مع قرب نهاية كل سنة ميلادية، يترقب السعوديون إعلان"الموازنة"العامة للمملكة، للتعرف على المؤشرات الاقتصادية والمالية لبلادهم، وكذلك معرفة المجالات والقطاعات التي سيتركز فيها الإنفاق الحكومي، لتلمس الاتجاه التنموي العام للمجتمع. ويفرق المختصون - في علوم الاقتصاد والمحاسبة وإدارة الأعمال- بين مصطلحي"الميزانية"و"الموازنة"، إذ تمثل"الموازنة"العامة للدولة خطة مستقبلية بأرقام تقديرية لإيرادات ومصروفات فترة مالية مقبلة تقدر عادة بعام، وربما تنفذ الخطة بأرقامها المقدرة كما خطط لها، وقد تزيد هذه الأرقام أو تنقص. في المقابل، تعني"الميزانية"قائمة أو حساباً للمركز المالي يبين للمهتمين الوضع المالي لمنشأة معينة بتاريخ محدد"يكون في العادة نهاية الفترة المالية المقدرة غالباً بعام، وبمقارنة المركز المالي للعام الحالي بأرقام العام السابق يتبين التغير في الوضع المالي للمنشأة. وتتوازن"الميزانية"إذا تعادلت الإيرادات قيمة المبالغ المرصودة في الإيرادات والنفقات قيمة المبالغ المرصودة للمصروفات، أما إذا تفوقت الإيرادات على النفقات، فينتج عن ذلك فائض في الميزانية، بينما يحدث العجز في الميزانية إذا تفوقت النفقات على الإيرادات. في السعودية، تصدر"الموازنة"كل عام بمرسوم ملكي أو أكثر، بعد إعدادها من وزارة المالية، التي تعتبر ثاني وزارات المملكة تأسيساًً بعد وزارة الخارجية، ويعد الشيخ عبدالله بن سليمان الحمدان أول وزراء المال، وتعتبره بعض المصادر التاريخية أول سعودي ينصب وزيراً بشكل رسمي. ومرت تسمية"وزارة المالية"بمراحل متعددة، إذ كانت تسمى"بيت المال"، ثم أطلق عليها"خزينة الدولة". وفي العام 1927 أنشأت"مديرية المالية العامة"في مكةالمكرمة، وكان مديرها العام الشيخ عبدالله بن سليمان، وفي العام 1929 تحولت إلى"وكالة المالية العامة"، وأدارها أيضاً الشيخ عبدالله بن سليمان باسم"وكيل المالية العام". ودفعت الأزمة الاقتصادية - التي اجتاحت العالم في العام 1930 بالحكومة السعودية إلى استدعاء خبير اقتصادي من هولندا لتنظيم ميزانية الدولة، وفي العام ذاته تحولت"وكالة المالية العامة"إلى"وزارة المالية"، وعيّن الشيخ عبد الله بن سليمان رسمياً وزيراً لها. ثم سمّيت بعد ذلك"وزارة المالية والاقتصاد الوطني"، قبل أن تفصل إلى وزارتين، هما :"وزارة المالية"و"وزارة الاقتصاد والتخطيط". وصدرت أول ميزانية غير نظامية للمملكة في العام 1932، وبلغت 106,5 مليون قرش أميري، تعادل بأسعار الصرف آنذاك نحو 10 ملايين دولار أميركي. وبعد عامين من توحيد البلاد باسم المملكة العربية السعودية، أصدرت"وزارة المالية"أول ميزانية رسمية نظامية، إذ بلغت 14 مليون ريال سعودي. وبنهاية العام 2012، تكون الحكومة السعودية أصدرت 79 موازنة عامة رسمية ونظامية، في المقابل تخطت الإيرادات الفعلية للمملكة للمرة الأولى حاجز التريليون 1000 بليون في العام 2011، إذ بلغت 1100 بليون ريال سعودي.