تتعدد صور ابتسامة الأطفال البراقة في الحج، وتختلف مواقفها وظروفها، إلا أنها توحدت شكلا ومضمونا، فالبسمة هي المرافق الرئيسي لهم راجلين وراكبين، أو محمولين على الأكتاف وعلى العربات الصغيرة، في تعبير أن لا شيء أصدق من الابتسامة للتعبير عن الشعور بالسعادة وما يكنه الفؤاد من شعور صادق، منبعه قلب خافق بذكر وحب بأحاسيس دفاقة، ودموع تملأ أحداق العيون فرحا بما أنعم الله به على ضيوف الرحمن بإتمام فريضة الحج. فالابتسامة لغة أحسها حجاج بيت الله الحرام وعاشوا لحضاتها بين المشاعر المقدسة في انعكاس لنجاح موسم حج هذا العام. ترى الأطفال يبتسمون تحت أشعة الشمس وهم يفيضون إلى عرفات، ملبين أمر الله، ويدلفون إلى مزدلفة طائعين أوامره، ليختموا حجهم برمي الجمار في مشعر منى. الكل يبتسم حتى ذلك الطفل الصغير في شهوره الأولى.. لا لشيء إلا أنه رأى والديه تعلوهما ابتسامة الرضى والتفاؤل بالقبول وإن خالجه التعب. فمشهد اصطحاب بعض حجاج بيت الله الحرام لأطفالهم الصغار إلى الحج بات مألوفا، ويتكرر كل عام في هذا الاحتشاد في المشاعر المقدسة الذي يجمع الملايين من أصقاع الأرض في مكان واحد. وعلى الرغم من المخاطر التي يكتنفها اصطحاب الأطفال للحج مع عدم إدراك الطفل - لصغر سنة - خطورة ذلك، إلا أن هناك أسرا تنبهت لذلك منذ وقت مبكر، وقاموا بتطعيم أطفالهم ضد الأمراض. في أثناء ذلك، يبين الحاج محمد ماعلي من إندونيسيا الذي التقاه مندوب وكالة الأنباء السعودية عقب رميه للجمرات بصحبة ابنه الذي لم يتجاوز العامين أنه أحضر ابنه معه لأنه ليس لديه من يرعاه في حالة غيابه، مؤكدا إدراكه لخطورة كثافة الحجيج في المشاعر وأنه يحرص على تجنيب ابنه الخروج من المخيم كثيرا كما أنه حرص قبل قدومه لأداء المناسك أن يأخذ ابنه اللقاحات اللازمة إلى جانب الكمامات. وقال «كنت حريصا على سلامة ابني، وودت عدم إحضاره، ولكن لم أجد دون ذلك سبيلا إلا إحضاره، وأتمنى لو كانت هناك مراكز برسوم مخفضة لرعاية أطفال الحجاج ، لتركت طفلي عندهم لحين اكتمال أداء المناسك ومن ثم أطمئن عليه وأؤدي مناسك الحج وأنا مرتاح البال. وفي ذات السياق، تحدث الحاج محمدين صبحي الدمنهوري من جمهورية مصر العربية وهو حامل طفله الصغير على كتفه، وقد ألبسه ملابس الإحرام على الرغم من صغر سنه الذي لا يتجاوز السنة والنصف فيقول: رزقني الله قبل ثلاثة أشهر بتوأمين من البنات، وما عادت زوجتي قادرة على رعاية طفلي البكر، فاضطررت لاصطحابه معي، وأنا على كل حال سعيد بوجوده معي لأنني سألجأ إليه لمساعدتي في يوم من الأيام. نظير ذلك يبدى حجاج آخرون سعادتهم الغامرة باصطحاب أطفالهم معهم خلال أداء النسك في المشاعر المقدسة، وفي المسجد الحرام لأن ذلك - في رأيهم - يعطيهم شعورا بالراحة وهم ينظرون إلى أطفالهم بملابس الإحرام، ويتبادلون الابتسامة الصادقة. أما الحاج ساجي زين من طاجكستان عبر عن فرحه لتمكن أبنائه محمد ومنظور من تأدية مناسك الحج معه، مؤكدا أن حج الأطفال نوع من التأهيل والتدريب على حب الإسلام وشعائره. بينما الحاج صالح من اليمن وهو في الأربعين من عمره أحضر ابنه البالغ ست سنوات وهو سعيد بأن يرمي الجمرات ويطوف في المسجد الحرام، حامدا الله أن بلغه ليشهد هذا المنظر كما فعل معه والده قبل أكثر من 30 عاما.. وقال: جميل أن نعلم الأطفال ونربطهم بدينهم العظيم ويشاهدوا التجمع الإنساني المليوني الإسلامي الكبير. وكان لرجال الأمن حضور الأب بالنسبة للأطفال التائهين عن أسرهم في تعاطف مع طفل لا يملك قرارا في حجه وقد تناثرت دموعه بضياعه عن أهله، فيتولى رجل الأمن رعايته والبحث عن سبيل إعادته لذويه وإخراجه من حشود الحجاج بسلامة. وفي هذا الإطار أبدى عدد من الحجاج إعجابهم بجهود الكشافة، وما شاهدوه في الميدان من مساعدات تطوعية من نشاط الكشافة السعودية داعين لهم بالأجر والمثوبة.