اعتبر القيادي في وزارة الشؤون الإسلامية، المحلل السياسي الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان، الكلمة التي افتتح بها ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز أخيراً ندوة أقيمت في جامعة"الإمام"، نقطة تحول مهمة، في إعلان السعودية موقفها من الأسئلة التي ظلت توجّه لفلسفتها في الحكم الرشيد، المستند إلى نهج"السلفية"، التي أسس عليها الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب أركان"الدولة السعودية"قبل قرون. وأشار اللحيدان في قراءة خص بها"الحياة"لتلك الكلمة، إلى أن الأمير نايف ركز على عناصر، رآها اللحيدان خلاصة التصور السعودي لتطبيق"السلفية"وفق منهج الرعيل الأول، تنظيراً وحكماً. وتمثلت تلك الأسس وفق قراءة اللحيدان في الثبات على المبادئ، وتحقيق السلام والأمن والرفاه، والوسطية والاعتدال، والرد على الشطط، ومحاربة الغلو. في إشارة إلى قلب مفهوم السلفية التقليدي في الأذهان، الذي يعتقد أنه متعارض مع"الحداثة، والتنمية، والحضارة". في ما يأتي نص القراءة: ألقى ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز كلمة ضافية أثناء رعايته حفلة افتتاح ندوة"السلفية منهج شرعي ومطلب وطني"، تضمنت بإيجاز غير مخل تأكيد قيام هذه البلاد على العقيدة الإسلامية الصحيحة كما فهمها سلف هذه الأمة الذين هم الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم من السلف الصالح. ومن المعلوم أن أئمة السلف بقوا على الأصل الصحيح الذي ما انتقل صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه إلا وقد أوضحه للناس. فمن آخر ما نزل من القرآن"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً"، كما قال صلى الله عليه وسلم"تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي"، كما قال عليه السلام"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضو عليها بالنواجذ"، وعندما خرجت الفرق وتشتت الأمة بقيت الكثرة الغالبة من الأمة على عقيدة السلف، وانبرى علماء السلف من الحسن البصري إلى أحمد بن حنبل إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وصولاً إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب وعلماء السلف في العصر الحديث مثل محمد رشيد رضا وعلماء هذه البلاد وعلماء الإسلام من الهند إلى المغرب مروراً بالشام ومصر، أقول انبروا للدفاع عن العقيدة الإسلامية الصحيحة في وجه الفرق والتيارات المختلفة من الخوارج والشيعة والمرجئة والمشبهة والمعطلة قديماً، إلى التيارات العلمانية والاشتراكية وغيرها في العصر الحديث. لقد تعرضت السلفية في السنوات العشر الأخيرة إلى هجمة إعلامية عالمية، واتهمت بكل أشكال التهم من تطرف وإرهاب وتكفير، إلى وصفها بالجمود ونبذ العقل ومحاربتها للتقدم والنهضة. وكان من أبرز ما تم وأوضح للعالم أجمع حقيقة السلفية دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للحوار بين الأديان. إذ فتح بذلك لعلماء ومفكري هذه البلاد المجال لإيضاح العقيدة الإسلامية الصحيحة التي تدعو إلى التمسّك بالإسلام والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وتنبذ العنف والإرهاب، وتدعو إلى السلام والتعايش السلمي بين البشر كافة. وجاءت رعاية ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز ندوة السلفية منهج شرعي ومطلب وطني لتشكل نقطة تحول أخرى في مواجهة الحملة الشرسة على هذه البلاد. ومن أهم المضامين التي جاءت في كلمته ما يأتي: الثبات على المبادئ: إذ قال:"إننا نؤكد أن هذه الدولة ستظل بإذن الله متبعة للمنهج السلفي القويم ولن تحيد عنه ولن تتنازل، فهو مصدر