سنبتسم لها شوقاً، فبداخلها الكثير من الذكريات التي لا تُحكى، ووجوه أنا متأكدة أني سأشتاقها. روان صالح النويصر جامعة الملك سعود