في الوقت الذي يزدحم فيه حجاج بيت الله الحرام داخل المطارات أو في أماكن تجمعات الحجاج، متوجهين إلى المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج، لا يبالي كثير من الأطفال الرضع أو الذين لم يبلغوا سن الرشد من تواجدهم داخل هذه الحشود التي وفدت من كل حدب وصوب، إذ لم يمانع أهالي هؤلاء الأطفال من اصطحاب أطفالهم معهم للحج لأسباب قاهرة. أحد هؤلاء الأطفال لم يتجاوز عمره ال 11 شهراً، قدم مع والديه من جمهورية"بنين"، التي كانت إحدى مستعمرات فرنسا، بعد أن قرر والداه ضرورة وجوده معهما، وبدا الطفل الإفريقي"نوفو"متوشحاً إحرامه ومتجملاً بعقد صغير من حبات الخرز البنية، وهو يلهو بين والديه ويبادل المارة ابتسامته الطفولية البريئة. والد"نوفو"تحدث ل"الحياة"عن سعادته بقدومه لأداء مناسك الحج، وهو يعمل طبيباً في بلاده، كما أشار إلى الأسباب التي جعلته يصطحب طفله"نوفو"إلى الحج، وقال:"طفلي ما زال صغيراً ولم يُفطم حتى الآن، ومن الصعب تركه والذهاب من دونه"، مشيراً إلى أن"ابني حظي بنعمة الحج وهو ما زال صغيراً وهي فرصة عظيمة أن يأتي إلى المسجد الحرام مؤدياً هذه الفريضة العظيمة". وأوضح والد نوفو أن جمهورية بنين جمهورية صغيرة، وأن نسبة المسلمين فيها قليلة، مشيراً إلى أنه يمتد من أصول عربية ومن أسرة مسلمة أساساً. وحول خطورة تعرض ابنه للأمراض جراء اختلاطه بالحجاج، أكد أن"الله سيحمي طفلنا، فأنا قادم ألى أجمل مكان في العالم، ورحلتي هذه كانت أحد أحلامي التي راودتني بعد استكمال دراستي للطب وزواجي، وأحمد الله الذي يسرها لنا". وأضاف:"والدي قد اصطحبني معه إلى الحج وأنا في طفولتي، وهذا الأمر جعلني أتشجع لاصطحاب طفلي دون قلق أو خوف، وأنا قد أتممت جميع التطعيمات اللازمة التي تقي ابني من الأمراض". من جهة أخرى، أوضحت استشارية طب المجتمع ومديرة إدارة التوعية الصحية في محافظة جدة الدكتورة منيرة بلحمر أن الحج فيه الكثير من المشقة للحاج الكبير فكيف بالطفل، وقالت في حديث إلى"الحياة":"إن كان لابد من اصطحاب هذا الطفل للحج فعلى أسرته الالتزام بالتطعيمات الواجبة لسنه، كما يجب الاهتمام به ورعايته جيداً، لأن مطاف الوقاية لا ينتهي عند أخذ التطعيمات". وأشار بلحمر إلى الصعوبات التي قد يواجهها الطفل عند أداء المناسك مثل ضربات الشمس وتلوث الأكل، مؤكدة أن"مناعة الأطفال ضعيفة وبالتالي هو معرض للخطر دوماً".