عزها وتوفيقها ورفعتها". إن الدول التي ليست لها مبادئ ثابتة عرضة للانهيار والتفكك. ووسط هذه الأمواج المتلاطمة من الأفكار والتيارات والاتجاهات يكون تمسّك هذه البلاد بمبادئها حصناً حصيناً ضد الانجراف ذات اليمين أو ذات اليسار. والذي يجعل البشر أمماً هو أفكارها ومبادئها، فإذا تخلينا عنها نكون قد انهزمنا حتى ولو لم نقع تحت الاحتلال أو الغزو العسكري أو التبعية الاقتصادية. تحقيق السلام والأمن والرفاه: فوصف السلفية بأنها"منهج ديني شرعي، كما أنها منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم والدعوة إلى التعايش،"فتحت ظل هذا المنهج الصحيح والمعتدل والنقي أمن الناس بمختلف مناطقهم وقبائلهم ومذاهبهم، وتوحّدت هذه البلاد بعد طول معاناة مع الفرقة والحروب الأهلية. فكان توحيدها الأول على يد الإمامين الصالحين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب، ثم توحيدها الحالي على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي قاد أهم حركة إسلامية في القرن العشرين نجحت في توحيد البلاد وتطبيق الشرع، فعاش الناس إخوة متحابين. الوسطية والاعتدال:"تعلمون أن السلفية الحقة هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي بذلك تخرج عما ألصق بها من تهم أو تبناه بعض أدعياء اتباع المنهج السلفي"، فالسلفية دعوة ليست حزبية ولا مذهبية. إذ نادت بتجاوز التعصب المذهبي بين المالكية والشافعية والحنبلية والحنفية في القديم، وترفض الحزبية في العصر الحديث. فهي تعتبر أن جميع أهل القبلة مسلمون والمرجعية هي الكتاب والسنة. أما التعصب المذهبي أو الحزبي فهو مرفوض، والمجال متاح للجميع للعمل في حدود الكتاب والسنة. ومعيار تولي المسؤولية هو القوة أي القدرة والكفاءة وكذلك الأمانة، قال تعالى"إن خير من استأجرت القوي الأمين"ولابن تيمية رحمه الله في كتابه"السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية"كلام جميل في ما لو توافرت الكفاءة ونقصت الأمانة أو توافرت الأمانة ولكن نقصت الكفاءة، إذ اقترح رحمه الله نوعاً من التوازن في الولايات لكي نحصل على أفضل النتائج محققين أعلى درجات الكفاءة والأمانة. الرد على الشطط: وذلك بتأكيده"أن هذه الدولة المباركة قامت على المنهج السلفي السوي منذ تأسيسها على يد محمد بن سعود وتعاهده مع الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله، ولا تزال إلى يومنا هذا بفضل الله وهي تعتز بذلك، وتدرك أن من يقدح في منهجها أو يثير الشبهات والتهم حوله فهو جاهل يستوجب بيان الحقيقة له"، لقد استغلت بعض الفرق الضالة والتيارات الفكرية الحملة الإعلامية التي شنتها بعض الدوائر ضد المملكة منذ أحداث 11 سبتمبر للنيل من المنهج السلفي ورميه بأبشع صفات الغلو والتكفير والإرهاب والتشدد والجمود. لقد آن لهؤلاء أن يتوقفوا، فالمملكة لن تحيد عن منهجها الذي هو حصنها الحصين والذي عليه توحّد صف هذه الأمة. وأن التطرف يميناً أو يساراً مرفوض ويجب الحرص على ما فيه منفعة الناس وترك محاولاتهم الفاشلة لثني هذه الدولة عن منهجها. محاربة الغلو والتكفير: إذ اعتبر أن"هذا المنهج القويم ....... حُمِّل زوراً وبهتاناً ما لا يحتمل من كذب وأباطيل ومفاهيم مغلوطة كالتكفير والغلو والإرهاب وغيرها". إن النجاح الذي حققته المملكة في محاربة الإرهاب ما كان ليتحقق لولا فضل الله جل وعلا، ثم قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرشيدة والمتوازنة، وقيادة ولي العهد الحكيمة والحازمة. أسأل الله الكريم أن يوفقهما، وأن تبقى هذه البلاد نبراساً لكل الدول العربية والإسلامية بل والعالم في جمعها بين الأصالة والمعاصرة.