يُعد تصنيف الوظائف القلب النابض لإدارة الموارد البشرية في المنظمات، وتعد وزارة الخدمة المدنية المعنية بإدارة الموارد البشرية في معظم الأجهزة الحكومية القلب النابض للأجهزة الحكومية. تمثل التجربة التي تمتلكها الوزارة في تطبيق خطة تصنيف تجربة ثرية، بل إن بعض دول مجلس التعاون الخليجي استفادت من تجربتها في تطبيق خطة تصنيف الوظائف. خطة تصنيف الوظائف المطبقة منذ سنوات في الأجهزة الحكومية تحتاج إلى صيانة مستمرة للتغلب على المعوقات التي تواجه التطبيق وللبحث عن الجديد في هذا المجال. نود أن نؤكد بأنه من خلال احتكاكنا بالموظفين المتدربين في برامج معهد الإدارة العامة المتعددة، لاحظنا أن هناك عدداً لا بأس به من مسميات وظائفهم تختلف عما يمارسونه من أعمال، هذه الظاهرة تحدث ما يمكن أن نطلق عليه"مثلث الضياع"للموظف وللجهة التي يعمل بها ولجهة التدريب. فالموظف إذا حصل على تدريب، بناءً على مسمى وظيفته، فإنه لا يستفيد منه في تطوير مهاراته ومعارفه، ويؤدي أيضاً إلى إعاقة تطوره الوظيفي، فعلى سبيل المثال حدثني أحد الموظفين، يعمل كرئيس لقسم المحاسبة بينما مسمى وظيفته"سكرتير"، أنه كلما رشحته جهته للترقية إلى وظيفة أعلى في مجال المحاسبة اعترضت وزارة الخدمة المدنية، لأن مسمى وظيفته"سكرتير"يختلف عما يمارسه من عمل فعلي، وهذا الوضع ينجر على أمثاله من الموظفين، وتسببت هذه الظاهرة أيضاً ما يعرف ب"الاحتراق الوظيفي"، لأن الموظف واقع بين نقيضين، مسمى وظيفة لا يزاول أعمالها، وعملاً يزاوله لا يمت بصلة لمسمى وظيفته، هذا يسبب حال من الإرباك والحزن للموظف الذي لا يستطيع تجاهله ونسيانه عند الترقية أو التدريب. أما بالنسبة للمنظمة فإن اختلاف مسمى الوظيفة عن طبيعة العمل الذي يمارسه الموظف يكون مجالاً لصرف نفقات مالية من جهة العمل، وكذلك ضياع وقت الموظف والمنظمة. الزاوية الأخيرة في هذا المثلث هي جهة التدريب، إذ إن جهات التدريب الحكومية أو الأهلية تعتقد أن التدريب إذا لم يكن ذا ارتباط بالمهام الفعلية التي يمارسها الموظف، فإنه يكون عديم الفعالية ومضيعة لوقت الموظف والمدرب ولها. وقد ازداد هذا الوضع سوءًا في الأجهزة الحكومية بعد تثبيت الكثير من الموظفين على وظائف جديدة مراتب، لأن كثيراً من المسميات الوظيفية يختلف عما يمارسه الموظف من عمل. لذا أقترح أن تقوم كل جهة حكومية بدرس الوظائف، وتحديد الموظفين الذين يزاولون عملاً يختلف عن مسميات وظائفهم، وتحديد أسباب هذه الظاهرة ومعالجتها عن طريق تحوير الوظائف، أو نقل الموظف إلى الوظيفة المناسبة، والتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية، كما أقترح أن تُجري وزارة الخدمة المدنية دراسة ميدانية شاملة لعدد من الوزارات للوقوف على أسباب المشكلة، ووضع حلول واقعية وعلمية لها. محمد زويد العتيبي [email protected]